كلام الناس نور الدين مدني * للمرة الثانية يتكرر تعبير اعتكاف السيد رئيس الجمهورية المشير عمر البشير لوضع إستراتيجية شاملة لحل مشاكل البلاد؛ وكأنه لم تكن هناك إستراتيجية شاملة طوال السنوات الماضية!! ومع ذلك استبشرنا خيراً. * هذه المرة الاعتكاف -حسب تصريحات وزير الدولة برئاسة الجمهورية مسؤول مكتب متابعة سلام دارفور الدكتور أمين حسن عمر- لوضع إستراتيجية شاملة للتعامل مع الصراعات القبلية والوضع الأمني في دارفور لتحقيق السلام والاستقرار هناك. * نبهنا مراراًَ وتكراراً إلى خطورة تنامي الصراعات القبلية واستغلالها استغلالاً حزبياً أجج النزاعات وفاقمها منذ أن ظهرت في الخطاب الرسمي تعبيرات عنصرية مثل "العرب والزرقة" حتى خرج (مارد) القبلية من يد الجميع وأصبح يهدد استقرار وأمن البلاد عامة. * ليس هذا فحسب، بل نبهنا إلى خلل التعامل مع أبناء الجنوب عقب إعلان نتيجة الاستفتاء، وطالبنا بضرورة حسن التعامل معهم وعدم دفعهم دفعاً لمغادرة البلاد بمن فيهم المسلمين والموالين للحزب الحاكم، لأننا حريصون على إعمار العلاقات الإنسانية والاجتماعية والاقتصادية المتداخلة معهم جغرافياً وأسرياًَ. * قلنا إن تنامي النعرات الجهوية والقبلية تم بسبب تغييب الحراك السياسي وتقييده، والرهان على سياسة (فرق تسد) لإضعاف الأحزاب السياسية، حتى انتقلت عدوى الانقسامات والانشطارات داخل حزب المؤتمر الوطني حتى بعد المفاصلة، وللأسف أيضاً تقوّت الجهوية والقبلية داخل دولة السودان لذات السبب. * مهما يكن الأمر فإننا نساند الحراك الرسمي وإن جاء متأخراً تماماً ساندنا مبادرة (صحفيون ضد العنف القبلي في دارفور) لأنها تصب في ذات الاتجاه، أي محاصرة النعرات الجهوية والقبلية التي غذت الحركات المسلحة التي تشظت قبلياً، حتى داخل المجموعات الإثنية الواحدة. * لابد من التأكيد أن المدخل الصحيح لمحاصرة تنامي النعرات الجهوية والقبلية هو تعزيز الحريات السياسية والصحافية والإعلامية ودفع الحراك السياسي نحو مشروع الاتفاق القومي السلمي لإطفاء الحرائق الجهوية والقبلية واستيعاب مطالبها في العمل السياسي السلمي، وتعزيز ثقافة السلام والتعايش الاجتماعي بين مكونات الأمة السودانية ليعود السودان كما كان دار سلام ووئام بين كل أهل السودان.