أشار اقتصاديون إلى أن السودان يتميز بامتلاكه مقومات الإنتاج في مجالات اقتصادية عديدة ومتنوعة، لاسيما الزراعة التي تتوفر لها الأراضي الصالحة، فضلاً عن الكادر البشري المدرب وانخفاض تكلفة الإنتاج مقارنة بالسعر العالمي، لذا تعد هذه المقومات وما يماثلها أحد العوامل المهمة التي ساعدت على خلق ظروف متميزة، وفرص استثمارية واسعة في قطاعات الاقتصاد المختلفة من زراعة وصناعة وطاقة وتعدين ونقل وخدمات اقتصادية أخرى، وفي المجال المصرفي يمثل الاستثمار العربي إحدى الركائز الأساسية للتنمية بالسودان، إذ بلغت جملة الأموال المستثمرة في المجال المصرفي خلال الفترة من عام 2005م إلى عام 2008م أكثر من بليون دولار، تتمثل في استثمارات مصرف السلام الإماراتي السوداني وبيت المال الكويتي، وأكد تقرير صدر أخيراً عن وزارة الاستثمار أن الأموال الخليجية التي تدفقت في هذا القطاع بلغت نحو «500» مليون دولار، إلى جانب استثمارات في قطاعات أخرى «كنانة وسكر النيل الأبيض». وأكد أحد الخبراء أن الحكومة أبرمت أخيراً صفقة مع إحدى الشركات الكويتية لشراء 51% من حصة شركة هجليج للخدمات البترولية والاستثمارية، إضافة إلى 60% من حصة الشركة السودانية للنقل النهري في صفقة بلغت قيمتها «75» مليون دولار، وتشير الإحصاءات إلى أن الاستثمارات الخليجية بلغت أكثر من بليونين و«670» مليون دولار، وأوضح الخبير أن مساهمة الاستثمارات العربية في القطاع الصناعي بلغت نسبة 38% من إجمالي الاستثمارات والقطاع الخدمي 26%، والاستثمارات الأجنبية في القطاع الصناعي بلغت 15% والقطاع الخدمي 21% وذلك من الإجمالي، ويلاحظ من خلال البيانات أعلاه أن نسبة مساهمة الاستثمارات العربية في القطاع الخدمي والصناعي أكبر من مساهمة الاستثمارات الأجنبية، وقد شكلت الاستثمارات السعودية أكبر نسبة مساهمة من بين الدول إذ بلغت أكثر من «32» بليون جنيه بنسبة 33% من إجمالي رأس المال المستثمر في القطاعين، وتوضح تقارير بنك السودان أن تدفقات الاستثمار في السودان أحدثت أثرا كبيرا من حيث زيادة الصادرات والتدفقات والقروض الخارجية في السنوات الحرجة، خاصة تلك المتصلة بتمويل مشروع سد مروي باعتباره أكبر مشروع إنمائي في السودان بعد مشاريع البترول، ونتيجة لذلك شهد ميزان المدفوعات تحسنا حيث نتج فائض أدى إلى زيادة مضطردة في احتياطي البلاد من العملة الصعبة وصلت إلى «1.754» مليون دولار قبيل التأثر بالأزمة المالية العالمية. ويرى بعض خبراء الاقتصاد أن الاستقرار السياسي وتحسن علاقات الدولة مع نظيراتها، له أثر مباشر في مدى تدفق الرأسمال المستثمر لأن «رأس المال جبان»، كما لا يجب إغفال أن القوانين الاستثمارية المشجعة واستقرار السياسات العامة والنقدية في ذلك القطاع لها أثر واضح في جلب الاستثمارات وتوطينها، وتوقع الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي عبد الرحمن العطية أن يتراوح حجم الاستثمارات العربية في السودان بين ثلاثة وأربعة بلايين دولار، مبينا أن أعرق الاستثمارات العربية في السودان هي الهيئة العربية للاستثمار والإنماء الزراعي التي يتمثل نشاطها في الإنتاج الزراعي والحيواني، وتشترك في رأسمالها «19» دولة عربية برأسمال يصل إلى «500» مليون دولار، وبلغ المدفوع من هذا المبلغ حتى نهاية عام 2004م نحو «100» مليون دولار و«334» ألف دولار، وبلغت نسبة استثماراتها حوالي 71% في السودان و29% في بقية الدول الأعضاء، وأكد الأمين العام لمجلس الوحدة الاقتصادية أحمد جويلي أن السودان يمثل أحد الأضلاع المهمة لهذه المنطقة، وأنه كان وسيظل سلة الغذاء للعالم العربي، مشيرا إلى زيادة حجم الاستثمارات التي حظيت بها المنطقة العربية من «45.8» بليون في عام 2005م إلى «62.8» بليون دولار في عام 2007م، ويعد مشروع سكر كنانة نموذجا للمشروعات الاستثمارية الناجحة في السودان، وقد قامت بتنفيذه شركة مساهمة بين حكومة السودان والكويت والإمارات، ويعد سد مروي أحد أكبر السدود المائية في المنطقة العربية والإفريقية لإنتاج الكهرباء، وتصل تكلفته إلى بليون و«800» مليون دولار أمريكي، ومول السد من الصندوق العربي للإنماء الاقتصادي والاجتماعي بحوالي «250» مليون دولار، والصندوق السعودي «300» مليون دولار، وصندوق أبو ظبي«150» مليون دولار، والصندوق الكويتي «100» مليون دولار، والسلطنة «106» ملايين دولار، وما تبقى فهو تمويل أجنبي ومن حكومة السودان. وقال وزير الدولة للاستثمار سلمان سليمان الصافي إن لدى السودان إمكانيات ضخمة ومتنوعة وجاذبة لرأسي المال العربي والأجنبي، كما تتمتع البلاد بثروات متعددة، بالإضافة إلى الإصلاحات التي أقدمت عليها الحكومة التي تضمن لأصحاب رؤوس الأموال الأمن الكامل، ووزارة الاستثمار في آخر تقاريرها الدورية كشفت عن حجم الاستثمار الأجنبي في النصف الأول من عام 2009م الذي بلغ «2805» ملايين دولار بنسبة زيادة 70% مقارنة بالعام الفائت، فيما بلغت الاستثمارات في قطاع الخدمات الاقتصادية «1.577» مليون دولار بزيادة 85%، والقطاع الزراعي «545» مليون دولار بنسبة زيادة 99%، وبلغ عدد الاستثمارات المصدقة خلال النصف الأول من عام 2009م وفقا لواقع دراسة جدوى المستثمرين من وزارة الاستثمار «429» مشروعا برأس مال بلغ «50.354.589» مليون دولار، وكان نصيب القطاع الزراعي من هذه المشاريع حوالي 340 مشروعا، وتدفقات الاستثمارات الإماراتية المباشرة نحو السودان بلغت «1.3» بلايين دولار خلال الفترة من عام 2000م إلى عام عام 2005م، ووصلت بنهاية عام 2006م إلى بليوني دولار في أعقاب توقيع جملة من الاتفاقيات بين البلدين مثل: اتفاقية تجنيب الازدواج الضريبي على الدخل واتفاقية حماية انتقال رؤوس الأموال، ودولة الكويت هي الأخرى أسهمت في قيام مشاريع استثمارية، وتبرز في هذا المجال الشركة السودانية الكويتية للاستثمار والشركة السودانية الكويتية للفنادق مؤكدتين وجود الاستثمار الكويتي، إضافة إلى قروض البنك التجاري الكويتي لبنك السودان التي بلغت في مجملها «530» مليون دولار، وخلال الفترة 2000-2005م بلغت استثمارات الكويت في القطاع الخدمي «13» مشروعا، والقطاع الصناعي مشروعا واحدا، بجانب استثمارات شركة «إن. تي. سي» الكويتية في مجال الاتصالات التي بلغت بليونا و«400» مليون دولار. والاستثمارات السعودية بلغت في القطاع الخدمي «152» مشروعا والصناعي «85» مشروعا والزراعي «13» مشروعا بحجم استثمار تراوح بين «574- 681» مليون دولار، ويشكل ذلك نحو 16.1%من إجمالي التدفقات الأجنبية الواردة للدول العربية لعام 2003م، فيما بلغت جملة المساحات المصدقة للاستثمار بالقطاع الزراعي لعام 2003-2004م حوالي «2.2» مليون فدان نفد منها «118» ألف فدان، ويستقبل السودان في هذه الفترة حوالي «861» مليون دولار من الاستثمارات العربية في العام، غير أن الهيئة العربية للاستثمار والإنماء الزراعي تؤكد أن السودان بحاجة ماسة لنهضة زراعية شاملة عبر عناصر محفزة للاستثمار الزراعي.