عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته. طالعت بالأمس البيان المسئول الذي أصدره مجلس الهلال حول حادثة صورة هتلر ومفردة الهولوكوست التي عرضها شباب الألتراس أثناء مباراة القمة الأخيرة. وقد فعل المجلس خيراً بهذه الخطوة التوضيحية الهامة. وطالما أن المجلس قد سلم اتحاد الكرة ولجنته المنظمة وشرطة الولاية وأمن الملاعب الاستاد منذ الساعة التاسعة من صباح يوم المباراة، يصبح المجلس - الذي تساءلت في مقالي السابق عن دوره في منع ما جرى - في حل تام من الحادثة المشينة. وبهذا البيان ركل مجلس الهلال الكرة باتجاه ملعب الاتحاد والأجهزة المعنية بتنظيم المباراة. ويبقى السؤال: كيف تحدث القوم عن إجراءات تفتيش مشددة لكل الجماهير وفي نفس الوقت دخلت صورة بهذا الحجم! لكنه سؤال لم يعد مجلس الهلال مسئولاً عنه بعد بيانه الواضح الصريح. وننتظر ما سيقوله اتحاد الكرة ولجنته المنظمة والأجهزة الأمنية وكيف سيبررون موقفهم بالغ الصعوبة. أخلى مجلس الهلال طرفه، وإن تدخلت الفيفا فلابد أن تسائل اتحاد الكرة ولجنته التي أُنيط بها تنظيم المباراة. وقبل أن أكمل المقال اطلعت على ما جاء في المؤتمر الصحفي الذي عقده المجلس. لم يخرج ما تضمنه المؤتمر الصحفي عن سياق محتوى البيان، حيث أكد المجلس على عدم مسئوليتهم عما جري. لم تسلم الجرة: اعتاد الهلال على العودة من الباب الضيق في بعض مبارياته الأخيرة. لكن بالأمس لم تسلم الجرة. فيما مضى كان لتغييرات الجهاز الفني في الشوط الثاني مفعول السحر. إلا أن الأمور اختلفت بعض الشيء في مباراة الأمس. قدم الهلال في شوط اللعب الأول أداءً باهتاً ليتأخر أمام منافسه أهلي شندي بهدف الرائع ياسر مزمل. ولو لا سوء الطالع الذي لازم الأهلي والخطأ الفادح لحكم المباراة لخرج الهلال من ذلك الشوط مهزوماً بفارق هدفين على أقل تقدير. ليس معقولاً ولا مقبولاً من الحكام ( خاصة حامل الراية) أن يتصدى جمعة لكرة ياسر بكلتا اليدين وهو خارج خط ال18 ياردة دون أن تُحتسب المخالفة ويُطرد جمعة. وفي شوط اللعب الثاني ساهمت بعض التغييرات في تحسن أداء الهلال، لكنه لم يرقى لما كنا نشاهده في المباريات السابقة. رغم التغييرات ظلت فرص الأهلي شندي هي الأخطر. بعد هدف التعادل الجميل لمحمد موسى اندفع لاعبو الهلال بغرض تحقيق التقدم، لكنهم لم يفلحوا في ذلك . وفي ذات الوقت لم يتوقف أهلي الشندي عن التقدم وخلق الفرص الخطيرة. وقد استحق الشنداوية لقب كأس السودان عن جدارة واستحقاق بعد العرض الجميل الذي قدموه. رغم الأمل في أن يحقق الهلال اللقبين هذا العام، إلا أنه ومن واقع ما شاهدناه بالأمس تمنينا أن تنصف ركلات الترجيح الأهلي. فلم يكن منطقياً أن يظفر الهلال بالأمس باللقب. وإن تحقق ذلك لحجبت فرحة الانتصار على الأهلة الكثير من العيوب التي تحتاج لمعالجات سريعة. وقد رأيتم جميعاً كيف أن دموع بوي حولته لبطل قومي ومنقذ للهلال، رغم أن الفتى من يومها لم يقدم أداءً يستحق كل ذلك التهليل الذي أعقب تسجيله للهدف( الصدفة) في شباك الخرطوم الوطني. ومع مثل هذه الحملات العاطفية الهائلة لو فاز الهلال بالأمس على أهلي شندي لضاع الأمل تماماً في تصحيح الأمور. لو فزنا لنسي القوم أخطاء الدفاع المخجلة. ولنسوا لأوتارا خطأه الفادح وهو يمارس ( فلسفته) المعتادة نتيجة للتطبيل الزائد ليهدي الحريف ياسر هدف التقدم. ولأغفل الكل العديد من الأخطاء الإدارية والقصور الواضح لتستمر أناشيد الهلال والاحتفالات وتتكرر العبارات التي تدغدغ عواطف الأهلة. لكل ما تقدم حمدنا الله كثيراً على أن ركلات الترجيح أنصفت بالأمس أهلي شندي الذي استحق كأس السودان. بالأمس القريب كتبت عن ضرورة أن نتذكر أننا نعيش في عالم مفتوح يرانا فيها الآخرون ويتابعون ما يجري في ملاعبنا مع التلفزة الحية عبر القنوات الفضائية. وقبل أن يجف حبر ذلك المقال رأينا حكم لقاء الأمس يرتدي قميصاً قريب في لونه من قمصان لاعبي الأهلي شندي. وبعد أن أكمل الحكم شوطاً كاملاً بذلك القميص الأسود، قرر استبداله بواحد أحمر في فترة الراحة بين الشوطين. شيء مخجل حقيقة. الحكام لم يحضروا الاجتماع التقليدي للمباراة ليتعرفوا على ألوان الفريقين!! حسناً، ولو أن هذا تقصير كبير. لكن ما الذي منع الحكم من تغيير قميصه قبل نزوله لأرضية الملعب بعد أن رأى لاعبي الأهلي في زيهم الأزرق؟! ولا برضو لم ينتبه لذلك حينما قابل اللاعبين في الممرات بين الغرف! لا أظن أنه سيأتي يوم نتعلم فيه النظام والظهور مثل الآخرين، طالما أن من يسيء التصرف لا يجد العقاب اللازم. حتى الأمس كنت أعلق آمالاً في أن ينتبه مجلس الهلال للموهبة العالية التي يتمتع بها اللاعب ياسر مزمل الذي كان من الممكن أن يسجل في شباك الهلال ثلاثة أهداف. مع علمي بأن المجلس يسجل وفقاً لاهواء ورغبات البعض وأن رئيسه لا يلتفت كثيراً لأي رأي فني، ما لم يتفق ذلك مع رغبة من يحب، كان لدي أمل في أن نرى ياسر بشعار الهلال، خاصة أن أسلوبه في اللعب يختلف عن كل مهاجمي الهلال. وعلى كلِ ذهبت تلك الآمال أدراج الرياح بعد أن سمعت حديث رئيس الهلال الأسبق صلاح إدريس لقناة الملاعب بعد المباراة. فقد أكد صلاح إدريس أن الأهلي لن يطلق سراح أي لاعب أساسي في الفريق للهلال أو المريخ. رغم الاختلاف أعتقد أن النصيحة التي قدمها صلاح لناديي القمة غالية وعليهم أن يتأملونها جيداً. قال صلاح أن الأندية الكبيرة يفترض أن تحافظ على لاعبيها وحتى عندما يفكر الهلال أو المريخ في لاعب نادِ آخر عليهم أن يأتوا من الأبواب وألا يعلنوا ذلك في الإعلام لأن مثل هذا الإعلان يؤثر على نفسيات لاعبيهم الحاليين، خاصة أنهم عندما يفاوضوا لاعباً محدداً لا يكونوا قد حددوا اللاعب المشطوب. وهذه نظرة إدارية صحيحة مائة بالمائة لا يفترض أن يرفضها مجلس الهلال لمجرد أن قائلها هو صلاح إدريس الذي يختلف معهم. وعلى ذكر التسجيلات فقد عادت (الكسكتة) للظهور من جديد وعادت معها تسجيلات الكوتات. الهلال لا يحتاج لكل هذا العدد من اللاعبين. لاعب مثل مدافع الأمل محمد المعتصم يحتاجه الهلال، وأرجو أن يكون بديلاً لل ( الوهمة) أوتارا إلى حين تسجيل مدافع أجنبي عليه القيمة. أما بقية اللاعبين الذين ظهروا مع رئيس الهلال فلدى النادي العديد ممن يشبهونهم في اللعب والمستوى. الغريب أن العديد من أعضاء مجلس الهلال بما فيهم رئيس النادي يؤكدون كثيراً أن بالهلال الكثير من اللاعبين الموهوبين. لكن ما أن تبدأ فترة التسجيلات نجد رئيس النادي وقد أحاط نفسه بعدد من المواهب الشابة. وهنا لابد من طرح سؤال بالغ الأهمية: ماذا سيكون مصير شباب الهلال الموهوبين! بالطبع لن يزيد الهلال كشفه لخمسين أو مائة لاعب. وستتفرق العديد من المواهب بين الأندية الأخري، ليأتي الهلال ويصارع عليهم بعد سنوات ويدفع المليارات نظير التعاقد معهم. ما تقدم فهم إداري متخلف للغاية هذا إن كان هناك فهم أصلاً في مثل هذه الممارسة. هذا تأكيد واضح على أن السمسرة هي سيدة الموقف في تسجيلات الهلال دائماً. وإلا لاحتفظ النادي بمواهبه الشابة التي بذل فيها جهداً على مدى السنوات الفائتة وسعى لتطويرها أكثر ومنحها فرص المشاركة والاحتكاك، بدلاً من السعي الدائم وراء فلاشات لن تأتي للهلال بالبطولة الأفريقية. كل ما يريده الهلال حالياً قلب دفاع متمرس وصاحب خبرة كبيرة، وظهير أيسر بمثل موهبة تنقا، وصانع ألعاب ماهر ومهاجم هداف من الطراز الرفيع. فهل وجد الفريق ضالته في أي من اللاعبين المحليين الذين يحاول ضمهم حالياً، باستثناء محمد المعتصم؟! بالطبع لا. لكن نرى أن الساقية مدورة، وبعد أشهر قليلة أو ربما أسابيع فقط سيبدأ الحديث مجدداً عن لاعبين يحتاجهم الهلال. نحن قوم لا نتعلم من أخطائنا للأسف الشديد، بل نستنسخ هذه الأخطاء بكل السعادة والسرور والتهليل. خانة الظهير الأيسر على سبيل المثال لا يمكن حلها اطلاقاً بلاعب محلي. فمنذ ترجل الحريف الرهيف تنقا لم يجد الهلال بديلاً موهوباً مثله، فيما عدا الفنان محمد حمدان، رغم أنه لم يصل لمستوى تنقا. وبعد ذلك صار هذا المركز مثل حقل التجارب. لا نفع فيه محلي ولا أجنبي. جاء صلاح إدريس بكابوندي وكان مقلباً كبيراً. وجاء الكاردينال بالأثيوبي ( الأروش) بوتاكو وكان المقلب أكبر. وأذكر أنني قبل حضوره للسودان وإكمال التعاقد معه قلت من واقع مشاهدتي له مع منتخب بلاده ضد الجزائر أنه لن يفيد الهلال في شيء، لأنه من نوعية اللاعبين الذين يركضون بحثاً عن الكرة ولا يعرفون مكانها. لكنهم للأسف أتوا به وبعد فترة اقتنعوا بعدم جدواه فتخلصوا منه. ألم أقل لكم أن هذا المركز في الهلال صار مثل فأر التجارب!