اختار سلفاكير ميارديت، أن ينهي خطابه في خاتمة احتفالات الجنوب بجمهوريته الوليدة، بتأكيده أن الحركة لم تنس مواطني أبيي ودارفور والنيل الأزرق وجنوب كردفان، يبكي لبكائهم وينزف لنزيفهم ، قبل أن يتعهد بالعمل مع الرئيس البشير لتحقيق سلام عادل للجميع. نظرة خاطفة لخريطة الجمهورية الجديدة ، تقول إن سلفاكير لم يختر المناطق الأربعة خبط عشواء، فإن كان مفهوماً أن منطقة أبيي يتصارع عليها بعض أبناء جلدته من الدينكا مع المسيرية ولا تزال تبعيتها محل نزاع بين الشمال والجنوب وقنبلة موقوتة قابلة للانفجار في أية لحظة، فإن جبال النوبة (المتفجرة) والنيل الأزرق (المحتقنة) تربطهما بالدولة الوليدة حدود جغرافية طويلة ونضال مشترك تحت رايات الحركة الشعبية، أما دارفور وإن لم تقاسم الحركة نضالها، فهي أيضا ترتبط مع الدولة الجديدة برابطة الجوار الجغرافي بجانب صلات بعض حركاتها المسلحة المعروفة بالحركة الشعبية وبخاصة حركة تحرير السودان بزعامة عبد الواحد محمد نور. قد يكون سلفاكير قصد بخاتمة خطابه الاعتذار ومواساة مواطني جبال النوبة والنيل الأزرق، خاصة في ظل الأصوات الآخذة في الارتفاع والقائلة بتنكر الحركة الشعبية لنضال مقاتلي أبناء المنطقتين طوال سني حربها مع الحكومات الشمالية المتعاقبة التي امتدت لأكثر من 20 عاماً، وبالتالي اتخذت منهم جسراً للعبور إلى دولتها الجديدة قبل أن تقرر التخلي عنهما على أبواب منتجع نيفاشا بعد أن لاحت بوادر السلام وحانت لحظة قطف ثمار النضال.. ولا يعني ذلك بأي حال أن الحركة تخلت تماماً عنهما خاصة وأنها تدرك تماماً أن مواطني المناطق المذكورة ، يبقون دوماً ورقة مهمة في لعبة الحرب والسلام غير قابلة للطي نهائياً ، ما دامت الخرطوم تحتفظ بأوراق جنوبية قابلة للتحريك في أي وقت وفي أي اتجاه. وإن كان رئيس جمهورية جنوب السودان، لم ينس في غمرة سعادته بميلاد الدولة الجديدة، مواطني المناطق الأربع، فإنه يجب على المؤتمر الوطني، أن يتذكر في غمرة حزنه وحسرته على انشطار البلاد إن صح أنه حزين مواطني المناطق المذكورة وأن يسارع إلى مسح دموعهم، وتجفيف نزيفهم، خاصة إن ما أبكاهم ومن بعدهم سلفاكير حل بهؤلاء والمؤتمر الوطني يستفرد أو يكاد بحكم الشمال تماماً، ومن ثم يتعين عليه، المسارعة لوقف شلالات الدماء والدموع. فش (غبينة) الباكين ووقف نزيف جراحهم، لا يتأتى إلا بالتأسيس لجمهورية تتسع لكافة أبناء السودان، من خلال تحول ديمقراطي حقيقي وبسط الحريات وتوزيع عادل للثروة والسلطة وفقاً لمعيار الكثافة السكانية وقبل ذلك الإعلاء من شأن المواطنة، بدلاً من التمادي في العنتريات التي تعمق أزمات الوطن، وتزيد الباكين حنقاً والجراح تقيحاً، فيبقى آخر العلاج (البتر) من الأطراف.