كتبت نونة الفكي ثم ماذا بعد؟ إلى متى ستظل الشكوى والنواح والندب ولطم الخدود من هذا الحال ؟؟ هل ستظل الكلمة والنشر والخبر حرفة يتكسب بها حواة الصحافة وأرزقية الإعلام؟؟ قبل عشرة سنوات حين بدأ الفشل وجرثومة الفساد تتسلل على استحياء إلى حكومة الإنقاذ وقف الشعب يراقب في ذهول أبله ما يفعله الإسلاميون كل يوم بل كل ساعة بأصول الدولة ومقدرات الشعب وتاريخه وقيمه ومستقبله و مصيره حى أصبح الفساد المتسارع منهجا يمارسه الإنقاذيون دون أن يطرف لهم جفن أو تخالجهم رعشة حياء. لو قمنا برصد لسجل الإعلام والصحافة الالكترونية للفضائح والعبث والفساد للألف يوم الأخيرة فقط لذاب السودان خجلا وتلاشى حياءا حكومة وشعبا ولخرست الألسن و شلت الأصابع. اختبأ اسلاميو الإنقاذ خلف غوغاء المؤتمر الوطني وأعلنوا نهجا صريحا ( أيها الشرفاء ..لا مقام لكم في دولتنا ولا في أرض الوطن.. فالعفة وطهر اليد في ظل نظامنا مستحيل.. وسوف نكافئ اللصوص ونحشر الشرفاء إلى السجون وندفعهم بالعنت وقسوة الحياة إلى الظل ليجتروا في هوان أوجاع الحسرة والضعف وغبينة الغضب الصامت ..أو إلى ارض الله الواسعة فيهاجروا فيها) فلماذا أكتب إذن ؟؟ ومأذا أضيف بعد أن لم يعد هناك ما يقال ؟؟ سؤال وجيه أوجبه وفرضه سؤال أكثر وجاهة. لم هذه الوقاحة في الخطاب الإنقاذي بالمواطن الطيب المسالم المتسامح الصبور؟؟ و لم هذا الاستخفاف والاستهانة بقيمة المواطن دون خشية أو اعتبار لاحتمال ثورة الجياع أو غضبة الأحرار؟ لن يستطيع أحد الإجابة على هذه التساؤلات إلا بتأمل متأني يستشف بذكاء شديد قراءة الحقيقة والواقع من خلال رؤية وحس أمني عالي الاقتدار بالرؤية التالية: الجياع أكثر هزالا ووهنا وشتاتا من أن يشعلوا ثورةا لخبز وسحقهم إن فعلوا سيكون أهون من نزهة لصيد الأرانب. القوات المسلحة بتشكيلتها الحالية أصبحت نمرا مقلم الأظافر منزوع الأنياب والإرادة لا يخشى منه أن يحدث انشقاقا ينحاز إلى جراح الوطن وأحزان المواطن. جهاز الأمن ولد سفاحا و تربى في حضن الأنظمة القمعية وتشرب أن يكون ولاؤه لمن يدفع أجره في مواجهة الشغب الشعبي بالاحتياطي المركزي فلم تدرج في قاموسه يوما مفاهيم أمن الأمة و معنى الوطن. المعارضة المستانسة قطة سيامية أليفة أدمنت المواء الوديع والتمسح بأقدام السلطة استرضاءا وقناعة بما تحصل عليه من تفضلات السلطة الحاكمة. المعارضة المسلحة يقودها فكر يستدعي توافق قبل أن تعود بنا إلى المربع الأول من المحنة. لم يعد بالبلد ما يستحق عناء الثورة وبذل الدماء بخروج غير متكافئ في معركة محسومة و بلا جدوى .. فلن تواجه الجموع الثائرة إلا ضباعا شرسة مدججة بالسلاح حدائها التهليل والتكبير لنصرة دين الله و شرع الله وسحق الخونة. على أشلاء القتلى و أنهار الدم ستدق طبول النصر ويتواصل رقص الراقص. فتمسكوا بحصافة الانهزام وحكمة الصبر فإن موعدكم الجنة.