وزارة الخارجية القطرية: نعرب عن قلقنا البالغ من زيادة التصعيد في محيط مدينة الفاشر    ياسر عبدالرحمن العطا: يجب مواجهة طموحات دول الشر والمرتزقة العرب في الشتات – شاهد الفيديو    الإمارات وأوكرانيا تنجزان مفاوضات اتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة    المؤسس.. وقرار اكتشاف واستخراج الثروة المعدنية    حقائق كاشفة عن السلوك الإيراني!    البيان الختامي لملتقى البركل لتحالف حماية دارفور    الداخلية السودانية: سيذهب فريق مكون من المرور للنيجر لاستعادة هذه المسروقات    مدير شرطة ولاية النيل الأبيض يتفقد شرطة محلية كوستي والقسم الأوسط    تعلية خزان الرصيرص 2013م وإسقاط الإنقاذ 2019م وإخلاء وتهجير شعب الجزيرة 2024م    تدرب على فترتين..المريخ يرفع من نسق تحضيراته بمعسكر الإسماعيلية    الزمالك يسحق دريمز في عقر داره ويصعد لنهائي الكونفيدرالية    سان جرمان بطلا للدوري الفرنسي.. وعينه على الثلاثية    أرسنال يحسم الديربي بثلاثية    إيران تحظر بث مسلسل "الحشاشين" المصري    شاهد بالفيديو.. سائق "حافلة" مواصلات سوداني في مصر يطرب مواطنيه الركاب بأحد شوارع القاهرة على أنغام أغنيات (الزنق والهجيج) السودانية ومتابعون: (كدة أوفر شديد والله)    السودان..توجيه للبرهان بشأن دول الجوار    شاهد بالصورة والفيديو.. طلاب كلية الطب بجامعة مأمون حميدة في تنزانيا يتخرجون على أنغام الإنشاد الترند (براؤون يا رسول الله)    شاهد بالفيديو.. الفنانة ندى القلعة تواصل دعمها للجيش وتحمس الجنود بأغنية جديدة (أمن يا جن) وجمهورها يشيد ويتغزل: (سيدة الغناء ومطربة الوطن الأولى بدون منازع)    شاهد بالصور.. بالفستان الأحمر.. الحسناء السودانية تسابيح دياب تخطف الأضواء على مواقع التواصل بإطلالة مثيرة ومتابعون: (هندية في شكل سودانية وصبجة السرور)    جبريل إبراهيم يقود وفد السودان إلى السعودية    تجارة المعاداة للسامية    سعر الدولار مقابل الجنيه السوداني في بنك الخرطوم ليوم الأحد    يس علي يس يكتب: روابط الهلال.. بيضو وإنتو ساكتين..!!    رئيس حزب الأمة السوداني يعلق على خطوة موسى هلال    سرقة أمتعة عضو في «الكونجرس»    بايدن منتقداً ترامب في خطاب عشاء مراسلي البيت الأبيض: «غير ناضج»    تدمير دبابة "ميركافا" الإسرائيلية بتدريب لجيش مصر.. رسالة أم تهديد؟    دبابيس ودالشريف    حسين خوجلي يكتب: البرهان والعودة إلى الخرطوم    بمشاركة طبنحة و التوزة...المريخ يستأنف تحضيراته    شاهد بالصورة.. بعد أن احتلت أغنية "وليد من الشكرية" المركز 35 ضمن أفضل 50 أغنية عربية.. بوادر خلاف بين الفنانة إيمان الشريف والشاعر أحمد كوستي بسبب تعمد الأخير تجاهل المطربة    قوة المرور السريع بقطاع دورديب بالتعاون مع أهالي المنطقة ترقع الحفرة بالطريق الرئيسي والتي تعتبر مهدداً للسلامة المرورية    السينما السودانية تسعى إلى لفت الأنظار للحرب المنسية    بيان جديد لشركة كهرباء السودان    سوق العبيد الرقمية!    أمس حبيت راسك!    دخول أول مركز لغسيل الكلي للخدمة بمحلية دلقو    والي ولاية الخرطوم يقف على إنجاز الطوف المشترك لضبطه متعاونين مع المليشيا ومعتادي إجرام    شركة توزيع الكهرباء في السودان تصدر بيانا    تصريحات جديدة لمسؤول سوداني بشأن النفط    لطرد التابعة والعين.. جزائريون يُعلقون تمائم التفيفرة والحلتيت    دخول الجنّة: بالعمل أم برحمة الله؟    الملك سلمان يغادر المستشفى    عملية عسكرية ومقتل 30 عنصرًا من"الشباب" في"غلمدغ"    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    تطعيم مليون رأس من الماشية بالنيل الأبيض    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    لمستخدمي فأرة الكمبيوتر لساعات طويلة.. انتبهوا لمتلازمة النفق الرسغي    مضي عام ياوطن الا يوجد صوت عقل!!!    إصابة 6 في إنقلاب ملاكي على طريق أسوان الصحراوي الغربي    مفاجآت ترامب لا تنتهي، رحب به نزلاء مطعم فكافأهم بهذه الطريقة – فيديو    راشد عبد الرحيم: دين الأشاوس    مدير شرطة ولاية شمال كردفان يقدم المعايدة لمنسوبي القسم الشمالي بالابيض ويقف علي الانجاز الجنائي الكبير    الطيب عبد الماجد يكتب: عيد سعيد ..    بعد نجاحه.. هل يصبح مسلسل "الحشاشين" فيلمًا سينمائيًّا؟    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    «أطباء بلا حدود» تعلن نفاد اللقاحات من جنوب دارفور    دراسة: القهوة تقلل من عودة سرطان الأمعاء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



علي نفسها جنت براقش (ميدان التحرير: صعود وهبوط مرسي)


محمود أ. يوسف
[email protected]
لم يتصور أكثر الناس خيالا بأن الاحتجاج الصارخ للشاب التونسي طارق الطيب محمد البوعزيزي الذي اضرم النار في نفسه امام مقر ولاية سيدي بوزيد احتجاجا علي مصادرة البلدية لعربة الخضار التي كان يكتسب منها يوم 17 ديسمبر 2010 ستؤدي الي ثورة عارمة تغير الاتجاهات السياسية في تونس ومصر، مما يؤدي لاحقا الي تولي حزب الاخوان المسلمين الي سدة الحكم في البلدين بإنتخابات ديمقراطية بعد خمسة وثمانون عاما من إنشاء جماعة الاخوان المسلمين عام 1928 في مصر علي يد حسن البنا.
كانت الاوضاع في كلا البلدين في حالة من الاحتباس فقط تحتاج لمن يشعل فتيل الانهيارات، ولقد نجحت الثورة في البلدين، ومع وجود تخوف في مصر بأن تستأثر العسكر بالسلطة، وبخاصة ان الكثيرين من القيادات العسكرية والمدنية هم ممن قام الرئيس المخلوع بتعيينهم، أدي ذلك الي تهور وسرعة شباب ميدان التحرير في اتخاذ قرارات مصيرية بالتحالف والتنسيق مع جماعة الاخوان المسلمين دون التمعن ودراسة خلفية هؤلاء الجماعة، وكانت تدفعهم نقاء سريرة واخلاص ثوري بإنقاذ مصر من براثين الماضي وعدم اعطاء اية فرصة لاعوان مبارك للعودة الي مقاليد السلطة مرة اخري.
عند إندلاع شرارة الثورة لم ينضم جماعة الاخوان المسلمين الا بعد عدة ايام وبعدما ضمنت بان ما يحدث سيؤدي الي تغيير في الحكم. هذه الانتهازية السياسية هي جزء من منظومة هذه الجماعة، ولذلك عندما قرر المجلس العسكري إجراء الانتخابات في مصر في فترة عام تقبلوا ذلك فرحين، لانهم اكثر المجموعات الحزبية تنظيما بعد فلول عناصر الحزب الوطني الذين تلاحقهم الاجهزة العدلية وشباب الثورة وجماعة الاخوان.
أعلن الاخوان في البدء انهم سوف لن يترشحوا لمنصب رئيس الجمهورية وسيكتفون فقط بالترشيح للمقاعد البرلمانية، ولقد وجد هذا الموقف صدي طيب في اوساط شباب التحرير والاحزاب الاخري والذين رأوا في ذلك بادرة طيبة نحو ترسيخ مبادئ الثورة وخلق ثقة متبادلة بين كآفة عناصر الثورة، ولكن قبل قفل باب الترشيح اتضح للكل ان هنالك ثلاثة مرشحين من قبل تنظيم الاخوان المسلمين، رغم انهم في البدء تظاهروا بفصل المرشح عبد المنعم أبو الفتوح لانه خالف تعليمات المرشد العام ورشح نفسه لإنتخابات الرئاسة، لكن في 31 مارس 2012 اعلن المرشد العام للجماعة، محمد بديع، ترشيح نائبه خيرت الشاطر لرئاسة الجمهورية بالاتفاق مع الجناح السياسي للجماعة، حزب الحرية والعدالة. وقررت الجماعة كذلك الدفع بمحمد مرسي، رئيس حزب الحرية والعدالة، مرشحًا احتياطيًّا تحسبًا لاحتمالية وجود معوقات قانونية تمنع ترشح الشاطر، وبعد مراحل التسجيل والطعن ضمت القائمة الآخيرة المرشحين التاليين [1]:
1- محمد مرسي عن حزب الحرية والعدالة، بعد أن استبعدت لجنة الانتخابات الرئاسية الشاطر.
2- أحمد شفيق وكان آخر رئيس وزراء في عهد محمد حسني مبارك وترشح مستقلا.
3- حمدين صباحي مؤسس حزب الكرامة الناصري ولكنه ترشح مستقلًا.
4- عبد المنعم أبو الفتوح عضو سابق بمكتب إرشاد الإخوان المسلمين تم فصله من الجماعة وذلك لإعلانه الترشح لرئاسة الجمهورية مخالفة لقرار مجلس شورى الجماعة الرافض لخوض الانتخابات وترشح مستقلا.
5- عمرو موسى الأمين العام السابق لجامعة الدول العربية مدعوما من حزب الوفد وترشح مستقلا.
6- محمد سليم العوا مفكر الإسلامي وترشح مستقلا.
7- خالد علي ترشح عن التجمع اليساري، وترشح مستقلا.
8- أبو العز الحريري ترشح عن حزب التحالف الشعبي الاشتراكي.
9- هشام البسطويسي التيار اليساري المصري وترشح عن حزب التجمع.
10- محمود حسام مستقل.
11- محمد فوزي عيسى مرشح حزب الجيل الديمقراطي (انسحب وأيد عمرو موسى).
12- حسام خير الله مرشح حزب السلام الديمقراطي.
13- عبد الله الأشعل مرشح حزب الأصالة (انسحب من السباق الانتخابي ودعم محمد مرسي).
كان امل شباب الثورة التحرير والأكثرية ممن لم تكن لهم انتماءات سياسية معقود في الدكتور البرادعي ولكنه اعتذر عن خوض الانتخابات، فقط تبقي كل من حمدين صباحي وعبد المنعم أبو الفتوح وينظر اليهما علي انهما من مرشحي شباب الثورة، وفي هذا الجو أقيمت الجولة الاولي للانتخابات المصري يومي 23 و24 مايو 2012، كان المسجلين بكشوفات الاقتراع ما يقارب من الواحد وخمسون مليونا مصريا (50.996.746) صوت منهم ما يزيد عن الثلاثة وعشرون مليونا ونصف المليون من المصريين (23.672.236)، ولقد تم اعلان النتائج التي سببت صدمة لشباب الثورة في ميدان التحرير، إذ حصل مرشح جماعة الاخوان المسلمين محمد محمد مرسي العياط علي 24.77% بينما جاء في المركز الثاني المرشح المستقل المحسوب علي المؤتمر الوطني أحمد محمد شفيق زكي وبنسبة 23.66%، أما مرشحي شباب التحرير وهما كل من حمدين صباحي و عبد المنعم أبو الفتوح فلقد كان ترتيبهما الثالث والرابع علي التوالي وحصلا علي نسب 20.72% و 17.47% من الاصوات كما يظهر في الجدول1 [2].
جدول 1 النتيجة الرسمية للجولة الأولى
بدا واضحا أن شباب ثورة التحرير يمتلكون نسبة لا تقل عن 38.19% من جملة من أدلوا بأصواتهم وهي نسبة تزيد عن ما تحصل عليه مرسي او شفيق، وكان بالامكان ان يكون مرشحههم في قائمة الجولة الثانية لو تم التنسيق لذلك في البدء، لكنهم أيقنوا ايضا ان بأمكانهم دعم نصر احد المتبقيين، وهما مرشح الاخوان المسلمين والمرشح المحسوب للحزب الوطني، وهما أمران أحلاهما مرٌ، إذ خرج الثوار من معركة طاحنة ضد الحزب الوطني وما حدث فيها من تضحيات وبطولات فكيف يصوتون لمن كان في الامس رمزا من رموز ذلك النظام؟ ومن جانب آخر يمثل مرسي حركة الاخوان المسلمين، تلك الحركة التي أخرجت دكتور أنور الظواهري قبل التحاقه بجماعة الجهاد المصري عام 1974 والزعيم الحالي للقاعدة، تلك الحركة التي كانت وراء اغتيال عبدالناصر عام 1954 وكانت الحركة معروفة بلجوئها الي العنف لتحقيق اهدافها كما ظهر في المعارك التي دارت في الجزائر عقب الغاء نتائج انتخابات عام 1991، واتضح لاحقا ان الكثيرين من اعضاء جماعة الاخوان المسلمين في الدول العربية قد التحقوا بالمجاهدين الافغان بعيد الاحتلال الروسي لافغانستان عام 1979، وكان هدف معظمهم الحصول علي التدريبات العسكرية التي تؤهلهم لتغيير الانظمة في اوطانهم، كما لم يكن ببعيد عن مصر ما حدث في السودان المجاور من انقلاب عسكري من قبل جماعة الاخوان المسلمين وما حدث فيها من بطش وتنكيل وتعذيب للمناوئين تجاوز كل الاعراف الدولية حتي ادان الجمعية العامة للامم المتحدة حصيلة السودان من المعاملة الغير الانسانية عام 1993، وكان لاستقبال السودان لكل من كارلوس وبن لادن في بداية التسعينات كبير الاثر في أدراج الولايات المتحدة الأميركية السودان على لائحة الدول المساندة للإرهاب في عام 1993؛ كما فرضت الأمم المتحدة حظرا علي السودان، والاهم من كل ذلك فإن الاخوان المسلمين يريدون إجراء تغيير جذري في مجتمعاتهم لا تكون فيها اي دور لكل الانجازات البشرية في المجالات الانسانية والفنية. كانت هذه المعلومات وغيرها متوفرة للكثير من ثوار ميدان التحرير قبل إتخاذهم لقرار التصويت ل محمد مرسي والذي بدا لهم وكأنه أهون الشرين، ولكن هنالك البعض من المصريين الذين قرروا التصويت ل أحمد شفيق كما امتنع البعض عن التصويت.
تم إجرا الجولة الثانية للانتخابات المصرية بين المرشحين محمد محمد مرسي عيسى العياط و أحمد محمد شفيق زكي، ففاز محمد مرسي بنسبة 51.73% من جملة الاصوات الصحيحة كما يظهر في الجدول 2، فإحتفل ثوار التحرير وإبتهجوا كثيرا ظنا منهم أن مرسي سيوفي بوعده الذي قطعه قبيل التصويت في الجولة الثانية للإنتخابات، حتي بعد فوزه عندما قال يوم 28 يونيو 2012 امام الصحفيين [3]:
"البلاد ستحتفظ بطابعها الوطنى دون أن تصطبغ بصبغة فصيل سياسى معين، و(أخونة) الدولة المصرية مستحيلة، ولا يستطيع فصيل واحد قيادتها بمفرده."
جدول 2 نتيجة انتخابات الجولة الثانية
جدول 3 اعداد الذين صوتوا في المرحلة الثانية
لكن ظنهم قد خاب، فقد بدأ في ما سمي بأخونة الدولة المصرية، أولا بإعادة البرلمان الذي حله المجلس العسكري ورافقه وضع الدستور الذي انسحب منه عناصر ثورة التحرير والعلمانيين، فلم يكترث مرسي وبدا واضحا انه ينفذ برنامج قد طال انتظارهم لمثل تلك الفرصة، كما لا ننسي دور قناة الجزيرة في الكثير من الدراسات الاستراتيجية التي اجريت، وبخاصة خلال الثورة الليبية من أجل استثمار تللك الثورات لتأصيل الاسلام السياسي في الدول العربية. عرف اخوان مصر بأن تلك هي فرصتهم التي تظهر مرة في تاريخ المنطقة، لذلك كان جل همهم بأن يستثمروا تلك الفرصة في فترة زمنية قليلة وتؤدي في نهاية المطاف الي انشاء الدولة الاسلامية في مصر من خلال اتباع الوسيلة الديمقراطية والتي اهداها لهم ثوار ميدان التحرير، والاهم من ذلك فسوف لن يجرئ الجيش المصري علي إنقلاب عسكري، وألا فإن الدول الغربية والتي علي صلة قوية بقطر ستتدخل لإعادتهم.
ولذلك وفي خلال ثمانية أشهر تم الآتي: تعيين 8 وزراء و5 محافظين و8 مسئولين فى مؤسسة الرئاسة، ولم يتوقف الأمر عند ذلك، لأن رجال جماعته نجحوا فى اختراق مفاصل 20 وزارة من خلال تعيين مستشارين للوزراء ومتحدثين إعلاميين ورؤساء للقطاعات ومديرين لمكاتب الوزراء إضافة الى تعيين 5 نواب محافظين، 12 رئيس حى ومركز، و13 مستشارا للمحافظين. هكذا وعد الرئيس.. وهكذا نكص الرئيس وعده [4].
قيل ان محافظ الاقصر الجديد الجهادي عادل اسعد احمد الخياط الذي عينه محمد مرسي صرح في اول لقاء له بخصوص آثار أبوسنبل قائلا "سنستمر بالعناية بهذه الاصنام."
لقد ادي اجراءات مرسي خلال عام والرامي الي أخونة مصر، مع إذلال من أوصلوه الي الحكم من غير الاخوان الي قيام حركة تمرد يقوده شباب ميدان التحرير والذين كان لهم الفضل المعلي في إيصاله الي سدة الحكم، مع الشباب الآخرين، في حملة التمرد لجمع توقعيات لسحب الثقة من نظام الرئيس محمد مرسي [5]، بدأت الحملة في 15 مايو 2013، إنطلقت "تمرد" في يوم الجمعة 26 أبريل 2013 من ميدان التحرير بالقاهرة، وإنتهت 30 يونيو [6].
وفي خلال اقل من شهرين وحتي يوم 26 يونيو 2013 فلقد بلغ عدد التوقيعات التي جمعتها "تمرد" ما تجاوز 16 مليون توقيعا [7]. في يوم 30 يونيو أعلن ممثلو حملة "تمرد" في بيانهم الأول للثورة، عن تحدثهم باسم "أكثر من 22 مليون مواطن مصري وقعوا على استمارة سحب الثقة"، معلنين أن "محمد محمد مرسي عيسى العياط لم يعد رئيسا شرعيا لجمهورية مصر العربية." وأمهلت الحركة محمد مرسي الاستجابة لمطالبهم المتمثلة في إجراء انتخابات رئاسسية مبكرة وألا فإن نهاية المهلة وهي الثاني من يوليو ستكون بداية العصيان المدني والاحتشاد في الميادين والزحف الي قصر االقبة [8].
كان الاحتشاد علي أبلغ مداه يوم 30 يونيو فلقد رصدت طائرات الجيش اعداد المتظاهرين فى ميدان التحرير فقط ب 3 ملايين و800 ألف، وفى محيط قصر الاتحادية 2 مليون و900 ألف، هذا غير الملايين فى المحافظات [9]، ان خروج هذه الملايين تعبيرا عن رفضها لحكم الاخوان برئاسة مرسي تعبر عن غضب وثورة شعبية، وهي تجسدا للتوقيعات التي جمعتها حركة تمرد.
كان ذلك هو المشهد حينما أصدر الجيش المصري بيانا في الاول من يوليو ذكر فيه [10]:
"لقد رأى الجميع حركة الشعب المصرى وسمعوا صوته بأقصى درجات الإحترام والإهتمام ... ومن المحتم أن يتلقى الشعب رداً على حركته وعلى ندائه من كل طرف يتحمل قدراً من المسئولية فى هذه الظروف الخطرة المحيطة بالوطن" و " لقد إستشعرت القوات المسلحة مبكراً خطورة الظرف الراهن وما تحمله طياته من مطالب للشعب المصرى العظيم ... ولذلك فقد سبق أن حددت مهله أسبوعاً لكافة القوى السياسية بالبلاد للتوافق والخروج من الأزمة إلا أن هذا الأسبوع مضى دون ظهور أى بادرة أو فعل ... وهو ما أدى إلى خروج الشعب بتصميم وإصرار وبكامل حريته على هذا النحو الباهر الذى أثار الإعجاب والتقدير والإهتمام على المستوى الداخلى والإقليمى والدولى ."
وأخيرا اعطت القوات المسلحة انذارا التالي: "إن القوات المسلحة تعيد وتكرر الدعوة لتلبية مطالب الشعب وتمهل الجميع (48) ساعة كفرصة أخيرة لتحمل أعباء الظرف التاريخى الذى يمر به الوطن الذى لن يتسامح أو يغفر لأى قوى تقصر فى تحمل مسئولياتها ." ثم مضيفا " وتهيب القوات المسلحة بالجميع بأنه إذا لم تتحقق مطالب الشعب خلال المهلة المحددة فسوف يكون لزاماً عليها إستناداً لمسئوليتها الوطنية والتاريخية وإحتراماً لمطالب شعب مصر العظيم أن تعلن عن خارطة مستقبل وإجراءات تشرف على تنفيذها وبمشاركة جميع الأطياف والإتجاهات الوطنية المخلصة بما فيها الشباب الذى كان ولا يزال مفجراً لثورته المجيدة ... ودون إقصاء أو إستبعاد لأحد ."
كل هذا الحراك ومرسي وجماعة الاخوان في مبيت شتوي وهم في حالة غير عادية من الإطمئنان وكأن هنالك قوي دولية تقف الي جانبهم وتطمئنهم بأنه سوف لن يقع لهم أية مكروه، وردا علي ذلك البيان القي محمد مرسي خطابا في 2 يوليو حذر الجيش ضمنيا من الانقلاب عليه، وأعرب عن رفضه لانتخابات رئاسية مبكرة، ودعا المصريين للوقوف مع شرعيته التي أكد انه "لا بديل عنها" [11] وعندما انقضت المهلة دون ان يقبل مرسي بكل النصائح التي قدمت اليه فكان ظهور الفريق أول /عبد الفتاح السيسي القائد العام للجيش المصري وحوله بعض القوي السياسية وكلا من شيخ الازهر ورئيس الكنيسة الارثوذكسية، حيث تلا خارطة الطريق بعد ان مهد لذلك بإن القوات المسلحة تستمع لإستغاثة الجماهير إستدعاءا لدورها الوطنى وليس السياسى، وأن الشعب يدعوها لنصرته لا للسلطة والحكم، وأنها بذلت جهوداً مضنيه منذ نوفمبر 2012 لإحتواء الموقف وإجراء مصالحة وطنية بين كافة القوى السياسية، قوبل بالرفض من مؤسسة الرئاسة، وإجتمعت مع رئيس الجمهورية يوم 22 يونيو 2013 عبروا فيها عن رفضهم للاساءة لمؤسسات الدولة الوطنية والدينية، ورفضهم لترويع وتهديد جموع الشعب المصرى، وأن خطاب الرئيس الاخير لم يلبى ويتوافق مع مطالب جموع الشعب، مما حدا بالقوات المسلحة التشاور مع بعض رموز القوى الوطنية والسياسية والشباب حيث إتفق المجتمعون على خارطة مستقبل تتضمن خطوات أولية تحقق بناء مجتمع مصرى قوى ومتماسك لا يقصى أحداً من أبنائه وتياراته وينهى حالة الصراع والإنقسام، وتشتمل هذه الخارطة على الآتى الآتي [12]:
- تعطيل العمل بالدستور بشكل مؤقت .
- يؤدى رئيس المحكمة الدستورية العليا اليمين أمام الجمعية العامة للمحكمة .
- إجراء إنتخابات رئاسية مبكرة على أن يتولى رئيس المحكمة الدستورية العليا إدارة شئون البلاد خلال المرحلة الإنتقالية.
من خلال هذا السرد لما حدث خلال السنة الماضية يتضح جليا أن جماعة الاخوان المسلمين قد وجدت فرصة ذهبية لكي تثبت للجميع عن علوها عن كل من الانانية والاثرة، ولكنها أضاعت تلك الفرصة من خلال الاخونة وتطبيق ما تؤمن به وفرضها عنوة علي الآخرين رغم قلة حجمها السياسي، والذي ظهر جليا في الجولة الاولي حيث لم تزد نسبتها ومن يتعاطفون معها من بعض المسلمين عن 23.66%.
لكن هل يمكن تصنيف ما تم علي انه انقلاب؟ يعرف الويكيبيديا [13] الانقلاب Coup d'état أو coup بانه "العزل المفاجئ للحكومة، عادتا بواسطة مجموعة صغيرة من مؤسسة الدولة القائمة – عادتا الجيش – بعزل الحكومة الحالية واستبدالها بجسم آخر، مدني أو عسكري."
لكن في الظاهرة الفريدة لما حدث في مصر لم يكن التغيير بإيعاز من الجيش، أولا لقد انشئت حركة تمرد والتي هي جزء من القوة التي صوتت لاختيار مرسي لرئاسة الجمهورية في المرحلة الثانية، فتمردها تعني سحب تلك الشرعية التي أوصلت مرسي الي كرسي الحكم من قبل شباب ميدان التحرير.
ثانيا بجمعها لتوقيعات ما يزيد عن 22 مليون مواطن مصري يعلنون سب ثقتهم من الرئيس المنتخب، فهذا العدد يقارب عدد الثلاثة وعشرون مليونا (23,265,516) والذين ادلوا باصواتهم لانتخاب رئيس الجمهورية ونال مرسي اثنتا عشر مليون من الناخبين (12,035,251.4)، فإذا جمعت حركة تمرد اكثر من هذا الرقم، بل وضعف هذا الرقم، فهل هنالك قوة وحجة ديمقراطية يعتد بها أكثر من هذه التوقيعات؟ فقط كان علي رئاسة الجمهورية (مرسي) التحقيق وفحص صحة الموقعون بأخذ عينات منها والاتصال بموقعيها للتأكد من عدم التزوير، لكن الرئاسة رفضت كل المساعي الديمقراطية في التعامل ورفضت حتي مجرد التحاور مع ممثلي الموقعين، فماذا ستؤول اليها الدولة اذا خرج هؤلاء الاربعة والعشرون الي الشوارع؟ لذا كان لازاما من وجود جهاز ذو رجاحة عقلية تعمل علي تفادي وقوع تلك الكارثة بحسابات المصلحة الوطنية، والجهاز الوحيد في مثل هذه الحالة هي القوات المسلحة.
ثالثا لم تستأثر القوات المسلحة بالسلطة، وأنما حكمت بالحياد بين مجموعتين مستظلا بالقيم الديمقراطية وأصول الشرعية، التي تنتفي بسحب التأييد من قبل من كانوا الاصل في الفوز سواء داخل البرلمان أو مباشرة من قبل جماهير الشعب، لذلك وعلي ضوء هذه الادلة فإن ما حدث في مصرلايمكن ان يصنف باية حال من الاحوال علي انه انقلاب عسكري.
كانت تلك هي الفرصة الذهبية للاخوان المسلمون لحكم مصر من خلال استثمار التناقضات التي اوجدتها العداء لحقبة مبارك دون فحص ودراسة الخيارات الاخري، وما دام مصر تعتبر حلقة مهمة لما يمكن ان يحدث في المنطقة، فلنا ان نتسائل ما ذا سيحدث اذا استمر محمد مرسي في الحكم؟ النموذج الافغاني او السوداني ليس ببعيد عما يمكن ان تؤؤل اليه الامور في مصر، ولكن هل الاسلام يحجر النماء الانساني؟ الاجابة علي هذا هو استحضار اول سورة نزلت في القرآن الكريم
" بسم الله الرحمن الرحيم
والسؤال الذي يطرح نفسه هو عن مآلات هذا العلم؟ وما هو شكل المجتمع الإنساني الذي سيتمخض من نتائج هذا العلم؟ وهل العلم والتعليم مقصور علي الرجال ام لكل بني البشر كما نصت الآية (عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ) والتي تعني كآفة الجنس البشري، الاجابة علي هذه الاسئلة والكثير غيرها لا تحتاج لادني مجهود لان لان العلم والتعليم علي بساطتها تعني التقدم والتطور والاذدهار والرخاء والخروج الي الفضاء الخارجي والقمر وما خلفه بإذنه تعالي. ان ما يدور في مصر اليوم سيكون له كبير الاثر في تشكيل انسان ومجتمع الغد الذي سيتكامل مع المجتمعات الانسانية لاسعاد البشرية، وليس لإذلالها وقهرها وإرهابها.
المراجع
1- http://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%A7%D9%84%D8%A5%D8%AE%D9%88%D8%A7%D9%86_%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B3%D9%84%D9%85%D9%88%D9%86_%D9%81%D9%8A_%D9%85%D8%B5%D8%B1
2- http://www.dohainstitute.org/release/b8576869-81e1-40dd-bac9-fbc563933e68
3- http://www.almasryalyoum.com/node/1472451
4- http://today.almasryalyoum.com/printerfriendly.aspx?ArticleID=371219 http://www.dw.de/%D9%85%D8%B5%D8%B1-%D9%85%D8%A7-%D8%A8%D9%8A%D9%86-%D8%AA%D9%85%D8%B1%D8%AF-%D9%88%D8%AA%D8%AC%D8%B1%D8%AF-%D9%85%D8%A7%D8%B0%D8%A7-%D8%A8%D8%B9%D8%AF/a-16831475
5- http://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%AD%D8%B1%D9%83%D8%A9_%D8%AA%D9%85%D8%B1%D8%AF
6- http://www.eshahed.com/site/main/view_news/19083
7- http://www.elwatannews.com/news/details/214382
8- http://new.elfagr.org/Detail.aspx?nwsId=378265&secid=18&vid=2
9- https://www.facebook.com/Egyptian.Defense.Minister
10- http://www.iljadid.com/vb/showthread.php?t=655
11- http://www.vb.alrakoba.net/t137667.html
12- http://en.wikipedia.org/wiki/Coup_d'%C3%A9tat


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.