2 فبراير 2013 في الأول من ابريل الحالي، خرج الي شعبنا قائد انقلاب الجبهة الاسلامية المشير عمر البشير في افتتاح الدورة البرلمانية الحالية ببيان ملئ بالمغالطات المطلقة على عواهنها، في اختلاف جذري و كلي مع الواقع، مفاخراً بانجازات وهمية و مكاسب مدعاة حققتها حكومته خلال الفترة الماضية. حيث تحدث متفاخراً عن الاداء الاقتصادي لحكومته و عن زيادة مزعومة لنسبة النمو الاقتصادي ناسباً اياها الي حزمة اجراءات التقشف التي اسميت بالبرنامج الثلاثي، متجاهلا في ذلك رهق العيش الذي أصاب المواطن جراء انعدام اساسيات الغذاء و الدواء عن الاسواق، و إنهيار سعر صرف العملة السودانية ليصل سعرها من 3.5 في يونيو الماضي الي قرابة 6.7 مقابل الدولار الامريكي، و تضاعف اسعار الوقود و ما صاحبه ذلك من تأثيرات نجدها ماثلة في الارتفاع الحاد في نسبة التضخم ليصل الي 47 ٪ بنهاية مارس الماضي. ان هذه المغالطات التي تزيف الحقائق بغية خداع الناس عما يلاقوه في واقع معيشتهم اليومي تكشف الانعزال التام الذي تعيشه الحكومة و رئيسها عن واقع حياة الشعب السوداني اليوم. كما تجاهل الخطاب الذي تحدث عن ضمان أمن المواطنين و انخفاض نسب الجريمة ، الجرائم التي ترتكبها اجهزة قمع النظام ذات نفسها و التي يقف الشاهد الأكبر عليها في الفترة المخصوصة بخطاب البشير، قضية مقتل طلاب جامعة الجزيرة الأربعة في ديسمبر الماضي، اثر اعتقالهم من الاجهزة الامنية، ذلك غير جرائم القتل المجاني و الاغتصاب و التشريد التي تحدث بصورة دورية راتبة في دارفور و جنوب كردفان و جبال النوبة و النيل الازرق. اما الركيزتين الاساسيتين للتنمية البشرية و هما الصحة و التعليم كما وصفهما السيد البشير ، فسياسات الحكومة في تراجعها عن دورها الخدمي واضحة في التفكيك و التدمير الذي حاق بالمؤسسات الصحية و المستشفيات المركزية على يد الحكومة حتى خرج عليها الاطباء و الناس بالإحتجاجات الجماهيرية، و اما حال التعليم فيغني عن السوال عنه ضعف الميزانية المخصصة له في الموازنة العامة، و التي لا تكاد تبلغ 10٪ من ميزانية تسيير القصر الجمهوري وحده دع عنك الميزانيات المفتوحة للامن و الدفاع و الشخصيات الدستورية. خلاصة الأمر فخطاب البشير للبرلمان - و الذي تجاهل بالاضافة لمغالطاته الحديث عن اي إجراءات واضحة لوقف الحرب و غفل عن ذكر اوضاع النازحين او فتح ممرات امنة للاغاثات الانسانية لتصلهم - يعكس صورة نظام متفكك و منفصل تماماً عن واقع الحال في البلاد التي يديرها. و كانت دعوة البشير في خلاصة خطابه للحوار الوطني و اعلانه اطلاق سراح المعتقلين السياسيين كبادرة لذلك هي قمة جبل هذا الانفصال و نعلق عليها بالاتي: اولاً: اطلاق سراح المعتقلين تعسفيا حسب القانون الجائر لجهاز الامن هو حق اصيل لهم و ليس منحة من السيد البشير ليفاخر بها البرلمان و القوى السياسية، ذلك غير أن اطلاق سراحهم في ظل وجود نفس القوانين و الاجهزة التي تمكن اعادة اعتقالهم او اعتقال اي ناشطين اخرين لا معنى حقيقي له. اضف الي ذلك ان اطلاق سراح المعتقلين لم يتضمن المعتقلين لقرابة العاميين اليوم في احداث جبال النوبة و النيل الازرق و صفوف المعتقليين المجهوليين في دارفور و غيرها من بور النزاع المشتعلة في البلاد. ثانياً: حظي هذا النظام باكثر من فرصة للوصول الي حل حقيقي يضمن سلامة و حرية و وحدة الوطن، مارس خلالها كل صنوف الاستهتار بمستقبل البلاد و ظل حريصاً فيها على استدامة مؤسساته الفاسدة و ممارساته القمعية و واصل خلالها في ارتكاب جرائمه في حق ابناء شعبنا تقتيلا و تعذيبا و تشريدا و امتهانا للكرامة. فما الذي جد عليه ليطلب فرصة جديدة للحوار الوطني بعد 24 عام عاث فيها فسادا في البلاد منفردا بالسلطة؟ ثالثاً: ان هذا النظام يفتقر لادنى المقومات للحوار الوطني الجاد حيث ان لمثل هذا الحوار متطلبات و مستلزمات لا تستطيع هذه الحكومة تقديمها لأنها تتعارض مع وجوده على سدة السلطة في المقام الأول ، و اولها العدالة و تقديم مرتكبي الجرائم الي محاكمات تضمن جبر الضرر و رد الحقوق و بسط مناخ حقيقي للحريات يضمن مشاركة فاعلة من جميع الاطراف مع ضمان للحريات الصحفية و حرية المجتمع المدني، و الغاء للقوانين المقيدة للحريات مثل قانون الأمن و الصحافة و المطبوعات و قانون النظام العام سئي الذكر ،و هذه الاشتراطات لا زالت الحكومة تتنصل عنها و تقمع المطالبين بها كل يوم ، و تقف الهجمة الاخيرة على منظمات المجتمع المدني في يناير الماضي و الاعتقالات المتكررة للناشطين و منع الصحفيين من الكتابة شواهداً على ذلك ان اي حوار يجري مع النظام في هذه الفترة يغدو مجرد عمل فوقي معزول عن المطالب الحقيقية لجماهير شعبنا، و يرقى الي مصاف ان يكون مشاركة حقيقية في جرائم التقتيل و التشريد و القمع و امتهان الكرامة التي واصل النظام ارتكابها منذ مجئه الي سدة السلطة. و ان المعارضة الوطنية الحقيقية لا يمكن لها ان تنصاع في حوار عبثي غير معروفة نهاياته مع نظام ظل يعتقل رموزها دون اي احترام لسيادة و حكم القانون و يفرج عنهم باوامر رئيسه، و يبقى الخيار الوحيد لكل حادب على مصلحة الوطن هو مواصلة العمل الجماهيري من اجل اسقاطه و تفكيك مؤسساته الفاسدة تماما. ان النظام الحاكم اليوم في اضعف حالاته ، يقف مترنحا بين ازماته الداخلية و ارتفاع وتيرة العمل الجماهيري و المطلبي. و هو يسعى بطرحه للحوار لكسب مزيد من الوقت يمارس فيه ارتكاب جرائمه في حق ابناء شعبنا. و نحن ندعو كافة القوى الحية و المممثلة لقطاعات ابناء شعبنا لمواصلة مسيرتها الاحتجاجية من مظاهرات و وقفات مطلبية و اعتصامات و عصيان مدني من اجل اسقاط هذا النظام بوسائل عملنا السلمية و المدنية المجربة. التغيير الان .. حق لشعبنا و واجب علينا و ضرورة لاغنى عنها لاجل مستقبل افضل يليق ببلادنا