تقرير: عادل حسون الشهور القليلة المقبلة أريد لها أن تغدو مرحلة من مراحل الحرب على نظام "المؤتمر الوطني" لإكمال هدف إسقاطه. إن ذلك من التدبير غير القانوني من قبل تحالف حملة السلاح من جبال النوبة والنيل الأزرق وحركات دارفور المنضوون تحت ما يسمى "الجبهة الثورية". لقد تباهى هؤلاء بما سموه "الخطة ب". "إن الجبهة الثورية ماضية في طريقها لإسقاط النظام بكافة الوسائل السلمية والمسلحة".. بهذه العبارة التأكيدية زيل البيان الختامي لإجتماعات القيادة للجبهة في الفترة من 23-27 مايو الماضي. أعلنت ضمنه "انسحاب" قواتها من "أبو كرشولا" وليس خروجها مذعنة وراء تقدم "القوات المسلحة" والأجهزة النظامية والمجاهدين في المعركة الأخيرة. بوسعنا أن نفهم أن ثمة خطط وضعت لتطوير الموقف الحربي لقواتها. فالمؤتمر الوطني أوقف "الخيار التفاوضي" باللاءات الرئاسية التي جهر بها الرئيس البشير، غداة استعادة أبو كرشولا من أيدي المتمردين. الأحزاب المعارضة المنضوية تحت لواء تحالف قوى الإجماع الوطني خرجت من دائرة التأثير اليومي إذ أبقيت في خانة الداعي بإلحاح لتوقف الحرب والجلوس للتفاوض على حل سياسي. لكن بالأمس فقط بدا أن التهديد بمواصلة المعارك الحربية بين الدولة وقوى التمرد جدي هذه المرة. فقد كشف المكتب القيادي لحزب المؤتمر الوطني في اجتماعه الذي استمر للساعات الأولى من صباح الجمعة برئاسة نائب رئيس الحزب د. نافع علي نافع، عن مخطط "المائة يوم" الذى يعمل المتمردين وتحالف المعارضة بالداخل على تنفيذه اعتبارا من شهر يوينو الجاري". وقال نافع، في تصريحات لمندوبي الصحف ومراسلي الفضائيات، أن التقرير الذي استمع إليه المكتب لاحظ الهزيمة التي تلقتها قوات التمرد الإرهابية في أبو كرشولا وقد زلزلت قواعدها والقوى السياسية التى تدعمها. وأشار إلى أن هذه القوى تعمل الآن على "إستعادة قواها المعنوية والمادية" عبر ما تثيره من زخم سياسي وترويج بأنها لم تنهزم في أبوكرشولا وأنها إنسحبت. وأكد نافع إن ما تعرضت له هذه القوى يمثل "هزيمة حقيقية". وقال "لأن هذه كانت المعركة الرئيسية التي كانوا يودون ويحلمون بأنها سوف تمكنهم من السيطرة على النظام". وزاد "لذلك هم الآن يحاولون إعادة ترتيب صفوفهم السياسية والعسكرية ونحن على أتم الاستعداد لمواجهة هذه المحاولة وهزيمتها بإذن الله". وعن علاقة المعارضة المدنية بالعمليات العسكرية التي نفذتها المعارضة المسلحة قال إن "الجبهة الإرهابية كانت مدعومة من تحالف المعارضة" مشيرا إلى إن الأخيرين "علقوا آمالا على هذه العمليات لذلك قالوا صراحة إنهم لن يدينوا تلك الأحداث حتى لا يخذلوا المجهود الذي يجرى الآن لإعادة المحاولة بتجميع المتمردين لتنفيذ عمليات عسكرية جديدة". وكشف عما سماه "خطة المائة يوم التي وضعتها هذه القوى"، وقال انهم فصلوا فيها تفصيلا دقيقا وهو متاح للناس ومعروف حيث قسموا الخطة ابتداءا من الشهر الجاري على أربعة أسابيع". موضحا إن "الخطة تقوم على تلقى توجيهات واتصالات مباشرة من ياسر عرمان الذى كلفهم بالعمل على تسخين الخرطوم". المكتب القيادي أعلن عن جاهزية الشعب السوداني وقواته المسلحة والمجاهدين للتصدي وهزيمة مخططات ومؤامرات المتمردين وتحالف المعارضة الرامية لتمزيق السودان والتي وصفها د. نافع بأنها مجرد "ستار لقوى أجنبية" تسعى لتحقيق هذه المرامي. وكان المكتب القيادي للمؤتمر الوطني وجه في مداولاته باستمرار حملات استنفار المجاهدين والتوعية بالمخطط الذى يستهدف السودان بالداخل والخارج. وقال نافع "سنعمل على تنفيذ نفرة قوية في هذا المجال". لقد مضى محللون إلى أن الهدف المقبل سيكون مفاجئا للغاية للخرطوم. فإذا كان الهدف الحربي السابق طبقا لتصريحات وزير الدفاع الوطني في أعقاب الهجوم الأخير أواخر أبريل الماضي هو احتلال مطار الأبيض عاصمة ولاية شمال كردفان لتحييد سلاح الطيران من المعركة، ومن ثم تطويره بالهجوم على عاصمة ولاية جنوب كردفان كادقلي وإسقاطها، فإن الهجوم المقبل قد يقع في ولاية أخرى مجاورة هي النيل الأبيض. ولاية الخرطوم طرحت كهدف آخر من قبل "المتمردين" وتواصل التهديد بالقدوم إليها وإسقاط النظام من عقر داره. فأعلنت الولاية نفسها إعداد كتائب من الدفاع الشعبي والمجاهدين للدفاع عن حدودها قبل يومين. قرارات المكتب القيادي للوطني التي أعلنها نائب رئيس الحزب د. نافع علي نافع، أغلقت نوافذ الحوار مع المعارضة الداخلية بعدما أغلق رئيس الجمهورية أبواب الحوار المشرعة بالفعل مع ما يسمى الحركة الشعبية قطاع الشمال كبرى تنظيمات الجبهة الثورية بأديس أبابا بمنبر الاتحاد الإفريقي. المائة يوم القادمة تفتح الأبواب على كافة الاحتمالات التصعيدية بعد أن قطع الطريق على فرصة الحوار السلمي. لا تبدو المعارضة في حماس كاف للتوسط بين الجانبين. قد يلحظ ميل ما إلى التأييد الضمني للعمل العسكري لجبهة المتمردين من قبل بعض المعارضين وليس كلهم. قد يزعم برفض ما لتلك الأعمال غير الشرعية لأن العمل العسكري لإسقاط النظام ليس خيارا متفق عليه بين قوى التحالف. لكن تبقى المائة يوم القادمة مرشحة للتسخين الفعلي على كافة الجبهات. بالإمكان تصور تضييق إضافي على الأحزاب والصحافة والمجتمع المدني. لا صوت يعلو على صوت المعركة ربما هي الرسالة الأبرز في الأيام الأخيرة بإمضاء المكتب القيادي للوطني. ولذلك فالاستعداد والتحفز والتربص بين الجميع هي العناوين الأعلى صوتاً في الأيام القادمة.