مرتزقة أجانب يرجح أنهم من دولة كولومبيا يقاتلون إلى جانب المليشيا المملوكة لأسرة دقلو الإرهابية    بعثة منتخبنا تشيد بالأشقاء الجزائرين    منتخبنا المدرسي في مواجهة نظيره اليوغندي من أجل البرونزية    إتحاد الكرة يحتفل بختام الموسم الرياضي بالقضارف    دقلو أبو بريص    هل محمد خير جدل التعين واحقاد الطامعين!!    كامل إدريس يلتقي الناظر ترك ويدعو القيادات الأهلية بشرق السودان للمساهمة في الاستشفاء الوطني    أكثر من 80 "مرتزقا" كولومبيا قاتلوا مع مليشيا الدعم السريع خلال هجومها على الفاشر    شاهد بالفيديو.. بلة جابر: (ضحيتي بنفسي في ود مدني وتعرضت للإنذار من أجل المحترف الضجة وارغو والرئيس جمال الوالي)    حملة في السودان على تجار العملة    اتحاد جدة يحسم قضية التعاقد مع فينيسيوس    إيه الدنيا غير لمّة ناس في خير .. أو ساعة حُزُن ..!    إعلان خارطة الموسم الرياضي في السودان    غنوا للصحافة… وانصتوا لندائها    ترتيبات في السودان بشأن خطوة تّجاه جوبا    توضيح من نادي المريخ    حرام شرعًا.. حملة ضد جبّادات الكهرباء في كسلا    تحديث جديد من أبل لهواتف iPhone يتضمن 29 إصلاحاً أمنياً    شاهد بالفيديو.. بأزياء مثيرة وعلى أنغام "ولا يا ولا".. الفنانة عشة الجبل تظهر حافية القدمين في "كليب" جديد من شاطئ البحر وساخرون: (جواهر برو ماكس)    امرأة على رأس قيادة بنك الخرطوم..!!    ميسي يستعد لحسم مستقبله مع إنتر ميامي    تقرير يكشف كواليس انهيار الرباعية وفشل اجتماع "إنقاذ" السودان؟    محمد عبدالقادر يكتب: بالتفصيل.. أسرار طريقة اختيار وزراء "حكومة الأمل"..    وحدة الانقاذ البري بالدفاع المدني تنجح في إنتشال طفل حديث الولادة من داخل مرحاض في بالإسكان الثورة 75 بولاية الخرطوم    "تشات جي بي تي" يتلاعب بالبشر .. اجتاز اختبار "أنا لست روبوتا" بنجاح !    "الحبيبة الافتراضية".. دراسة تكشف مخاطر اعتماد المراهقين على الذكاء الاصطناعي    الخرطوم تحت رحمة السلاح.. فوضى أمنية تهدد حياة المدنيين    المصرف المركزي في الإمارات يلغي ترخيص "النهدي للصرافة"    أول أزمة بين ريال مدريد ورابطة الدوري الإسباني    أنقذ المئات.. تفاصيل "الوفاة البطولية" لضحية حفل محمد رمضان    بزشكيان يحذِّر من أزمة مياه وشيكة في إيران    لجنة أمن ولاية الخرطوم تقرر حصر وتصنيف المضبوطات تمهيداً لإعادتها لأصحابها    انتظام النوم أهم من عدد ساعاته.. دراسة تكشف المخاطر    مصانع أدوية تبدأ العمل في الخرطوم    خبر صادم في أمدرمان    اقتسام السلطة واحتساب الشعب    شاهد بالصورة والفيديو.. ماذا قالت السلطانة هدى عربي عن "الدولة"؟    شاهد بالصورة والفيديو.. الفنان والممثل أحمد الجقر "يعوس" القراصة ويجهز "الملوحة" ببورتسودان وساخرون: (موهبة جديدة تضاف لقائمة مواهبك الغير موجودة)    شاهد بالفيديو.. منها صور زواجه وأخرى مع رئيس أركان الجيش.. العثور على إلبوم صور تذكارية لقائد الدعم السريع "حميدتي" داخل منزله بالخرطوم    إلى بُرمة المهدية ودقلو التيجانية وابراهيم الختمية    رحيل "رجل الظلّ" في الدراما المصرية... لطفي لبيب يودّع مسرح الحياة    زيادة راس المال الاسمي لبنك امدرمان الوطني الي 50 مليار جنيه سوداني    وفاة 18 مهاجرًا وفقدان 50 بعد غرق قارب شرق ليبيا    احتجاجات لمرضى الكٌلى ببورتسودان    السيسي لترامب: ضع كل جهدك لإنهاء حرب غزة    تقرير يسلّط الضوء على تفاصيل جديدة بشأن حظر واتساب في السودان    استعانت بصورة حسناء مغربية وأدعت أنها قبطية أمدرمانية.. "منيرة مجدي" قصة فتاة سودانية خدعت نشطاء بارزين وعدد كبير من الشباب ووجدت دعم غير مسبوق ونالت شهرة واسعة    مقتل شاب ب 4 رصاصات على يد فرد من الجيش بالدويم    دقة ضوابط استخراج أو تجديد رخصة القيادة مفخرة لكل سوداني    أفريقيا ومحلها في خارطة الأمن السيبراني العالمي    الشمالية ونهر النيل أوضاع إنسانية مقلقة.. جرائم وقطوعات كهرباء وطرد نازحين    شرطة البحر الأحمر توضح ملابسات حادثة إطلاق نار أمام مستشفى عثمان دقنة ببورتسودان    السودان.. مجمّع الفقه الإسلامي ينعي"العلامة"    ترامب: "كوكاكولا" وافقت .. منذ اليوم سيصنعون مشروبهم حسب "وصفتي" !    بتوجيه من وزير الدفاع.. فريق طبي سعودي يجري عملية دقيقة لطفلة سودانية    نمط حياة يقلل من خطر الوفاة المبكرة بنسبة 40%    عَودة شريف    لماذا نستغفر 3 مرات بعد التسليم من الصلاة .. احرص عليه باستمرار    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ودمدني مدينة الأحلام ... عبق التاريخ وصدي الذكريات (8) سلسلة خواطر يكتبها صلاح الباشا


[email protected]
أقول بدءاً بأنه وفور بداية نشر هذه الحلقات عن مدينة الأحلام ودمدني ، فإن العديد من أهل ودمدني سواء في مدني أو بالعاصمة أو حتي خارج الوطن ، ظلت إتصالاتهم بنا بكافة الوسائل مستمرة ، بل كان منهم من يذكرني بمواقف وذكريات خافية عنا تزيد هذه المذكرات ألقا ورونقا ، بل وحميمية ، فشكرا لهم وفي مقدمتهم العم الباشمهندس ( آدم عبدالله ) نائب محافظ مشروع الجزيرة الأسبق وهو زوج إبنة عمنا الحاجة صفية الشقيقة الكبري للأخ وإبن العم جمال الوالي فالمهندس آدم عبدالله ظل من العلامات البارزة بمشروع الجزيرة ببركات وبمجتمع مدينة ودمدني ، فضلا علي أنه أهلاوي علي السكين ، وقد فاتته حلقتنا عن نادي الأهلي فأرسلت له رسالة من القاهرة ليحتفظ بالصحيفة وذلك بسبب أنه قد هاتفني ذات مرة حين أفضت في الحديث في هذه الذكريات عن نادي الإتحاد ليسألني أين سيد الأتيام الأهلي ؟ غير أنه أفادني عند عودتي إلي الخرطوم بأنه لم يجد ذلك العدد الذي نشر قبل إسبوعين بعدد الجمعة 29أبريل الماضي الذي يحتوي ذكرياتنا عن ماضي سيد الأتيام ، وسنعمل علي إرسال العدد له بودمدني ، وكذلك نزجي الشكر الجزيل للصديق والصحفي النبيه ( نزار ميرغني ) الذي بذل جهدا كبيرا في تجميع الصور العريقة عن مدينة الأحلام التي يتم نشرها مع هذه المذكرات وقد أعطانا الضوء الأخضر لإتاحتها لأهل السودان من خلال المذكرات هذه ، حيث كان قد رفعها بموقع ودمدني الإلكتروني الذي يشرف عليه الأخ الصديق المتوثب المهندس أبوبكر المبارك من مدينة جدة .. وكذلك نجد المتابعة والتذكير من الصديق الدكتور أمين العاقب مدير مستشفي الأكاديمية بالخرطوم وغيرهم كثر ، وقد علمنا بأن اهل ودمدني يتابعون بشدة نشر هذه الذكريات وبإهتمام شديد ، بل ظلوا يتداولون في مجالس أنسهم ومواقع عملهم العديد من الذكريات والمواقف حيث فتحت الذكريات شهيتهم لإسترجاع تقاطعات زمانهم الجميل في تلك المدينة الباهرة .. ودمدني . فشكرا لهم وبالطبع للسوداني.
نعود مرة أخري لأساتذتنا بالأهلية الوسطي (ب ) بودمدني ، حيث كان هناك الأستاذ الجليل وإبن حي (أم سويقو ) أحمد حسن مدني الذي كان يدرسنا الرياضيات والإنجليزي في السنة الرابعة أيضاً ، ثم سافر وقضي بقية عمره منذ نهاية الستينيات في مدارس الجماهيرية الليبية وتزوج من أسرة مصرية وإمتلك شقة بالقاهرة وقد قابلته في مدني في منتصف الثمانينات عندما عاد نهائياً ، لكنه رجع مرة أخري إلي الجماهيرية ، وقد سمعت أنه قد توفي مؤخراً في ليبيا في نهاية عام 2000م يرحمه الله ، وهو شقيق الأستاذ الراحل الزين حسن مدني المشرف التربوي والمعلم المشهور بالمدارس الأولية بمدني وقد كان الزين من الشخصيات الظريفة جداً بالمدينة ويسكن في منزلهم المعروف في حي أم سويقو بمحطة قباني بشارع القبة بمدني، وكنت أزورهم من وقت لآخر لوجود علاقة مصاهرة تجمع أحد أخوالي بهم وهو الراحل أحمد عبدالله التوم فقد كان متزوجا من شقيقتهم السيدة الراحلة السيدة زينب حسن مدني.
كما كان يعمل بالأهلية (أ) في تلك الفترة الأستاذ الموسيقار دهب السابق ذكره ودافوري ومحمد أبو الروس الذي كان يلعب لنادي النيل وحسن مهدي والبشير في مادة الدين وأستاذ عبدالرحيم قرشو ، وقد وجدنا الأخيرين فيما بعد في مدرسة مدني الثانوية يدرسون نفس المواد ، وكذلك الراحل اللواء شرطة لاحقا بابكر الصديق بليل والذي ترك التدريس في فترة لاحقة ليلتحق بكلية البوليس ويتخرج ضابطاً ثم يتدرج حتي يصل إلي وظيفة مدير عام الجوازات والجنسية والهجرة برئاسة وزارة الداخلية ثم تقاعد بدرجة لواء شرطة وقد توفاه الله قبل سنوات قليلة حين كان في رحلة علاج بالاردن .
ومن الشخصيات ( المهترشة) بودمدني والتي لايمكن نسيانها أبداً كان هناك رجلاً سايحاً في المدينة أي به بعض مس من التخلف أو الجنون وكان أصلعاً ، وكنا نطلق عليه لقب ( قرشو) كما كان هناك أيضاً عليش الدرويش ، وأيضاً حسين ودالبحيرية الذي كان يرتدي ملابس الرياضة بشعار نادي الإتحاد كاملة حتي الحذاء والشرابات ويمسك في فمه بالصفارة الهارمونيكا ويعزف عليها وهو يقطع شوارع السوق الكبير في منطقة شارع الجمهورية ، وكنا نجده دائماً في أستديو ( إبراهيم رشدي) المصوراتي بجوار عمارة أبو شمس في مكان ثلاجة الموز الحالية التي يمتلكها ( ود لاظ) ، وكان إبراهيم رشدي المصوراتي إتحادياً يعرض صور اللاعبين للبيع بسعر خمسة قروش للصورة مقاس بوستال ، ولذلك كنا نجد عنده في الاستديو دائماً الراحل كابتن مصطفي كرار مدرب الإتحاد وشقيقه الأكبر إبراهيم كرار الذي رحل أيضاًً والأستاذ الراحل هاشم ضيف الله الذي كان ناظراً لحنتوب الثانوية في ذلك الزمان ثم إنتقل إلي مدني الثانوية وهو رياضي مطبوع وكان يدرب الإتحاد أيضاً، أما رئيس النادي عزت أبو العلا فكنت تجده يجلس دائماً في النهار في المكتبة الوطنية التي تبيع الصحف والمجلات المصرية وتقع بناصية عمارة الديمياطي لصاحبها الراحل عيسي عبدالله والتي اصبحت الان كافتيريا سياحية لبيع الهامبورغر والعصيرات.
وكما ذكرنا من قبل كان يرأس نادي الإتحاد قبل عزت أبو العلا المرحوم أحمدإبراهيم خلوتي نائب محافظ مشروع الجزيرة الأسبق فيما بعد حتي السبعينيات من القرن الماضي وكان من الإداريين بالنادي ايضاً الزراعي الكبير ( مفتي) ، كما كان من الشخصيات الرياضية الإتحادية بالمدينة الحكم الدولي عابدين عبدالرحمن ، وبعد أن تقاعد عن التحكيم عمل أيضاً في رئاسة نادي الإتحاد ، ثم رئاسة الإتحاد المحلي لكرة بودمدني وهو شخصية إدارية صارمة وناشطة ومنضبطة في كل ما يوكل لها من مهام ، وقد كان يعمل أصلاً ضابطاً للإدارة بمشروع الجزيرة حيث كان من العلامات المضيئة في الحقل الرياضي والإجتماعي بمدني، وداخل مجتمع بركات ، وكان مصاهراً لعائلة الخانجي الشهيرة بحي القسم الأول بمدني ، ولدي العم عابدين أحد أبنائه الذي أصبح لاعب كرة متميزاً وهو (عواض ) وقد أسماه بهذا الإسم تيمناً ووفاءً لعائلة آل عواض ببركات حيث كانت لعابدين عيدالرحمن صداقة متميزة مع الحاج عبدالله عواض ببركات وهو عميد آل عواض في بركات وودمدني ، كما أن العم عابدين عبدالرحمن كان أيضاً علي علاقة متينة وحميمة مع أخي الراحل حسن الباشا حيث جمع بينهما العمل الإجتماعي والرياضي والثقافي المشترك ، فحسن الباشا كان رئيساً لنادي بركات الرياضي الإجتماعي لسنوات طويلة وكان أيضاً من الشخصيات المتميزة في العمل الإجتماعي والثقافي ، و الراحل حسن الباشا الذي توفاه الله في مايو 1997م كان في فترة من الفترات في بداية الستينيات سكرتيراً لنادي الزهرة في شارع بانت بودمدني حين كان يرأس النادي صديقه المرحوم رجل الإعمال عبدالعظيم عبدالرؤف ، وقد كانت ولازالت تربطني شخصياً علاقة زمالة وصداقة منذ الصغر وحتي الآن مع شقيق عبدالعظيم الأصغر وهو الدكتور عبدالمحسن عبدالرؤوف الأستاذ بكلية الطب بجامعة الفاشر حيث تزاملنا في مرحلتي الوسطي والثانوية بمدني وبعدها سافر هو لدراسة الطب بعين شمس بالقاهرة وكان معه في عين شمس من أبناء دفعتنا واصدقائنا – إبن جزيرة الفيل - المرحوم الدكتور كمال مهدي حسن الذي توفي في حادث مروري مروع بالسعودية بطريق الخرج في عام 1987م ( عليه الرحمة) كما درس بعين شمس في ذات الفترة من زملائنا الدكتور الرشيد عبداللطيف ،والذي كان أحد عازفي فرقة الموسيقي بمدني الثانوية علي آلة الإيقاع ويشاركه في العزف عليها الزميل الصحفي والمترجم الرشيد حميدة بالسعودية .
اذكر أن هنالك طالباً كان معنا ونسبقه بسنة واحدة بالأهلية وبمدني الثانوية ، وكان منذ صغره متعلقاً بهواية تحكيم الكرة إلي أن أصبح فيما بعد حكماً كبيراً يحكم حتي مباريات الهلال والمريخ ، وهو الأخ الحكم الدولي عبدالعظيم شنكل الذي عمل لاحقا مديراً في أحد فروع بنك النيلين ، وربما كان متأثراً بهواية أخوانه الكبار في مجال التحكيم مثل الحكم الدولي بابكر شنكل وأيضاً الحكم مصطفي شنكل الذي كان يعمل فرازاً للاقطان بمحالج مارنجان . كما اذكر أن الأخ مهدي عابدين الذي زاملناه بالأهلية قد لعب في نادي الإتحاد حيث كان والده عابدين يلعب حارساً للنادي في أزمنة سابقة. ومن غرائب الأشياء أننا عندما كنا بالأهلية الوسطي وكانت تجاورنا المدرسة الأولية الغربية كنا دائماً نتفرج علي مباريات تلك المدرسة الأولية بالصباح وقد جذبتنا موهبة و طريقة لاعب محدد بها وقد كان تلميذاً صغيراً وموهوباً في لعب الكرة وكنا نتوقع له مستقبلاً باهراً وصدق حدسنا فيما بعد ، ذلك الطفل الصغير هو فيما بعد اللاعب الضخم الفاضل سانتو هداف نادي الإتحاد ثم المريخ العاصمي والمنتخب القومي في السبعينيات ثم نادي النصر في دبي حتي إعتزاله وعودته للسودان ، وقد عاصر الفاضل عمالقة المريخ مثل بشري وبشارة وكمال عبدالوهاب ومحسن العطا وجاد الله ، وتأتي الصدف فيما بعد حينما كنت طالباً بجامعة القاهرة بالخرطوم في بداية السبعينيات أن أسكن مع بعض زملائي الطلاب ( كعزابة) بببيت المال بأم درمان في عام 1970م حيث كنا نعمل بالتدريس صباحاً في مدرسة بيت المال بجوار كبري شمبات ونذهب للدراسة بالمساء حين كانت جامعة القاهرة الفرع مسائية ، والصدفة هي أننا كنا نستأجر منزلاً في بيت المال بأم درمان بالقرب من منزل كابتن بشارة عبدالنضيف نجم المريخ والمدرب حالياً بالأمارات حيث كان يسكن معهم بمنزلهم في بيت المال وقتذاك الأخ كابتن الفاضل سانتو طوال فترته بالمريخ والفريق القومي إلي أن هاجر الفاضل إلي دبي عندما قام الرئيس نميري بحل الأندية الرياضية وإستبدلها بشيء غريب يسمي الرياضة الجماهيرية، وعندما تراجع نميري من القرار بعد سنتين كان كل لاعبي السودان المتميزين قد هاجروا ( طفشوا ) إلي الخليج والسعودية وتعاقدوا مع أنديتها الكبري ، ثم عملوا في مجال التدريب فيما بعد بالخارج ، فخسرت الرياضة السودنية اعظم لاعبيها وإنتهي بذلك قانون توارث الخبرات والمهارات في بيئة الرياضة السودانية.... أما إذا عدنا إلي فترة دراستنا في مدارس الأهلية الوسطي وفي مدني الثانوية فيما بعد فهناك العديد من الطلبة الذين أصبح لهم شأناً كبيراً في كرة القدم بالأندية الكبيرة بالمدينة ثم بأندية العاصمة والفريق القومي وأذكر منهم من دفعتنا الأخ عبدالفتاح قسم الله ( الديبة) وقد رحل عن الدنيا مؤخراً والذي لعب في النادي الأهلي ثم بالهلال العاصمي وبالفريق القومي والمرحوم حارس المرمي الريح جادين الذي لعب للزهرة والنيل والهلال العاصمي وقد توفي بالأمارات في عام 1996م إثر سكتة قلبية مفاجئة ، كما أذكر صديقنا محمد حسين ودالقاضي الذي كنا نطلق عليه لقب ( أروما) وقد إشتهر فيما بعد بلقب محمد حسين كسلا بعد أن لعب موسماً واحداً في الأهلي مدني ومعه أيضاً الأخ الصديق محمد بدر عمر الذي كان طالباً أيضا بالأهلية (أ) وفي ودمدني الثانوية ، والسبب في تسمية محمد حسين بلقب كسلا هو أننا عندما إنتقلنا من السنة الثالثة بمدني الثانوية إلي السنة الرابعة تم نقل والد الأخ محمد حسين من مدني إلي مدينة كسلا حيث كان يعمل مشرفاً تربوياً علي ما أذكر ، فلعب محمد حسين في نادي رياضي كبير بكسلا لموسم واحد وقد قام الهلال بتسجيله بعد أن إنتهي من إمتحانات الشهادة في كسلا الثانوية عام 1970م وأصبح أحد اعمدة هجوم الهلال العاصمي في عصره الذهبي حيث زامل كل من علي قاقرين وعزالدين الدحيش وأيضاً جكسا في سنواته الأخيرة ، وفوزي المرضي ، وشوقي وودالكوري وعروة والريشة وزغبير وودالشواطين وغيرهم من لاعبي ذلك الزمان، ثم سافر محمد حسين إلي الإتحاد السوفيتي ودرس الطب هناك ، وقد علمت بأنه الآن يعمل طبيباً بالخليج في دولة الإمارات، فالرجل إنتمائه منذ الصغر لودمدني أكثر منه لكسلا بحكم النشأة والتربية والدراسة معاً.
كانت فترة الستينيات في ودمدني تشهد أنشطة بعض أندية الدرجة الثانية مثل نادي الزهرة التي كان يلعب له كابتن محمد عبدالصمد الذي إنتقل إلي الأهلي في منتصف الستينيات حيث كان يلعب كقلب دفاع يشار إليه بالبنان ، كما لعب في الفريق القومي السوداني كثيراً هو وبابكر سانتو ومحجوب الله جابو ودورية وجعفر نوبه وقد أصبح عبدالصمد فيما بعد مدرباً للنادي الأهلي لعشرات السنين ، وتربطنا علاقات وطيدة بعبدالصمد هذا ، وهو رجل طيب وإجتماعي وذو خلق. كما كان أيضاً هناك نادي الشاطيء الذي أتي منه سمير صالح فهمي ، وأيضاً نادي الشعلة بالدباغة ، فضلاً علي أندية الدرجة الثالثة مثل أندية المدينة والكوكب والمريخ .
وهناك شخصية لن ينساتها أهل ودمدني مطلقا وخصوصا رواد دار الرياضة في ذلك الزمان البعيد حيث كان لها حضوراً يومياً في دار الرياضة ، وهو العم محمود برميل الذي يحمل جرساً في يده ويطوف الملعب بين الشوطين ليعلن للجمهور تاريخ المباراة القادمة حيث كان يقول بصوت عالي ويضرب الجرس ( عصر الجمعة الجايه الرابطه ضد النيل - والنيل ضد الرابطة) وهكذا حتي يعرف الجمهور جدول المباريات . وكان طاقم الحكام بألإضافة لبابكر شنكل الوارد ذكره سابقاً ، كان هناك الحكم الدولي العريق وخبير الفيفا الذي توفي بالإمارات في منتصف التسعينيات وهو عبيد إبراهيم الذي كان يرأس لجنة التحكيم المركزية بالخرطوم فيما بعد ، كما كان هنالك الحكم قرضة والمرحوم صالح عيدابي الذي كان يعمل إدارياً بقسم المطافيء بمحالج مشروع الجزيرة بمارنجان ، وهو والد الموسيقار والمحاسب عوض عيدابي بالدوحة .
أما إذا عرجنا قليلاً إلي معالم المدينة في ذلك الزمان من حقبة الستينيات ، ودخلنا إلي سوق ودمدني الرئيسي الذي يطلق عليه لفظ السوق الكبير فقد كان من أهم معالمه هو سوق الخضار ( الملجة) وزنك اللحمة والذرة والدقيق بشارع إتجاه واحد المؤدي إلي شارع النيل حيث كانت الملجة تقع في الإتجاه المقابل للسينما الوطنية الحالية في مكان مساحات العمارات الحالية ذات الطابقين والتي تجد في الطابق العلوي فيها الآن مكاتب المحامين كما تجد في الدور الأرضي دكاكين الجملة المقابلة لمحلات حاج بحر عبدالرحمن ومحمد عواض وغيرهم عليهم الرحمة اجمعين. ففي الماضي لم تكن هذه العمارات موجودة ، وكانت جملونات الزنك هي الموجودة في هذه المساحات بالسوق الكبير حتي بداية عهد الرئيس النميري ، وتم بناء العمارات الجديدة بالشكل الحالي في فترة نهاية السبعينيات بعد أن تم ترحيل زنك اللحمة ومحلات الدقيق والملجة إلي الموقع الحالي في مدخل الحي السوداني بعد نهاية سور مدارس الشرقية. كما كانت توجد هناك في السوق الكبير أكشاك بيع المرطبات ومحلات بيع الأحذية في نفس الموقع المواجه لسوق الخضار القديم.... نواصل ،،،،


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.