مصر لم تتراجع عن الدعوى ضد إسرائيل في العدل الدولية    حملة لحذف منشورات "تمجيد المال" في الصين    أمجد فريد الطيب يكتب: سيناريوهات إنهاء الحرب في السودان    زلزال في إثيوبيا.. انهيار سد النهضة سيكون بمثابة طوفان علي السودان    ماذا بعد انتخاب رئيس تشاد؟    يس علي يس يكتب: الاستقالات.. خدمة ونس..!!    500 عربة قتالية بجنودها علي مشارف الفاشر لدحر عصابات التمرد.. أكثر من 100 من المكونات القبلية والعشائرية تواثقت    مبعوث أمريكا إلى السودان: سنستخدم العقوبات بنظام " أسلوب في صندوق كبير"    قيادي بالمؤتمر الشعبي يعلّق على"اتّفاق جوبا" ويحذّر    (ابناء باب سويقة في أختبار أهلي القرن)    عصار الكمر تبدع في تكريم عصام الدحيش    عبد الفضيل الماظ (1924) ومحمد أحمد الريح في يوليو 1971: دايراك يوم لقا بدميك اتوشح    قصة أغرب من الخيال لجزائرية أخفت حملها عن زوجها عند الطلاق!    الهلال يتعادل مع النصر بضربة جزاء في الوقت بدل الضائع    كيف دشن الطوفان نظاماً عالمياً بديلاً؟    محمد الشناوي: علي معلول لم يعد تونسياً .. والأهلي لا يخشى جمهور الترجي    مطالبة بتشديد الرقابة على المكملات الغذائية    السودان..الكشف عن أسباب انقلاب عربة قائد كتيبة البراء    شاهد بالصورة والفيديو.. حسناء سودانية تخطف قلوب المتابعين وهي تستعرض جمالها ب(الكاكي) الخاص بالجيش وتعلن دعمها للقوات المسلحة ومتابعون: (التحية لأخوات نسيبة)    شاهد بالصورة والفيديو.. "المعاناة تولد الإبداع" بعد انقطاع الماء والكهرباء.. سوداني ينجح في استخراج مياه الشرب مستخدماً "العجلة" كموتور كهرباء    بالفيديو.. شاهد رد سوداني يعمل "راعي" في السعودية على أهل قريته عندما أرسلوا له يطلبون منه شراء حافلة "روزا" لهم    برشلونة يسابق الزمن لحسم خليفة تشافي    البرازيل تستضيف مونديال السيدات 2027    مدير الإدارة العامة للمرور يشيد بنافذتي المتمة والقضارف لضبطهما إجراءات ترخيص عدد (2) مركبة مسروقة    منتخبنا فاقد للصلاحية؟؟    قيادي سابق ببنك السودان يطالب بصندوق تعويضي لمنهوبات المصارف    شاهد بالصورة.. (سالي عثمان) قصة إعلامية ومذيعة سودانية حسناء أهلها من (مروي الباسا) وولدت في الجزيرة ودرست بمصر    آفاق الهجوم الروسي الجديد    كيف يتم تهريب محاصيل الجزيرة من تمبول إلي أسواق محلية حلفا الجديدة ؟!    شبكة إجرامية متخصصة في تزوير المستندات والمكاتبات الرسمية الخاصة بوزارة التجارة الخارجية    إنشاء "مصفاة جديدة للذهب"... هل يغير من الوضع السياسي والاقتصادي في السودان؟    سعر الريال السعودي مقابل الجنيه السوداني في الموازي ليوم الأربعاء    وسط توترات بشأن رفح.. مسؤول أميركي يعتزم إجراء محادثات بالسعودية وإسرائيل    "تسونامي" الذكاء الاصطناعي يضرب الوظائف حول العالم.. ما وضع المنطقة العربية؟    شاهد بالصورة.. حسناء السوشيال ميديا "لوشي" تنعي جوان الخطيب بعبارات مؤثرة: (حمودي دا حته من قلبي وياريت لو بتعرفوه زي ما أنا بعرفه ولا بتشوفوه بعيوني.. البعملو في السر مازي الظاهر ليكم)    حتي لا يصبح جوان الخطيبي قدوة    5 طرق للتخلص من "إدمان" الخلوي في السرير    انعقاد ورشة عمل لتأهيل القطاع الصناعي في السودان بالقاهرة    أسامه عبدالماجد: هدية الى جبريل و(القحاتة)    "المايونيز" وراء التسمم الجماعي بأحد مطاعم الرياض    محمد وداعة يكتب: ميثاق السودان ..الاقتصاد و معاش الناس    تأهب في السعودية بسبب مرض خطير    باحث مصري: قصة موسى والبحر خاطئة والنبي إدريس هو أوزوريس    الفيلم السوداني وداعا جوليا يفتتح مهرجان مالمو للسينما في السويد    بنقرة واحدة صار بإمكانك تحويل أي نص إلى فيديو.. تعرف إلى Vidu    أصحاب هواتف آيفون يواجهون مشاكل مع حساب آبل    كيف يُسهم الشخير في فقدان الأسنان؟    هنيدي ومحمد رمضان ويوسف الشريف في عزاء والدة كريم عبد العزيز    أسترازينيكا تبدأ سحب لقاح كوفيد-19 عالمياً    تنكُر يوقع هارباً في قبضة الشرطة بفلوريدا – صورة    معتصم اقرع: حرمة الموت وحقوق الجسد الحي    يس علي يس يكتب: السودان في قلب الإمارات..!!    يسرقان مجوهرات امرأة في وضح النهار بالتنويم المغناطيسي    بعد عام من تهجير السكان.. كيف تبدو الخرطوم؟!    العقاد والمسيح والحب    أمس حبيت راسك!    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



التعايش السلمي حامد جربو
نشر في سودانيزاونلاين يوم 29 - 09 - 2011

اتفق كل من الأسد , والنمر , والذئب , وآدمي ..! والثعلب ؛ على تأسيس عصبة تجمع شملهم في منظومة خاصة ,تؤمن لهم تكافلاً وتكاتفاً في إطار مبادئ يُتفق عليها ,ومصالح مشتركة تضمن لهم التناغم والانسجام , وبالتالي إلى التعايش السلمي والاستقرار . في أول لقاء جمع بينهم, تم نقاش مستفيض حول إستراتجية التي تؤمن التعايش السلمي المقترح . بالإضافة إلى آليات فض النزاع و رأب الصدع وتسوية القضايا والخلافات التي تحدث من وقت لآخر بطبيعة الحال , وحرصوا على أن يقدم كل عضو في العصبة مرئياته حول لائحة تنظيم العمل الداخلي وضبط السلوك , وأكدوا على مراعاة التباين والاختلاف التفاوت فيما بينهم ..!واحترام الخصوصية المميزة لكل عضو , مع الاعتبار الخلفيات الاجتماعية والعرقية والثقافية ,لكل فرد في العصبة , في هذا الصدد, أدلى كل عضو برأيه بصراحة ووضوح كالتالي :
قال الأسد : بحكم إرثي الملكي التاريخي وحقي الأدبي بعُرف التاريخ والجغرافيا " بالإشارة إلى الغابة هنا " ومقامي المعتبر عبر التاريخ بين الحيوانات ,لا يسمح لي أن أتقبل الأوامر بأي حال من الأحوال , ولا أقبل أن أكون مرءوساً أو خاضعاً لإدارة أي حيوان آخر غير بني جنسي "الأسد" مهما كانت الظروف , هذا من باب الحفاظ على الإرث التاريخي والحق الأدبي المتعارف عليه محلياً ودولياً ..!هناك ملحوظة مهمة ..! نحن معشر الأسود ,جبلتنا في المواجهة النصر..لا شيء غير النصر ..! لا نفر ولا ننسحب من المواجهة - المعركة - مهما كانت المجازفة , ربما تعرّض مثل هذه المخاطرة أنفس البعض منكم للتهلكة ..!هذه للمعلومية الجميع , وأشكركم على حسن الاستماع .
قال الذئب : ليس لدي الكثير لأقول لكم , ولكن أنا شخصياً ابغض: التحقيقات ,والوصايا ..! البعض يروق لهم السؤال الغير والتدقيق في خصوصياتهم ..!على سبيل المثال :, إلى أين يا ذئب ..!؟ أو من أين يا ذئب ..!؟ مثل هذه الأسئلة وغيرها, أعتبرها درب من سفاهة أو تدخل سافر في شئون الغير , ليس لدينا وقت لمثل هذه السفاسف
"استعينوا على قضاء حوائجكم بالكتمان ,فان كل ذي نعمة محسود " ليس بالضرورة يعرف الجميع ما نعمله أو ما نخطط له ..! ضع الأمور في طي الكتمان حتى حين..! هذه ليست انتهازية ولا مكر..! ,بل هذا حق مشروع في الدفاع عن الخصوصية , وحفظ النفس وتأمين الصيد. "انتهى كلامه ".
قال النمر : اولاً نحن معشر النمور لا نحب الزحمة والضوضاء , ولا نحب من يراقب تحركاتنا أو يتطفل على حياتنا وخصوصياتنا , فليتركنا الجميع في حالنا..! , ثانياً : يعتقد الكثيرون إننا من فصيلة القطط البرية ..!, حتى لو فرضنا ذلك جدلاً, لا أحد يستطيع أن ينسبنا إلى القطط بهذه البساطة ..!نحن لا علاقة لنا بالقطط البتة , الأليفة منها والبرية ..!نحن نمور الغاب لنا هيبتنا ومكانتنا بين الورى, وهذه لمعلومية الجميع . رغم إني قبلت العيش معكم في العصبة إلا أن الخصوصيتي المذكورة أعلاه "خط أحمر"..! أريد ان أكون بعيداً عن المراقبة " out of sight " هذا من حقي ,قد يعتقد البعض هذا درب من الوحشة والغربة ..! ولكن بنسبة لي فلسفة حياة , هذا لا يعني أن أكون بعيداً عن العصبة طوال الليل والنهار.! سوف تجدوني إلى جواركم وقت ما تحتاجوني . إذا ما وافقتم بشرطي هذا, فأنا معكم في العصبة إلى الأبد ,.
قال البشري : قد لا يخفى عليكم التباين والتفاوت الظاهر بيني وبينكم ككائن بشري , هذا لا يضير ما دام ما اتفقنا سلفاً على احترام الخصوصية المميزة للأعضاء في لائحة تنظيم العصبة , وقد تختلف وتتباين الشروط والتحفظات العضوية وفقاً لتباين والتفاوت بين أعضاء المجموعة بطبيعة الحال ,وبالتالي لا غرابة في أي شرط من الشروط العضوية .. أنا كائن بشري - آدمي- لدي بعض التحفظات الطفيفة فيما يتعلق بتصريحات العضو المحترم "الأسد" عندما صرح أنه لا يخضع لإدارة أحد غير بني جنسه..! , أنا أخشى أن يتعارض هذا إلى حد ما مع مبادئ الديمقراطية وإرادة الفرد في اختيار ما يراه مناسباً وبالتالي مع الإستراتيجية أمن العصبة مستقبلاً ..! مع ذلك أنا أتفهم موقف العضو المحترم من ارثه التاريخي وحقه الأدبي , أما شرطي الوحيد من ناحيتي : أنا ابغض الأسئلة الاستفسارية مثل .كيف ..لماذا ..ولما .؟ مثل هذه الاستفهاميات أو الاستفسارات وغيرها لا أريد أن اسمعها ..! بما إننا مختلفون ومتفاوتون نسبياً ونوعياً ,فإن قدراتنا وأداؤنا تختلف وفقاً لذلك بلا ريب.. ! لا أحد يشك في قدرات الآدميين وانتم تعلمون ذلك ..! ربما تفاجؤن بأشياء خارج المألوف أحيانا , ولكن هذه من عبقرية البشر ..! " رغم ضعف الحواس عند كائن البشري بالمقارنة مع بقية الحيوانات مثلكم , ونعومة البنية الفيزيائية للبشر إلا ان البشري يتميز بقدرات عقلية جبارة , وعبقرية في التفكير والتخطيط يفوق تصوركم يا معشر الحيوانات..! انتهى حديث الآدمي ".
كان الثعلب يستمع إلى حديث "الآدمي" باهتمام بالغ , حالما ختم الآدمي حديثه انسحب الثعلب من الاجتماع , بدون سابق إخطار..!, ولم يدلي برأيه في النقاش ..! ولم يقدم مرئياته في كيفية تنظيم العصبة ولم يتحفظ أو يعترض على رؤية أي فرد في الحوار ..! فلذا عبر الجميع عن استيائهم من تصرف الثعلب ورفع الأسد الجلسة حتى إشعار آخر.
في اجتماع طارئ دعا إليه الأسد , سئل الثعلب عن انسحابه المفاجئ من الاجتماع دون سابق إخطار ..! وعن رأيه فيما يخص هيئة العصبة وما تم من مداولات ومرئيات حولها . رحب الثعلب بالفكرة, وشكر الجميع بالمجهود الذي بذلوه في سبيل عمل يعتبره الجميع تكاملي واستراتيجي ومستقبلي يهم الكل , وطمأن الحضور بأنه يبذل كل ما في وسعه من اجل إثراء العمل الجماعي وترقيته , لكنه استدرك قائلاً :
من السابق لأوانه إعلان العضوية في الوقت الراهن..!,إننا في حاجة إلى وقت كافي قبل الانضمام إلى العصبة , لأسباب كثيرة لا يتسع الوقت لحصرها في هذه العجالة , على سبيل المثال هناك فقرات أو عبارات وردت في لائحة التنظيم عمل العصبة لم تأخذ كفايتها من النقاش , - ارث تاريخي , - حق أدبي أو معنوي , - "خط أحمر ", أشياء خارج المألوف "– عبقرية البشر": مثل هذه العبارات وغيرها تحتاج إلى توضيح أكثر, أنا بطبعي أحب الوضوح والشفافية في كل شيء , لغة اللوائح والقانون والمعاهدات والاتفاقيات يجب ان تكون واضحة المعالم ومحددة المعاني والمدلولات ..!, ثم أن شروط العضوية بهذه الطريقة تفتح الباب على مصراعيه لكل من هب ودب ..ويدعي انه عضو في العصبة دون ادني مسئولية اتجاهها ..! رغم ذلك أنا التمس من عصبتكم الموقرة الاكتفاء بعضوية رمزية أو فخرية حتى تكتمل الترتيبات اللازمة للعضوية الكاملة..!, لكم فائق شكرنا وتقديرنا.
بناءً على تحفظات الثعلب اتفق الجميع على مراجعة "الشروط - شروط العضوية - , بحيث يقدم كل عضو الحد الأدنى للسقف المطلوب ,حتى يتمكن الجميع من التوفيق بين الشروط والواقع الماثل ,لترضية الذوق العام , وفسح المجال لرؤية توافقية ..! واتفقوا على إبداء المرونة الكافية بقدر الإمكان من اجل توحيد الرؤى التوافقية المطلوبة . بهذه المناسبة لمّح الأسد بأنه على استعداد تام لتقديم تنازلات مؤلمة من أجل الوفاق ..!, لم ولن يكون سبباً في إفشال العصبة ,أما بخصوص الممانعة وإخضاعه تحت إدارة حيوان آخر غير بني جنسه " وضح الأسد موقفه قائلاً: يبدوا أن البعض قد أساء الفهم , نحن لا نمانع أن يشاركنا الآخرون في إدارة شئون العصبة , بمعنى تقسيم السلطة الإدارية وتقصير الظل الإداري المركزي ..! ويكون للآخرين حق المشاركة في صنع القرار.! أما النمر قال انه لا يتراجع عن موقفة قيد أنملة , ولكنه يراجع النصوص الواردة في اللائحة ,عدا الخصوصية المميزة " الخط الأحمر"المنفعة للجمع إلا فلا اتفاق..!
وتحدث الذئب معلقاً على الحوار المتداول , :أراكم تعطونا الموضوع أهمية أكثر من لازم ..! الأمر ابسط من هذا ..! يقول المثل " صادق حتى الذئاب المهم ان يكون فأسك مستعداً ..!" الأمر ليس في حاجة إلى شروط ولا خصوصيات ولا خطوط حمر ولا يحزنون ..!, نحن أبناء منطقة واحدة يعرف بعضنا البعض جيداً ,كل يعرف نفسه وقدراته وحدوده ,هناك علاقات فيما بيننا سلفاً , ليس هناك ما يدعو للقلق, اتركوا الأمور تسير على طبيعتها, لا أرى ضرورة لكل هذه زوبعة ,!قاطعه الآدمي قائلاً : لا يا ذئب , علاقاتنا القديمة ليست سوية , كانت علاقة تسودها الهمجية وشريعة الغاب ..!القوي منا يأكل الضعيف , نسئ الجوار , ونغدر الغافل , حياة مليئة بالمخاطر , كل هدف محتمل ..! تسود فيها النهب والسلب والقتل , ما نصبو إليه الآن يختلف تماماً عما كنا عليها من قبل , نحن ندعو إلى الفضيلة إلى عصبة القانون والعدالة والإخاء والمساواة " حلم المدينة الفاضلة" , لا أحد فوق القانون . انتهى عهد الفوضى والظلم .فيما يتعلق بمراجعة شروط العضوية , أنا اتفق معكم , يجب المرونة في التعامل مع النصوص , ليس هناك نص مقدس في العهود والمواثيق والاتفاقيات , اختلال توازن القوى, والظروف الموضوعية, والمصلحة العامة تقتضي تغير المواقف احياناً" Circumstances might alter cases, but circumstances can never alter principles ..!, كل شيء قابل للنقاش والتجديد والتجويد والتعديل مع الحفاظ على المبادئ والخصوصية المميزة للفرد في العصبة ..! .
بخصوص عضوية الثعلب في العصبة ,التقى الثعلب مع المجموعة في اجتماع طارئ في غياب الآدمي لأمر هام ..!, في هذا الاجتماع وضح الثعلب موقفه من العصبة بصراحة ووضوح , أنه- أي الثعلب - لا ينضم إلى عصبة فيها أعضاء آدميين..! , ذلك أن للآدميين خصائص وصفات جد مختلف عن صفات الحيوانات مثلهم , هذا التباين والاختلاف يحول دون التعايش السلمي بينهم من دون أدنى شك , يقول الثعلب : مهما نجتهد ونسدد ونقارب لا نستطيع من تطويع أو تغير سلوك الآدميين لتتماشى مع مزاجنا وسلوكنا أو طريقتنا في العيش .! هناك بون شاسع بين طريقتنا في الحياة , وما يسمونها ثقافة أو فلسفة حياة أو ما إلى ذلك , نحن معشر الحيوانات لا نستطيع مواكبة الآدميين .
أشاد الأسد بموقف الثعلب , وقال معقباً على حديثه :حرية الرأي هو جوهر الديمقراطية نحن نحترم رأيك , ونقدر لك النصيحة الغالية التي قدمت لنا , ولكن نحن التزمنا مبدئياً مع الآدمي في تأسيس العصبة التي جمعت شتاتنا , وحشدت جهودنا ,من أجل إستراتيجية شاملة تحمي مصالحنا وتؤمن مستقبل زاهر لأجيالنا ..! ومن ناحية أخرى ليس من الوجاهة التنصل من ميثاق تم الموافقة عليه , بكامل الأهلية القانونية والشخصية الاعتبارية , هناك أعراف دبلوماسية ومبادئ أخلاقية تفرض علينا احترام العهود والمواثيق ..! إلى هنا اقتنع الثعلب تماماً من عدم جدوى مسعاه في التغير أو التعديل ما تم بخصوص العصبة مع الآدمي , فلذا قرر التخلي عن العصبة نهائيا.
اكتملت الترتيبات اللازمة لتكوين العصبة , وتم توزيع المهام , وعلم كل عضو مسئوليته ومهامه , فبدأت الأمور تسير بطريقة سلسة , والثعلب يراقب الوضع عن كثب..! ,مسكنه بالقرب من مسكن العصبة ولكن بينهم حجاب ..!. كان من ضمن مسئولية العضو في العصبة , عليه التكفل بإطعام جميع الأعضاء العصبة يوم في الأسبوع بصيد يأتي به - دورياً - هكذا , لكل حسب طاقته وقدرته . صاد الذئب أيل بري أكلوه ..!, وأتى النمر بغزال استحسنوا لحمه , افترس الأسد حماراً وحشياً, أكلوا حتى التخمة , إلا الآدمي عف عن تناول الوجبة وتعلل باضطرابات معوية .. ! . أما الآدمي فقنص زرافة ..! , وسط ذهول وعدم الارتياح من الجميع ..لاسيما الأسد , أخذته الغيرة ..! كيف لآدمي ضعيف البنية مثل هذا الذي أراه أن يقنص حيوان مثل الزرافة ..!؟ حتى الأسود لا يستطيعون ذلك إلا بشق الأنفس ..! هناك شيء خفي أو لغز غامض..! يجب معرفة الحقيقة , نعم الحقيقة وراء اللغز ..هكذا فكر الأسد ومن معه .في المساء وفي جلسة أشبه بمحضر التحقيق والاستجواب ,سأل الأسد الآدمي سؤال مباشر :
- كيف تمكنت من قنص الزرافة ..!؟
قال الآدمي: , قبل الإجابة على سؤالك ,لا تنسى أننا اتفقنا على لوائح وشروط لتنظيم العمل كمجموعة لكي نعمل في "اوركسترا واحدة " (orchestra ) من غير تناقض أو نشاز هذه واحدة , ثانياً: لقد قدمت مرئياتي وشروطي قبل انضمامي للعصبة مثل بقية الأعضاء تماماً, وتراضينا واتفقنا على احترام التفاوت والتباين ما بيننا ..! وكان شرطي الوحيد هو إني ابغض الأسئلة الاستفسارية أو الاستفهامية مثل , كيف .., لماذا ..ولما.. والخ.. وقد تم الموافقة على مرئياتي وشرطي بإجماع من طرفكم دون اعتراض أو تحفظ ..!وأنت الآن تسألني كيف ..!!؟ هذا خرق فاضح للاتفاقية لا يمكن تحمله ..! مع أني وضحت لكم سلفاً أن للآدميين قدرات خارقة وعبقرية يفوق تصوركم..! , بفضل التفوق العرقي والحضاري على كثير من الحيوانات..! , وعملية قنص الزرافة هي إحدى مفاجآت التفاوت..! فترقبوا المزيد ..! 0
قال الأسد : أرجو أن يفهم سؤالي في سياق الاستيضاح للشفافية ,هذا ليس خرق أو نقض للائحة كما يزعم العضو المحترم , أنا التمس من الآدمي ان يعطينا تفسيراً موضوعياً للموقف , نحن لا نطلب أكثر من ذلك ..! إذا تركنا الأمور هكذا دون أدني اعتبار لما يحصل حولنا , هذا يشكل خطراً على حياتنا , والمثل يقول :" تجنب من لا يؤمن بالخطر فإنه هو الخطر " التواضع أمام المخاطر هو نوع من التهاون , فلذا يجب أن توضح استفسارنا في إطار الشفافية ومراقبة الأداء بصفتك عضو في العصبة . وأضاف النمر قائلاً : نعم نحن نوافقه الرأي , قد تطابق وجهة نظرنا معه تماماً , لا يمكن ان نترك مثل هذا الحدث يمر هكذا من دون معرفة تفاصيل ما حدث , ثم أن مراجعة شروط العضوية عند الضرورة شيء متفق عليه , "أنت يا الآدمي : كنت من دعاة المرونة في التعامل مع النصوص " ليس هناك نص مقدس " الظروف الموضوعية والمصلحة العامة تقتضيان تغير المواقف ..!, التجديد والتجويد والتعديل مع الحفاظ على جوهر المبدأ ضرورة لمواكبة العصر ..! هذا هو موقفك من المرونة والتعامل مع نصوص الاتفاقية على ما أعتقد .
قال الآدمي : ان إصراركم على "كيف ؟" يعرض الاتفاقية للمخاطر, قد يحدث ما لا يحمد عقباه ..!وان انسياقكم وراء هكذا الاستفسارات وأمثالها ستكون لها عواقب وخيمة ..!, وأنا متمسك بحقي الذي كفلها لي اللائحة – القانون- ," لا ولن أجيب على السؤال ..!".
قال الذئب : لا بدا من حل توافقي يا سادة ..!, يعطي للآدمي فرصة أخرى , ما يجري ليس التماس , بل استجواب له تداعيات خطيرة على مستقبل العصبة , ألاحظ توتر واضح في حديثكم ..!هذا شيء لا يريحني. أريد أن ألفت نظر الآدمي فيما يختص الإجابة على السؤال , المطروح ,. قال الآدمي – الحديث للذئب – في شروط العضوية انه يبغض الأسئلة الاستفهامية والاستفسارية ,مثل كيف ..ولماذا.. ولكن لم يقل لنا بصريح العبارة , أنه , أيّ الآدمي ,لا يجيب على الأسئلة المتعلقة بالشفافية ..! رغم ذلك نعتبر الموضوع شيء عابر مجرد اختلاف في الرأي , واختلاف الرأي لا يفسد للود قضية ..!بهذه المناسبة يجب تفعيل آلية فض النزاع ورأب الصدع وتسوية القضايا الخلافية التي هي احدي آليات حفظ النظام في العصبة . الموقف يستدعي ضبط النفس والتعامل بحكمة .
رغم المداولات والمناقشات حول لائحة تنظيم العمل بالعصبة ,لإيجاد مخرج توافقي للمسألة إلا أن الأسد أصر على موقفه , متحدياً الآدمي ..! لا مناص من الإجابة على السؤال المطروح . أمهل الآدمي فترة أقصاها لا يتجاوز الأسبوع للإجابة على الاستفسار وإلا ..!
قال النمر : أني أرى ما لا ترون , أرى تحت الرماد وميض نار * ويشك ان يكون له ضرام , وصل السيل الزُبى , وامتلأ الكأس ..!, فليكن ما يكون , قدمنا كل ما في وسعنا من اجل رأب الصدع مع ذلك وصل الأمر إلى طريق مسدود , أمامنا وقت محدد وخيارات محدودة , ربنا يجيب العواقب سليمة .
في فجر عاصف, قبيل اليوم القبل الأخير من المهلة المحددة , باغت الأسد الآدمي قائلاً : أريد الإجابة الآن ..! كيف قنصت الزرافة ؟. كان الآدمي عائد لتوه من تمشيه حول المسكن , رد الآدمي: الإجابة هنا ..!, أشار إلى جراب معلق في فرع شجرة بالقرب من المسكن , وكان الآدمي يقف على بعد أمتار من الأسد , فخطا نحو الشجرة وأخرج من الجراب بندقية "اتوماتيكية" وأطلق رصاصة على جبهة الأسد , صائحًا : هذه هي الإجابة يا حيوان ..! – رصاصة قاتلة 'وارداه قتيلاً , فزع الجميع من صوت الرصاص وأخذ كل وجهته للهروب ..!, وضحك الثعلب الذي كان يراقب الموقف من وراء جذوع الشجر , وقال للآدمي: لولا مثل هذه المفاجآت لأقمت مع البشر..! .
حامد جربو /السعودية
المزيد على موقعنا


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.