تحليل إخباري يحذر من سلبيات الذكاء الاصطناعى: «ليس عصا سحرية»    شيرين عبد الوهاب تلغي حفلها الغنائي مع حسين الجسمي في دبي .. ما السبب؟    نافع: تجاوزنا نقص السيولة الدولارية "زيادة الإنتاجية هى العلاج الحقيقى"    السودان.. اتهامات بالتصفية والقتال يقترب من أبرز معاقل الدعم السريع    علي الحجار ورانيا فريد شوقي «مش روميو وجوليت» على المسرح القومى – صور    حارس المريخ يودع جماهير ناديه برسالة مؤثرة بعد رحيله رسمياً: (أتمنى ان يجتمع شملنا مستقبلا اتركوا لي مكاناً في قلوبكم وتمنوا لي التوفيق اينما ذهبت يعيش نادي الشعب المريخ العظيم)    شاهد بالفيديو.. شاب مصري يشيد بالسودانيين بعد مشاهدته موقف أمامه لرجل سوداني وجد أموال على الأرض ورفض أن يأخذها وقام بتسليمها لأقرب محل: (الناس دي محترمة وعندهم أخلاق وأمانة)    شاهد بالفيديو.. افتتاح أقدم مطعم "سمك" سوداني بمدينة عجمان.. عمره 80 عام وكان الخيار المحبب في الأكل عند معظم رؤوساء السودان.. تطويره جاء برؤية منامية وصاحبه يحكي القصة كاملة    شركة الكهرباء تعتذرعن العطل المفاجي ببورتسودان وتنفيذبرمجة عاجلةوتدعوللترشيد    شاهد بالفيديو.. مواطن سعودي يطيل الغزل في الشعب السوداني: (%99 منهم راقيين في تعاملهم و %1 عشان العين.. أنتم مضرب مثل وأتمنى من بعض الشعوب المنحرفة أن تتعلم منكم)    شاهد بالفيديو.. سودانيون بالسعودية يثيرون سخرية الجمهور بعد محاصرتهم للراقصة آية أفرو والاصطفاف حولها لالتقاط صور معها وساخرون: (عواطلية وكيم كارداشيان تشعر بالصدمة والمنافسة)    ابراهومة :نسعى لبناء فريق بطولات. والنخبة وسيكافا إعداد مثالي للأبطال    تقسيمة مثيرة في مران الأحمر وثنائي اجنبي ينضم للجهاز الفني    حمى "غرب النيل" تضرب تل أبيب    اردول: لذلك كان مبرراً إسقاط حكومة قحت وتشييعها الي مزبلة التاريخ    نقل المعركة من حدود الفاشر إلي تخوم منطقة الزرق يعني عملياً تضييق الخناق علي مليشيا حميدتي وآل بيته    النيران الصديقة تمنح فرنسا فوزا شاقا على النمسا    بايدن بصدد إعلان برنامج جديد لاستيعاب المهاجرين.. ما هي شروطه؟    عيساوي: قتل الثعبان    (ثلاثة لا تقترب منهم: الحصان من الخلف والثور من الأمام والفاشر من جميع الاتجاهات)    شعار براؤن يصل يورو 2024 روديغر لاعب منتخب المانيا يقلد المصباح ابو زيد والاتحاد الأوروبي يتدخل    حفل رائع في قرعة دورة الصداقة بالضعين    تواصل العمل في صيانة وتأهيل مباني هيئة البراعم والناشيئن بمحلية بورتسودان    يورو 2024: تعادل أول وتراجع بمعدل التسجيل 17 يونيو، 2024    شاهد بالصور.. الحسناء السودانية "لوشي" تبهر المتابعين بإطلالة مثيرة في ليلة العيد والجمهور يتغزل: (بنت سمحة زي تجديد الإقامة)    كيف ستنقلب موازين العالم بسبب غزة وأوكرانيا؟    مدرب تشيلسي الأسبق يقترب من العودة للبريميرليج    مسجد الصخرات .. على صعيد عرفات عنده نزلت " اليوم أكملت لكم دينكم"    بالأرقام والتفاصيل.. بعد ارتفاع سعر الجنيه المصري مقابل السوداني تعرف على سعر "خروف" الأضحية السوداني في مصر وإقبال كبير من المواطنين السودانيين بالقاهرة على شرائه    صالون لتدليك البقر في إندونيسيا قبل تقديمها أضحية في العيد    امرأة تطلب 100 ألف درهم تعويضاً عن رسالة «واتس أب»    "فخور به".. أول تعليق لبايدن بعد إدانة نجله رسميا ..!    الهروب من الموت إلى الموت    ترامب معلقاً على إدانة هانتر: سينتهي عهد بايدن المحتال    شرطة مرور كسلا تنفذ برنامجا توعوية بدار اليتيم    4 عيوب بالأضحية لا تجيز ذبحها    قصة عصابة سودانية بالقاهرة تقودها فتاة ونجل طبيب شرعي شهير تنصب كمين لشاب سوداني بحي المهندسين.. اعتدوا عليه تحت تهديد السلاح ونهبوا أمواله والشرطة المصرية تلقي القبض عليهم    نداء مهم لجميع مرضى الكلى في السودان .. سارع بالتسجيل    شاهد بالفيديو.. الراقصة آية أفرو تهاجم شباب سودانيون تحرشوا بها أثناء تقديمها برنامج على الهواء بالسعودية وتطالب مصور البرنامج بتوجيه الكاميرا نحوهم: (صورهم كلهم ديل خرفان الترند)    الإمارات.. الإجراءات والضوابط المتعلقة بالحالات التي يسمح فيها بالإجهاض    الإعدام شنقاً حتى الموت لشرطى بإدارة الأمن والمعلومات    نصائح مهمة لنوم أفضل    إغلاق مطعم مخالف لقانون الأغذية بالوكرة    شرطة بلدية القضارف تنظم حملات مشتركة لإزالة الظواهر السالبة    إجتماع بين وزير الصحة الإتحادي وممثل اليونسيف بالسودان    أمسية شعرية للشاعر البحريني قاسم حداد في "شومان"    عودة قطاع شبيه الموصلات في الولايات المتحدة    خطاب مرتقب لبايدن بشأن الشرق الأوسط    السودان.. القبض على"المتّهم المتخصص"    قوات الدفاع المدني ولاية البحر الأحمر تسيطر على حريق في الخط الناقل بأربعات – صورة    الغرب والإنسانية المتوحشة    رسالة ..إلى أهل السودان    من هو الأعمى؟!    السودان..الكشف عن أسباب انقلاب عربة قائد كتيبة البراء    إنشاء "مصفاة جديدة للذهب"... هل يغير من الوضع السياسي والاقتصادي في السودان؟    محمد وداعة يكتب: ميثاق السودان ..الاقتصاد و معاش الناس    تأهب في السعودية بسبب مرض خطير    يس علي يس يكتب: السودان في قلب الإمارات..!!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المؤسسية ودولة العلم والمعرفة والقانون .. بقلم: عبدالله محمد أحمد الصادق
نشر في سودانيل يوم 25 - 09 - 2018

يقصد بالخدمة العامة مؤسسات الدولة المدنية والأمنية والعدلية، وليست الدولة شيئا سوى حدودها الجغرافية ومواردها الطبيعية وتركيبتها السكانية ومؤسساتها المهنية المتخصصة التي يملكها ويمولها الشعب ويتوقع منها عائدا ومردودا وهو التنمية المستدامة، وتتحدد أولويات وأسبيقيات مؤسسات الدولة وتتوسع في أهدافها من خلال الميزانية السنوية كبرنامج عمل مالي ودارى لمدة سنة تعرف بالسنة المالية، اعتمادا علي الاحصاءات العلمية كالاحصاء الصحي والاحصاء التربوى والاحصاء الجنائي، ولكل من مؤسسات الدولة دورا تقوم به في عملية التنمية وقانون يحكمها تختص بتفعيله مع مراعاة القوانين العامة كقانون الاجراءات المالية وقانون المراجع العام وقانون اصدار وتعديل القوانين وقانون تنظيم وتوزيع أعباء السلطة التنفيذية وتختص به الأمانة العامة لمجلس الوزراء، وتعمل مؤسسات الدول كجوقة موسيقية تعزف لحنا واحدا وهو التنمية المسندامة وصولا الي حياة أفضل، وتعطل تكوين الحكومة في ايطاليا ستة أشهر لكن عجلة الدولة لم تتوقف عن الدوران، أما الوزير فوكيل عن الشعب للرقابة والتنسيق والتأكد من سيادة حكم القانون، ويتصعد القرار من القاعدة الي القمة في شكل بدائل وخيارات ولا يتنزل من الأعلي الي الأسفل في شكل أوامر وتوجهات فليس الوزير ملكا يأمر فيطاع، ومن أهم مرتكزات القرار قابليته للتنفيذ فنيا واداريا وماليا ودستوريته وعدم تعارضه مع أى قانون والتوثيق لتحديد المسئولية، وأذكر ان وكيل وزارة المالية اعترض علي مشروع بند العطالة بحجة أنه يعني خلق وظائف بدون أعباء علي حساب ميزانية التنمية لكن الشريف حسين الهندى كان كوزراء الانقاذ الذين يعتقدون أنهم ملوك يأمرون فيطاعون، ولا توجد الآن حدود فاصلة بين الوزير والوكيل وقانون يحمي موظفي الدولة من تغولات السلطة السياسية، وموظفو الخدمة العامة تحاسبهم قوانين الخدمة العامة وهم موظفون لدى الدولة وليس لدى الحكومة، أما الوزراء فيحاسبهم الشعب عن طريق صناديق الاقتراع في أول انتخابات قادمة، وللأحزاب السياسية مصلحة مشتركة في المحافظة علي فعالية الخدمة العامة واستقلالها وحيادها لأن الحزب الحاكم بدون الخدمة العامة كساع الي الهيجاء بغير سلاح أو الميكانيكي بدون مفكات ومفاتيح، وكانت الخدمة العامة مدارس لانتاج أجيال متعاقبة من الكفاءات المهنية والادارية فانقطع التواصل بين أجيالها بسبب الصالح العام الذى كان كارثة قومية كبرى وخيانة وطنية عظمي .
من الحكايات التي كانت متداولة في أوساط الخدمة المدنية حكاية غفير مستسفي كسلا فقد لاحظ المدير وجود زوار في غير ساعات الزيارة فاستدعي الغفراء وحذرهم بالعقوبات الادارية الصارمة وقال لهم لو جاء المحافظ شخصيا لا يسمح له بالدخول، وجاء المحافظ بعربته الحكومية وفي مقدمتها علم المديرية واعترضه الغفير واحتج المحافظ بأنه المحافظ وهذا علم المديرية لكن الغفير أصرعلي موقفه قائلا انت بالذات ذكروك بالاسم، ومنها حكاية الصراف الذى وقفت أمام شباكه امرأة منقبة وقدمت بطاقتها الشخصية فطالبها الصراف بكشف وجهها لمطابقة الصورة مع الأصل، وارتفعت الأصوات وجاء الأجاويد واقترحوا تكليف امرأة للقيام بعملية المطابقة لكن الصراف تمسك بموقفه وأيده المدير العام موضحا للمرأة بأن المسئولية الادرارية كالمسئولية الجنائية مسئولية شخصية، فكانت المرأة أمام خيارين أحلاهما مر لكن النفس مولعة بحب العاجل، وقد تكون تلك المرأة كما قال أبو تمام هب من له شيء يريد حجابه ما بال لا شيء عليه حجاب؟ والمرأة كعضو في المجتمع كامل الأهية ومسئولة عن تبعات أفعالها ملزمة بكشف وجهها وصفاتها الجسدية فكيف يستطيع ذلك الصراف التعامل مع شبح انسان؟ وتبدأ المؤسسية من قاعدة الهرم الادارى الي قمته بمعني ان الغفير عند باب المستشفي مؤسسة والصراف في الخزينة مؤسسة، لأن الوظيفة أعباء وصلاحيات وسلطات وترس في الآلة التي تعرف بالدولة، وولاء الموظف لوطيفته ومصدر رزقه، لذلك فان العلاقة بين الموظف والدولة علاقة تعاقدية تقوم علي العمل مقابل الأجر والامتيازات والخادم والمخدوم والعامل ورب العمل ويحكمها القانون ولا تقوم علي أى اعتبارات سياسية.
بدأت المؤسسية ودولة المهنية والعلم والمعرفة والقانون تنهار في الديموقراطية الثالثة في عهد الحكومة الائتلافية بين حزب الأمة والجبهة الاسلامية عندما أصبح الترابي نائبا عاما والفاتح عبدون واليا لمديرية الخرطوم، ولا يعرف حتي الآن كيف استطاع الفاتح عبدون صرف مبلغ 50 ألف جنيه عدا نقدا لكل من نواب مديرية الخرطوم لتعويض ضحايا كارثة الأمطار والسيول، والنواب سلطة تشريعية فكيف يجوز لهم ممارسة العمل التنفيذى؟ ولا تسمح لائحة الاجراءات المالية بالتعامل مع المال العام عدا نقدا الا للصراف المختص، وصدقت وزارة المالية باعتماد مالي من بند الالتزامات الممركزة الخاص بالكوارث الطبيعية والأحداث غير المنظورة بدون مستندات مبدئية صادرة من الادارات الهندسية بالمجالس المحلية، ويفترض أن يحول الشيك الوارد من ادارة البنوك والعملة بوزارة المالية الي الحسابات لتوريده عهد باسم تعويضات كارثة السيول والأمطار والصرف للمستفيدين شخصيا عن طريق الصراف المختص حسب الكشوفات التي تعدها الادارات الهندسية وقد تتكرر مشكلة المرأة المنقبة، وسحب الترابي بصفته النائب العام قضية شركة الرازى المتهم فيها علي الحاج من أمام المحكمة قبيل النطق بالحكم، والسلطة الاستثنائية في قانون النائب العام هدفها الصالح العام وليس من الصالح العام افلات علي الحج من العقاب وتعويض المتضررين من استعمال المبيدات الفاسدة، وعطل الترابي البلاغ المفتوح من أولياء الدم ضد قتلة محمود محمد طه، ومنع مبارك الفاضل وزير الداخلية وفدا من اساتذة جامعة الخرطوم من السفر الي أديس أبابا لمقابلة جون قرنق لمباركة اتفاقية كوكادام التي وقعها الصادق المهدى رئيس الوزراء، وآخر تجليات الفوضي المالية والادارية والمالية في المتحف القومي هذا العام فقد لجأت الادارة الي منظمات المجتمع المدني للمساعدة في صيانة المباني بعد أن أصبحت الميزانية المصدقة حبرا علي ورق وحبالا بلا بقر بسبب سياسات التمكين باسم تمكين الاسلام، وميزانية 2018 أبتلعها التضخم قبل أن يجف مدادها، وتسلمت الادارة اعانة بشيك بمبلغ 50 ألف جنيه لا يساوى ثمن اثنين طن أسمنت، ويفترض ان يورد المبلغ كعهد للصرف منه علي عمليات الصيانة فكيف أصبح عدا نقدا في يد موظف مهما كانت درجته.
يذكرني المجتمع السوداني في الثلاثينيات وحتي الستينيات من القرن الماضي بالمجتمع العباسي اعتبارا من عهد الرشيد والمامون حتي عصور انحطاك الحضارة الاسلامية، كما يذكرني بعصر النهضة في أوربا الذى بدأ في ايطالية وامتد الي أوربا وأميركا، فقد ازدهرت العلوم الانسانية وأقبل عليها الشباب للعمل بالوظائق العامة، وانتهي ذلك الي طبقة وسطي قادت الجماهير الي النصر في بريطانيا وفرنسا واعلان الاستقلال الأميركي الذى غيّر مجرى التاريخ، ويذكرني اكتوبر 1964 بالثورة الفرنسية واقتحام سجن كوبر باقتحام الباستيل، وكان التعليم في عصور ازدها الحضارة الاسلامية في خدمة الآلة البيروقراطية بدليل التعليقات علي عرائض أصحاب المظالم والحاجات التي تعرف في كتب التراث بأدب التوقيعات.
يتفق علماء الادارة علي أنها فن قبل أن تكون علما، والادارى كالضابط في المعركة لا تسعفه النظريات والمصطلحات بقدر ماتسعفه ملكاته ومواهبة الطبيعية، و80 % من عملية ارسال صاروخ الي المريخ ادارة لأن الادارة فن الاستفادة من الامكانيات المادية والبشرية المتاحة، وبدات الادارة البريطانية باختيار رؤساء المؤسسات المدنية والعدلية من الضباط البريطانيين ونوابهم من الضباط المصريين، وفي مرحلة لاحقة جاء خريجو جامعة اكسفورد، ثم انشأت مدرسة الادارة لتدريب السودانيين من خريجي المدارس الوسطي من المعلمين وموظفي الحكومة الذين قامت علي أكتافهم عملية السودنة، وكان الناس في السودان يعجبون بحكامهم البريطانيين ويصفونهم بالعدل والأمانة واحترام العادات والتقاليد المعتقدات الدينية، لكنهم لا يعلمون بأنهم صفوة مختارة يتم اعدادها في معهد تابع لجامعة أكسفورد للعمل بالمستعمرات، ويتحسرون علي الخدمة العامة في عصرها الذهبي الذى انتهي بالتحالف بين نميرى والكيزان في منتصف السبعينيات قبل 1983، فقد كانت الخدمة العامة في السودان استنساخانا للتجربة البريطانية العريقة فأصبحت استنساخا لحكم الآيات في ايران.
عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.