حينما وقف رئيس الوزراء الاسرائيلي أمام الاجتماع المشترك لمجلسيّ الشيوخ والنواب الأمريكيين بتاريخ 24/5/2011 وكرر شروطه التعسفية المسبقة لتحقيق سلام الشرق الأوسط والتي مفادها لا لعودة إسرائيل لحدود 1967، لا لتقسيم القدس، لا لدولة فلسطينية كاملة السيادة، لا لعودة اللاجئين الفلسطينيين، لا لوقف الاستيطان ولا للمصالحة الفلسطينية ، قوبلت كل لا من لاءاته بوابل من الوقفات الطويلة والتصفيقات الحارة من قبل الشيوخ والنواب الأمريكيين وحينما اعترضت عليه إحدى الأمريكيات الشجاعات ، والتي تمثل وجهة نظر قطاع كبير من الشعب الأمريكي، تم إلقاء القبض عليها وإخراجها من القاعة بتهمة تعكير صفو مهرجان عكاظ الإسرائيلي الأمريكي ، وعندما طالب نتنياهو الفلسطينيين بالاعتراف بيهودية دولة إسرائيل ، أعلن الشيوخ والنواب الأمريكيين، الذين يقوم نظامهم السياسي على فصل الدين من الدولة، عن تأييدهم ليهوديات نتنياهو بأطول وقفات وأحر تصفيقات ومن ثم انتهت مسرحية لاءات نتنياهو وكرنفال الوقفات والتصفيقات الرسمية الأمريكية المؤيدة لاسرائيل دون أي قيد أو شرط! من المؤكد أن طقوس الوقفات المطولة والتصفيقات الحارة من قبل الرسميين الأمريكيين للتعنت الرسمي الاسرائيلي هي تعبير رمزي صغير للتحالف العقائدي والسياسي الاستراتيجي الكبير القائم منذ عقود بين إسرائيل وأمريكا وهي لا تشكل أي مفاجئة سياسية لأنها تأكيد لمواقف رسمية أمريكية سابقة تصب كلها في خانة الانحياز السافر لاسرائيل على حساب الحقوق الفلسطينية والعربية المؤيدة بقرارات الشرعية الدولية ولا تتردد أبداً في استخدام الفيتو الأمريكي لعرقلة تنفيذ أي قرار من قرارات الشرعية الدولية القابعة منذ أجيال في ادراج مجلس الأمن ومخازن الأممالمتحدة! إن الرد العربي الحاسم على لاءات نتنياهو المسبقة يجب أن يتم بشكل رسمي عبر عقد اجتماع عاجل لمجلس الجامعة العربية على مستوى وزراء الخارجية العرب لمناقشة التحرك العربى والذي يجب أن يتمثل في تأكيد موقفين الأول هو رفض التفاوض على أساس لاءات نتنياهو المدعومة أمريكياً لأن فرض الشروط واللاءات المسبقة يتعارض مع مفهوم عملية التفاوض نفسها ، والثاني هو تعزيز المصالحة الفلسطينية والتحضير بقوة للذهاب إلى الأممالمتحدة في سبتمبر المقبل لنيل العضوية الكاملة لدولة فلسطين بعاصمتها القدسالشرقية على حدود عام 1967، تلك الدولة التي ينتظرها الجميع والتي تم إعلانها من قبل واعترفت بها العشرات من دول العالم المؤيدة لقرارات الشرعية الدولية باعتبارها الحل العملي الوحيد لأعقد قضية سياسية في العصر الحديث، ويجب أن يفهم الجميع أن السلام العادل والدائم مع الفلسطينيين والعرب لن يقوم على تكرم الاحتلال الاسرائيلي بفتات من الاراضي التي احتلها بدون وجه حق ولن يؤسس على تنازلات نتنياهو التي سماها بالتنازلات المؤلمة وهي مؤلمة حقاً لأنها تجرح كرامة كل العرب والمسلمين وإنما يُمكن تحقيقه فقط على أساس حل الدولتين القائم على مقررات الشرعية الدولية وفي الختام يجب التأكيد الرسمي على الاجماع العربي والاسلامي والذي مفاده أنه من المستحيل الاعتراف بيهودية دولة إسرائيل في الوقت الذي تصر فيه على احتلال المسجد الأقصى الذي يمثل ثالث أكبر المقدسات الاسلامية في نظر سائر العرب والمسلمين فالديمقراطية الدينية بالمفهوم الغربي نفسه لا تقبل باستعلاء دين على دين بأي حال من الأحوال! فيصل علي سليمان الدابي/المحامي