في ظل ظروف الإحباط والبؤس والكآبة التي تطوق الحالة السودانية، تحمل إلينا القنوات الإعلامية أخبارا مفرحة تخفف عنا بعض هذا الألم الذي أصاب الجميع، وتجدد أملنا وإيماننا بالإنسان السوداني وقدراته وإبداعيته. ثلاثة من أدباء وكتاب السودان يحققون مراكز متقدمة في كبرى المسابقات الأدبية والمسرحية على مستوى الوطن العربي. الكاتب الأول "أبوطالب محمد"، يحقق المركز الأول عن جدارة في مسابقة النقد المسرحي المدارة بواسطة الهيئة العربية للمسرح، والمقامة دورتها الحالية في تونس، أما الكاتبان الآخران فجاء امتيازهما في مجال كتابة الرواية، وهما الروائي المخضرم أمير تاج السر والروائي الشاب حامد الناظر، إذ نجح الاثنان في أن يكونا ضمن القائمة الطويلة لأهم مسابقة عربية في الرواية، وهي مسابقة "الجائزة العربية للرواية"، المعروفة اختصارا ب "البوكر". تجربة الناقد الشاب أبو طالب محمد تستحق الاحتفاء والإكبار، فقد حقق –خريج كلية الموسيقى والدراما "قسم النقد" - من قبل المركز الثالث في مسابقة الطيب صالح للإبداع الروائي، في مجال الدراسات النقدية، وها هو يعود هذا العام ويحقق المركز الأول في مسابقة البحث العلمي، التي تنظمها الهيئة العربية للمسرح وتخصصها للشباب دون سن الخامسة والثلاثين، وفي الحالتين يؤكد هذا الشاب المجد الطموح على الإبداعية النقدية للعقل السوداني وإمكانية اشتغالها على كافة القضايا الفكرية والأدبية والمسرحية رغما عن كل المؤثرات المحبطة التي تواجه الشباب السوداني. في سنوات قليلة بعد انطلاقها أصبحت جائزة البوكر العربية للرواية أهم جائزة عربية في هذا الشكل السردي البديع، هذا إن لم تكن أهم جائزة أدبية عربيا على الإطلاق. فالفوز بها أو الدخول إلى قائمتيها الطويلة والقصيرة، بات يعد بمثابة تأشيرة قبول عام للكاتب المعين وانتقال نوعي للنص الروائي من المحلية إلى العالمية. مشاركة الكتاب السودانيين في هذه الجائزة رغم محدوديتها مقارنة مع الكتاب الآخرين، إلا أنها تعد مشرفة ومشجعة، فقد نافس الكاتبان أمير تاج السر وحمور زيادة من قبل على الجائزة الأولى بعد عبورهما إلى القائمة القصيرة في دورتين مختلفتين، كما عبر الكاتب أمير تاج السر إلى القائمة الطويلة أكثر من مرة، وذات الشيء ينطبق على الكاتب حامد الناظر الذي يعبرها للمرة الثانية بعبور هذا العام. لأمير تاج السر تجربة نوعية في كتابة الرواية، فهو أكثر الروائيين السودانيين إنتاجا وأكثرهم انتشارا – عربيا وعالميا – كما نجد أن أكثر رواياته قد تم ترجمتها إلى اللغات الأخرى، وقد فاز من قبل بعدة جوائز عربية أهمها جائزة "كتارا". ينافس أمير هذا العام في البوكر عن روايته "زهور تأكل نارها"، التي يرى النقاد أنها أحد أعماله المميزة والمهمة. بروايته "الطاؤوس الأسود"، يدخل الروائي الشاب حامد الناظر منافسة هذا العام في سباق البوكر، وسبق لحامد الناظر أن مثل في القائمة الطويلة للبوكر عن طريق روايته "نبوءة السقا". حامد الناظر ومنذ فوزه بجائزة الشارقة للإبداع العربي عن رواية "فريج المرر" وهو يثبت في كل يوم أنه صاحب تجربة جديدة تستحق الالتفات والانتباه. كل التوفيق للروائيين "أمير" و"حامد" في بوكر هذا العام. عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.