مازال البعض يُصر على النظر للحريق المُتواصل فى دارفور من ثُقوب " إبر " و أبواب غُرف التفاوض فى الدوحة وغيرها، حتّى كاد التفاوض وإطالة أمده وحساب جولاته ، أن يصبح هو الغاية والمُبتغى، بدلاً عن أن يكون الوسيلة والطريق الأقصروالأيسر، لإطفاء النار المُشتعلة منذ عشر سنوات ونيف ، ويحترق بلهيبها – للأسف - المواطنون الدارفوريون العاديون فى مسارح العمليّات ودوائر مُعسكرات النزوح القريب والبعيد من مرامى النيران ، وأقاصى جحيم البقاء فى " الدياسبورا " المفروض على الكثيرين ،لا المُفاوضون الفقراء من جُلّ الحركات ولا الوسطاء الأغنياء بطبيعة الحال !. فى كُلّ مرّة، يتأكّد أنّ الذين يراهنون على نجاعة الحلول العسكريّة والأمنيّة واهمون ومُخطئون ، وأنّ الذين يُعوّلون على نظريّة " إرهاق الخصوم " و " شغل الأعداء بأنفسهم " فات على نظرهم القصير ونظرياتهم الضيّقة وحمكتهم البائرة أنّ الذى " لا يقتُلك ، قد يُقوّيك " ، وأنّ العُنف ليس سوى كُرة نار تتدحرج من أعالى الجبال ، وتتّسع رُقعتها لتقضى على كُلّ أخضرٍ فى السُهول .وأنّ الدم الدارفورى ، لا يمكن أن يبقى محصوراً فى الجغرافيا القريبة،وأنّ العشريّة الماضية هى،فى الواقع نهاية فصل خريف الحرب المحدودوة ، وماسيأتى سيكون صيف البلاد بطولها وعرضها، وستكون محاولات إطفاء النيران، أكثر كُلفة من أىّ قتٍ مضى، وفى هذا لعبرة لأولى الألباب !. الحُكومة المركز و الهامش مسئولة بصورة أكبر عن مايجرى، والحركات الساكنة " مُجتمعة ومُتفرّقة " لايُمكن إستثنائها من مسئولياتها التاريخيّة والأخلاقيّة تجاه أمن وسلامة إنسان دارفور ، وإستطالة أمد عذاباته ، فى إنتظار " جودو المُفاوضات "، والوسطاء " المُبشّرين والمُكشّرين " ، المباشرين وغير المُباشرين جميعهم يلعبون أدواراً سلبيّة ، وبعضها سيّئة و كريهة ، ولربّما يستمرىء بعضهم لُعبة مواصلة الإمساك ببعض خيوط ملفّات الأزمة الدارفوريّة، لشىء فى " نفس يعقوب " !. إستمرار هذا وذاك كُلّه ، حتماً سيُعجّل بإتّساع دائرة زلزال الحرب الدافورية ، بصورة يصعب حتّى على مقياس ريختر حسابها والتنبّوء بكارثيتها ، وقد وصلت – الآن - أوضاع حُقوق الإنسان والإنتهاكات فى دارفور حالة من السوء لا يمكن وصفها ولا مُقارنتها بما سبق من جرائم وفظاعات ، وأختلّ - تماماً - ميزان الحُقوق فى دارفور المكلومة ، وحينما يختل ميزان الحُقوق ، ينفجر البركان..ويبقى الصمت أو التماهى مع هذا الواقع المُزرى، جريمة لا تقل عن الجرائم المُرتكبة فى العشر سنوات الماضية . ولا عًذر لمن أُنذر !.