* نحن لا نعوّل كثيراً على الاجتهادات الفردية لاقتناعنا بأنه ما لم يحدث اختراق إيجابي نحو الحل القومي بمشاركة حقيقية وفاعلة من الآخرين خارج الحكومة، ستظل البلاد في دوامة الاختناقات الاقتصادية والسياسية والأمنية. * مع ذلك فإننا ندفع بأية بارقة أمل نحو المعالجة الشاملة، ونعتبر تصريحات الدكتور حسن الترابي التي قالها لدى مخاطبته اجتماع الهيئة القيادية لحزب المؤتمر الشعبي أمس الأول التي عبر فيها عن إمكانية اتحاد السودان مع دولة جنوب السودان مرة أخرى في ظل نظام ديمقراطي إضاءة مهمة لتنقية الأجواء بين بلدي السودان والابتعاد عن كل ما يوتر العلاقة بينهما. * نورد هنا أيضا بعض الإضاءات المهمة التي أوردها صديقنا الدكتور خالد التجاني في كتابه المهم (الخيار صفر) لأنها تصب في اتجاه ما نصبو إليه من ضرورة الالتزام بما تم الاتفاق عليه في اتفاقية التعاون الموقعة بين البلدين ودفع الجهود المخلصة نحو تطوير وتنمية العلاقات السودانية الشمالية الجنوبية بدلاً من إشعال نيران الفتنة التي لا تخدم للبلدين قضية، بل أنها تضر بمصالح المواطنين في الشمال والجنوب وتهدد السلام والاستقرار في البلدين وفي المنطقة. * نبدأ بإيراد إفادات المفكر الإستراتيجي البروفسور أحمد داؤود أوغلو وزير الخارجية التركي في حواره مع صحيفة "إيلاف" الذي قصد الدكتور خالد أن يضعه في فاتحة كتابه حيث قال البروفسور أوغلو: يجب ألا يكون الانفصال سبباً في خلق مشكلات جديدة بين الدولتين، بل يجب أن تعمل الدولتان وكأنهما دولة واحدة لفتح الطريق أمام إعادة توحيد الدولتين سلمياً. * جاءت مقدمة الكاتب الدكتور خالد وهي تحمل إضاءة مهمة أخرى وضعت النقاط على الحروف عندما قال: إن البلاد تفتقر بالأساس إلى رؤية جامعة متوافق عليها للمصالح الوطنية بين الفاعلين السياسيين.. وقد تأكد غياب الرؤية الإستراتيجية للمصالح الوطنية أكثر بعد التقسيم. * نترك كتاب (الخيار صفر) الذي جمع فيه الدكتور خالد التجاني مقالات مختارة تناول فيها مسألة العلاقة بين الشمال والجنوب والحرب والسلام، لنقف عند تصريحات الدكتور غازي صلاح الدين التي نشرناها على صدر الصفحة الأولى ل "المشهد الآن" أمس لأنه أكد فيها أهمية إحداث تغييرات لازمة في المنهج والطرح مصاحبة للتعديل الوزاري المرتقب.. وأن المهم هو معالجة الأزمات العالقة بالبلاد. * خلاصة القول إن الأهم والأعجل في هذه المرحلة المفصلية من تاريخ السودان الاتفاق على رؤية إستراتيجية جامعة متفق عليها من أهل السودان تستصحب رؤى الآخرين ولا تتجاوزها، تضع حلولا عاجلة وجذرية للاختناقات الاقتصادية والسياسية والأمنية القائمة في السودان، خاصة في دارفور والنيل الأزرق وجنوب كردفان، هذه الرؤية الإستراتيجية الجامعة يمكن أن تكون المدخل للاتفاق على الدستور، وسبل وآليات التداول السلمي للسلطة، ودفع استحقاقات التحول الديمقراطي.