كلام الناس نور الدين مدني لا للحرب.. لا للاستبداد *مهما كان الواقع مخيباً للآمال فإننا لن نيأس من التبشير بالحوار ومحاصرة صيحات الحرب التي بدأت تطل برأسها من جديد وسط عملية شد الحبل المملة بين شريكي الحكم السابقين المؤتمر الوطني والحركة الشعبية؛ خاصة حول أبيي التي كانت وستظل بمشيئة الله منطقة تمازج وتعايش بين أهل السودان في الشمال والجنوب. *نبهنا أكثر من مرة من مخاطر استمرار سياسة العناد والإستبداد التي دفعت بأهل الجنوب- أو إن شئنا الدقة- أهل الحركة الشعبية لإختيار الانفصال؛ لأن السودان الباقي مازال مهدداً بالتشظي جهوياً ما لم يتم الاتفاق السياسي القومي الذي للأسف لا يمكن تحققه مع عودة نهج الإنقاذ القديم الرافض للآخر. *لذلك ظهرت أصوات عاقلة تنادي بتأجيل الحوار حول الدستور الآن وتكثيف الجهود نحو معالجة القضايا القائمة في دارفور وجنوب كردفان والنيل الأزرق ومناطق أخري لم يستقر الحال فيها، ظهرت هذه الأصوات في اللقاء الذي ابتدرته أمانة الإعلام والفكر والثقافة بالمؤتمر الوطني تحت شعار "فليكن الحوار ديدننا". *ونضيف بكل الصدق أن الحوار للأسف يسير في ذات إتجاه الحوارات القديمة التي إستنها أهل الإنقاذ منذ السنوات الأولى لحكمهم حيث يتم الاستماع لكل ما يطرح للتنفيس وإخراج الهواء الساخن فقط ولتمرير ما هو معد سلفاً دون الاسترشاد بآراء الذين دعوا للحوار معهم. *حذرنا مراراً وتكراراً من اللعبة السياسية المملة بين المؤتمر الوطني والحركة الشعبية وذكرناهما اكثر من مرة إن قضايا الوطن ليست حكراً لهما دون بقية أهل السودان ولكنهما ظلا يصران على هذه النهج، وها هي المسرحية التراجيدية تجري أمام أهل السودان كافة حول أبيي, كل حزب يريد أن تكون له الغلبة حتى وإن أدي الأمر للعودة للحرب من جديد. *إن مستقبل أبيي تماماً مثل مستقبل السودان الباقي ليس شأناً يخص المؤتمر الوطني ولا الحركة الشعبية وحدهما؛ وعلى العقلاء في الحزبين محاصرة تداعيات هذا السباق المحموم نحو السلطة عبر انتخابات مشكوك في أمرها مسبقاً ولابد من الاستماع لأصوات العقلاء من أهل السودان الذين طالبوا بتأجيل الانتخابات وعدم كلفتتها لصالح الحركة الشعبية أو المؤتمر الوطني وإعطاء الفرصة لأهل أبيي من المسيرية والدينكا للإتفاق على مستقبل بلادهم بالتراضي الوطني الذي يعزز التعايش القديم بينهما بعيداً عن أجندة الحزبين المتشاكسين. *إن السلام الذي تحقق بكل السوءات والتداعيات السالبة جراء تعنت شريكي الاتفاقية يستحق الاجماع على ضرورة استدامته وإستكماله في كل ربوع السودان على هدي اتفاقية نيفاشا وكل الاتفاقات الأخرى التي فتحت الطريق أمام التداول السلمي للسلطة ديمقراطياً وليس من مصلحة أي طرف خاصة المؤتمر الوطني تأجيج نيران الفتنة ودق طبول الحرب من جديد.