* ما أحوجنا في هذا الشهر المبارك الذي بدأت تنقضي أيامه مثل كل اللحظات الجميلة مسرعة إلى استحضار قيم وممارسات التسامح الديني والتعايش السلمي التي نحتاجها لتأمين السلام وتعزيزه في بلادنا وفي العالم من حولنا. * هذه ليست المرة الأولى التي أصلي فيها في أرض أجنبية إذا صح التعبير فقد أعدَّ لنا السفير البريطاني في "حوش" السفارة مكاناً للصلاة عقب الإفطار الذي دعانا له الخميس الماضي، ونحن نعلم أن الصلاة تجوز في أي بقعة من أرض الله الطاهرة. * صليت من قبل في "أيا صوفيا" في استنبول بتركيا، وكانت "أيا صوفيا" كاتدرائية قبل أن تصبح مسجداً وهي الآن عبارة عن متحف، كما صليت في (دور العبادة) في أستراليا التي يمارس فيها أصحاب العقائد الدينية المختلفة عباداتهم وصلواتهم دون أي تضارب أو مشاحنة. * عايشت قبل سنوات خلت عندما كانت عطبرة تعجّ بالمسيحيين مشاهد ومواقف تجسد متانة أواصر الصلات بين المسلمين والمسيحيين، واستمرت هذه المشاهد والمواقف ماثلة في حياتنا فيما بعد في الخرطوم عندما استقر بي المقام فيها. * مازال الأخوة المسيحيين يحرصون على إقامة مأدبة إفطار رمضان كل عام ويدعون لها رئيس الجمهورية وكوكبة من الصحفيين والإعلاميين ونجوم المجتمع العاصمي من كل ألوان الطيف السياسي والاقتصادي والاجتماعي. * تذكرت كل ذلك والحزن يعتصر الفؤاد على ما جرى وما يجري في مصر بين المسلمين أنفسهم بسبب الصراع السياسي على السلطة التي للأسف أصبحت "مطيّة" للمغانم والمكاسب والمصالح الشخصية تحت مختلف الرايات المرفوعة، بما في ذلك راية الدين البرئ من كل الأهواء والأجندة الخاصة. * هذا لا يجعلنا نغفل الجوانب المشرقة والمضيئة التي تمثلت في مشاهد المواقف التضامنية التي تتجاوز كل دعاة الفتنة والكراهية الآخر بل إننا نحرص على دعمها وتعزيزها في بلادنا خاصة وفي العالم من حولنا؛ لأنه لم يعد في إمكان أي قطر الانعزال عن العالم الذي تربطه به مصالح مشتركة لابد من توظيفها لصالح إنسانه والإنسانية جمعاء.