تقرير. حسن بركية التطورات المتلاحقة والمتصاعدة بمتوالية هندسية في الساحة السياسية السودانية وجملة المخاطر التي تحيط بالوطن تفتتح الباب أمام كل السيناريوهات ومع إقتراب موعد إعلان دولة الجنوب لاتزال هناك الكثير من القضايا العالقة وتشتعل الخلافات حول تصفية تركة الدولة القديمة بين الشمال والجنوب-وتذهب أمنيات وقراءات عدد كبير من قيادات الوطني حول مستقبل دولة الشمال المتجانس دينيا وثقافيا أدراج الرياح لتطل الخلافات والصراعات داخل الجسد الشمالي حتي أن قام البعض بنحر الذبائح إبتهاجا بدولة النقاء الديني والثقافي. رغم الخلافات البادية علي السطح بين كثير من القوي السياسية التقليدية والمؤتمر الوطني في الشمال هناك مشتركات كثيرة تجمع بينهما وأهمها شعارات الحكم التي تستند علي مرجعية دينية(الجمهورية الاسلامية والصحوةالاسلامية والشريعة الاسلامية). ، رغم حالة السيولة السياسية التي تفرض نفسها علي المشهد السياسي تبدوا هنالك ومن علي البعد ملامح تكتلات وتحالفات أولية تطل بوجهها علي الملعب السياسي وتدفع نحو إصطفاف جديد تحت لافتات تبدو جديدة وإن كانت غيرذلك! (1) . الفريق الأول يضم المؤتمر الوطني وحزب الأمة والإتحادي الديمقراطي وربما ينضم الشعبي قريبا، يحاول أفراد هذا الفريق التحرك في مساحة المشتركات التي تجمع بينهم ( التوجه الإسلامي بمسمياته المختلفة ) والإتفاق علي برنامج الحد الأدني وكان الأمين السياسي لحزب المؤتمر الوطني محمد مندور المهدي قد أوضح بعض ملامح التحالف القادم وقال في تصريحات صحفية :الأحزاب التقليدية تتسق أفكارها مع فكرة المؤتمر الوطني في قضية الشريعة وليس هناك خلاف بيننا وبين الإتحاديين والأمة في التوجه الإسلامي ولذلك هي أيضاً مستهدفة مثل المؤتمر الوطني. (2) في مقابل الفريق الأول الذي ربما تشكل بصورة نهائية قريبا هناك فريق يضم أحزاب اليسار وحركات الهامش والحركة الشعبية قطاع الشمال وبعض القطاعات التي تقف ضد تيارات الاسلام السياسي أو توظيف الدين لخدمة أجندة سياسية وخاصة أن تجربة حكم الانقاذ تحت شعارات الشريعة الاسلامية والافرازات السلبية لتلك التجربة جعلت قطاعات كبيرة من المجتمع السوداني تقف ضد تلك الشعارات‘. يقول القيادي البعثي محمد ضياءالدين تحالف قوي الاجماع الوطني يضم الأحزاب التقليدية واليسار ولكن في ظل عدم مصداقية بعض الأحزاب تظل كل الإحتمالات مفتوحة وخاصة أن عضوية بعض الأحزاب التقليدية رغم إنضوائها تحت لافتة التحالف تلتقي سراً وعلانية مع المؤتمر الوطني. ويمضي محمد علي المحسي رئيس الحزب الوطني الديموقراطي و القيادي السابق بالحزب الشيوعي في ذات الاتجاه ويقول: لن نتحالف مع أحزاب فقدت فرصتها في المستقبل نحن نختلف معهم في الفكر والتوجه الإقتصادي هم مع الخصخصة والسوق الحر ونحن مع العدالة الإجتماعية والتوجه الإشتراكي. (3) وتعزز الكثير من الشواهد والتصريحات رغبة بعض قيادات الوطني والأحزاب التقليدية في بناء تحالف سياسي تحت مظلة التقارب الفكري والتوجه السياسي تحت مسميات تلعو وتهبط في حدة التعبير حسب الطقس السياسي وتظلل اللافتة بعبارات (أهل القبلة) عند بعض الجماعات التي تري أن السودان الشمالي بعد إنفصال الجنوب أصبح دولة (عرواسلامية) كاملة الدسم لامجال فيها لليسار وغيره!وتثير شعارات تطبيق الشريعة بصورة كاملة وشاملة بعد انفصال الجنوب مخاوف العديد من الجهات دا خل الشمال السوداني ويري عدد من المراقبيين أن التصريحات المنسوبة إلي قيادات المؤتمرالوطني والتي تهدد بتحول كامل في توجهات الدولة الشمالية(الجمهورية الثانية) تؤشر لمرحلة قادمة من الصراع في الشمال بين مكوناته المختلفة.وكان الخبير البريطاني ألان غولتي ممثل بريطانيا الخاص السابق لدي السودان قد ذكر في حوار صحافي أن الانفصال قد يشجع المؤتمر الوطني علي تطبيق الشريعة الاسلامية بصورة قد تحدث مشاكل وقال(ربما يشجع التغيير الذي حدث بانفصال الجنوب الحكومة في الخرطوم علي فرض نظام اسلامي ترفضه أقلية من سكان الدولة الجديدة في الشمال وبالتالي يزرع بذور الصراع في المستقبل). (4) وظلت الحوارات المتصلة بين المؤتمر الوطني وحزبي الأمة والاتحادي تؤشر لجهة إمكانية بروز كيان جديد وكان الامام الصادق المهدي قد أشار للتقارب بين الأحزاب الثلاثة في لقاء مع الصحفيين البرلمانيين بمنزله وقال(نحن والحزب الاتحادي الديمقراطي الأصل بزعامة السيد محمد عثمان الميرغني الأقرب إلى المؤتمر الوطني الآن، بخلاف الشعبي الذي قال تعد المسافة بينه والوطني كبيرة). ولكن المسافة بين لشعبي والوطني ليست دائما بعيدة رغم مرارات الماضي وكان القيادي السابق بالمؤتمر الشعبي والحالي بالوطني الحاج أدم يوسف قد أشار لإمكانية إحداث تقارب بين الوطني وأحزاب الامة والاتحادي والشعبي عندما قال في الندوة الشهيرة بالدويم ‘‘أنا علي إستعداده للعب دور الوسيط بين الوطني والشعبي للإندماج من جديد وإعادة الحركة الاسلامية لعهودها الأولى قبل مفاصلة رمضان الشهيرة نهاية التسعينيات ‘‘ (5) الإصطفاف تحت لافتة الدولة الدينية سوف يفرز تحالف مضاد ومختلف لقوي سياسية وحركات ترفع شعارات الدولة المدنية وإبعاد الدين من المعترك السياسي وإعادة هيكلة الحكم في الشمال بعد انفصال الجنوب ويمكن قراءة التقارب بين بعض الحركات الدارفورية(عبد الواحد ومني) وتصريحات قادة الحركة الشعبية – قطاع الشمال الرافضة لشعارات الجمهورية الثانية وإلغاء التعدد الثقافي والديني في الشمال بمجرد انفصال الجنو عنوان الفرز الجديد والمضاد لمخرجات تحالف أحزاب المرجعية الاسلامية!!