أحداث ومؤشرات د.أنور شمبال كانت الساعة تشير إلى العاشرة ونصف ليلاً، ومحطة المواصلات شديدة الزحام، ولا توجد مركبات عامة تقل الناس والتي تأتي يخرج الكمساري رأسه بالشباك، والباب محكم الاغلاق، ويقول (ما ماشي) أو يلوح السائق للدلالة على ذات المعنى، وفجأة دخلت حافلتان وسط تلك الجموع مفتحة الأبواب فتدافع عليها الناس، فاذا به لم تظفر امرأة واحدة بمقعد من غير اكثراث بهن وكن مجموعة كبيرة، فانطلقت احداهن وباغتياظ قالت:(أركبوا وامشوا!)، وهي بذلك تقول يعني تتركونا في نصف الليل في الشارع ... تلك هي واحدة من المشاهد التي خلفتها تغيير محطات المواصلات بالعاصمة القومية الخرطوم هذا الأسبوع ذاق خلالها المواطن صنوف من العذاب، والبهدلة. ثم جاءت عربة هايس (ميني بص) وبعد أن ركب الناس قال لهم (النفر بجنيهين) أي ضعف التسعيرة واحتج الناس فقال لهم (هذه ليست عربة خط والما عاجبو ينزل) فلم ينزل أحد ووافقوا بدفعها مجبرين، فدخل معهم في نقاش بعد اتهامه باستغلال الظروف، وإن ما يدفعونه له سيكون منزوع البركة، فرد عليهم بسؤال: أين البركة في رسوم الترخيص التي تأخذها منا إدارة المرور؟ أين البركة في زيادة أسعار الاسبيرات؟ أين البركة في الزيادة في أسعار السلع كلها؟ فالبركة نزعت من كل شيء، وسوف تعودون لاستغلال الدواب إذا الأمور تسير بهذا الاتجاه، فما كان منهم إلا يصمتوا... وكما يقولون وفي الصمت كلام. المعاناة وصلت منتهاها بتنفيذ قرار ولاية الخرطوم لأن أسطول المواصلات الداخلية بيد أفراد وليس بيدها ولا توجد قوانين صارمة تمكنها من التحكم عليه، فاختفت معظم الحافلات فكان ما كان، وتضاعف بند الترحيل في الأسرة إلى ثلاثة أضعاف أو أكثر لأن المشوار الذي يصلة الفرد بمواصلات واحدة في السابق يصله اليوم بثلاث، بذلك نكون قد ضيعنا الوقت وأهدرنا المال، فيما لم ينعم العاملون بالدولة بالزيادات في المرتبات حتى الآن. فالقرار شغل الناس بانفسهم، وشل تفكيرهم وباتوا غير قادرين للتفكير الإيجابي، والذي اخشاه أن تستغل الحكومة هذا الوضع المشحون وتزيد فيه تعرفة المواصلات كما زادت تعرفة المواصلات السفرية بنسبة (20%).