مليشيا التمرد تواجه نقصاً حاداً في الوقود في مواقعها حول مدينة الفاشر    ضربة موجعة لمليشيا التمرد داخل معسكر كشلنقو جنوب مدينة نيالا    مدير مستشفي الشرطة دنقلا يلتقي وزير الصحة المكلف بالولاية الشمالية    شاهد بالفيديو.. شاعرة سودانية ترد على فتيات الدعم السريع وتقود "تاتشر" للجيش: (سودانا جاري في الوريد وجيشنا صامد جيش حديد دبل ليهو في يوم العيد قول ليهو نقطة سطر جديد)        ضياء الدين بلال يكتب: نحن نزرع الشوك    بالصور.. اجتماع الفريق أول ياسر العطا مساعد القائد العام للقوات المسلحة و عضو مجلس السيادة بقيادات القوة المشتركة    أقرع: مزايدات و"مطاعنات" ذكورية من نساء    وزير خارجية السودان الأسبق: علي ماذا يتفاوض الجيش والدعم السريع    محلية حلفا توكد على زيادة الايرادات لتقديم خدمات جيدة    شاهد بالفيديو.. خلال حفل حاشد بجوبا.. الفنانة عشة الجبل تغني لقادة الجيش (البرهان والعطا وكباشي) وتحذر الجمهور الكبير الحاضر: (مافي زول يقول لي أرفعي بلاغ دعم سريع)    شاهد بالفيديو.. سودانيون في فرنسا يحاصرون مريم الصادق المهدي ويهتفون في وجهها بعد خروجها من مؤتمر باريس والقيادية بحزب الأمة ترد عليهم: (والله ما بعتكم)    غوتيريش: الشرق الأوسط على شفير الانزلاق إلى نزاع إقليمي شامل    أنشيلوتي: ريال مدريد لا يموت أبدا.. وهذا ما قاله لي جوارديولا    سوداني أضرم النار بمسلمين في بريطانيا يحتجز لأجل غير مسمى بمستشفى    محاصرة مليوني هاتف في السوق السوداء وخلق 5 آلاف منصب عمل    غوارديولا يعلّق بعد الإقصاء أمام ريال مدريد    امين حكومة غرب كردفان يتفقد سير العمل بديوان الزكاة    نوير يبصم على إنجاز أوروبي غير مسبوق    تسلا تطالب المساهمين بالموافقة على صرف 56 مليار دولار لرئيسها التنفيذي    محافظ بنك إنجلترا : المملكة المتحدة تواجه خطر تضخم أقل من الولايات المتحدة    منتخبنا يواصل تدريباته بنجاح..أسامة والشاعر الى الإمارات ..الأولمبي يبدأ تحضيراته بقوة..باشري يتجاوز الأحزان ويعود للتدريبات    بايرن ميونخ يطيح بآرسنال من الأبطال    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    العين يهزم الهلال في قمة ركلات الجزاء بدوري أبطال آسيا    مباحث المستهلك تضبط 110 الف كرتونة شاي مخالفة للمواصفات    قرار عاجل من النيابة بشأن حريق مول تجاري بأسوان    العليقي وماادراك ماالعليقي!!؟؟    الرئيس الإيراني: القوات المسلحة جاهزة ومستعدة لأي خطوة للدفاع عن حماية أمن البلاد    بعد سحق برشلونة..مبابي يغرق في السعادة    جبريل إبراهيم: لا توجد مجاعة في السودان    خلال ساعات.. الشرطة المغربية توقع بسارقي مجوهرات    مبارك الفاضل يعلق على تعيين" عدوي" سفيرا في القاهرة    وزير الخارجية السعودي: المنطقة لا تحتمل مزيداً من الصراعات    لمستخدمي فأرة الكمبيوتر لساعات طويلة.. انتبهوا لمتلازمة النفق الرسغي    عام الحرب في السودان: تهدمت المباني وتعززت الهوية الوطنية    مضي عام ياوطن الا يوجد صوت عقل!!!    مصدر بالصحة يكشف سبب وفاة شيرين سيف النصر: امتنعت عن الأكل في آخر أيامها    واشنطن: اطلعنا على تقارير دعم إيران للجيش السوداني    ماذا تعلمت من السنين التي مضت؟    إنهيارالقطاع المصرفي خسائر تقدر ب (150) مليار دولار    أحمد داش: ««محمد رمضان تلقائي وكلامه في المشاهد واقعي»    إصابة 6 في إنقلاب ملاكي على طريق أسوان الصحراوي الغربي    تقرير: روسيا بدأت تصدير وقود الديزل للسودان    تسابيح!    مفاجآت ترامب لا تنتهي، رحب به نزلاء مطعم فكافأهم بهذه الطريقة – فيديو    راشد عبد الرحيم: دين الأشاوس    مدير شرطة ولاية شمال كردفان يقدم المعايدة لمنسوبي القسم الشمالي بالابيض ويقف علي الانجاز الجنائي الكبير    وصفة آمنة لمرحلة ما بعد الصيام    إيلون ماسك: نتوقع تفوق الذكاء الاصطناعي على أذكى إنسان العام المقبل    الطيب عبد الماجد يكتب: عيد سعيد ..    ما بين أهلا ووداعا رمضان    تداعيات كارثية.. حرب السودان تعيق صادرات نفط دولة الجنوب    بعد نجاحه.. هل يصبح مسلسل "الحشاشين" فيلمًا سينمائيًّا؟    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    «أطباء بلا حدود» تعلن نفاد اللقاحات من جنوب دارفور    دراسة: القهوة تقلل من عودة سرطان الأمعاء    الجيش السوداني يعلن ضبط شبكة خطيرة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



قد تحكمنا القبور نفسها يا بروف .. بقلم: كمال الهدى
نشر في سودانيل يوم 30 - 10 - 2017

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
تتزاحم الأفكار في رأسي بسبب التناقضات الكثيرة التي تابعناها بالأمس خلال الجمعية العمومية الانتخابية لاتحاد الكرة.
وفي البدء نهنيء أنفسنا وغالبية المهتمين بشأن الكرة في البلد على عودة البروف كمال شداد رئيساً للاتحاد.
لانزعم أن عودة شداد ستعني تحليق كرة القدم السودانية في العلالي بين عشية وضحاها، بعد أن أصبح أكبر همنا هو أن تعود الحاكمية لمؤسسة فقدت هيبتها..
ويكفينا على المدى القصير أن يعود لمنافساتنا المحلية شرفها الذي أهدره أؤلئك القوم..
وترجع سيادة القانون بعد أن سادت خلال السنوات الفائتة لغة الموازنات والترضيات من أضعف اتحاد كرة يمر على البلد.
أما على المديين المتوسط والبعيد، فهناك العديد من الآمال المعقودة على العائد شداد، وهو ما سأتناوله لاحقاً في هذا المقال.
بالعودة لعمومية الأمس وما جرى فيها، أوكد في البدء أن أصل الموضوع وجوهره بدا في حالة متميزة جداً.
فقد شهدنا ممارسة ديمقراطية حقيقية اتسمت بالشفافية التامة.
أما من ناحية التنظيم والشكل فقد كانت العمومية صفراً كبيراً بصراحة.
ودعونا نبدأ بعدم ملائمة الأجواء.
فقد استغربت جداً لسخونة المكان التي بدت واضحة في تعرق العديد من الحاضرين.
أيعقل يا قوم أن تُعقد جمعية عمومية لأكبر مؤسسة رياضية في البلد، وبحضور ممثلين خارجيين في مثل تلك الأجواء الساخنة!
وحتى لا يخرج لنا من يقول " أصلو ناس الكورة عشوائيين وفوضويين وغير منظمين، أذكركم بمناسبة وظروف شبيهة كنت قد كتبت حولها يومها.
يوم الاحتفال بتوقيع اتفاقية نيفاشا، تلك المناسبة ( البغيضة على نفسي) التي حضرها أهم مسئول أممي برفقة ضيوف آخرين.. في ذلك اليوم شاهدنا كيف أن جميع الحضور عانوا من حرارة الطقس داخل الخيمة لدرجة أن كل واحد منهم حمل جريدة ل ( يتهبب) بها.
أي والله كانوا ( يهببون) وجوههم بهدف التخفيف قليلاً من حرارة الأجواء.
وأين؟!
في ( خيمة) نصبوها في حدائق القصر الجمهوري الذي ( يدلع) مسئولوه أنفسهم اليوم بأقصى ما يمكن.
قصدت من التذكير بتلك الواقعة التأكيد على أن الحال من بعضه، وأن مشكلة البلد عامة لاتخص أهل الرياضة وحدهم.
بالإضافة لحرارة الطقس لاحظنا بالأمس فوضى عارمة و( حوامة) متكررة للكثير من الحضور أمام المنصة.
وفي العادة عندما تتم تلفزة أي مناسبة، حتى لو كانت أقل أهمية عن عمومية اتحاد الكرة، فلابد أن تخلو المنطقة أمام المنصة الرئيسة من الأشخاص.
لكن المؤسف أن شيئاً من ذلك لم يحدث.
فهذا يسلم على أحد الحضور الواقفين بالقرب من المنصة، وذاك ( يبوس) ثالثاً في رأسه، ورابع يخرج هاتفه النقال لقراءة بعض الرسائل.
أحياناً كنت أشعر بأن البعض يريد أن يظهر بأي شكل، حتى لو شكل ظهورة حالة فوضى.
بجانب ذلك ظللنا نتابع الصياح المتكرر لبعض أعضاء اللجنة أثناء عملية إحصاء الأصوات: " يا جماعة فلان وين!" ، " ده ناولنا الأوراق دي خلينا نعمل check تاني" الخ.
وأثناء حديث رئيس اللجنة اللواء أمان رأيت أحد المصورين يحجب عنا بكاميرته وجه المتحدث كاملاً خلال محاولة لالتقاط بعض الصور للحضور.
وعلى ذكر رئيس اللجنة، فقد كانت هيئة الرجل لوحدها حكاية!
كنت أضحك لسماعه وهو يردد أنهم يريدون لهذه العملية أن تكون نموذجاً يُحتذى في أفريقيا وبقية العالم.
مش لما نتعلم النظام والاخراج يا سعادتك!!
صحيح أن العملية من ناحية مخرجاتها الإجرائية والقانونية كانت غاية في الشفافية والنزاهة.
لكن التنظيم أيضاً مهم سعادتك.
وقد رأيناك جالساً في مقعد الرئيس وأزرار قميصك مفتوحة لدرجة أن فانلتك الداخلية ظهرت للمشاهد البعيد مثلنا.
ومثل هذا ( المنظر) لا يليق برئيس لجنة يريد لعمليته الانتخابية أن تصير ( نموذجاً يُحتذى)، اليس كذلك!
ويُشكر رئيس اللجنة على ترجمة كلمات ممثل الفيفا، رغم أنه في بعض الأحيان كان يقاطع الضيف قبل أن يستأذنه.
كما أصر رئيس اللجنة في بعض الأحيان على نقل كلام لم يقله صاحبه بذات الطريقة التي نقلها بها.
لكن عموماً قدم رئيس اللجنة عملاً جيداً في هذه الجزئية، إلا أن عمله الجميل يظل جزءاً من حالة الفوضى والعشوائية التي تسود مناسباتنا.
فما دام الحضور معروف مسبقاً بأنه يتضمن ضيوفاً لا يتحدثون العربية، كان المفترض أن يتم الترتيب لاحضار مترجم متخصص يقوم بهذا العمل، لأنه من الناحية البروتوكولية لا يجوز أن يقوم رئيس اللجنة بمهمة الترجمة.
لا نهمل حقيقة أننا كسودانيين لدينا خصوصيتنا وتعاملنا التلقائي الجميل الحلو مع بعض الأشياء، لكن لا يفترض أن يصل ذلك لمرحلة الفوضى والاهمال بهذا الشكل.
ثمة حالة فوضى وعدم انضباط وقع فيها رئيس اللجنة سوف أعرج عليها في المقال عند تناول حالة تعادل الأصوات بين أسامة وحميدتي الذين ترشحا لمنصب نائب الرئيس للتسويق.
كنا أيضاً في الكثير من الأحيان نسمع احتجاجات وصياح هنا وهناك، رغم أن الحديث في مثل هذه المناسبات يفترض أن يكون بإذن من رئيس اللجنة.
حتى الأعضاء في اللجنة يفترض أن يتحدث الوحد منهم بإذن الرئيس فقط لا غيره.
لكن الشاهد أن أي شخص داخل القاعة بالأمس كان يتحدث في الوقت الذي يريد ليقاطع المتحدث لحظتها، وكأن القوم في جلسة تحت ظلال الأشجار.
حتى البروف كمال شداد حين مُنح الفرصة للحديث، مارس شيئاً من الفوضى.
فالمتوقع في مثل هذا الظرف أن يظهر الرئيس المنتخب ليقول كلمات محسوبة ومختصرة يشكر فيها الأعضاء على ثقتهم أكثر من أي شيء آخر.
لكننا نجد للبروف بعض العذر في أنه غاب طويلاً عن الكلام كما قال هو بنفسه.
كما نعذره جداً حيث يصعب على رجل مثله وفي عمره أن يقف على المستوى الذي بلغه السوء في هذه المؤسسة الكبيرة، وقد بدا واضحاً أنه ( مغبون) وله الحق في ذلك.
لهذا وجدت له العذر في خروجه عن النص أحياناً، ولو أن البروف قال كلاماً قوياً وجريئاً سأعود له بالتفصيل.
نأتي على حكاية أسامة عطا المنان الذي أثار جلبة وزوبعة شديدة، قبل أن يأتينا في النهاية بمسرحية سيئة الاخراج.
فجأة ودون مقدمات ثار أسامة مطالباً اللجنة بإعادة التصويت على منصب نائب الرئيس للتسويق، رغم أن رئيس اللجنة أوضح منذ البداية أن الإعادة ستكون بعد اتنهاء إجراءات الجمعة الأخرى.
وقد رأينا ثورة وهيجان أسامة وتحركاته بتلك الملامح الغاضبة أمام المنصة ذهاباً ومجيئاً، في مشهد يعكس حالته النفسية السيئة وعدم رغبته في التسليم بالهزيمة التي يبدو أنها قد شعر بمؤشراتها.
وقتها كان جميع رفقاء أسامة قد خرجوا من السباق.
فقد خسر الدكتور معتصم بفارق خمسة أصوات، وهو فارق ضئيل جداً في نظري، بالنظر للسوء الذي شاهدناه في الفترة ا لماضية والضعف والهروب الدائم لمعتصم، ومثل هذا الفارق الضئيل يعكس حالة الفساد الذي عمل البلاد.
كما خسر مجدي بفارق 13 صوت.
وسقط محمد سيد أحمد بكل تلك ( الجعجعة) ولم يحصل سوى على خمسة أصوات فقط.
وطالما أن جميع زملاء أسامة خرجوا من السباق، كان الشيء الطبيعي والمنطقي والمتوقع هو أن ينسحب ود عطا المنان لحظة الإعلان عن تساوي الإصوات بنيه وبين حميدتي.
لكنه لم يفعل، بل على العكس كان غاضباً وهاج وماج وأراد إعادة التصويت سريعاً وقبل الوقت المحدد ربما لشيء في نفسه.
ثم فجأة وبعد فترة توقف، رأينا أسامة وحميدتي أمام المنصة.
وقال رئيس اللجنة أن المرشحين أمامه ويبدو أنهما توصلا لاتفاق وأنه سوف يمنح حميدتي الفرصة للحديث عن ذلك.
وما كان يجب أن تكون عليه الأمور هو طبعاً ألا يدخل الثنائي على المنصة بأي مداخلات، بل يقدم أسامة تنازله مكتوباً وموقعاً ليقرأه رئيس اللجنة ويعلن فوز حميدتي بالمنصب.
لكن لأننا ( بنموت في الدراما) ونخلط دائماً ما بين تفردنا كشعب، وبين ما يجب أن يكون عليه ترتيب الأمور، تابعتم ذلك المشهد بإخراجه الذي لم يرق لي شخصياً.
بعد ذلك تمت ممارسة نوع من الفوضى أيضاً حيث قدم حميدتي حديثاً عاطفياً ( لا اتفق معه، بل اختلف معه جملة وتفصيلا).
ثم منح الفرصة لأسامة ليواصل ذات الحديث العاطفي، لمعرفته بأن السودانيين تعودوا دائماً أن ينسوا قضاياهم وسط زحمة العواطف.
قال أسامة أنه عندما يهنيء حميدتي فكأنما يهنيء نفسه، لتضج القاعة بالتصفيق الحار.
وقتها بالطبع نسي الكثيرون كمية الأذى والضرر والفوضى والتسلط الذي مارسه أسامة أثناء توليه لأمانة المال في الاتحاد، وكيف أنه كان يحمل أختام المؤسسة إلى بيته ليختم لهذا ويمنح ذاك ما يريد منحه له دون أن يسأله أحد.
جاءنا أسامة وحميدتي بعد جلسة لا نعرف ما دار فيها، ليقولا أن الجلسة لم تتعد سوى خمس دقائق قبل توصلهما للاتفاق.
وحدوث اتفاق في خمس دقائق بعد كل ذلك الانفعال من جانب أسامة واستعجاله لإعادة التصويت.. مثل هذا الاتفاق السريع يجعلنا أكثر ريبة لو يعلم حميدتي.
وما يزيد الشكوك أن أسامة قال في نهاية حديثه أن بينه وبين حميدتي مجالات أخرى أرحب من كرة القدم وأنه سوف يقدمه لكل المحافل المحلية والخارجية.
أكثر ما استفزني فيما جرى هو ذلك التحول في مواقف الكثيرين بعد أن استغل أسامة الظرف لتقديم خطبته العاطفية.
الكثيرون غيروا رأيهم بعد تلك الخطبة وبدأوا يحدثون الناس عن جهود أسامة وعمله الدؤوب، ناسين كل تلك الفوضى التي أحدثتها مجموعته، وهو بالذات بوصفه كان الكل في الكل وسط تلك المجموعة.
ما تقدم يؤكد أن العاطفة دائماً حاضرة في تصرفاتنا ومواقفنا.
حتى حميدتي نفسه قال كلاماً جميلاً في حق أسامة بعد تلك الخطبة العاطفية.
وهو حديث أيضاً لم أتفق معه لسبب بسيط هو أن مجموعة شداد ترشحت لأن الفوضى بلغت مراحل غير مسبوقة.
والتهاون وصل أعلى مستوياته.
والفساد استشرى وفاحت روائحه.
وما دام المرشح الجديد ( حميدتي) مقتنع بعمل أسامة واجتهاداته، فلماذا لم يتنازل هو له؟ بل لماذا ترشح في مكانه من الأصل؟!
أسامة عطا المنان حاول اللحاق بنفسه متأخراً.
فقد أردك في لحظة ما أنه سيخسر الجولة.
وبعد ( حسبة) محددة قال لنفسه الأفضل لي أن أخرج بطريقة تحفظ لي ماء الوجه وب ( وهمة) يصدقها الكثيرون ليتعاملوا معي بعد ذلك كبطل قومي.
ولا يفوت على تذكيركم بأن أحدهم قال فعلاًَ أن موقف أسامة سوف يحفظه التاريخ.
أي تاريخ يا عزيزي!
لو أن أسامة اتخذ قراره منذ لحظة الإعلان عن ا لتساوي في الأصوات، وقبل أن يحدث تلك الجلبة، لحمدنا له موقفه.
أما أن يأتي بحديثه في ذلك التوقيت، فهو ما بدا لي مثل منتخبنا الذي ضيعه أسامه ورفاقه، وكأن ذلك المنتخب قد خسر مباراته الأولى بنتيجة تبعده من المنافسة، وفي مباراة الرد عاد ليؤدي بشكل قوي ويحقق الفوز على منافسه، لكن بعد أن ضمن خروجه من المسابقة.
هذا بالضبط ما فعله أسامة في رأيي.
وقد تضاربت كلمات حميدتي في نظري مع ما قاله الأستاذ برقو وكلام شداد نفسه.
فقد نطق برقو بكلمات خطيرة في تصريحه لقناة الملاعب.
قال أنهم يأتون تحت قيادة ربنا ماهر معروف للجميع ليعملوا وفق برنامج محدد للنهوض بالكرة والمنتخب الوطني.
وأضاف " عينا مليانة، وقادرين على تمويل أنشطتنا، ولن ننتظر الدعم من الدولة".
واستطرد برقو قائلاً " أهم ما في الموضوع أننا سوف نعمل على التيراب الموجود، أما من سبقونا فقد أكلوا التيراب"!!
وهذا اتهام خطير للمجموعة السابقة.
كما أن الدكتور شداد قال كلاماً بالغ الأهمية، حيث ذكر أنه عند حضوره لمقر الاتحاد بعد غياب دام سبع سنوات شاهد وجود (زقاقات) وأشياء لم يشعر معها بأنه داخل ذات المبنى الذي احتلفوا بافتتاحه وهو في حلة زاهية.
وأضاف شداد متسائلاً: " لا أعرف ما إذا كان قد تم تأجير المبنى من الباطن؟!
هذا هو رأي زملائك يا حميدتي، فكيف تحدثنا عن موقف تاريخي لأمين مال تلك المجموعة الفاشلة!
ما جاء به أسامة هو ذر للرماد في العيون لا أكثر.
فكفانا عواطف ولنتذكر جيداً أن هؤلاء القوم أضاعوا على الكرة في البلد سبعة أعوام.
وليتهم أضاعوا تلك السنوات فقط، بل نراهم قد أعادونا للوراء كثيراً.
والغريب أن بعض المتباكين على تردي الأوضاع كان لهم اليد العليا في تلك المؤامرة التي استهدفت شداد في وقت سابق.
أعدوا ومهدوا الأجواء تماماً لطرد شداد من الاتحاد، بزعم أنه كبر في السن، وأن ( الكنكشة) لن تفيد الكرة في البلد، وزعموا أن التغيير سوف يؤدي لنتائج أفضل.
أكثروا حينها من الحديث عن ( كنكشة) شداد وحاولنا تذكيرهم بأن رئيس البلاد نفسه ( مكنكش) وأن رئيس الفيفا بلاتر أيضاً يمارس ( الكنكشة).
وقلنا لهم لو أنكم فعلاً ضد مبدأ ( الكنكشة) فعليكم أن تقولوا للرئيس المشير ( كفاك)، وإلا يصبح طرحكم مجرد كلمات حق يراد بها باطلاً.
وقد اثبتت الأيام أنهم فعلاً أرادوا بتلك الكلمات باطلاً، والدليل تحولهم في المواقف وهجومهم بعد ذلك على معتصم وشلته بعد خراب سوبا.
فعندما كانوا يتحدثون عن التغيير لم يكن غائباً عنهم أن البديل هو معتصم وشلته، بل روجوا لهم ودعموهم بشدة.
وبعد أن فاحت الروائح وكره غالبية أهل السودان الكرة بسبب تلك الشلة وحين أدركت الحكومة أن تلك المجموعة لم تعد مقبولة وأنه لابد من عودة شداد، رأينا ذات الزملاء يهاجمون معتصم ورفاقه.
وهذه واحدة من أكبر مصائبنا في هذا البلد.
نقول اليوم كلاماً يصفق له البعض.
وحين تتغير الظروف نقول عكسه تماماً ليصفق لنا البعض أيضاً.
رأيي أن عنيتهم ساهموا بقدر كبير في التدهور الذي أصاب الكرة في السنوات الماضية.
وما لم تتغير عقلية المتابع ليبدأ في اتخاذ مواقف مبدئية تجاه الأشياء والآراء التي تطرح لن ينصلح حالنا في هذا السودان.
نأتي لكلام شداد المهم، حيث تحدث البروف عن فرح الكثيرين بهذا التغيير.
لكنه عبر أيضاً عن حزنه الشديد للعودة في مثل هذا العمر.
وأضاف بالحرف: " ما يناسبني وأنا في أرذل العمر هو كرسي قماش".
وقال أن الناس يأتون برجل بالقرب من المقابر لكي يدير لهم مؤسسة، في إشارة إلى أنه بلغ من العمر عتيا ويفترض أن يستريح وأن يتولى مثل هذه المناصب من هم أصغر سناً.
أولاً، نسأل الله عز وجل أن يمتع كمال شداد بالصحة والعافية ويمد في أيامه ويعينه في المهمة الصعبة.
وثانياً أشير إلى أن هذا الحديث من البروف يؤكد عمق أزمتنا.
فشداد عندما أطاحوا به كان قد تقدم في العمر أصلاً.
وبعد سبع سنوات قاضاها في بيته لم يجدوا رجلاً غيره يديره هذه المؤسسة!
فعلاً مأساة والله.،
وله الحق في أن يشعر بالحزن تجاه ما آلت إليه الأمور.
الواقع أن المجموعة السابقة قد عملت مع شداد لعدد من السنوات.
لكن المؤسف أنهم لم يتشربوا ببعض أفضل صفات الرجل.
فلا أدركوا أهمية قوة شخصية القيادة.
ولا وجدوا للنزاهة والاستقامة طريقاً.
لهذا ظللنا نتابع تلك الترضيات التي أضرت بالمنافسة كثيراً.
والأمر هنا لا يتوقف على الكرة وحدها أيضاً.
فحتى الحزب الحاكم لا يجد غير المشير البشير مرشحاً.
لهذا نقول لشداد لا تستبعد مطلقاً أن تحكمنا ذات يوم القبور يا بروف، لا مجرد الأشخاص الذين يقتربون منها.
لكن دعونا نبني على هذه الجزئية المهمة من كلام شداد.
فقوله أنه حزين للعودة في هذا العمر، يعكس أنه بات زاهداً تماماً في المناصب.
وطالما أنه عاد استجابة لدعوات الكثيرين ورغبة في تصحيح الأوضاع، فالمتوقع أن يعمل شداد في تناغم تام مع مجموعته لفرض هيبة المؤسسة والعودة لأيام كان الناس فيها يحسبون ألف حساب لرئيس اتحاد الكرة، قبل أن يهين معتصم جعفر هذا المنصب بضعفه الشديد.
وقد انعكست قوة شخصية شداد في كلماته التي وجهها لممثل الفيفا وهو يقول له دون مواربة أنه لم يتوقع أن تغمض الفيفا عينيها عن الفساد، لأن اليوم الذي تحمي فيه المؤسسة الدولية الفساد سوف يعني نهاية كرة القدم في العالم.
ومما تقدم يبدو واضحاً ان في جعبة البروف الكثير المثير، لأنه عاد وأكد للضيف أن مجموعتهم ستخاطب الفيفا، مؤكداً أن المنظمة الدولية تعرفهم جيداً.
وحين يشير شداد لتواطؤ الفيفا مع المفسدين، بفهو بلا شك يعني ما جرى في بلدنا طوال السنوات الماضية.
هذا ما نريده حقيقة، أن يأتي يوم تتم فيه محاسبة المخطئين، أو على الأقل تُثبت ضدهم الجرائم التي اقترفوها في حق هذا البلد.
نريد من شداد أن يكشف للعامة كل المستور.
كما أن زهد البروف في المنصب يمكن أن يعين كثيراً في وضع أساس أكثر وضوحاً ويساعده في تدريب من يأنس فيهم الكفاءة.
والكفاءة التي أعنيها ليس بالضرورة كل من يلم بالنظم واللوائح والقوانين وأساليب الإدارة الجيدة فقط.
فكم من رجل يعرف ذلك جيداً في سوداننا، لكن بمجرد أن تأتيه الفرصة ينحي كل ذلك جانباً ويبدأ ( اللغف) بلا سقف.
نريد من الدكتور شداد أن يتخير من بين أهل الكفاءة من يتمتعون بنزاهته وصدقه وشجاعته واستقامته، حتى يحفظ له التاريخ أنه في آخر أيامه في العمل العام قدم من يمكنهم أن يكونوا امتداداً لمسيرته العامرة بالاستقامة والنأي عن الشبهات، ولو أن ذلك أمر بالغ الصعوبة في سودان اليوم.
////////////////////


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.