: "إذا وُلِّيت الأمور إلى غير أهلها فانتظر الساعة"
السودان بلد يدهشك كل صباح جديد تحت حكومة الهوسالديني الحالية، بالمفارقات المحزنة، والتى لاتملك حيالهاالا ان تردد مستغيثا: اللهم "لاحولة ولاقوة إلا بك"،ومتسائلا أما آن لهذا الشعب ان يخرج من بطن الحوت!!أما ىن لهذا الهوس أن يُلجم!!. إن من سخرية الأقدارفي بلادي، أن تعاد التجارب وتكرر انحداراً من شاهقإ الى أسفل سافلينا.. يحكي تاريخ بلادي الحديث فى عهد المستعمر البريطاني،انه فى شهر ديسمبر 1946م أصدر المجلس الاستشاري لشمال السودان قانوناً يمنع الخفاض الفرعوني، وعلى غرار هذا القانون قامت ثورة من اقوى الثورات السودانية الا وهى (ثورة رفاعة) في عهد المستعمر، والتي تركت بصمتها في تاريخ السودان ومازالت تثير الجدل الثقافي في أوساط المثقفين والناشطين في محاربة عادة الخفاض السيئة، حتى يومنا هذا.. وذلك للموقف الذي وقفه الأستاذ محمود محمد طه والحزب الجمهوري آنذاك، إذ عارض الأستاذ محمود قرار المستعمرفي حينه وقام باصدار منشور يؤكد فيه معارضته ل(قانون) الخفاض الفرعوني وليس معارضا لمحاربة العادة وسوئها !! ومؤكداً ان العادات لاتتم محاربتها بالقوانين وانما بالتوعية، وفاضحا الأهداف السياسية والتي من اجلها سن المستعمر هذا القانون، جاء في المنشور المذكور في لقاء الأستاذ محمود بمندوبي معهد الدراسات الآسيوية والأفريقية بجامعة الخرطوم السبت 22 نوفمبر 1975 إ(أن لكل أمة عادات حسنة وعادات سيئة، وعادة الخفاض الفرعوني عادة سيئة .. لكن العادات السيئة في الشعوب لاتحارب بالقوانين، وإنما تحارب بالتنوير والتعليم والاقناع ..الانجليز لم يكن غرضهم من اصدار القانون كرامة المرأة،وهم في الحقيقة فتحوا لها سوق النخاسة وكل الابوابالتي لا تكون بها كريمة.. فغرض الانجليز الحقيقي منإثارة موضوع الخفاض، وقد أثير ذلك في البرلمانالبريطاني، أن يقولوا للعالم في رد على حركتنا الوطنية،أن السودانيين لايزالون همجيين يمارسون عادات متخلفةكهذه ولذلك فإنهم لم يبلغوا الرشاد الذي يؤهلهم لحكمأنفسهم، ليستمروا في البقاء بالبلاد) ..أنتهى وبالفعل حدث ما احتاط له الأستاذ محمود محمد طه،كدأبه في قراءة مجريات وحوادث الايام، ففي سبتمبرمن نفس العام ظهرت آثار قانون الخفاض الفرعوني، جاء في صحيفة الرأي العام 21/9/46 "نشرنا قبل أيام، أنالسلطات في رفاعة حكمت على امرأة بالسجن تحت قانون منع الخفاض، لأنها خفضت بنتها، وأن الجمهور قابل هذاالعمل بروح الاستياء العميق واضطرت السلطات الى اطلاق سراح المرأة بضمانة .. وجاءنا اليوم تلغرافيا، بتوقيع أهالي رفاعة، أن السلطات عادت فسجنت المرأة، وعندماعلم الجمهور بالأمر خرج من الجامع، واقتحم السجن،وأطلقوا سراح المرأة، ومكث أفراده الذين ملأوا السجن بدلاعنها .. فأمر المفتش بسجن الضامنين، ولكن الجمهور رفض ذلك أيضا، وفي منتصف ليلة البارحة اقتحم البوليس منزل المرأة، وأخذها الى جهة غير معلومة .. فقامت رفاعة بأسرهاقاصدة الحصاحيصا، ومنعت السلطات المعدية من العبور،وأضربت المدارس، وأغلق السوق، وقامت مظاهرة عمومية،ويحتشد الجمهور الآن بالشاطيء، وفي كل مكان)..أأنتهى وهكذا نجح الأستاذ محمود في تصعيد الأمر من قانون مستعمرالى ثورة ضد المستعمر وتم أعتقال الأستاذ محمود محمد طه، وقد جاء في جريدة الرأي العام 25/9/46 "تمّ اعتقال بعض الناس من رفاعة، والحصاحيصا، منهم الأستاذ محمود محمد طه، وشقيقه مختار محمد طه، فوضعوا فيسجون رفاعة، والحصاحيصا، ومدني" ..أنتهى هذه صوره من صور العلو الشاهق فى تناول قضية الخفاض الفرعوني في السابق، والتي منذ ذلك العهد، قد أفنت ومازلن يفنين سيدات سودانيات فضليات وقياديات نسوية، زهرةأعمارهن في محاربة عادة الخفاض الفرعوني، وقامت العديد من منظمات المجتمع المدني برفع راية قضية التوعية عالية رغم قوة الجهل وتمكن .الممارسة في واقع الحياة السودانية وفى انحدار زماني مروع في حاضر السودان يطل عليناخبر في صحيفة سودانايل يوم الخميس 18 ابريل 2013فحواه: "شن عضو البرلمان الشيخ دفع الله حسب الرسوله جوماً غير مسبوق على الكاروري إمام مسجد الشهيد وعدد من الفنانين والمشاهير على خلفية تبنيهم حملة إعلامية مضادة لختان الإناث، واتهمهم بمخالفة السنة النبوية الشريفة"...ويتواصل حديث "البرلماني" بما يعف القلم عن اعادة كتابته.. الشاهد أن النذارة النبوية الواردة فى الحديث تؤكد "كيف ما تكونوا يولى عليكم" ! والشيخ "البرلماني" هو بحسب لغة الحكم والسياسة هو ممثل الشعب وصاحب مقعد باسمه، وأحد الآمرين، أما وهو نائب منتخب او نائب "متمكن"،فلقد تحدث هذا البرلماني من موقعه، وأفصح عن "جهالات رجال الدين" وأشهر سلاح الارهاب الديني كالعادة في معالجة القضايا المطروحة في الساحة الفكرية، وعنده تستوي قضية الخفاض الفرعوني وردة المسلم عن دينه!!وبالطبع لاتوجد مباغتة، او دهشة في هذا الأمر. فهكذا لم يخيبوا ظننا فيهم منذ ان تقلدوا مقاليد الحكم خلال مايقارب الاربعة وعشرين عاما. لكن المفارقة تتجلى مفصحة عن مزيد خزي "لرجل الدين البرلماني"، فبعد أن أكد أن محاربة عادة ختان البنات فيها"خروج" على سنة النبي (صلى الله عليه وسلم)..فكأنما شعر ان عصمة النبي، والتي كلمنا عنها المولى عز وجل: "وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى" ليست بكافية! لذلك طفق يؤكد لنا ضرر عادة الختان، معنعنا لنا أقوال رفاقه! بنفس الطريقة التي أفسدوا بها علينا سماحة ديننا، باهتمامهم بالقشور دون اللباب، والفروع عن الأصول،وحجبهم علم النقل في الدين وحال بينهم وبين فهم النص ،وروح النص.. لقد ذكر قائلا : "و الشيخ عبد الحي يوسف أخبرني بوجود كتاب يؤكد ختان الأمريكان فتياتهم خوفاً من السرطان"..أنتهى ولعمري أنها سخرية الاقدار، التي جعلت الشيخ النائب يتلمس العلم عند (الكفار)!! في حين انهم يعتلون المنابرمحرضين الشباب على الجهاد فى الأمريكان! وان بقتلهم تنال الشهادة!! وفي اعتقادي أن الذي جعل الشيخ يركب هذا المركب الصعب، علمه التام ان هؤلاء (الكفارالأمريكان)، أصحاب علوم وتقدم معرفي، مكنهم من تشخيص الداء وصنع الدواء..بعد أن توقف الزمن بالعلماء المسلمين على عتبة اختلافهم في من أحق بدفع أجر القابلة إذ قال بعض الفقهاء عليه (على الزوج) وقال آخرون عليها (على الزوجة) وقال فريق ثالث: على من استدعاها أولاً..ومازلنا منذ ذاك لا نبارح مكاننا بين الأمم وفي ذيل القافلة البشرية.. وكيف يكون حال الشيخ البرلماني إذا علم أن البحوث الأوربية أثبتت مؤخرا، انه لاجدوى من ختان الذكورأنفسهم !!وان تركه لهو أكثر فائدة من ممارسته صحياًونفسياً!! ولايحتاج هذا الامر منه ان يشد (بغلته) إلى أمريكا!! فقط بضغطة خفيفة على (فار) الكومبيوتر ويأتيه ..(هدهد سبأ بالنبأ) وبكل لغات العالم.. الشاهد أننا نخلص الى حقيقة مؤكدة ان عادة ممارسة الخفاض الفرعوني بالرغم من الجهد المخلص المبذول في محاربة العادة الا انها مازالت تمارس، ليس فقط داخل السودان بل للأسف بين السودانيين في بلاد المهاجر اذ أن الأسر مازالت تختن فتياتها المولودات في تلك البلدان عربية كانت او غربية، وكيف أنهم يتخذون في ذلك الوسائل والطرق الملتوية، معتمدين على الوصاية على بناتهم واستغفال قوانين البلدان التي يعيشون بها، من ما يؤكد مجددا قناعتنا، ان محاربة الختان لايتم تأصيلها، في المجتمع السوداني وعند النساء على وجه الخصوص، مالم تنل حظها و النصيب الوافي من التوعية والتعضيد الديني، والذي تؤكد شواهد الحال فيه ان رجال الدين في هأمر المرأة لاشأن لهم ،إلا بالجهر بالنصوص القرآنية التي تواكب اشتهاءاتهم ومفاهيم من الدين تمكنهم من اضعاف حقوق المرأة.. فعندهم على سبيل المثال، h(شرعةالزواج "فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع والعقوبة للنساء "واللاتي تخافون نشوزهن فعظوهنواهجروهن في المضاجع واضربوهن" . متناسيين "وانخفتم ألا تعدلوا فواحدة" والحديث النبوي "ما اكرمهن الاكريم وما اهانهن الا لئيم" وغير ذلك كثير فى اصل الدين، والذي يجد دعائمة في "تطوير شريعة الأحوال الشخصية"والتي تحفظ للمرأة كيانها وكرامتها من داخل الدين، حتى تنبني على أسس راسخة لاتهزها جهالات رجال الدين.اويسهل عليهم استغلال الشعب السوداني المحب للدين بفطرته .. وأتمنى ان لايفوت على (الفنانين والمشاهير)، الذين ذكرتهم الصحيفة والذين تضامنوا مع (الكارورى) فى قضية توعية الشعب السودانى بضرر عادة الخفاض،أن الكارورى (أمام مسجد الشهيد)!! ليس بأفضل حالا من الشيخ البرلمانى،بالرغم من انه خرج علينا (بأجتهادات)!!لاتسمن ولاتغنى من جوع فى أيجاد حلول لقضايا المرأة من الدين الأسلامى ،والتى فى قناعتى أن لاحل لها كما ذكرت عالية الا بتطوير شريعة الأحوال الشخصية ،والتى دعى لها الأستاذ محمود محمد طه وفصلها فى كتبة.،والدعوللأنتقال من القران المدنى (الفروع) لقران (الاصول) القران المكى المنسوخ .و الشاهد يستوى الشيخ البرلمانى والكارورى فى محاربة هذا الفهم الأسلامى الجديد....