(ودع الكذوب فلا يكن لك صاحباً إن الكذوب لبئس خل يُصحب) الشاعر العباسي صالح بن عبد القدوس «ت 160ه» والخبر: - (1) ضحكتُ حتى بانت نواجذي بينما أطَّلعُ على مقال دبجه أحد رؤساء تحرير صحف عهد الغيبوبة، يبشر بين ثنائه المواطن السوداني بعودة (ديجانقو) العارف للدار بغير توهم إلى كرسي منصبه القمعي الرفيع، ويرى الصحفي الهمام أن مسلك ديجانقو ونهجه في إدارة آلة قمعية سيكون مختلفًا وأكثر توازنًا، ولا يشبه أفاعيله السابقة المنكرة بعد أن قضى ردحًا من الزمان بعيدا عن آلة القمع والتعذيب، وتأمل سوء وسوءات ما اقترف من خطايا وهو يخالط عامة الناس، ويأكل من طعامهم، ويمشى بينهم في الأسواق مجردا من سطوته، وأعزل من جبروته كسير النفس من تجربة الاعتقال والتنكيل بين فكي وحش فرانكيشتاين Frankenstein)) الذي صنعه بيديه ذات يوم كإسهام منه في ثبيت عرى أركان دولة إخوانه المؤمنة!!. (2) صحفي الغفلة يرى أيضا أن ترجل الرجل غصبًا عنه مطرودًا من برج آلته القمعية قبل ست سنوات، ومخالطته لغمار أهل السودان قد كشف له الكثير من الحقائق التي كانت خافية عنه، وتغشي بصره وبصيرته، وقادته لاقتراف ما اقترف من جرم وآثام، وهو على قمة تلك الآلة الجهنمية، والمتحكم الوحيد في وضع مناهجها المتوحشة، وتنفيذ سياساتها الموغلة في العنف والبطش؛ بهدف كسر شوكة شعب السودان، وسحق كرامته، وإهدار حقوقه، وتكبيل الحريات العامة، وليس من أجل حفظ الأمن وتوفير الأمان للوطن والمواطن، كما تنص قوانين ولوائح مثل هذه الأجهزة دوليا. (3) الصحفي الهمام يحدثنا وكأنما العائد قد هبط فجأة من السماء لتبوء قمة آلة القمع الإنقاذوية في المرات السابقة، أو على الأقل قد أتى لمنصبه الرفيع من صلب طبقة أبناء الذوات، وأصحاب المعالي التي لا تسمح لأبناء شريحتها الاجتماعية المخملية من الاحتكاك بعامة الشعب، وقد انتزع من حضن تلك الطبقة المخملية انتزاعا غير رحيم على يد إخوانه قادة (الجماعة)، وزج به زجا على حين غرة على قمة الآلة القمعية، فعاش يدير تروسها لتهرس ضحاياه، وهو لا يدري أسباب معارضتهم التي ألقت بهم بين فكيها الشرس ، لذا فقد رأى وهو البعيد عن معاناة عامة الشعب أن في معارضة الدولة المؤمنة عمالة وخيانة عظمى، وسفه لا يدنيه سفه يستوجب الاعتقال والتعذيب والقتل والتنكيل تطهيرا لتلك الأرواح المعارضة الشقية، فبَنَى لمعارضي نظامه أعجوبة تضاف لعجائب الدنيا السبع (بيوت أشباح) تقام في أقبيتها المظلمة حفلات الدم المسفوح غدرا، فاستشهد داخلها من استشهد، وخرج معلولا محطم البدن والنفس من خرج، بينما الرجل يتقلب وزمرته في نعيم الثروة المستحلبة من دم الضحايا. (4) إن لم تستحِ فاختلق ما شئت من المبررات الواهية، واجتهد قدر نفاقك لإلباس الباطل ثوب الحق دون أن يطرف لك طرف، علَّ ذلك يقربك زلفا من ولي نعمتك الجديد، فيجالسك ويمازحك ممسكا بأطراف البنان، كما دأب سلفه وتشهد الصور الموثقة المبعثرة في الأسافير؛ واسترسل ودبج ما عن لك من المقال المترع بالتبرير الفطير، فلم يعد في عهد الصحف الصفراء المدعومة للخبر أو المعلومة أو التحليل الصحفي أي مصداقية، وقد فقد الإعلام جوهر رسالته المقدسة، وسقط كما سقطت كافة أركان وهياكل الدولة الوطنية الحديثة. (5) في زمن الغيبوبة واللحى المرسلة لا قاع للسقوط، وعلى نهج أكثر نفاق من الذي سبق سار بكل زخم عهره المعروف (عرقوب) آخر من عراقيب الزمن الأغبر وللحق لا مقارنة بين الأول ومن نحن بصدد تناول سخافاته الآن فهذا الأخير قد بذَّ بكذبه ونفاقه كافة عراقيب زمان الغفلة، وها هو وبعد أن رفع في زمان قريب رايات الشماتة وأعلى قواميس التقريع في حق العائد من منفى الغضب الرئاسي ليعود بدوره عرقوبنا المتأنق عودة مسترخص غوانٍ الإستربتيز ناقض غزل اتهاماته ونقده الجراح للرجل دون حياء ومبررا لمسلكه الساقط الآني بحكاية الانفراد والتناصح في ليلة مباركة قد غاب هلالها قبل أكثر من سبع شهور من تاريخ العودة الميمونة تم فيها الصلح والتصافي بعد التجافي والعفو (لله والرسول). (6) وهو في زلزلة موقفه البائس المرتجف لم يستنكف من تدبيج مقال غير رزين اترعه بسخف مبررات عبثية مرخيا إِزار يراعه الكسير ليطلق وَابِل ريحًا منتن مستنكرا على المعارضين تذكيره بخزي موقفه السابق تجاه نفس الرجل الذي يتملقه على الملأ اليوم. فيَصُبّ صَبًّا ما فضت به النفس البئيسة من قيح الألفاظ الساقطة والنعوت المبتذلة في مقال رخيص معتقدا بأن في ذلك علاجًا له من أرق ليلة سماعه بخبر العودة والتي لا شك قد قضاها مسهدًا يراوح ما بين بيت الأدب ومخدع قلة الأدب الذي يسامر فيه حروف كلماته الساقطة لا غرو ولا عجب فعرقوب زماننا المتفسخ يبذ (سحيّة الليل) كذبا ومخادعة. ** الديمقراطية قادمة وراشدة لا محال ولو كره المنافقون. تيسير حسن إدريس 14/02/2018 _______. * عراقيب: جمع (عُرْقوبٌ) : وهو رجلٌ من العمالقة ، يضربُ به المثَل في الكذب وخُلْفِ الوعد. * (سحيّة الليل): طائر الخفاش وهي صفة وسمة للشخص المشهور بالكذب. عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.