▪ يمكننا الان ان نبدأ في جمع كل ما نملك من نقود لشراء مواد غذائية وتخزين اكبر قدر منها ، شراؤك لبضعة جوالات من الدقيق يمكنها ان تدحر جوعك لعدة اشهر ، فالمجاعة آتية لا ريب في ذلك . اننا نتجه نحو كساد رهيب جدا ، وهذا منطقي جدا في ظل ارتفاع جنوني للاسعار ، والمنتجون والمستوردون ربما يكون من الأفضل لهم ان يقوموا بهيكلة انتاجهم من السلع بحيث تنخفض كمياتها بشكل متدرج الى ان يتوقفوا تماما عن الانتاج بدل الوقوع في صدمات كساد حتمي وتفقد منتجاتهم صلاحيتها للاستخدام جراء انعدام الطلب.. ، ان المجاعة قادمة لا ريب فيها ، وهي مجاعة لن تصيبن اللذين ظلموا خاصة ، فاؤلئك ستنفتح امامهم أبواب الطائرات للهجرة الى الشمال ، حيث يكنزون أموالهم المليارية بالعملات الحرة والقناطير المقنطرة من الذهب والفضة في دبيوتركياوماليزيا. فحتى لو عدلت الحكومة عن ميزانيتها العسكرية هذه فإنها بذلك قد تؤخر المجاعة لسنة او لسنتين ، ولكن ليس بالكامل. لقد موهت الحكومة عبر اعلانها الموجه وعي الناس وخدعتهم باعلانات كاذبة عن عشرات من الشركات الامريكية التي ترغب في الاستثمار بمجرد رفع الحصار ، كما لو ان الشركات الامريكية ليس أمامها سوى دولة السودان لتهجم عليها وتغذي خزينتها بمليارات الدولارات ، والناس لا يعلمون طبعا ان هذا كله وهم ، فالرأسمال جبان كما يقولون وأنا اقول أن الرأسمال ليس جبانا بل حريصا ، لا توجد اي مغريات للاستثمار في السودان ، فهناك مئات الدول تتمتع بانظمة قانونية وادارية افضل الف مرة من السودان وخالية من الفساد ، كما تتمتع ببنيات تحتية افضل من السودان ، بالاضافة الى علاقاتها المتميزة مع العالم ، وفوق ذلك عدم وجود حروب اهلية او نظام حكم دكتاتوري يمكن ان يقلب ظهر المجن للمستثمرين فجأة بقرارات همجية وغير مدروسة. ان اليونان والتي تعاني من الافلاس أفضل الف مرة من السودان من ناحية الاستثمار ، لوجود بنية تحتية تسمح بالاستثمار فيها ، ودولة كأثيوبيا افضل الف مرة من السودان وجنوب افريقيا بكل تأكيد وخلافه ... فما الذي يدفعني انا كملياردير لكي اعرض رأس مالي للخطر في دولة تعاني من فساد شديد وسقوط ائتماني حاد ، وحروب اهلية وعدم استقرار سياسي؟ لقد باعت الحكومة الوهم للشعب خلال السنة الماضية وحتى اليوم وهي تعلن عن اتفاقيات استثمارية وهمية مع دول أخرى ، صحيح ربما تكون هناك اتفاقيات ولكن الاتفاقيات لا تعني ان الدول تستطيع اجبار شركاتها على ركوب المخاطر والاستثمار في السودان ضد مصالحها، وانما هذه الاتفاقيات ليست سوى تفاهمات وهي سياسية أكثر من كونها فاعلة وحقيقية. دعك من شركات متعددة الجنسيات او عابرة للقارات ، فقط دعنا نفترض انك تملك الف دولار وتريد استثمارها ، فهل ستفكها بالجنيه لتقوم بعمل كشك سجائر او محل صعوط؟؟؟ اعتقد انك ستفكر الف مرة قبل ان تقدم على هذه الخطوة شديدة الحماقة وانت تعلم ان الجنيه يزداد انهيارا كل يوم . لذلك اقول ان ما سيحدث هو كساد عظيم جدا ومجاعة كبرى لا ريب فيها . وخلال الاسابيع القادمة سيبدأ المودعون لدى البنوك في سحب اموالهم بعمليات سحب ضخمة ، وخاصة رجال الاعمال وتهريبها الى الخارج ، وخاصة من الاسلاميين الذين سيفضلون الهروب بأموالهم الى تركياوماليزيا والامارات ، فهناك سيضمنوا استقرارا اقتصاديا كبيرا . ان حركة المال هي حركة نفسية في المقام الاول ، حركة تعتمد على استشعار المستقبل والرأسماليون لديهم هذه الحاسة السابعة التي يشعرون فيها باقتراب اجل الانهيار ، ويضعون خطتهم واحتياطاتهم اللازمة للفرار بجلدهم ولحمهم الى ملاذاتهم الآمنة في ساعة الصفر. سيجوع الشعب وسنعود الى مجاعة 1306 التي تأكل فيها الأم أطفالها كما ورد في شوق الدرويش لحمور زيادة ، وهي في الواقع سرد حقيقي لما حدث في حقبة حكم الاسلاف من الاسلاميين والدراويش . ان التاريخ يعيد نفسه كما يقولون.