أيمن مبارك أبو الحسن * محزن، ومؤسف ما يحدث في قنواتنا الفضائية. فحينما كانت الأمطار والسيول تجرف المنازل في مرابيع الشريف وعد بابكر وغيرها من أحياء العاصمة، كانت هذه القنوات تصدح بالأغاني والأهازيج وكأن شيئاً لم يحدث في أمر البلاد المنكوبة. عندما كانت القنوات الفضائية الأجنبية تبث التقارير على الهواء مباشرة من المناطق التي تضررت بفعل السيول والأمطار، كانت قنواتنا المحلية تحيي الحفلات وترسل الأهازيج وتتوشح بالفرح. الإعلام الرسمي يسجل كل يوم فشلاً ذريعاً ويثبت انفصاله الكامل عن هموم الناس وقضاياهم، فهو ينشغل بالأمور الانصرافية بينما البلاد أكثر ما تكون حاجة إلى تضافر كل الجهود وحشدها أمام الكوارث التي تجتاح البلاد والتي يعبر عنها الإعلام أفضل ما يكون ... او هكذا يجب أن يكون، لكن الإعلام المرئي يصر أن يحلق خارج السرب. إذا استمر الوضع بهذا الحال، فسوف لن تجد قناة أو إذاعة جمهوراً يشاهدها أو يستمع إليها، نحن في عصر السماوات المفتوحة، والمعلومات المتدفقة من كل حدب وصوب، فإن عجزنا أن نجد المعلومات في إعلامنا الرسمي، فسوف نبحث عنها من مصادر أخرى عديدة وما أكثرها، وهو أمر أصبح يتشكل الآن، فالناس صارت تتشكك في الإعلام الرسمي، وطفقت تبحث عن الخبر والرأي من مصادر أخرى .. حتى إن بعدت عن مصدر المعلومة. * من رحم المصائب تولد الأفكار، وبعد محنة الأمطار والسيول أطلقت مجموعة من الشباب مبادرة للتضامن مع متضرري الأمطار والتي تمثلت في مبادرة نفير وغيرها. أينما كان مصدرها تظل مبادرات مضيئة في زمن العتمة. لكن!! إن كان هناك من يبادر ويسعى لتقديم الخير، هناك أيضاً من يسعى لتثبيط الهمم. يجب تشجيع هذه المبادرات وتركها تعمل، لأن الهدف أسمى من كل التفاصيل دون ذلك... دعونا نتعلم ثقافة العمل الجماعي، نحن نفتقد لهذه الثقافة والدليل على ذلك أن معظم التجارب من هذا النوع وعلى كافة المستويات لم تكن مشرقة. الأفكار الجماعية تراوح مكانها دون ناتج على الأرض.. وحينما تبدأ في تحسس طريقها "بخجل" نحو التنفيذ ما تلبث أن تتلاشى، ويكون الفشل هو عنوانها لأسباب عديدة من بينها في رأيي المثبطين والمخذلين الذين يطلون برؤسسهم أمام أي نجاح من أجل افشاله. سبب أخر اعتقد أنه يعود لثقافة العمل الجماعي التي لم ترتق للمستوى الذي يمكّن هذه التجارب من النجاح التام. الأمثلة عديدة، هناك مشرعات وأفكار صغيرة وكبيرة، جلها انتهى بمجرد مبارحة أصحابها مكانهم. فهل المشكلة هي الثقة المفقودة بين الناس، أم ضعف الثقافة وطبيعتنا التي تجنح للعمل الفردي وترفض كل أشكال العمل الجماعي. نرجو أن تتغير الفكرة من خلال هذه المبادرات حتى لو جاءت من بين أنقاض المصائب والاحباط. شكراً لكل من بادر ودعم وساهم في من أجل متضرري السيول والفيضانات، جزاكم الله خيراً، وخفف الله من مصاب أهلنا المتضررين.