*تداعيات الاستفتاء على المواطنين في شمال السودان وجنوبه فتحت عش الدبابير وطرحت بعض الاسئلة الأصعب التي لابد من التراضي على حسمها لتأمين السلام واستدامته وإستكماله في كل ربوع البلاد وخاصة في دارفور.*من المعضلات الإنسانية الصعبة التي أثيرت عبر التصريحات السياسية المفخخة الحديث عن الجنسية والمواطنة وبهذه المناسبة نحيي الحكماء والعقلاء السياسيين والبرلمانيين الذين يحاولون محاصرة ثقافة كراهية الآخر ومحاولة إقصائه بقوة الأمر الواقع دون اعتبار للدستور ولا القانون وحتى قبل أن يجري الاستفتاء ولا تعرف نتيجته.*نعلم أن الصراع حول الهوية قديم أسهم فيه الاستعمار البريطاني وسياسة المناطق المقفولة بقدر معلوم ولكن الحكومات الوطنية في مختلف العهود قصرت في واجبها تجاه مواطنيها في كل ربوع البلاد وإن كان الوضع في الجنوب أكثر تخلفاً.*لكن للأسف فان السياسات التي انتهجتها الإنقاذ في سنواتها الأولى عمقت الهوة الموجودة أصلاً إبان سنوات الحرب قبل توقيع اتفاقية السلام التي أوقفت نزيف الحرب وكان من الممكن أن تكون أساساً لسودان جامع كما كان لكن للاسف استمر التشاكس بين الشريكين وتراجع الاهتمام بما يجمع بين أبناء الأمة وغلب نهج التمكين للمؤتمر الوطني في الشمال والحركة الشعبية في الجنوب وعرقلت مساعي التحول الديمقراطي والتعايش الاجتماعي السلمي بين مختلف مكونات الأمة.*مسألة الهوية والمواطنة فرضت نفسها من جديد مع قرب قيام عملية الاستفتاء حول تقرير المصير، وأتضح أنه ليس من السهولة الفصل بين أبناء السودان لا في الشمال ولا في الجنوب وهناك مصالح مشتركة باتت مهددة كلها في (هوجة) الاستفتاء.*لذلك تأكدت الحاجة إلى الاتفاق السياسي بعيداً عن الشحن العاطفي السلبي، ليس فقط لحلحلة المشاكل الإنسانية والاقتصادية والأمنية المتوقعة وإنما لتأمين السلام الذي دفع فيه أبناء السودان ثمناً غالياً وليس من حق أي طرف من الشريكين في الحكم أو أي أطراف متهورة أخرى تكبيد المواطنين كلفة نزاعات دموية جديدة.*نحن لا نتحدث عن الاستفتاء أو عن قيامه في موعده أو تأجيله فهذا ليس في أيدينا ولكن المهم هو اعلاء صوت الحكمة وتعزيز الروابط القائمة أصلاً بين السودانيين جميعاً بدلاً من تأجيج العصبيات القبلية المسيسة والمسلحة بافتعال معارك وهمية حول الهوية السودانية الجامعة.