[email protected] لقد تسابق الإخوة الثوار علي حملنا علي سياراتهم في جولات طويلة حول مدينة مصراته ومدينة طرابلس ( حسن وعياد ومحمد وبشير ونصر الدين ) كل منهم يقص علينا رواية ليست من الخيال ولا من نسج الذاكرة ولا حتي عن قسوة الحرب ومصارع الرجال والنساء ودماء الشهداء ومراقدهم وهذا كثير ولكن الحديث عن الدمار والخراب الذي ألحقته الحرب بليبيا ومدنها مصراته وسرت وطرابلس . كنا نسير في معرض حي ومشهد من المشاهد التي وقعت في الشوارع الرئيسة والفرعية والأسواق والجامعات والمدارس والأحياء السكنية والإذاعات وحتي البحر الأبيض المتوسط إمتدت له آلة الدمار ولكن البحر لايكترث كما الأرض . المعرض الحي أو معرض الواقع ومسرح الحياة في ليبيا عبارة عن قصة لدولة القذافي التي سادت ثم بادت وقصة لدولة القذافي التي لم تسقط إلا بعد أن أهلكت الحرث والنسل ومنعت الحياة من أن تسير سيرها الطبيعي والله لا يحب الفساد ولذلك يسر لشعب أعزل من السلاح أن يقضي ىعلي اكبر ترسانه عسكرية في القرن الحادي والعشرين . لقد إنطبق علي نظام معمر القذافي المثل القائل : يا فيها يا أطفيها . والإطفاء هنا أقل بكثير من المشاهد التي حدثت في ليبيا وسبق لي أن رأيت مشاهد الحرب في العراق خلال حرب الخليج الأولي بين الجارتين إيران والعراق في الفاو والبصرة وغيرها وقد إستخدم الإيرانيون والعراقيون كافة ألوان الأسلحة من طيران وغيره ولكنهم كانوا يتجنبون سقوط ضحايا من المدنيين بقدر المستطاع ولكن كتائب القذافي لم يكن لها هدف غير المدنيين الذين قامت بضربهم بقذائف الهاون والآربجي والقنابل الإنشطارية المحرمة دوليا وضربت كتائب العقيد القذافي الشقق السكنية والبيوت والمساجد وهناك قصص وروايات من هذا العمل العسكري المجنون في شارع طرابلس بمدينة مصراته وشارع بنغازي القصة الأولي تحكي عن شقة وقد ذهبت فيها الأسرة بكاملها بصاروخ حل عليهم ضيفاً ثقيلا وهم نيام وهي موجودة ومعروفة للقاشي والماشي وكأنها تحكي عن الماساة وشقة أخري عاد ربها وزوجته من الخارج ليجدوا أطفالهم وقد تحولوا لأشلاء بفعل صاروخ وآلاف الشقق السكنية المحروقة ولكن دون خسائر في الأرواح لأن سكانها قد ذهبوا للملاجي والمدارس أما ممتلكاتهم فقد تم نهبها بواسطة الكتائب المامورة من قائدها بأن تسوي المدينة مع الأرض وأن تسلب وتنهب وتستولي علي المدينة بعد تفريغها من سكانها بواسطة آلة الموت وقد حدث أن وضع بعض الموتورين أسماءهم علي مزارع تخص المواطنين لكونها قد آلت إليهم بحد الغلبة غلبة السيف والسيف هنا هو سيف الحرب وسيف الإسلام القذافي وقد توهم المعتدون أن أصحاب المزارع والبيوت التي دخلوها قد ماتوا بسبب الصواريخ والقنابل التي إنطلقت من أسلحتهم . ولم يكتفي جيش القذافي بالضرب من بعيد ولكنه إتخذ من منازل المواطنين وشركاتهم مقرات عسكرية حيث تدخل الدبابت وحاملات الجنودوالعربات المدرعة لموقع مدني وتتخذ من قاعدة عسكرية متقدمة بالحي السكني الذي توجد فيه وكان ذلك مصير كافة المواقع والورش والمزارع وقام الجنود بضرب النوافذ والزجاجية والخزن والدواليب بالرصاص بحثاً عن المال ولا زالت آثار الضرب في كل مكان دخلته جيوش القذافي وعسكرت فيه ولم تخرج منه إلا مجبرة علي يد الثوار ويقول لنا عياد أنظروا هنا وهناك مئذنة وقد أطاحت بها الصواريخ ومئذنة اخري تمت تسويتها بالأرض ومسجد حل به دمار هائل ولم اكن بريئاً بطبعي عندما سألته هل كانت هذه المآذن والمساجد مكاناً يتحصن فيه الثوار وينطلق منه الرصاص ضد الكتائب وبالتالي يقوم الجنود بالرد عليهم ونحسن في جنود القذافي الظن ونقول كما دمر الحجاج إبن يوسف الكعبة المشرفة لكي يقضي علي تمرد عبد الله بن الزبير فعل هؤلاء من باب الدفاع عن النفس فقط لكي نحسن الظن بهم قليلا ... ولكن المفاجاة أن الضرب علي المساجد من قبل كتائب القذافي لأن المساجد كان ينطلق منها التكبير والتهليل وهذا التكبير والتهليل كان يزعج كتائب العقيد القذافي ويبث فيها الرعب وكانوا يبذلون كل وسع لكي يسكت هذا التكبير وكان المواطنون يكثرون منه وعندما يتعذر قيام شخص محدد بذلك التكبير والتهليل يستخدمون أجهزة التسجيل بعد وضعها في المسجدوتركها تردد نداء الله أكبر لا إله إلا الله . ندخل إلي وسط المدينة عمارة من اربعة ادوار وقد تم حرقها بالكامل وهي تطل علي شارع طرابلس كانت في السابق تعرف بعمارة المفروشات وكانت تحوي افخر انواع السجاد واطقم الجلوس سقطت العمارة في يد كتائب القذافي وأطلقت الكتائب من العمارة أسلحتها واصابت مئات الشهداء والجرحي وقرر الثوار حرق عمارة المفروشات ومن فيها ولكنهم لم يفعلوا ذلك الفعل الإضطراري إلا بعد ان إستذنوا مالك العمارة والذي قال لهم أحرقوها ومن فيها من الكلاب قلنا لماذا الإذن في مثل هذه الظروف الحرجة قالوا هذا حقه ورزقه ولابد من أن يعلم وياذن بحرقه وقد كان أن أحرقت العمارة واستولي عليها الثوار من يد الكتائب . وعليى مقربة من ذلك المكان شقة محروقة وهذه لها قصة حيث كانت تسكنها اسرة من اصل مغربي وحاصرت الكتائب العمارة لدرجة أنها سيطرت علي الشقق المجاورة واستنجدت الأسرة المغربية بالثوار الذين عملوا علي تخليص الأسرة وكان عددهم سته من الثوار إستشهدوا جميعا لكي تنجو الأسرة التي أصرت علي أن تخرج من الشقة السكنية ومعها ممتلكاتها وقد كان أن خرجت الأسرة الضيفة وكان الثمن فادحاً سته من خيرة الشباب من ابناء ليبيا ومدينة مصراته ومثل هذا العمل من جانب الثوار لا يحصي حيث كانوا في أحلك الظروف يقدمون الطعام للمدنيين من أبناء ليبيا وغير ليبيا ويسقط منهم شهداء وجرحي من اجل تقديم الخبز والدقيق والماء للمدنيين العالقين في الطرق والمنازل ولا يستطيعهؤلاء المدنيين التحرك من مواقعهم نسبة لوجود القناصة والمسلحين من كتائب القذافي في كل مكان .ندخل المدينة ونجد مساحة بحجم السوق المركزي بالخرطوم وهي مسواة بالأرض أنه سوق الخضرة أو الخضار في المدينة تم تدميره وبداخله دبابات وعربات كانت تتحصن بداخله وتضرب المواطنين وجاءت طائرات حلف النيتو ودمرت السوق ومن فيه من اسلحة وعتاد حربي وربما كانت بالمكان جثث لم يتم إخلاؤها بعد من الجنود الذين كانوا يقودون دبابات العقيد القذافي ومنجزراته التي دخلت الأسواق نعم الأسواق للإحتماء بها من الضربات الجوية . وشمل الدمار مؤسسات حكومية قاعة المؤتمرات الفخمة التي كانت تعقد فيها المؤتمرات الشعبية الشبيهة بالأحزاب الشمولية عندنا وهناك مقار لأجهزة أمنية قد تم تدميرها وحرقها وتم حرق ما يعرف بالمثابة مثابة الشباب وهو بناء علي شكل هرمي يتوسط المدينة وتم حرق المدرسة التي كان العقيد القذافي قد درس فيها وتعرف بمدرسة الرواد وتترواح الأضرار في كل هذه الممتلكات بين كاملة وجزيئة ولكن لا يخلو مبني من المباني أو مكان من الأمكنة إلا وبه آثار لضرب الصواريخ والطائرات والراجمات . وهناك عمارات سكنية ومجمعات بحالها خالية من سكانها وقد تعذرت عودتهم لمصراته في الوقت الحاضر وأمرهم معلق علي إنفاذ المحاكم القضائية وتقديم متهمين من بينهم يقول الناس في مصراته أنهم معروفون بتعاونهم مع كتائب القذافي وإرتكبوا جرائم ضد الإنسنانية في حق المدنيين ومثلما خلت من هؤلاء التاورغا منازل العديد منهم في مصراته خلت مدينتهم التي هجروها بعد الحرب وهي إلي الشرق من مدينة مصراته أما في طرابلس فإن الدمار الذي لحق بمقر العقيد القذافي المعروف بباب العزيزية لا مثيل له فقد توالت هجمات حلف الناتو علي باب العزيزية وتمت تسويته بالأرض وباب العزيزيه تبلغ مساحته آلاف الكليومترات المربعة ويقع في وسط مدينة طرابلس العاصمة وهو مجموعة من الأسوار الخراصنية العاليةالتي تضم مجمعات سكنية من بينها مقر إقامة العقيد القذافي وابنائه وحراسه وخاصته وقيادات جيشه وينقسم باب العزيزية إلي جزيئن شرقي وغربي جميعها قد دمرت وصارت أطلالا وخراباً يدل علي أن الظالم يمكن أن يدمر نفسه قبل الآخرين وهو لا يدرك حقيقة ما فعله بالناس إلا بعد أن يري ما حدث له من بلاء وما حل بداره من خراب إنه الفرعون لا يدرك الحقيقة إلا بعد أن يغرق وقد جئت لباب العزيزية مرتين وقيل لي أنه من سابع المستحيلات أن تمر من هذا الطريق أو تقف هذه الوقفة علي أيام القذافي . ونختم الحديث عن الدمار بمنظر الدبابت والالات العسكرية المدمرة علي طول ليبيا وخاصة مصراته آلاف الدبابات والاليات بعضها في العراء وبعضها قد إنهالت عليه المباني ,وهذا المنظر لا يكترث له كثير من الناس في ليبيا ولكنه يضر كثيرا بالحالة النفسية للناس ويجعل ذاكرة المجتمع متعلقة بالحرب ومناخ الحرب أكثر من مناخ الحرية والديمقراطية مما يتطلب حملة قومية لإزالة كل هذه المظاهر من الشارع الليبي خاصة الأسلحة والمعدات الثقيلة الملقاة علي الأرض والمدمرة والمتروكة في العراء أما الأسلحة الموجدة في أيدي الناس فحدث ولا حرج إنها الصداع الدائم لأمن الثورة والشعب الليبي نواصل .