محمد بشير ابونمو [email protected] (اس . ال . ام ) عند تعيين والى جنوب دار فور المقال حماد اسماعيل بعد اقالة زميله عبدالحميد كاشا قبل اكثر من سنة بقليل ، كتب احد كتاب المؤتمر الوطنى الشباب "المشاغبين" ان حمادا قد استقبل خبر تعيينه بمكالمة هاتفية من احد اصدقائه وهو على متن "حافلة " مواصلات عامة فى طريقه الى احد الاحياء الطرفية بالعاصمة ، وقد استحلف حماد محدثه فى الطرف الآخر بشكل ملح و متكرر لدرجة الفت نظر كل من كان بالحافلة ، وعندما تأكد من صحة الخبر – وبشكل لا ارادى – "خبط" على جانب الحافلة بشكل عنيف فاجأ به السائق والذى اسرع الى اعمال الكوابح بشكل فورى ، معتقدا ان مكروها قد الم باحد الركاب ليكتشف فى النهاية ، فقط ان حمادا قد اراد النزول ، فاذا به يقفز من الحافلة ويشير الى اقرب سيارة اجرة كانت مارة بالطريق بالصدفة ويقذف بنفسه الى المقعد الخلفى للسيارة ، ...ال ( honour Seat) ويطلب من السائق الانطلاق الى نفس وجهته الاولى ، وربما كل ذلك كانت استجابة لعقله الباطنى الذى انجذب للظروف الجديدة المتغيرة (Change of circumstances). ، هذا كان من امر التعيين المفرح على ذمة الراوى ، وبقليل من التصرف من طرفنا مدينة نيالا لم تستقبل حماد بنفس الحماس الذى استقبل بها هو خبر تعيينه ، فقد شهدت المدينة مظاهرات عنيفة ليس فقط رفضا لتعيين حماد ولكن كان رفضا لاقالة كاشا بشكل اشد ، وسالت الدماء واُزهقت الارواح ولكن فى النهاية لا احد يرى غير ما يراه الحزب الحاكم المستبد ، فضُربت بمطالب الجماهير كالعادة بعرض الحائط ونُصب حماد واليا رغم انف الجميع وهنأ بالكرسى ولكن فقط الى حين . فى ايام اتفاق ابوجا الاولى ، وفى اول زيارة له الى مدينة نيالا ، خاطب مناوى الالاف من مواطنى نيالا الذين تقاطروا الى استاد المدينة لاستقباله ، وفى تلك الخطبة المؤثرة عدد لهم مناوى مهن متنوعة قد امتهنها فى حياته بما فى ذلك زعامة و قيادة الحرب ، فبشرهم انه يمكن ان يعود مرة اخرى الى كل تلك المهن ، حتى الوضيعة منها ليعمل فيها ما عدا مهنة واحدة فقد طلقها الى الابد وهى الحرب ، فكانت تلك المناسبة من المناسبات النادرة التى يشاهد فيها كاتب هذا المقال تصفيقا حارا وصادقا فى جمهرة سياسية ، تخللها دموع الفرح ، ولكن هكذا الاقدار لا يمكنك الايفاء بالوعود اذا كنت تعمل مع الشياطين ، شياطين المؤتمر الوطنى الذين يجبروك على سلخ النملة ، فعاد مناوى للحرب مكرها مرة اخرى للاسف ، فكان اهون عليه النكوص عن وعده بعدم العودة للحرب بدل اضاعة القضية التى حمل من اجلها السلاح ، فداس على الوظيفة الشرفية التى اعتلاها بموجب الاتفاقية ، بعد ان الحق بها سوء النعوت والاوصاف كناية على الاستخفاف بها وخرج بجيشه الذى جهزه واعده خير اعداد الى حيث اتى منها (الغابة) . ومن سخرية الاقدار عاد مناوى لمحاصرة نفس المدينة التى وعد اهلها بعدم العودة للحرب مرة اخرى ، وقضى على مجموعة من المتحركات العسكرية التى بدأ بالاعداد لها سلطات المدينة واحدة تلو الاخرى واصبحت اللجنة الامنية برئاسة الوالى حماد اسماعيل فى حيرة من امرها وصار يستنجد بوزير الدفاع ووزير الداخلية ومدير الامن القومى ، وثلاثتهم يقولون : ويحك يا حماد مناديبنا عندك اعضاء فى اللجنة الامنية التى ترأسها (قائد القيادة ومديرا الشرطة والامن بالولاية ) ، ولكن الجيش لا يقاتل والشرطة اسوأ ، تتحين الفرص لتنهب من المواطنين ، والاصوات تتعالى فى الخرطوم ، وعبدالله مسار اعلاهم صوتا ولكنه شامت هذه المرة : نيالا محاصرة ويمكن ان تسقط فى اى لحظة ! يجتمع الحزب الحاكم ويشير الى المشير بضرورة ايجاد كبش الفداء (ما دام لا احد يجرؤ على مساءلة قرينه عبدالرحيم ) فكان حماد ، حماد المسكين ، الذى انحصر بين ضربات الجبهة الثورية وعجز وفشل قوات عبدالرحيم محمد حسين من حماية المدينة او مقارعة المتمردين وفك حصار المدينة ، ذهب حماد المسكين وبقى عبدالرحيم محمد حسين ولكنه كذب امام نواب البرلمان وحمل اخطاءه على وزير الداخلية موقتا الى حين البحث عن مخارجة . ولانقاذ نفسه ، لجأ الى اسلوبه القديم ، اسلوب نفرة الجنجويد لعلهم يعيدون اليه بعض المدن الساقطة مادام الجيش لا يقاتل ، وفور خروجه من مبنى البرلمان استدعى ثلاثة من قادة الجنجويد المعروفين وسلمهم شيكات (على بياض) على ان يكتب كل المبلغ الذى يراه و اصدر تعليماته الى رئيس هيئة الاركان للتنسيق مع هولاء وتوجيه كل طائرات النقل العسكرية الى دار فور لنقل الجنجويد الى نيالا من كتم وكبكابية والجنينة ومليط والكومة ولم تستثنى نفرة وزير الدفاع حتى طائرات الهيلوكبتر الخاصة بالاتحاد الافريقى حيث تم تخصيص بعض منها لنقل الفارين من حرب "مالى" الذين استقبلتهم الحكومة فى معسكرات سرية انتظارا لمثل هذا اليوم ، تم نقل هولاء من معسكراتهم السرية الى المطارات الرئيسية بالفاشر والجنينة ومنها الى نيالا وتحركت جحافل الجنجويد والجيش يوم امس الاثنين صوب لبدو ومهاجرية وقوات الجبهة الثورية على اتم الاستعاد للتعامل معها ، ولكن ما قيمة استعادة لبدو او حتى مهاجرية للحكومة لحرب شاملة فى دار فور طابعها الكر والفر ؟