بسم الله الرحمن الرحيم ! بقلم الكاتب الصحفى والبإحث الأكاديمى عثمان الطاهر المجمر طه / باريس [ ربى زدنى علما ] { ربى أشرح لى صدرى ويسر لى أمرى وأحلل عقدة من لسانى يفقه قولى } يعتير الحزب القومى السودانى من أكبر أحزاب جبال النوبة فى جنوب كردفان تأسس بعد نجاح ثورة أبريل فى1985م أسسه الأب عباس فيلب غبوش ، وعباس فيلب غبوش ولد فى منطقة سلارا فى جبال النوبة ، وينتمى إلى قبيلة النيمينق وهو مسيحى تربى فى الكنيسة المسيحية ومتزوج من قبطية مصرية أنجب منها عدة بنات ، وتعلم فى مدارس تبشيرية ومارس العمل السياسى مبكرا ، ودخل البرلمان الجمعية التأسيسية عدة مرات منذ الخمسينات يسكن فى مدينة أم درمان فى حى العباسية ، وبعد ثورة أبريل 1985م أسس جزبه القومى ، وشارك فى الإنتخابات التى جرت فى عام1986م وكسب شعبية كبيرة بعد أن حكم عليه الرئيس نميرى بالإعدام نسبة لمعارضته قوانين الشريعة الإسلامية التى أعلنها نميرى لكنه أرسل من السجن خطاب إستعطاف لنميرى فأطلق سراحه وعندما سأله الصحفيون لماذا إعتذر لنميرى قال : قلت ألعب معه بولتيكا ونجحت وقد نصحت الأستاذ محمود محمد طه أن يفعل مثلى خاصة وأنه أيضا محكوم عليه بالإعدام لرفضه قوانين سبتمبر وقلت له يا أستاذ العب معه بوليتيكا لكته رفض وهكذا أعدمه نميرى . عباس فيلب ثعلب سياسة ماكر شارك فى إنتخابات 86 وكانت إنتخابات نزيهة وحرة وتمكن حزب عباس غبوش من الفوز ب{ 9 } مقاعدفى البرلمان نال تسعة مقاعد فى الجمعية التأسيسية برغم ضيق اليد وشح الإمكانات المالية وفى الجمعية التأسيسية إنضم إلى نواب الكتلة السوداء النواب الجنوبيين ليشكلوا معارضة الكتلة السوداء داخل البرلمان ولكن تأتى الرياح بما لا تشتهى السفن فقد تآمر الشباب من نواب حزبه بقيادة الرائد المتقاعد أمين بشير فلين وهو رائد فى جهاز الأمن أحيل إلى المعاش بعد ثورة أبريل وكان أقرب إلى الجبهة الإسلامية القومية ولكن ناس الجبهة رفضوا ذلك بحجة أن قواعدهم لم ترشحه ولم يأت من قواعد الجبهة الإسلامية فذهب إلى عباس فيلب الأب المسيحى وطلب ترشحه فى الحزب القومى السودانى بحجة أنه من أبناء جبال النوبة ومن نفس قبيلة النيمانق من منطقة { تندية } وعباس من منطقة { سلارا } فطلب منه فيلب أداء قسم الولاء والوفاء خاصة وأنه مسلم والأب فيلب مسيحى متخوف فأدى له قسم الطاعة وقبل ترشيحه ورشحه فى دائرة الدلنج وفاز ودخل البرلمان ولكن الرائد المتقاعد أمين بشير فلين طموح حرض زملائه النواب فى البرلمان على العمل لإزاحة الثعلب العجوز الأب فيلب وقد كان إتفقوا معه وخلعوا الأب عباس فيلب من قيادة الحزب القومى السودانى وصار رائد جهاز الأمن المتقاعد أمين بشير زعيما للحزب القومى السودانى وتحالف مع حزب الأمة السوداتى بقيادة زعيمه السيد الصادق المهدى رئيس مجلس الوزراء ونتيجة لهذا التقارب بين حزب الأمة والحزب القومى السودانى كافأ السيد الصادق المهدى الرائد معاش أمين فلين بتعيينه وزيرا للسياحة ممثلا للحزب القومى السودانى الذى يضم ثمانية نواب من أبناء جبال النوبة ومعظم النواب من منطقة كادوقلى ولهذا أكلتهم نار الغيرة إذ كيف يقودهم واحدا ليس منهم زعيمهم من قبيلة النيمانق والغالبية من كادوقلى لهذا إجتمعوا وعملوا على إزاحته وخلعه من رئاسة الحزب ومن الرئاسة فأنقلب السحر على الساحر وكما تدين تدان وأخيرا قبيل إغتيال الديمقراطية الثالثة بشهور عديدة نجحوا فى إقصاء أمين بشير من رئاسة الحزب ومن الوزارة ولكنهم خسروا الوزارة قد قلصت وحجمت ونصبوا واحدا من أبناء كادوقلى زعيما للحزب القومى السودانى وظلوا على تحالفهم مع حزب الأمة القومى حتى مجئ الإنقاذ فى 30 يونيو 1989م التى أطاحت بالأحزاب وقلبت الموازنات فأعتقل زعيم حزب الأمة القومى مع بقية الزعماء السياسيين الذين أودعوا سجن كوبر وعلى رأسهم رئيس الوزراء الصادق المهدى وهكذا وئدت الديمقراطية وإغتيلت الشرعية نهارا جهرا ودخل السودان النفق المظلم الذى أدى إلى تقسيمه وإنفصال الجنوب وتمكنت الديكتاتورية العسكرية الفاشستية لمدة ربع قرن ولا تزال . بقلم الكاتب الصحفى والباحث الأكاديمى عثمان الطاهر المجمر طه / باريس