بات غير مخفياً على المتابعين للشأن النوبى فى الساحة السياسية السودانية ، بأن الكثيرين من مثقفى وقيادات النوبة بالخارج والداخل لم يعد ياسر عرمان أو مجرد ذكر إسمه مستساغاً لديهم ، وحتى على مستوى منسوبى أبناء النوبة بالحركة الشعبية ، فإنهم لا يحبذون الإصغاء الى حديثه ، والكثيرين منهم يمرون مرور الكرام على ما تورده الصحف على لسانه عن قضيتهم ، ليس من باب العنصرية أو الكراهية أو التحامل عليه ، ولكن ذلك مرده الى سبب الممارسات الخاطئة التى إرتكبها عرمان فى حق النوبة والتبضع بقضيتهم والمزايدة بإسم جبال النوبة!! لأن ما يقوم به ياسر عرمان هو نفس فكرة السودان الجديد الذى بشرت بها الحركة الشعبية لتحرير السودان الناس منذ قيامها فى بيانها السياسى الأول (المنفيستو) 1984م ، كلام عندما تسمعه يدخل قلبك وعقلك لأن به من الحقائق والموضوعية ، ولكن يظل كلام بلا عمل وبلا تنفيذ وبلا إلتزام وبلا إحترام ، وقد ظهر ذلك جلياً بعد إتفاق السلام الشامل الجائرة ، فلذا أن أبناء جبال النوبة يرفضون بشدة ترأس عرمان لوفد التفاوض وإختياره لأعضاء الوفد وأغلبهم لا صلة له أو علاقة بالمنطقة ، لأن صلاحيته كسياسى إنتهت بعد أن أخفق فى جذب الجنوبيين للوحدة ، وحينما يرفض مثقفى وقيادات النوبة ياسر عرمان ، وبأنه لا يحق له الحديث بإسم النوبة ، لعدة إعتبارات وأسباب ، لأنه تسبب فى إبعاد وإقصاء قياداتها من قطاع الشمال بدءاً من عبد العزيز الحلو الذى تسبب فى هجرته إلى أمريكا ، لأنه عمل على إقالته من القطاع ، وتسبب أيضاً فى خروج رئيس الحركة الشعبية بولاية الجزيرة د.جمعة الوكيل منزول من الخرطوم إلى أسمرا ومنها الى يوغندا ، بجانب التسبب فى تأجيج مشكلة تلفون كوكو إلى أن أعتقل بجنوب السودان ، وكذلك أن عرمان تعمد فى إقصاء اللواء خميس جلاب ولم يعطه إى إعتبار على الرغم من أنه لواء بالجيش الشعبى وكان والى سابق لجنوب كردفان ، وكذلك أقصى أبناء النوبة فى عدم مشاركتهم فى حكومة جنوب السودان بعد كل ما قدموه من تضحيات وثبات وقتال لأكثر من عشرون عاماً !! وهو نفس الفهم والإستراتيجية التى يتبعها الآن ويطرحها ياسر عرمان بنفسه ، وقد مارس هذه السياسة فى إقصاء أبناء النوبة الفائزين بالإنتخابات الديمقراطية فى ولاية الجزيرة وسنار وولاية النيل الأبيض إقصاء تم على حسب نظريته بالتمييز الإيجابى !! وكذلك فى ولاية القضارف وعين بدلهم شيوعيين لم يخوضوا إنتخابات ولم يصعدوا حتى من قواعدهم ولم تكن لهم قاعدة من قبل ولم يكتوا بنيران الإنقاذ عندما كانت تبطش وتعتقل المؤيدين للحركة وتصفهم بالطابور الخامس من أبناء النوبة ، ولكن سيكون من السذاجة أن يواصل ياسر عرمان مسلسل إقصاء أبناء النوبة الذين ثبتوا الحركة فى الجنوب وفى شمال السودان ، بينما ظل هو يغتال سياسياً وعسكرياً فى أبناء النوبة صناع الحركة والثابتين والقابضين على الحركة حينما كانت تمر بظروف مرحلية حرجة وقاسية ويرمى بهم عكس الرياح ، ويحاول أن يكون وفد التفاوض بأسم القطاع والمسؤولين عن مكاتب الحركة بالخارج من عناصر يسارية وشيوعية ومن غير ابناء النوبة ، وكأن الحركة الشعبية لم تكن لديها جذور من قبل فى الشمال قوامها أبناء النوبة. فإن المتابع والمتمعن لمسار الأحداث فى الأونة الأخيرة وما يجرى من أحداث فى ولاية جنوب كردفان ، يدرك حقيقة يعلمها ياسر عرمان ، ويأخذ فكرة جيدة عن رؤية أبناء النوبة ورأيهم فيه ، ويخلص إلى أن عرمان شخصية متناقضة وديكتاتورية ويهمش الآخرين وأنه يتعامل مع قضايا النوبة بكل إذدراء وإحتقار وتسفيه لقيادات أبناء جبال النوبة بالحركة ، ويمارس فيهم روح الإنتقامية ، وهو نفس السيناريو الذى مارسه مع قيادات وأعضاء الحزب القومى السودانى فى أسمرا وأيام التجمع الديمقراطى برفضه للحزب القومى أن يكون جزءاً من التجمع ورفضه بأن تكون لأبناء النوبة معسكرات تدريب خاصة بهم ، والقائمة تطول ، لأن ذلك يحتاج لكتاب بحاله ، وسوف نتحدث عن ذلك فى مقال أخر ، وما يحدث الآن للقائد الفريق تلفون كوكو المعتقل دون توجيه أى إتهام أو عرضه لمحاكمة عادلة فى عاصمة دولة الجنوب (جوبا) ، خير دليل على تورط عرمان والحلو فى ذلك ، والسؤال الذى يطرح نفسه هو لماذا لم تفرج قيادات وسلطات الحركة الشعبية ودولة الجنوب عن اللواء تلفون حتى الآن ، والجنوب أصبح دولة ، ولماذا لم يحدث الى الآن فك إرتباطها عسكرياً وسياسياً بقطاع الشمال ، وتلفون من أبناء الشمال والنوبة ، فى الوقت الذى يهتم ويتهافت معظم منسوبى الحركة الشعبية ومواقعهم الإلكترونية وراء حملة إطلاق سراح أشخاص لا تاريخ لهم ولا يعرفهم أحد من المعتقلين والمعتقلات ، والوقوف مع بعض الذين يعبثون بقضايا النوبة وهم أصلاً من غير أبناء النوبة ، وتلفون أحق منهم بذلك وأعف وأحرص على قضايا أهله وإقليمه ، ولا سيما أن تاريخه النضالى والقتالى يعطيه هذا الحق أكثر من الذين ساهموا وتسببوا فى ىسجنه وقهره وإذلاله ؟!.. فلماذا لا تقف هذه القيادات العسكرية والسياسية من أبناء جبال النوبة بالحركة الشعبية مع نفسها لتقييم المسائل والمواقف ، والى أين تتجه قضيتهم ، وهل الأجندة التى تطرحها قيادات قطاع الشمال من عرمان والحلو وعقار من خلال مسميات الجبهة الثورية والفجر الجديد تحقق لهم مطالبهم والحصول على حقوقهم التى من أجلها حملوا السلاح ، ومن أجل ماذا يقاتلون هل من أجل قضايا جبال النوبة أم من أجل القضايا القومية ، وهل هياكل قطاع الشمال والجبهة الثورية والفجر الجديد تتناسب مع المناصب القيادية فى هذه المسميات وفقاً لأوزان القيادات وحجم القوات الميدانية من أبناء النوبة ، والتى تقود الحرب فى جنوب كردفان تحت إمرة وقيادة عبدالعزيز الحلو بينما لا يملك ياسر عرمان قواتاً أو عناصر مسلحة تفوضه للحديث بإسم منطقة جبال النوبة ، ينطبق ذلك تماماً على الشعار الذى رفعته الحركة الشعبية على راية التهميش ، ولكن حقيقة الأمر إن قضايا تهميش منطقة جبال النوبة ما هى إلا قميص عثمان الذى إتخذاه عرمان والحلو حيلة للوصول لأجندتهما الخاصة والمطية التى إستغلاها لبناء قصور الأوهام وتشييد ناطحات السحاب فى الخيال ، حتى دخل الصراع فى جنوب كردفان بين الحكومة والحركة الشعبية منعطفاً جديدا بعد أن أعلن الطرفان مواصلة القتال حتى آخر لحظة ، وبينما يرفض الحلو وقف العداء والمواجهات مع الحكومة ، حيث قال ل (للشرق الأوسط) .. لن نتوقف حتى يتم التوصل إلى إتفاق سياسى حول القضايا المصيرية ، المتمثلة فى علمنة الدولة والتحول الديمقراطى والتداول السلمى للسلطة فى السودان ، بالإضافة إلى قضايا جنوب كردفان والنيل الأزرق ودارفور. لا أحد ينكر إن ياسر عرمان سياسى توفرت له عوامل وخبرات وتجارب كثيرة ليصبح قيادياً بمواصفات إستثنائية تؤهله للقيام بأدوار داعمة لوحدة البلاد وإستقرار شعبه ، ولكن للأسف لقد ظل دوماً يسير فى الإتجاه المعاكس ، والسبب ببساطة أن ياسر عرمان فشل حتى فى تجنيد واحداً من أهل بيته وأشقائه ليكون مقاتلاً فى الصفوف الأمامية مع أبناء النوبة فى ميادين القتال ، أو حتى تجنيد عشرة فقط مقاتلين من أهله بمسقط رأسه بقرية (صراصر) فى الحصاحيصا ، أو من قبيلته (الجعليين) فى حوش بنقا بشندى ليحملوا السلاح مع رفقائهم من أبناء النوبة فى المناطق المحررة ، أو حتى أن يقدم شهيداً واحداً أو جريح أو مفقود من أفراد أسرته ، لأن من صفات القيادة أن تضحى بأغلى ما تملك ، فلذلك أن كل المتابعين يعرفون أن عرمان هو سبب العكننة للأجواء السياسية فى السودان ، وسبباً فى إختناقات تنفيذ إتفاقية نيفاشا قاصمة ظهر إنقسام السودان ، وسبب الحرب فى جنوب كردفان ، وسبب فى قطار المعانأة لأبناء النوبة وظلمهم وتهميشهم ، بالإضافة الى بحثه الدائم عن الشهرة والبطولات الإعلامية ومن خلال مواقف مرتجلة يصطنعها ويجيد لعب أدوارها ، يحركه فى ذلك عدائه السافر للنوبة بمختلف مسمياتهم وتكويناتهم. ولنا عودة .......... آدم جمال أحمد – سيدنى - أستراليا 25 فبراير 2013 م