هل يتحول المؤتمر الموطني إلى منبر السلام العادل وووو بقلم : محمد المعتصم العباس مرت الحركة الإسلامية الحاكمة في السودان بكثير من المراحل والتطورات في تاريخها ، إلا إن أهم سمه تميزها مقدرتها على تغيير جلدها مثل الثعبان ، بداءت بالإخوان المسلمين حدث بها إنشقاق تكونت على إثره جبهة الميثاق الإسلامي فالجبهة الإسلامية القومية ، فحدث التباين فتكون المؤتمران الوطني والشعبي . وفي أخر تجلي لإنتهازية هذه الحركة هل يتحول المؤتمر الوطني إلى منبر السلام العادل ؟؟!! قبل المفاصلة بوقت ليس بالقصير تم إنشأ المؤتمر الوطني الذي إريد له أن يكون وعاء جامع لأهل السودان كما يقول منظروه ، ولكن بمرور الوقت تكشفت الحقيقة إنه ليس سوى كيان جهوي هدف للإستيلاء على السلطة والثروة ، وتم أكل صانع هذا الإجسام الترابي في مأدبة الرابع من رمضان الشهيرة ، تباري الكثيرون في الدعاية لأنفسهم وإبراز أدوار متوهمة لا توجد سوى في أذهانهم ، ولحاجة الجهويون الجدد لجمع الناس حولهم تم إستقطاب الكثيرين ، وترك الحبل على القارب يمرحون في الأموال العامة نهباً صراح تارة ، ومنح الإمتيازات تحت شعار الوفاء لأهل العطاء ، فتضخمت الثرواة وتعالت المباني الإسمنتية الشاهقة ، ، وتحول السودان بعد 1999م إلى دولة تسعي جاهدة لتقليد دول الخليج العربي ، وكلما تصاعد البنيان نحو السماء كلما إنحطت القيم والأخلاق ، حتى تحول المجتمع إلى مسخ مشوه يسعى لسد رمقه وشهواته فقط . بمرور الوقت أخذ في الظهور للعيان تيارا المؤتمر الوطني للعيان ، تياران متناقضان يطفو صراعهما نحو السلطة والمال في أحيان ويظل أكثرها في الخفاء ، كل منهما يعمل بكل ما أوتي من قوة وجهد لتوطيد أركان سلطته ونفوذه . ظهر أن الكيان الجامع ماهو إلا عصابة لا تتجاوز أصابع اليد والواحدة تدير مقاليد الأمور ، هي الأمر الناهي وما تبقى ليسوا سوى كومبارس في هذه الجوقة الكبيرة ، ولكن ماذا يضيرهم طالما أن طرق النهب والسلب لا يوجد ما يحول بينهم وبينها ، فاصبحت السرقة جهارا نهارا ، بل تفننوا في تسمياتها . نعود إلى التياران الجهويين الذين برزا إلى حيز الوجود فصراعاتهم المستترة والتي ظهرة للعامة ، يقود التيار الأول دعاة الجعلية العباسية مجذوب الخليفة ( الوالي ذو المكنة الرئاسية ) وبعد مقتله الغامض ، قاد هذا التيار نافع علي نافع ، أما التيار الآخر كما هو معلوم يقوده علي عثمان محمد طه والذي يجيد العمل خلف الكواليس ، فكان لا بد من وجود قائد مصادم فتقدم صلاح عبد الله قوش ، الذي أصيب بالغرور البالغ بعد تدمير الجيش السوداني على حسب برنامج حركتهم ، ودانت السطوة المطلقة للأجهزة الأمنية التي تغولت على كل شئ في إدارة الدولة . ظل موقف الرئيس البشير طيلة الفترة الماضية غير واضح كان يشبه المتفرج على هذه الصراعات ، لا يتدخل كثيراً فموقفه غير معلوم للكثيرين ، فقد إستمرأ ذلك دور ، حتى عندما يتحدث أو يصدر قرارا تجد الصغار من المقربيين لأحد التيارات يخرقونه دون أن يطرف لهم رمش . كان الرئيس عادةَ لا يعلم بما يجري فهو محاطة بدائرة ضيقة ويمنع الجميع عنه ، وهذا الامر الذي يدفع الرئيس للإبقاء المستمر على عبد الرحيم محمد حسين بالرغم من إخفاقه المستمر والمتواصل إلا إنه يمثل عين الرئيس لما يدبر له ، فقد نقل عبد الرحيم ولائه ونشاطاته السابقة بعد المفاصلة وسخرها لخدمة الرئيس بدلا عن الترابي . تم إعفاء غازي صلاح الدين مستشار رئيس الجمهورية لشئون السلام من قيادة الوفد المفاوض للحركة الشعبية عام 2003م وتولى الأمر النائب الأول آنذال علي عثمان الملف وأبدى مرونة منقطعة النظير حتى ختم التفاوض بتوقيع إتفاق نيفاشا مما قاد إلى تقسيم السودان .إنتقل علي عثمان سريعا إلى دارفور لإستبدال مجذوب الخليفة للوصول لتسوية مع ثوار دارفور ، ذهب إلى أبوجا وعاد منها إلى الخرطوم سريعا للتشاور ويعود بعدها لتوقيع الإتفاق ، ولكن تمت إعادته من المطار ومنع من العودة إلى أبوجا وذهب بعدها مغاضباً في رحلته إلى تركيا الشهيرة ، وقد وصل به الأمر لإعطاء طاقم مكتبه إجازة مفتوحة حينها . كانت هذه الحادثة بداية ظهور الصراعات المستترة إلى العلن ، وبلغت قمتها في هذه الأيام عقب الإستفتاء الذي كان يبشر الجميع بأن نتيجته هي الوحدة وهذا أمر لا جدال فيه ، حتى أنه أهدر 600.000 مليون دولار من أجل الوحدة بإقامة مشاريع للبنية التحتية تولت شركاته دور المتعاقد الرئيس فيها ودانفوديو وغيرها متعاقدين فرعيين . دفاع نائب الرئيس المستميت عن صناعة يديه ، التي لم تغني عنه الغضبة الجعلية فينزوي فترات طويلة وعندما يعود على إستحياء في إفتتاح مشروع أو تكريم رمز ما . ولكن يستمر الصراع بين الطرفين ( الجعليين والشايقية ) سجالاً بعضه على السطح وأغلبه ضربا تحت الأحزمة . ولكن الثورات التي تجتاح المنطقة العربية جعلت كل يتحسس مقعده ويشهر أسلحته ليتغدى بالآخرين قبل أن يتعشى به . أطلق تيار على عثمان و صلاح بالونة الإختبار ( بإمكانية التنازل عن الشريعة مقابل وحدة الصف الوطني ) ، إن اللواء حسب الله الأمين العام لمستشارية الأمن لم يكن يتحدث ببنات أفكاره ، بل هي خطوة أريد لما بعدها ، ويكفي تأكيدا على ذلك مقاله الذي نشر بالصحف اليومية . إلتقط تيار الجعلية العباسية القفاز سريعا وأطلقت كلاب الصيد المتمثلة في منبر السلام العادل وأجهزته الإعلامية والمؤسسات الدينية مثل هيئة علماء المسلمين وغيرها ، في حملة شرسة مزقت اللواء حسب الله والمستشارية شر تمزيق ، فتم تنفيذ المرحلة المرحلة الأولى بنجاح منقطع النظير فتمت إقالة اللواء حسب الله أثناء إستجوابه في البرلمان ، فصدر القرار الجمهورية بإقالته وكان الجميع آخر من يعلم . إنتقلت خطة الهجوم بإستهداف قائد التيار الشايقي صلاح عبد الله قوش فشنت حملة عشواء عليه ، ونعود بالذاكرة إلى مقالات الطيب مصطفي الجعلى العباسي عندما كتب بيني وبين علي عثمان محمد طه وصلاح قوش ، والتي إتهم فيها الآخير بالعملة للأمريكان ، عندما تم تجهيز ميدان المعركة تماماً تمت قيادة صلاح قوش إليه عن جهل منه أو سذاجة وغرور مطبق ، وقع في الفخ الذي نسج على مهل ، فيبدو أن نافع والطيب مصطفي لا يتمتعان بعوارة الجعليين التي أشتهروا بها ، فهل خالطهما عرق آخر إكتسبا منه هذه الصفات وهما لا يدريان ؟ . عند النظر إلى مختلف أجزاء الصورة وتجميع تلك القطع المبعثرة وربطها معا تظهر الحقائف جلية لا لبس فيها أو غموض . إن الطريقة التي تم بها إقالة صلاح قوش تعود بنا إلى قرارات الساعة الثالثة التي كان يصدرها نميري لإقالة الوزراء ، هذا القرار وتوقيته ومكان إصداره والمناسبة تكشف بأن ما أصدره الرئيس ليس وليد الصدفة بل هو عمل ونشاط متكامل ينفذ حسب توقيت دقيق ومراحل منتظمة لا خلل فيها . إن الرسالة وجهت إلى مجموعات عديدة إلا إن أهم تلك الجهات هي التيار الثاني تيار علي عثمان ، إنتخابات جبال النوبة وأبيي هما آخر ما تبقي من نيفاشا وهما ما يمكن أن يعصف بكل شئ ، فهذه هي بضاعتك يا علي عثمان والدور ( جاي عليك ) ، إن الرئيس قد حسم موقفه وتمايزت الصفوف وعلم كل من التيارين موقع خندقه وجنده ، معروف إن المشهد السياسي السوداني ما هي مفاصله وعناصره الداخلية ( الجنوب ، جبال النوبة ، دارفور ، الأوضاع الإقتصادية السيئة التي سوف تدفع بإتجاه الثورة ) ولكن نهاياته مجهولة ؟!