بلومبيرغ: قطر تستضيف اجتماعا لبحث إنهاء الحرب بين روسيا وأوكرانيا    مخاوف من قتال دموي.. الفاشر في قلب الحرب السودانية    سوق العبيد الرقمية!    صلاح في مرمى الانتقادات بعد تراجع حظوظ ليفربول بالتتويج    أمس حبيت راسك!    راشد عبد الرحيم: وسقطت ورقة التوت    وزير سابق: 3 أهداف وراء الحرب في السودان    علماء يكشفون سبب فيضانات الإمارات وسلطنة عمان    معتصم اقرع: لو لم يوجد كيزان لاخترعوهم    (المريخاب تقتلهم الشللية والتنافر والتتطاحن!!؟؟    الصين تفرض حياة تقشف على الموظفين العموميين    وكالة الفضاء الأوروبية تنشر صورا مذهلة ل "عناكب المريخ" – شاهد    والي ولاية الخرطوم يقف على إنجاز الطوف المشترك لضبطه متعاونين مع المليشيا ومعتادي إجرام    دخول أول مركز لغسيل الكلي للخدمة بمحلية دلقو    والي ولاية الخرطوم يقف على إنجاز الطوف المشترك لضبطه متعاونين مع المليشيا ومعتادي إجرام    "منطقة حرة ورخصة ذهبية" في رأس الحكمة.. في صالح الإمارات أم مصر؟    مصادر: البرهان قد يزور مصر قريباً    شركة توزيع الكهرباء في السودان تصدر بيانا    تصريحات جديدة لمسؤول سوداني بشأن النفط    برشلونة: تشافي سيواصل تدريب الفريق بعد تراجعه عن قرار الرحيل    إيفرتون يصعق ليفربول بثنائية    لطرد التابعة والعين.. جزائريون يُعلقون تمائم التفيفرة والحلتيت    إقصاء الزعيم!    الحلم الذي لم يكتمل مع الزعيم؟!    دخول الجنّة: بالعمل أم برحمة الله؟    حدثت في فيلم كوميدي عام 2004، بايدن كتبوا له "وقفة" ليصمت فقرأها ضمن خطابه – فيديو    السودان..رصد 3″ طائرات درون" في مروي    كواسي إبياه سيعيد لكرتنا السودانيةهيبتها المفقودة،،    في أول تقسيمة رئيسية للمريخ..الأصفر يكسب الأحمر برعاية وتألق لافت لنجوم الشباب    خادم الحرمين الشريفين يدخل المستشفى    عملية عسكرية ومقتل 30 عنصرًا من"الشباب" في"غلمدغ"    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    شاهد بالصورة والفيديو.. شاب سوداني يترك عمله في عمان ويعود للسودان ليقاتل مع الجيش في معركة الكرامة.. وثق رحلته من مسقط حتى عطبرة ليصل أم درمان ويحمل السلاح ويطمئن المواطنين    شاهد بالصورة والفيديو.. "دعامي" يظهر في أحضان حسناء عربية ويطالبها بالدعاء بأن ينصر الله "الجاهزية" على "الجيش" وساخرون: (دي بتكمل قروشك يا مسكين)    شاهد بالصورة والفيديو.. إعلامية مصرية حسناء تشارك في حفل سوداني بالقاهرة وتردد مع الفنانة إيلاف عبد العزيز أغنيتها الترند "مقادير" بصوت عذب وجميل    تطعيم مليون رأس من الماشية بالنيل الأبيض    إثر انقلاب مركب مهاجرين قبالة جيبوتي .. 21 قتيلاً و23 مفقوداً    العين إلى نهائي دوري أبطال آسيا على حساب الهلال السعودي    مدير شرطة ولاية نهرالنيل يشيد بمجهودات العاملين بالهيئة السودانية للمواصفات والمقاييس    سعر الريال السعودي مقابل الجنيه السوداني من بنك الخرطوم ليوم الإثنين    صلاح السعدني ابن الريف العفيف    أفراد الدعم السريع يسرقون السيارات في مطار الخرطوم مع بداية الحرب في السودان    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    جبريل إبراهيم: لا توجد مجاعة في السودان    لمستخدمي فأرة الكمبيوتر لساعات طويلة.. انتبهوا لمتلازمة النفق الرسغي    عام الحرب في السودان: تهدمت المباني وتعززت الهوية الوطنية    مضي عام ياوطن الا يوجد صوت عقل!!!    مصدر بالصحة يكشف سبب وفاة شيرين سيف النصر: امتنعت عن الأكل في آخر أيامها    واشنطن: اطلعنا على تقارير دعم إيران للجيش السوداني    إصابة 6 في إنقلاب ملاكي على طريق أسوان الصحراوي الغربي    مفاجآت ترامب لا تنتهي، رحب به نزلاء مطعم فكافأهم بهذه الطريقة – فيديو    راشد عبد الرحيم: دين الأشاوس    مدير شرطة ولاية شمال كردفان يقدم المعايدة لمنسوبي القسم الشمالي بالابيض ويقف علي الانجاز الجنائي الكبير    الطيب عبد الماجد يكتب: عيد سعيد ..    بعد نجاحه.. هل يصبح مسلسل "الحشاشين" فيلمًا سينمائيًّا؟    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    «أطباء بلا حدود» تعلن نفاد اللقاحات من جنوب دارفور    دراسة: القهوة تقلل من عودة سرطان الأمعاء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



زوال أرض السودان.. الخطر القادم
نشر في سودانيزاونلاين يوم 24 - 03 - 2012

هل انتهت المؤامرات المحيطة بالسودان عند انفصال الجنوب؟ هل هناك فصول أخري من كتاب السودان الحزين لم تقرأ بعد؟ وهل الأطماع المحيطة بالسودان داخلية أم خارجية؟ وأخيراً هل يأتي ذلك اليوم الحزين الذي نصحو فيه ونجد السودان أثرا بعد عين؟ وكأنه لم تكن هناك دولة أصلاً اسمها السودان؟
«زوال أرض السودان.. الخطر القادم» هو أحدث مؤلفات الكاتب السوداني المقيم بالقاهرة محمد النعيم بعد كتابه السابق «تفتيت السودان»، صدر الكتاب عن دار نشر «جريدة الورد» وهو يقطع في 408 صفحات ويضم بابين كل باب يحتوي علي خمسة فصول، ويحذر الكتاب من الأخطار التي تحيط بالسودان قبل وقوعها، وكأنه صيحة إنذار لكل من يعنيهم الأمر بعد اقتطاع 28٪ من الأرض في الجنوب، للمحافظة علي باقي السودان ليس من التقسيم كما جري مع الجنوب، بل من زوال الدولة السودانية ككل من الخريطة لتصبح أثراً بعد عين.
ويكشف النعيم في كتابه أن قدر أرض السودان كتب لها أن تتناقص وتتآكل ولا ينعم أهلها بالسلام والاستقرار، فبعد انفصال جنوب السودان انفجرت حروب أهلية جديدة في الشمال الجنوبي، قد تؤدي إلي تقطيع جديد للأرض ينتهي بزوال أرض السودان، ويقدم المؤلف كتابه المهم ليقرأه الحاكم والمحكوم في السودان وخارجه، حتى لا يأتي يوم يتباكى فيه حزب المؤتمر الوطني في أعلي قمته وقاعدته، أو أن تشكو القوي السياسية وأهل السودان ندما وحسرة علي ما حل بالوطن من تآكل وتقطيع للأرض، وقتل وتدمير وتشريد للشعب.
ويحذر الكتاب من أن الأوضاع في السودان أكبر وأخطر مما نتصور ولا تحتمل التأخير والتسوية والتلاعب بعامل كسب الوقت، وهذا كله لا ينتظر الإجابة عن الأسئلة الغبية علي من يقود البلاد بعد التغيير، لان أرض السودان تتآكل وتتناقص مع فجر كل يوم جديد، والشعب علي شفا هاوية بسبب الرصاص الطائش والقصف الجوي الماحق والضائقة المعيشية الخانقة، والانحدار بسرعة الصاروخ نحو الهاوية، ولن يعود السودان إلي سابق عهده إلا بتضحيات كبيرة وعظيمة يسكب فيها الدم والعرق، وهذا يهون إن كان في القلب ذرة من حب لتراب الوطن.
ويتضمن كتاب «زوال أرض السودان» العديد من الوثائق والمستندات والخرائط والملاحق التي لا تقبل التشكيك حول حقيقة الأخطار المحدقة بأرض السودان، بعد انتهاء المرحلة الأولي بنجاح منقطع النظير في انفصال الجنوب، ويصحح الكتاب المفاهيم الخاطئة التي تروج إلي أن الحرب بين حزب المؤتمر الوطني والقوي الخارجية قد وضعت أوزارها بانفصال الجنوب، والحقيقة أن أعداء السودان يدبرون كل يوم وسيلة جديدة لتمزيق السودان وتقطيعه أشلاء مبعثرة مستخدمين في ذلك أوراقا مهمة في لعبة الحرب والسلام، من أبرزها قضايا حقوق الإنسان والتحول الديمقراطي، بهدف زوال أرض المليون ميل مربع من الخريطة الكونية.
وحول وسائل زوال أرض السودان، يكشف المؤلف أن ذلك يتم عبر سياسات حكومة الخرطوم العنيفة تجاه مواطنيها أو بتمويل خارجي لدولة جنوب السودان أو عبر بؤر التوتر الدائمة في دارفور والمناطق المهمشة في جنوب كردفان والنيل الأزرق وآبيي وما يصاحبها من جرائم ضد الإنسانية، تستدعي التدخل أو المساءلة الدولية، أو عبر هجين من المزيلات الداخلية والخارجية، من خلال الاستخدام المفرط للقوة للقضاء علي الاحتجاجات الشعبية والانفلات الأمني وانعكاس ذلك علي المجتمع الدولي.
وفي ختام الكتاب يدعو المؤلف النعيم القائمين علي أمر السودان إلي فهم أسباب تخوفه علي السودان الكبير والعظيم في أرضه وشعبه، وان يحظى الكتاب بعناية كل سوداني في قلبه ذرة من حب للوطن وترابه، علي أمل التحرك سريعا لإيقاف نزيف الأرض وإبعاد شبح وخطر الزوال الذي يهدد أرض السودان.



الأخوة في سودانيز أون لاين،
السلام عليكم
بين يديكم مقدمة وخاتمة كتاب (زوال أرض السودان) .. الخطر القادم، مع أول تعليق عن محتوياته، ولكم حرية التصرف في النشر مجتمعة أو منفصلة، آملاَ أن يكون فيهما الفائدة.
زميلكم/ محمد النعيم أبوزيد


مقدمة
الخطر القادم على السودان
قبل اختفاء وزوال صدى خطاب سلفا كير ميارديت في خاتمة احتفالات السودان الجنوبي بجمهوريته الوليدة بتأكيده على أن الحركة الشعبية لم تنس دارفور والنيل الأزرق وجنوب كردفان، تبكي لبكائهم وتنزف لنزيفهم، حتى عاد بعد أيام قلائل من إعلان دولتة ليزف أنباء في غاية الأهمية لمواطني آبيي من المسيرية بقوله: إن حكومة الجنوب ستعطيهم منصب نائب رئيس حكومة الجنوب وجنسية دولة الجنوب الوليدة مقابل ضم آبيي كإدارية جنوبية لدولة الجنوب. رسائل سلفا كير في احتفالات شعب الجنوب برفع علم استقلال دولة السودان الجنوبي الجديدة وإنزال علم السودان وحفظه في المتحف الوطني لم تأت من فراغ أو خبط عشواء، فمنطقة آبيي ما زال يتصارع علي تبعيتها للشمال أو الجنوب أبناء جلدته من الدينكا نقوك وقبائل المسيرية العربية. ونفس الحال في جبال النوبة (المتفجرة) بسبب الانتخابات والنيل الأزرق (المحتقنة برفض الاتفاق الإطاري وتمديد المشورة الشعبية من طرف حزب المؤتمر الوطني الحاكم)، وكلا المنطقتين تربطهم حدود جغرافية طويلة مع الجنوب ونضال مشترك تحت راية الحركة الشعبية امتد لعقود، أما دارفور فإلى جانب استضافة حكومة الجنوب لقائد جيش تحرير السودان مني أركو مناوي وبعض حركات دارفور المسلحة فهي أيضا ترتبط مع الدولة الوليدة برابطة الجوار الجغرافي. إلا أن أخطر ما جاء في إشارات سلفا كير إغرائه لقبائل المسيرية بمنصب نائب رئيس الجمهورية وجنسية الدولة الوليدة، في حالة موافقتهم على ضم آبيي للجنوب في استفتاء تبعيتها للشمال أو الجنوب.
وتأتي أهمية منطقة آبيي التي تقع في منتصف الخط الفاصل بين الجنوب والشمال في أنها تتمتع بأهمية إستراتيجية كبيرة، لما يتوفر فيها من ثروات معدنيةً ضخمةً في باطن الأرض، حيث تؤكد الدراسات البيولوجية وجود بحيرات وحقول كبيرة من الذهب الأسود (البترول)، كما تأتي أهمية آبيي في أنها تمثل القلب النابض لكل السودان شماله وجنوبه بأراضيها الخصبة، وأنهارها المتدفقة أغلب فصول السنة، لهذا ظلت إحدى مناطق التماس الساخنة بين جنوب وشمال السودان لأكثر من نصف قرن، وهو تاريخ الصراع بين الحركات المسلحة الجنوبية والحكومات التي تعاقبت على سدة الحكم في السودان.
والسؤال الكبير والخطير، لماذا تأخرت رسالة سلفا كير لقبائل المسيرية لأكثر من خمس سنوات من عمر الفترة الانتقالية ؟ ولماذا جاءت بعد الاحتفال بقيام جمهوريته الوليدة بساعات ؟ والإجابة في غاية البساطة، وهي أن بروتوكول آبيي لم يحدد بصورة قاطعةً من يحق له التصويت في استفتاء آبيي، إذ تطالب حكومة الجنوب بأن يكون حق التصويت لمن كان مقيما لمدة عام بالمنطقة مما يعني استبعاد قبائل المسيرية الشمالية، بينما تصر حكومة الخرطوم على مشاركة المسيرية في الاستفتاء لأنهم من سكان المنطقة حسب برتوكول آبيي وان لم يتم ذكرهم بالاسم، كما أن سلفا كير بعد أن أصبحت لديه دولة ذات سيادة، أراد أن يمارس نفس ألاعيب وسياسات المؤتمر الوطني في إطفاء الحرائق، وهي استخدام شهوة (السلطة والثروة) لارتشاء وتشتيت وتقسيم المعارضين لسياساته، وتطبيق نظرية (فرق تسد) لضرب الجماعات العرقية والجهوية ببعضها، وقد نجح إلى حد ما في شق صفوف المسيرية بعد إغرائهم بمنحهم منصب نائب رئيس الجمهورية ومكاسب أخرى، حيث أبدى عدد كبير من القيادات الأهلية والشبابية من قبيلة المسيرية ترحيبهم واستعدادهم للانخراط في مفاوضات مع حكومة الجنوب حول عرض رئيس دولة الجنوب، ويؤكد نجاح تلك السياسات المستوردة من الشمال في إشعال الحرائق وشق الصفوف، ما قاله أمين الاتصال التنظيمي باتحاد المسيرية موسى حمدين في تصريح له لإحدى الصحيفة السودانية: من أن ترحيب المسيرية بتصريحات رئيس الجنوب لم يأت للمكايدات السياسية أو لتصفية حسابات شخصية، وإنما كان من منطلق المصلحة والحسابات المنطقية، خاصة وأن الجنوب يبعد عن ديار المسيرية "45" كيلو متراً، فيما يبعد الشمال نحو ألف وخمسمائة وست وأربعون كيلو متراً، بالإضافة إلى توفر المياه والكلأ في الجنوب.
والخطير في رسائل رئيس دولة الجنوب سلفا كير ميارديت إذا ربطناها بالمناطق المهمشة الثلاث التي جاءت في اتفاقية السلام الشامل، وهي جنوب كردفان والنيل الأزرق وآبيي إضافة إلى ولايات دارفور التي ما تزال تئن وتصرخ من وقع الرصاص وقصف الطائرات، أن رجع صدها وسط المسيرية حمل في مضامينه وما بين سطوره كارثةً جديدةً محتملة على مستقبل وحدة السودان الشمالي، تضاف إلى كوارث الولايات الشمالية الستة التي تشهد انفلاتا أمنيا خطيرا، حيث اشترطت قيادات المسيرية أن تكون كل ولاية غرب كردفان واحدة من ولايات جنوب السودان العشر، وأن يكون الاتفاق عالمياً وتشهده كل مؤسسات المجتمع الدولي من أمم متحدة واتحاد أوربي ومجلس أمن واتحاد إفريقي، وقالوا: إنهم يشترطون أيضاً تمثيلهم في كافة الهياكل الوظيفية بدولة الجنوب ابتداءً من المجالس المحلية وحتى التشريعية، وفي هذا رسالة واضحة أن ما تبقى من السودان مقبل نحو مزيد من التفكيك والتقسيم وقد ينتهي بزواله من الخريطة العالمية، وهو الخطر القادم على السودان.
لهذا كان دافعي قوياً لظهور هذا الكتاب ( زوال أرض السودان) الخطر القادم، بعد كتابي الثاني (تفتيت السودان) الحقيقة، الواقع، المسئولية، لأضع بين يدي القارئ بالوثائق والمستندات والخرائط والتحليل المعمق والملاحق التي لا تقبل التشكيك حقيقة الأخطار المحدقة بأرض السودان، بعد انتهاء المرحلة الأولى بنجاح منقطع النظير بإزالة أكثر من (28%) من مساحة السودان الكلية التي كانت تبلغ مليون ميل مربع ، لتتقلص وتنكمش إلى (1,882,000) كيلومترا مربعا بعد انفصال الجنوب وفقا للمعلومات الإحصائية الجديدة التي وفرتها وزارة الإعلام السودانية عن ما تبقى من مساحة البلاد. يضاف إلى ذلك أن الكتاب يأتي لتصحيح مفاهيم خاطئة، تظن أن الحرب بين حزب المؤتمر الوطني والقوى الخارجية قد وضعت أوزارها بانفصال الجنوب وقيام دولتة الوليدة، ويكون ممعنا في الخطأ من يتصور أن تلك القوى قد سكتوا عنه بعد أن غلبوه بتقسيم الأرض وجعلوا من بقية أهل السودان بالدعم المادي والمعنوي جماعاتٍ وحركات وجيوشاَ مسلحة، بعد أن كانوا أمةً واحدة، وفرقاً وعرقيات وجهويات بعد أن كانوا كتلة متماسكة، وإنما الحقيقة أن أعداء السودان يدبرون كل يوم وسيلة جديدة لتمزيق السودان لقطع وأشلاء مبعثرة، مستخدمين في ذلك أوراقاَ مهمة في لعبة الحرب والسلام، من أبرزها ورقة حقوق الإنسان غير القابلة للطي نهائياً في العالم الجديد والتحول الديمقراطي، حتى تتحقق الأهداف المرجوة بزوال أرض المليون ميل مربع من الخريطة الكونية، سواءٌ كانت هذه الإزالة عبر سياسات حكومة الخرطوم العنيفة تجاه مواطنيها. أو زالَ بمزيل خارجي من بوابة دولة السودان الجنوبي الوليدة، وبؤر التوتر الدائمة في دارفور والمناطق المهمشة في جنوب كردفان والنيل الأزرق وآبيي وما يصاحبها من جرائم ضد الإنسانية وانتهاكات لحقوق الإنسان تستدعي التدخل والمسائلة الدولية. أو زال بهجين من المزيلات الداخلية والخارجية، وهو ما يجمع بين الاستخدام المفرط للقوة للقضاء على الاحتجاجات الشعبية والانفلات الأمني، ومدى انعكاسات نتائجها على المجتمع الدولي.
فهذا الكتاب محاولة لطرح حقيقة المخاطر المحدقة بما تبقى من أرض السودان واستدعائها إلى ساحة الاهتمام الداخلية والإقليمية والعالمية، حتى يقف شعب السودان والقارئ في كل مكان على أماكن الخلل والإصابات البالغة التي لحقت بالسودان وتبعاتها على الأرض، ليكون بمثابة جرس إنذار أو روح حية تسري في الجسد بعد أن أصابه الشلل من كثرة ضربات وصدمات حزب المؤتمر الوطني الحاكم التي تفتت الحجر ناهيك عن البشر. ونستهل الكتاب الذي يأتي في بابين من عشرة فصول بعد المقدمة، بافتتاحية من صلب اتفاقية السلام الشامل نرى أنها قد تكون العنصر الرئيس في تقسيم السودان وما تبقى من أراضيه لرفعها وتيرة الصدام العسكري في شمال البلاد بصورة أعنف وأشرس مما كان في حروب الجنوب السابقة، ربما قد يؤدي إلى زوال ما تبقى من أرض السودان، وهي اتفاقية الترتيبات الأمنية.
ويحتوي الباب الأول وهو المتغيرات الخارجية على خمسة فصول، تبدأ بالفصل الأول الذي يتناول أزمة آبيي التي تعد من أهم المنافذ والأبواب لهذه الأخطار الخارجية في المرحلة المقبلة، بعد أن أصبحت بؤرة الصراع الرئيسية بين دولتي الشمال والجنوب بعد انفصال الجنوب، حيث نقف في هذا الفصل على برتوكول آبيي وما خلفه من جروح في جسم وأرض السودان يصعب معالجتها. ويبرز الفصل الثاني الإشكاليات التي واجهت برتوكول آبيي خلال الفترة الانتقالية أدت في بعض مراحلها إلى اقتتال قبلي بين سكان المنطقة، انتهى بالتوصل إلى اتفاق بين حكومة المؤتمر الوطني والحركة الشعبية للجؤ للتحكيم الدولي. وفي الفصل الثالث نتطرق لتقرير لجنة خبراء ترسيم حدود آبيي الذي وسع من حدودها لتشمل أغلب أراضي المسيرية وبحر العرب، وهما مصدر الحياة الوحيد لأغلب أهل السودان في أواسط وغرب البلاد، خاصة قبائل المسيرية. أما الفصل الرابع فيحتوي على قرار هيئة التحكيم الدولية في لاهاي، الذي أيد بنسبة كبيرة تقرير لجنة الخبراء القاضي بضم أجزاء واسعة وشاسعة من أراضي المسيرية التي لم يكن للدينكا وجود فيها، ومن أهم هذه الأراضي روافد بحر العرب الخصبة، بجانب وضعه لإشكالية جديدة بين الشمال والجنوب تتمثل في الآبار البترولية المشتركة بين الشمال والجنوب التي يعتمد عليها الشمال بشكل خاص في تسيير اقتصاده، مما يعني رفع السلاح بين دولتي الشمال والجنوب وبين القبائل والأقاليم في المنطقة. ونختتم بالفصل الخامس الذي يستعرض اتفاقية أديس أبابا بشان آبيي ومدى خطورتها على السودان، بالإضافة إلى التحديات التي تهدد التعايش السلمي بين السودان ودولة الجنوب الوليدة.
ونتناول في الباب الثاني من خلال خمسة فصول المتغيرات الداخلية، حيث نخصص الفصل الأول منها للمناطق المهمشة في السودان وفيه نستعرض محطات القتال الجديدة في جنوب كردفان والنيل الأزرق، وتبعات رفض حزب المؤتمر الوطني الحاكم للاتفاق الإطاري الذي وقعه د. نافع علي نافع مع الحركة الشعبية قطاع الشمال، والمفاجآت التي لم تكن في حسبان الأطراف المتصارعة. وفي الفصل الثاني نقف مع أزمة دارفور وما صاحبها من تطورات في اتجاه الحرب والسلام، من خلال تناول تحالف حركات دارفور مع الحركة الشعبية في كاودا، وتوقيع اتفاق سلام الدوحة، ودواعي انتقادات الثوار الليبيين والسودانيين في دارفور للمجتمع الدولي بعد ارتفاع أعداد الضحايا وسط المدنيين. ونتطرق في الفصل الثالث للموقف السياسي في البلاد من خلال تناول أول خطاب للرئيس البشير بعد استيلاء تيار الإسلام السياسي على السلطة، ومقارنته بتطورات الوضع السياسي والاقتصادي والاجتماعي والخدمي في البلاد بعد عقدين ونيف من تربع الإسلاميين على سدة الحكم وانعكاساتها على الأزمة التي تعصف بالسودان. وفي الفصل الرابع يناقش الكتاب لغة الخطاب السياسي والإعلامي ودوره في تمزيق وحدة السودان، وفيه نتناول بعض المواقف والتصريحات السياسية التي تعكس سيادة لغة (البندقية) التي حملت حزب المؤتمر الوطني الحاكم والكثير من الحركات المسلحة إلى السلطة، بجانب تبعات تسييس وترويض وسائل الإعلام وخطورة ذلك على وحدة تراب الوطن، ونبرز بالوثائق والمستندات التفسيرات الأمنية والقانونية الخاطئة لمهنة الصحافة. ونختتم الكتاب بالفصل الخامس الذي يتطرق لحالة الانهيار الشامل الذي تتعرض له البلاد حتى وصل من هم تحت خط الفقر من أبناء الوطن إلى (96%)، وفيه نتناول كيف تحول السودان من وطن متسامح وجميل ومتكافل إلى سجن كبير بسبب الإتاوات والرسوم والضرائب الحكومية التي يعجز المواطن عن سدادها، وتبعات غياب التنمية المستدامة في غالبية ولايات السودان على أمن واستقرار البلاد، بجانب موضوعات تتحدث عن تحول الاتحادات الطلابية والمهنية التي شاركت في تمكين السلطة الحاكمة إلى جماعات ضغط على الإدارات والوزارات والمواطن في شتى مناحي الحياة، إضافة إلى موضوعات أخرى تستعرض حالة الانهيار الذي امتد إلى محاربة والفكر والثقافة بالقانون تارة وبالاعتقال والتوقيف تارة أخرى.
وفي خاتمة الكتاب ينصب الحديث على أهمية المحافظة على الأرض بعد غمامة الحزن السوداء التي خيمت على أكثرية أهل السودان باقتطاع (28%) من الأرض بانفصال الجنوب، وكارثة اقتطاع (20,580 ) كيلومترا مربعا من حدود السودان الشمالية، وأخرى لم تحدد مساحتها في الفشقة بشرق السودان، في إشارات إلى أن قدر أرض السودان مكتوب فيه أن تتناقص وتتآكل ولا ينعم أهلها بالسلام والاستقرار بسبب الضعف الحكومي في التخطيط الإستراتيجي وسياسات (فقه البقاء) في السلطة ولو في حدود القصر الجمهوري.
أملي كبير أن يتفهم القائمون على أمر السودان أسباب تخوفي على السودان الكبير والعظيم في أرضه وشعبه، وعشمي بلا حدود في أن يحظى الكتاب بعناية واهتمام كل سوداني في قلبه ذرة من حب للوطن وترابه، على أمل أن نتحرك سريعا لإيقاف نزيف الأرض وإبعاد شبح وخطر الزوال الذي يهدد أرض السودان. والله من وراء القصد.
المؤلف / محمد النعيم أبوزيد

خاتمة الكتاب
كارثة في الحلم ولكن حقيقية في الأرض..!
بعد أن أبدي آسفة وخزنه لأسر الضحايا، وجه السيد رئيس الجمهورية عمر حسن البشير بتشكيل لجنة لتقصي الحقائق حول الحريق الذي اندلع بإحدى محطات الوقود بالخرطوم، وأودى بحياة عشرات من المواطنين حرقاً، أغلبهم من النساء والأطفال الذين كانوا يستغلون عدد من الحافلات التي احترقت في الحادث، والذي كاد أن يتسبب في كارثة كبيرة لولا لطف الله ورعايته.
من جهة أخرى، أكد وزير الداخلية أن وزارته ستتخذ كافة الإجراءات اللازمة لعدم تكرار مثل هذا الحادث المؤسف، وقال لدي زيارته لموقع الكارثة برفقة كبار معاونيه من قيادات الشرطة: إنه أمر بتشكيل لجنة من الشرطة والقانونيين للتحقيق في ملابسات الحادث، وتقديم المسئولين عنة للعدالة في أقرب وقت ممكن، نافيا تورط أي جهة خارجية في الانفجار الذي أدى إلى تدمير إحدى محطات الوقود بالعاصمة القومية للبلاد بالكامل. مشددا علي أن الدولة لن تتهاون مع الذين يتلاعبون بأرواح ومصائر وقوت المواطنين، ومبيناً أن وزارة الداخلية وضعت خطة عاجلة لتأسيس إدارة تابعة للشرطة، مهمتها تأمين وحماية المواقع البترولية ومحطات الوقود.
وقال شاهد عيان كتب الله له حياة جديدة، التقيت به أثناء تغطيتي للحادث المروع وهو يبكي: أنه كان من ضمن ركاب إحدى الحافلات التي تحولت إلي كتلة من الحديد المعجون من شدة النيران، وأنه تمكن من النجاة بعد أن قام بكسر زجاج النافذة التي كان يجلس بجوارها والقفز منها، فيما توفي عشرات الركاب أغلبهم من النساء والأطفال وكبار السن حرقا من بينهم احد أصدقائه.
لحظتها رن هاتفي الجوال، وبعد معرفتي بالمتصل وفتحي لخط الاتصال أخبرني المتحدث وهو قريب لي، بأن هنالك قريباَ لي من الدرجة الأولى توفي دون أن يوضح الأسباب التي أدت إلى وفاته، ولدى سؤالي له عن ظروف الوفاة وقد كان بصحة جيدة حتى وقت مغادرتي للمنزل، قال: إنه توفي في حادث انفجار في إحدى محطات الوقود حين كان في طريقه على متن حافلة إلى زيارة شقيقته بالحاج يوسف، صدمتني هول المفاجأة التي نزلت على كالصاعقة، لحظتها لم أتمالك نفسي، صرخت لا، لقد تركته بالمنزل وهو في عز حيويته وكامل صحته وشبابه، واندفعت أجرى كالمجنون، وأمام عيني صورة السيارات المحترقة وقد تحولت إلى كتلة من الحديد الأسود، وأشباه بقايا هياكل عظمية متفحمة في غاية البشاعة، ظللت أجرى كمخبول فقد عقله، وأنا أصرخ مكررا، كلمة لا، هذا مستحيل !! استيقظت مفزوعا علي ضربات زوجتي في جسمي وهي تقول : قول باسم الله..قول باسم الله..مالك في شنوه! تففت عن يساري ثلاث مرات، واستعذت بالله من الشيطان الرجيم، وقلت لها يبدو أن حالة الخوف والقلق من تزويد الحافلات بالوقود في محطات البنزين وهي محملة بالركاب سكنت في عقلي الباطني وخرجت في صورة كوابيس مرعبة.
وأخشى أن أقول : كنت أتمني بصدق أن تتحول هذه الكوابيس المرعبة إلي حقائق وأرقام وتواريخ في دفاتر أحوال الشرطة، بدلاً من كابوس اقتطاع (28%) من أرض السودان الحقيقي، لقناعتي وإيماني المطلق بأن البشر يمكن تعويضهم بقدرة الله، على النقيض من الأرض التي من المستحيل أن تعوض إلا بالدم وبذل النفس والروح، لأنها هي الوطن والكيان والوجود، فلا وجود لأي شعب كان بدون أرض يعيش عليها، لهذا كانت الأرض المفهوم الوحيد والأوحد بالنسبة للشعوب، تدافع عنها وتناضل من أجل المحافظة عليها، ومن أجل الأرض كتب أسطفان سالم مسرحية (بطل فلسطين المجهول)، التي تحكي قصة الفلاح الكادح والإنساني الذي يتبرع بدمه لأجل المرضى، ولا يفرط بأرضه بالرغم من بؤسه وفقر أسرته. ومن أجلها نظم الشاعر الفلسطيني الكبير محمود درويش قصيدته الرائعة (الأرض) التي يقول فيها:
أنا الأرض
والأرض أنت
خديجةُ! لا تغلقي الباب
لا تدخلي في الغياب
سنطردهم من إناء الزهور وحبل الغسيل
سنطردهم عن حجارة هذا الطريق الطويل
سنطردهم من هواء الجليل.
وللأرض يوم عالمي اتفقت عليه معظم دول العالم، لينظروا في مشاكل الكرة الأرضية التي تحملنا على ظهرها وفي بطنها، وتم الاحتفاء به لأول مرة عام1970، وهي في أذهان ووجدان الشعوب في أي مكان من الكرة الأرضية العرض والشرف وألام والأب في حياتهم، لهذا يشكل (يوم الأرض) معلماً بارزاً في التاريخ النضالي للشعب الفلسطيني، باعتباره اليوم الذي أعلن فيه الفلسطينيون تمسكهم بأرض آبائهم وأجدادهم، وتشبثهم بهويتهم الوطنية والقومية، وحقهم في الدفاع عن وجودهم رغم عمليات القتل والإرهاب والتنكيل التي كانت وما زالت تمارسها السلطات الصهيونية بحقهم بهدف إبعادهم عن أرضهم ووطنهم.
ويبدو أن قدر أرض السودان مكتوب فيه أن تتناقص وتتآكل ولا ينعم أهلها بالسلام والاستقرار، فقبل أن تنجلي غمامة الحزن السوداء التي خيمت على أكثرية أهل السودان باقتطاع (28%) من الأرض في الجنوب، و (20,580 ) كيلومترا مربعا في حلايب الواقعة في أقصى الشمال، أكدها قرار حكومة البشير إبعاد مواطنيها عن السجل القومي كما جاء على لسان الزعيم البجاوي محمد عثمان الحسن تيوت، وأخرى لم تحدد مساحتها في الفشقة بشرق السودان، انفجرت حروب أهلية جديدة، ولكن هذه المرة في الشمال إعادته إلى مربع دفع الشباب إلى الموت تحت رآيات الجهاد وحملات الخدمة الإلزامية (الكشات) الأول عبر برنامج ساحات الفداء، لان هذه الحروب التي اندلعت جنوب كردفان والنيل الأزرق ودارفور ويتوقع انتشارها في مناطق أخرى لتأكل الأخضر واليابس، وتقتل وتشرد الملايين من أبناء ما تبقى من السودان، ليست حروب بسبب العرق والعقيدة التي فرطت في تراب الوطن ووحدة شعبه، ولكنها حروباَ بسبب جشع وطمع حزب المؤتمر الوطني غير المحدود في الثروة، وحبه الشديد للبقاء في السلطة، ولو على تقطيع أرض الوطن وجماجم وأشلاء أهله.
إن الواقع الماثل الآن بعد انتقال الحرب إلى النيل الأزرق، يؤشر بدون لبس إلى أن السودان يواجه حروب أهلية على صورة هلال تمتد من دارفور وجنوب كردفان إلى ولاية النيل الأزرق، ومرشحه للمزيد من التصعيد، بعد حديث الحزب الحاكم عن احتمال تجدد الحرب بين دولتي الشمال والجنوب، واتهام حكومة المؤتمر الوطني بالخرطوم للدولة الوليدة في جوبا بدعم ميليشيات الحركة الشعبية قطاع الشمال لزعزعة الاستقرار في ما تبقى من السودان، وهي حرب إن وقعت كما يقول المراقبون ستكون أقسى واشد إيلاما من كل جولات الحروب السابقة، وقد تصل تبعاتها وشظاياها إلى الخرطوم نفسها، بعد أن أصبح الجنوب دولة مستقلة لديها قوات نظامية مزودة بأحدث ما توصلت إليه العقلية العسكرية من سلاح، وقد تتسع فتُجر إليها أطراف إقليمية ودولية لديها مصالح إستراتيجية واقتصادية ووجود عسكري في الجنوب، تؤدي إلى تقطيع جديد للأرض قد تنتهي في نهاية المطاف بزوال ارض السودان.
تأتي هذه الحروب رغم تحذير الرئيس عمر البشير في وقت سابق من تداعيات انفصال الجنوب على السودان بقوله: (إن انفصال الجنوب لن يتوقف عند حدود الجنوب فحسب، بل يتعداه إلى انبعاث دعاوى انفصالية أخرى تنتهي بتفتيت السودان )، ومشاطرة نائب الأمين العام للحركة الشعبية المكلف بقطاع الشمال ياسر عرمان له في الرأي عندما قال: (إذا انفصل الجنوب فلن يصبح الجنوب دولة واحدة، وذات الشيء في الشمال، بل سينقسم السودان إلى عدة دول، لأن هنالك دارفور وجنوب كردفان والنيل الأزرق ووسط البلاد وأقصى الشمال. ولذلك فإن الانفصال لن يصبح بالحدث اليسير بل باهظ التكاليف)، والحقيقة إن هنالك تطابقا في الرؤى بين حزب المؤتمر الوطني الحاكم بقوة السلاح وقطاع الشمال بالحركة الشعبية الحامل للسلاح، في أن عواقب الانفصال ستكون اشد قسوة وإيلاما على ما تبقى من أرض مما كان يعرف بالمليون ميل مربع.
ويبقى أن نقول: إن إيقاف النزيف المستمر في أرض السودان لن يتوقف، إلا بالتوافق على حل وإبعاد حكومة المؤتمر الوطني سلميا عن صنع القرار في أقرب وقت ممكن، وتشكيل حكومة وطنية شاملة أو حكومة حرب لفترة زمنية محدده، مكونة من كل القوى السياسية والقوات المسلحة بعد تطهيرها مما علق بها من شوائب، أخرجتها عن ثوب القومية ورسالتها الأساسية في حماية الأرض والشعب، يقودها شخصية وطنية يتفق عليها أهل السودان، ويكون لديها قبول دولي قوي ومؤثر يستطيع أن يمتص الديون الخارجية، والقرارات الدولية المجحفة في حق السودان، حكومة تعمل على إخراج البلاد من الحفرة التي ليس لها غرار التي أسقطها فيها المؤتمر الوطني بتوقيعه على اتفاقيات أقل ما توصف بأنها مطرقة إزالة أرض السودان، وتكون مهمتها الأولى مواجهة واقع السودان الجديد بعد انفصال الجنوب قبل أن تستقوا دولته الوليدة وتقف على أقدامها عسكريا واقتصاديا، وهي الخطر الحقيقي القادم على السودان، ومن ثم وبعد أن تهدأ العواصف تبدأ في الإعداد لبرنامج الإصلاح الديمقراطي، وإجراء انتخابات حرة ونزيهة لجمعية تأسيسية حقيقية، ناضجة فكريا، تعمل على إعداد وتأسيس مشروع الدستور الدائم، يشارك في صياغته كل قطاعات الشعب السوداني من دون إقصاء لطرف، إن كنا بالفعل ننشد المحافظة على ما تبقى من أرض السودان.
نقول هذا في كتاب مفتوح يقرأه الحاكم والمحكوم داخل السودان وخارجه، حتى لا يأتي يوما يتباكى فيه حزب المؤتمر الوطني في أعلى قمته وقاعدته، وبقية القوى السياسية وشعب السودان ندما وحسرة على ما حل بالوطن من تآكل وتقطيع للأرض، وقتل وتدمير وتجويع وتشريد للشعب، مثل ما فجر الرئيس المصري المخلوع حسني مبارك مفاجأة كبيرة لعدد من زواره بإرجاعه سبب ما حدث لحكمه لما صوره له وزير الداخلية حبيب العادلي وبعض الوزراء المحيطين به، بقوله وهو يبكي من شدة الحزن والألم: (الآن فهمت أنهم حجبوني عن الشعب لأعوام طويلة، وكنت أعتقد أنني أعلم كل شيء). وقول الرئيس التونسي الهارب لتهدئة شعبه يوم أن خرج ثائرا عليه: (الآن فهمتكم، الآن فهمتكم)، مع الفارق الشاسع في الوصف بين الحالتين المصرية والتونسية والحالة السودانية، ففي الأولى تغيير نظام الحكم في الدولة مع بقاء الأرض على حالها أن لم تكن زادت في مساحتها كما في مصر، وفي الحالة السودانية تغيرت جغرافية الأرض وتقلصت لما يقارب الثلثين من مساحتها، مع بقاء حكومة المؤتمر الوطني على سدة الحكم دون أن يرتد لها طرف أو جفن من هول ما حدث.
ولعلنا نقول هنا: بأن الأوضاع في السودان أكبر وأخطر مما نتصور بسبب جنوح القيادة السياسية في حزب المؤتمر الوطني إلي التضحية بالأرض على حساب البقاء في الحكم، ولا تحتمل التأخير والتسويف والتلاعب بعامل كسب الوقت، ولا تحتمل الانتظار للإجابة على الأسئلة الغبية من يقود البلاد بعد التغيير؟ لان الأرض تتآكل وتتقلص وتتناقص مع فجر كل يوم جديد، والشعب على شفا هاوية بسبب الرصاص الطائش والقصف الجوي الماحق، والضائقة المعيشية الخانقة والتردي المهول في الخدمات، والانحدار بسرعة الصاروخ نحو الهاوية في كل شيء بما في ذلك القيم والأخلاق السمحة التي عرف بها إنسان السودان على مر الأزمنة والعصور، ولن يعود السودان إلى سابق عهده إلا بتضحيات كبيرة وعظيمة يسكب فيها الدم والعرق، وهذا يهون إن كان في القلب ذرة من حب لتراب الوطن.
أعزائي وأحبائي في سودانيز أون لاين ما بين المقدمة والخاتمة حديث طويل وخطير في أكثر من (400) صفحة، مصحوب بالوثائق والمستندات والخرائط التي لا تقبل التشكيك حول حقيقة الأخطار المحدقة بالسودان، جعلت الكاتب الصحفي المصري طلعت الغربي يقول عنه في عموده الراتب بجريدة الوفد المصرية: (يقدم المؤلف كتابه المهم ليقرأه الحاكم والمحكوم في السودان وخارجه، حتى لا يأتي يوم يتباكى فيه حزب المؤتمر الوطني في أعلي قمته وقاعدته، أو أن تشكو القوي السياسية وأهل السودان ندما وحسرة علي ما حل بالوطن من تآكل وتقطيع للأرض، وقتل وتدمير وتشريد للشعب.) ويصفه عدداَ كبيراَ من الباحثين والمفكرين بالوثيقة المهمة التي تحتاج إلى وقفة حقيقية.
































صيحة إنذار لمن يهمهم الأمر

زوال أرض السودان .. الخطر القادم .. في كتاب جديد
هذا الكتاب.. يمكن أن يعتبر محاولة لطرح قضية الأخطار التي تواجه السودان، بعد أن بدأ أن قدر أرض السودان كتب لها أن تتناقص وتتآكل ولا ينعم أهلها بالسلام والاستقرار، فقبل أن تنجلي غمامة الحزن السوداء التي خيمت على أكثرية أهل السودان باقتطاع (28%) من الأرض في الجنوب، انفجرت حروب أهلية جديدة في الشمل الجنوبي، قد تؤدي إلى تقطيع جديد للأرض، ينتهي بزوال ارض السودان
هذا كتاب مفتوح يقرأه الحاكم والمحكوم داخل السودان وخارجه، حتى لا يأتي يوما يتباكى فيه حزب المؤتمر الوطني في أعلى قمته وقاعدته، والقوى السياسية وأهل السودان ندما وحسرة على ما حل بالوطن من تآكل وتقطيع للأرض، وقتل وتدمير وتجويع وتشريد للشعب، مثل ما فجر الرئيس المصري المخلوع حسني مبارك مفاجأة كبيرة لعدد من زواره، بإرجاعه سبب ما حدث لحكمه لما صوره له وزير الداخلية المصري حبيب العادلي وبعض الوزراء المحيطين به، بقوله وهو يبكي من شدة الحزن والألم: (الآن فهت أنهم حجبوني عن الشعب لأعوام طويلة، وكنت أعتقد أنني أعلم كل شيء). وقول الرئيس التونسي الهارب لتهدئة شعبه يوم أن خرج ثائرا عليه: (الآن فهمتكم، الآن فهمتكم)، مع الفارق الشاسع في الوصف بين الحالتين المصرية والتونسية والحالة السودانية، ففي الأولى تغيير نظام الحكم في الدولة مع بقاء الأرض، وفي الحالة السودانية تغيرت جغرافية الأرض وتقلصت لما يقارب الثلثين من مساحتها، مع بقاء حكومة المؤتمر الوطني على سدة الحكم، دون أن يرتد لها طرف أو جفن من هول ما حدث.
ولعلنا نقول في هذا الكتاب: بان الأوضاع في السودان اكبر واخطر مما نتصور، ولا تحتمل التأخير والتسويف والتلاعب بعامل كسب الوقت، ولا تحتمل الانتظار للإجابة على الأسئلة الغبية من يقود البلاد بعد التغيير؟ لان الأرض تتآكل وتتناقص مع فجر كل يوم جديد، والشعب على شفا هاوية بسبب الرصاص الطائش، والقصف الجوي الماحق، والضائقة المعيشية الخانقة، والانحدار بسرعة الصاروخ نحو الهاوية، ولن يعود السودان إلى سابق عهده إلا بتضحيات كبيرة وعظيمة، يسكب فيها الدم والعرق، وهذا يهون إن كان في القلب ذرة من حب لتراب الوطن.
هذا ما جاء على الغلاف الخلفي لكتاب (زوال أرض السودان) .. الخطر القادم .. للكاتب الصحفي محمد النعيم، وقد صدر الكتاب حديثاَ عن مكتبة جزيرة الورد المصرية بالقاهرة، وهو يقطع (408) صفحة من الحجم الكبير ويضم بابين كل باب يحتوي على خمسة فصول، ففي الباب الأول وهو المتغيرات الخارجية يتناول في الفصل الأول أزمة آبيي التي تعد من أهم المنافذ والأبواب لهذه الأخطار الخارجية في المرحلة المقبلة، بعد أن أصبحت بؤرة الصراع الرئيسية بين دولتي الشمال والجنوب بعد انفصال الجنوب، حيث يقف في هذا الفصل على برتوكول آبيي وما خلفه من جروح في جسم وأرض السودان يصعب معالجتها. ويبرز الفصل الثاني الإشكاليات التي واجهت برتوكول آبيي خلال الفترة الانتقالية أدت في بعض مراحلها إلى اقتتال قبلي بين سكان المنطقة، انتهى بالتوصل إلى اتفاق بين حكومة المؤتمر الوطني والحركة الشعبية للجؤ للتحكيم الدولي. وفي الفصل الثالث نتطرق لتقرير لجنة خبراء ترسيم حدود آبيي الذي وسع من حدودها لتشمل أغلب أراضي المسيرية وبحر العرب، وهما مصدر الحياة الوحيد لأغلب أهل السودان في أواسط وغرب البلاد، خاصة قبائل المسيرية. أما الفصل الرابع فيحتوي على قرار هيئة التحكيم الدولية في لاهاي، الذي أيد بنسبة كبيرة تقرير لجنة الخبراء القاضي بضم أجزاء واسعة وشاسعة من أراضي المسيرية التي لم يكن للدينكا وجود فيها، ومن أهم هذه الأراضي روافد بحر العرب الخصبة، بجانب وضعه لإشكالية جديدة بين الشمال والجنوب تتمثل في الآبار البترولية المشتركة بين الشمال والجنوب التي يعتمد عليها الشمال بشكل خاص في تسيير اقتصاده، مما يعني رفع السلاح بين دولتي الشمال والجنوب وبين القبائل والأقاليم في المنطقة. ويختتم بالفصل الخامس الذي يستعرض اتفاقية أديس أبابا بشان آبيي ومدى خطورتها على السودان، بالإضافة إلى التحديات التي تهدد التعايش السلمي بين السودان ودولة الجنوب الوليدة.
ويتناول في الباب الثاني من خلال خمسة فصول المتغيرات الداخلية، حيث يخصص الفصل الأول منها للمناطق المهمشة في السودان وفيه يستعرض محطات القتال الجديدة في جنوب كردفان والنيل الأزرق، وتبعات رفض حزب المؤتمر الوطني الحاكم للاتفاق الإطاري الذي وقعه د. نافع علي نافع مع الحركة الشعبية قطاع الشمال، والمفاجآت التي لم تكن في حسبان الأطراف المتصارعة. وفي الفصل الثاني يتناول أزمة دارفور وما صاحبها من تطورات في اتجاه الحرب والسلام، من خلال تناول تحالف حركات دارفور مع الحركة الشعبية في كاودا، وتوقيع اتفاق سلام الدوحة، ودواعي انتقادات الثوار الليبيين والسودانيين في دارفور للمجتمع الدولي بعد ارتفاع أعداد الضحايا وسط المدنيين. ويتطرق في الفصل الثالث للموقف السياسي في البلاد من خلال تناول أول خطاب للرئيس البشير بعد استيلاء تيار الإسلام السياسي على السلطة، ومقارنته بتطورات الوضع السياسي والاقتصادي والاجتماعي والخدمي في البلاد بعد عقدين ونيف من تربع الإسلاميين على سدة الحكم وانعكاساتها على الأزمة التي تعصف بالسودان. وفي الفصل الرابع يناقش الكتاب لغة الخطاب السياسي والإعلامي ودوره في تمزيق وحدة السودان، وفيه يتناول بعض المواقف والتصريحات السياسية التي تعكس سيادة لغة (البندقية) التي حملت حزب المؤتمر الوطني الحاكم والكثير من الحركات المسلحة إلى السلطة، بجانب تبعات تسييس وترويض وسائل الإعلام وخطورة ذلك على وحدة تراب الوطن، ويبرز بالوثائق والمستندات التفسيرات الأمنية والقانونية الخاطئة لمهنة الصحافة. ويختتم الكتاب بالفصل الخامس الذي يتطرق لحالة الانهيار الشامل الذي تتعرض له البلاد حتى وصل من هم تحت خط الفقر من أبناء الوطن إلى (96%)، وفيه يتناول كيف تحول السودان من وطن متسامح وجميل ومتكافل إلى سجن كبير بسبب الإتاوات والرسوم والضرائب الحكومية التي يعجز المواطن عن سدادها، وتبعات غياب التنمية المستدامة في غالبية ولايات السودان على أمن واستقرار البلاد، بجانب موضوعات تتحدث عن تحول الاتحادات الطلابية والمهنية التي شاركت في تمكين السلطة الحاكمة إلى جماعات ضغط على الإدارات والوزارات والمواطن في شتى مناحي الحياة، إضافة إلى موضوعات أخرى تستعرض حالة الانهيار الذي امتد إلى محاربة والفكر والثقافة بالقانون تارة وبالاعتقال والتوقيف تارة أخرى.
وفي خاتمة الكتاب ينصب الحديث على أهمية المحافظة على الأرض بعد غمامة الحزن السوداء التي خيمت على أكثرية أهل السودان باقتطاع (28%) من الأرض بانفصال الجنوب، وكارثة اقتطاع (20,580 ) كيلومترا مربعا من حدود السودان الشمالية، وأخرى لم تحدد مساحتها في الفشقة بشرق السودان، في إشارات إلى أن قدر أرض السودان مكتوب فيه أن تتناقص وتتآكل ولا ينعم أهلها بالسلام والاستقرار بسبب الضعف الحكومي في التخطيط الاستراتيجي وسياسات (فقه البقاء) في السلطة ولو في حدود القصر الجمهوري.
ويأمل مؤلفه أن يحظى الكتاب بعناية واهتمام كل سوداني في قلبه ذرة من حب للوطن وترابه، على أمل أن التحرك سريعا لإيقاف نزيف الأرض وإبعاد شبح وخطر الزوال الذي يهدد أرض السودان.










هذا الكتاب.. يمكن أن يعتبر محاولة لطرح قضية الأخطار التي تواجه السودان، بعد أن بدأ أن قدر أرض السودان كتب لها أن تتناقص وتتآكل ولا ينعم أهلها بالسلام والاستقرار، فقبل أن تنجلي غمامة الحزن السوداء التي خيمت على أكثرية أهل السودان باقتطاع (28%) من الأرض في الجنوب، انفجرت حروب أهلية جديدة في الشمل الجنوبي، قد تؤدي إلى تقطيع جديد للأرض، ينتهي بزوال ارض السودان
هذا كتاب مفتوح يقرأه الحاكم والمحكوم داخل السودان وخارجه، حتى لا يأتي يوما يتباكى فيه حزب المؤتمر الوطني في أعلى قمته وقاعدته، والقوى السياسية وأهل السودان ندما وحسرة على ما حل بالوطن من تآكل وتقطيع للأرض، وقتل وتدمير وتجويع وتشريد للشعب، مثل ما فجر الرئيس المصري المخلوع حسني مبارك مفاجأة كبيرة لعدد من زواره، بإرجاعه سبب ما حدث لحكمه لما صوره له وزير الداخلية المصري حبيب العادلي وبعض الوزراء المحيطين به، بقوله وهو يبكي من شدة الحزن والألم: (الآن فهت أنهم حجبوني عن الشعب لأعوام طويلة، وكنت أعتقد أنني أعلم كل شيء). وقول الرئيس التونسي الهارب لتهدئة شعبه يوم أن خرج ثائرا عليه: (الآن فهمتكم، الآن فهمتكم)، مع الفارق الشاسع في الوصف بين الحالتين المصرية والتونسية والحالة السودانية، ففي الأولى تغيير نظام الحكم في الدولة مع بقاء الأرض، وفي الحالة السودانية تغيرت جغرافية الأرض وتقلصت لما يقارب الثلثين من مساحتها، مع بقاء حكومة المؤتمر الوطني على سدة الحكم، دون أن يرتد لها طرف أو جفن من هول ما حدث.
ولعلنا نقول في هذا الكتاب: بان الأوضاع في السودان اكبر واخطر مما نتصور، ولا تحتمل التأخير والتسويف والتلاعب بعامل كسب الوقت، ولا تحتمل الانتظار للإجابة على الأسئلة الغبية من يقود البلاد بعد التغيير؟ لان الأرض تتآكل وتتناقص مع فجر كل يوم جديد، والشعب على شفا هاوية بسبب الرصاص الطائش، والقصف الجوي الماحق، والضائقة المعيشية الخانقة، والانحدار بسرعة الصاروخ نحو الهاوية، ولن يعود السودان إلى سابق عهده إلا بتضحيات كبيرة وعظيمة، يسكب فيها الدم والعرق، وهذا يهون إن كان في القلب ذرة من حب لتراب الوطن.




انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.