من الملفت للانتباه الغياب الاعلامي في حرب جنوب كردفان خاصة المرئي والمسموع من محطات تلفزيونية عالمية مثل الجزيرة والبي بي سي وسي ان ان وغيرة. بالمقابل هناك كثافة للاعلام الرسمي الحكومي والذي يمثل وجهة نظر الحكومة وهو في الغالب مضلل للراي العام المحلي والعالمي عما يحدث على الارض. في الوقت الذي تعلن فيه الحكومة على لسان احمد هارون المطلوب دولياً بان جنوب كردفان امنة الا من بعض المناطق وتشمل كادوقلي, لايسمح للاعلام حتى الرسمي بالتجول في تلك المناطق الامنة وهو موقف يستدعى الوقوف من قبل المجتمع الدولي والذي اصبح يكيل بمكيالين واكثر في القضايا الراهنة واكبر دليل هذا الاعلام المسخر لما يعرفوا بالثوار في ليبيا مقابل تعتيم عما يحدث في جنوب كردفان. قد نجد العذر لقناة الجزيرة المنحازة لصالح المشروع العروبي وبالتالي تنفق قطر المال الكثير من اجل الثورات العربية واسقاط الانظمة الدكتاورية (فيما السودان طبعا) فهي منحازة لصالح الحكومة السودانية على حساب قضايا الوطن ومنهم قضية دارفور. وهاهي ايضا تتعامل على استحياء مع المقاومة في جنوب كردفان والقصف الجويي الذي يستهدف المدنيين واسقاط الطائرات وزراعة الالغام. فعندما اهين وطرد طاقم الجزيرة في طريقه من الدلنج الى كادوقلي, لم تقل القناة شئ يعبر عن استنكار واستياء من منعهم عن تغطية الاحداث بل طلبت من الطاقم العودة الى مدينة الابيض (على بعد 150 كيلومتر) وتغطية الاحداث من هناك. ولا نستبعد تقديمهم الاعتذار الى الحكومة السودان من محاولة الوصول الى كادوقلي وفضحهم امام العالم!! في حين اقامت الدنيا ولم تقعدها فيما تعرض له تاقمها الاعلامي على ايدي كتائب القذافي. فما الفرق بين كتائب القذافي وكتائب البشير يا امير قطر؟لا فرق بينكم وبين الرجل الذي ينظر لخيانته لزوجته فحولة وخيانتها له شرمطة!! هذه هي العقلية العربية والقطرية على وجه التحديد وتحسبون انكم تحسنون صنعا للعرب والاسلام كلا. واصبحت القناة مملة بسبب الاخبار الهزيلة والبايخة عما سموه الثورة في ليبيا. الاعلام الغربي لا يقل ضحالة عن الاعلام العربي لانه ايضا محكوم بمصالح الدول الغربية واطماعها الاستراتيجية وليس البحث عن الحقيقة. وتباً لؤلئك الذين ينظرون للاشياء من منظور المصلحة وليس الحقيقة. ففي العراق هرول الامريكان وازيالهم ومن قبلهم الاعلام المرئي والمسموع من اجل نجدة العالم من كارثة ساحقة جراء اسلحة الدمار الشامل التي يمتلكها العراق. وفي النهاية اكتشف العالم الكذبة الكبرى بعدم وجود اسلحة دمار شامل بل الهدف هو النفط ولا شي غير النفط. بحساب بسيط من مات من جراء الاحتلال الامريكي للعراق وما بعده اكثر ممن ماتوا علي ايدي صدام. وها نحن ندخل نفس الفيلم الامريكي في ليبيا ولكن بممثلين اوربيين وكومبارس عربي هذه المرة بذريعة ثورة مسلحة من الشعب الليبي. وماذا عن الثورة المسلحة في جبال النوبة وجنوب كردفان وما الفرق بين ثورة عربي ليبي ابيض وسوداني افريقي اسود؟ الا بالمصلحة هناك نفط يضخ دولارات تغطي تكلفة القصف الجوي لحلف الناتو اما في جنوب كردفان فربما التعاون السوداني مع الامريكان اكثر فائدة من مساندة النوبة الذين لا يملكون قوت يومهم. هذه ببساطة معادلة الاعلام الغربي والعربي وما يقال عن حرية الاعلام محددة بمصالح تلك الدول. كما هو الحال في السودان الحرية في حدود ما يسمح به النظام ولا يمس سيادته ويزعزع استقراره. اذن نحن امام خيارات صعبة تتوقف على مدى صلابة موقف المقاومة واعتمادها على الذات كما كان يفعل الراحل د جون قرنق. وعلينا القيام بمهام الاعلام وتمليك الحقائق للمواطن بيت بيت, حِلّة حِلّة, وقرية قرية, مدينة مدينة.