شكلت العمليات العسكرية الأخيرة التي قامت بها الجبهة الثورية السودانية حراكا مهما في إطار العمل الثوري والمضي نحو إسقاط النظام , ولا شك ان حضور الجبهة بمكوناتها المختلفة في إطار العمليات الميدانية والضربات الموجعة التي تلقتها حكومة المؤتمر الوطني ومليشياتها في جبهات متعددة من مسارح العمليات في دارفور الكبرى وكردفان والنيل الأزرق في الفترة القصيرة الماضية , أطرت لمعالم الخلاص الوطني الذي ينشده جماهير الشعب السوداني. ولا يختلف اثنان في أن النظام وجد نفسه عاجزا أمام القوة الضاربة للجبهة التي حررت الكثير من المناطق وسيطرت على كل ولايات دارفور (عدا المدن الكبيرة ) وهذا باعتراف النظام نفسه. , فضلا عن التصدع الكبير في جسم النظام وما يعانيه من صراعات النفوذ ,مما ينبئ بقرب نهاية هذا النظام.
ان الملاحظة المهمة في هذا العمل الجبار والحراك الميداني الفاعل و الذي يجري ينقصه التفاعل الإعلامي من قبل مؤسسات الجبهة, والتي تعنى بالجانب الإعلامي والتي لم تكن بقدر المسئولية والجهد الذي ينتظره هؤلاء الأشاوس الذين قدموا عملا رائعا في الإطار العسكري الميداني , كان من المؤمل أن يوازي هذا العمل حراك إعلامي يبرز مجهودات الجبهة بطريقة تليق بمستوى قوات الجبهة الباسلة.
لا تكفي الجبهة الثورية أن تعتمد على موقع الكتروني بسيط قوام موادها المنشورة بيانات تصدر من هنا وهناك ولا يختلف أحد في ان الجبهة تستهدف في رسالتها الإعلامية جمهور عريض 70% سبعين في المائة من هؤلاء المستهدفين لا يستطيعون الدخول على الانترنت ولا يملكون أدوات استخدامها و معظم الآخرين لا يملكون ثمن الحصول على الخدمة. لذلك من العسير جدا ان تتحدث الجبهة عن رسالتها وهي لم تملك أدوات إيصالها للناس , وأنا اعتقد جازما ان كثير من اللغط الذي يثار حول مشروع الجبهة الثورية وما تلا ذلك من توقيع ميثاق الفجر الجديد والذي يمثل نقطة فارقة في العمل الثوري الجاد , أصابت العملية تشويش واسع من النظام في ظل غياب إعلامي واضح للجبهة , هل يكفي ان تصدر الجبهة ميثاقا دون ان تتبع ذلك حراكا إعلاميا واسعا تدحض بها افتراءات المغرضين وتعضد بها أراء المساندين لذلك الميثاق الذي اعتبره وثيقة مهمة في طريق الخلاص؟؟ وكما الدكتور يوسف الكودة في (طرفة بعد توقيعهللوثيقة ) ان حضورنا هنا ان لم يدث شيئا فهو يكفي أننا أخرجناكم من تهمة الكفر!! وأضاف شيئا مهما ان التكفير ليس من مهمة الحكومة والعلماء ولا رئيس بلد بل المحكمة.
لهذا كله اعتقد ان الجبهة في حاجة ماسة لمراجعة أداء أمانتها الإعلامية وحتى مضمون الخطاب الذي يقدم للناس أنا اعتقد انه خطاب لا يرقى لمستوى جبهة كبيرة يرجو منها جماهير شعبنا الكثير. انا لا انتقد شخص أمين الإعلام الذي نكن له كل احترام ولكن في ظل العمل العام من الضروري ان يقوم مسار الأداء , واعتقد أن الجبهة في حاجة لإعادة صياغة أمانة إعلامها بشكل مهني بعيد عن المحاصصة التي تضر أكثر مما تنفع.
كتبت مقالا في فبراير من العام 2011 بعنوان (تحالف الجبهة الثورية السودانية: مطلوبات النفاذ إلى الخلاص )نبهت لهذا الأمر وها نحن نقع في تلك المحاذير رابط المقال هنا : http://www.sudanile.com/index.php?option=com_content&view=article&id=34279:2011-11-14-19-46-00&catid=34:2008-05-19-17-14-27&Itemid=55
فالمطلوب من الجبهة الثورية الآن وقبل الغد إعادة النظر في أداء فريقها الإعلامي وضرورة إشراك كافة مكونات الجبهة في هذا الهم واعتقد ان كان يمكن لموقع الجبهة قد يكون أكثر فاعلية مما هو عليه الان لو اشتركت كل مكونات الجبهة فيها. بقي أن نهنئ أشاوس الجبهة الثورية في كافة مسارح العمليات , والتهنئة لجماهير شعبنا.