لاشك أن الانهيار المتسارع لنفوذ المؤسسة الدينية السعودية الوهابية مؤخرا , في عهد محمد بن سلمان , سيلقي بظلاله علينا بالسودان . سأحاول في هذا المقال تلمس بعض تلك ألتداعيات المتوقعة علينا سلبا أو ايجابا . الفهم السلفي للأسلام كان و سيظل له أتباع في السودان مابقي السودان , ولكن ماأعنيهم هنا هم "جماعة أنصار السنة المحمدية" في بلادنا . تماما كما أستورد السودان الفكرين ألأخواني و الشيوعي من مصر كذلك كان الحال مع جماعة أنصار السنة , التي تأسس أصلها بمصر في العشرينيات علي يد الشيخ محمد حامد الفقي ثم تم تصديرها للسودان في نهاية الثلاثينيات . بدأت سعودة جماعة أنصار السنة السودانية علي يد سفير السعودية في الخرطوم , في أواخر الستينيات , عبد الرحمن العبيكان و تمت السعودة من داخل مسجد أنصار السنة بالسجانة والذي كان حينها مسجدا صغيرا مبنيا بالجالوص وكان أمامه الشيخ مصطفي أحمد ناجي . أقترح العبيكان أن تقوم السعودية بأعادة بناء وتحديث المسجد وقد تم ذلك , حيث بنت السعودية مسجدا فخما في مكان مسجد السجانة وقام الملك فيصل بصحبة أسماعيل الأزهري بأفتتاح المسجد رسميا خلال تواجد الملك فيصل بالخرطوم بعد مؤتمر القمة العربي في 1967 . أصبح ذلك الصرح فيما بعد هو مقر المركز العام للجماعة . مكن المال السعودي النقدي و العيني الجماعة من تبني بعض المشروعات الخيرية , أرسال ماتسميه بالقوافل "الدعوية" لبعض مناطق السودان , صرف رواتب لمن تسميهم ب "الدعاة" وارسال طلاب للدراسة بالجامعات السعودية (سمعت مؤخرا من يقول بأن الجماعة بصدد افتتاح جامعة خاصة لا أختلاط فيها حيث يتبادل الطلبة و الطالبات الدراسة في نفس الجامعة في أيام مختلفة) . بواسطة المال البذول لها بواسطة المؤسسة الدينية السعودية تمكنت الجماعة من مضاعفة أعداد أتباعها بالسودان و ساعدها في ذلك اغتراب ملايين السودانيين للسعودية منذ منتصف السبعينات مما سهل تقبل بعضهم للفكر الوهابي . ماذا سيكون تأثير تهاوي نفوذ المؤسسة الدينية الوهابية بالسعودية علي جماعة أنصار السنة ؟ هنالك أحتمالين لما سيحدث . ربما تتخلص السعودية من أزعاج بعض قيادات مؤسستها الدينية بارسالهم للخارج لنشر دعوتهم , بدلا من نشرها في السعودية , وستقوم حينها بتزويدهم بالمال الذي ستوفره من ميزانية هيئة الامر بالمعروف والنهي عن المنكر السعودية التي توقف عملها . وبعض ذلك "الخارج" الذي سينفي له قيادة الفكر الوهابي السعودي ومالهم سيكون سوداننا الحبيب . أما الاحتمال الثاني و ألاقرب للحدوث فهو أنه بتجفيف منابع الفكر الوهابي بالمملكة سيتم ضمنيا تجفيف المال الذي كان يصب علي ظلالهم في السودان و غيره وهذا سيضف نفوذ الجماعة كثيرا . وهذا الأحتمال ان حدث سيكون له تداعيات في السودان منها : رجوع الكثيرين لتعاليم المذهب المالكي السمحة بعد أن تمت حنبلتهم بالمال السعودي . قلة الكاش الوهابي سيؤدي لقلة الهجوم المكثف -المدعوم و الممول بالبترولار- علي الطرق الصوفية و أتباعها سيقل الضغط علي بعض نساء السودان اللأتي تم أختزال الاسلام السمح لهن في لبس النقاب و القفازات السميكة في حر السودان . وأهم من ذلك هو أن الوهابية بالسودان (و في العالم كله) ستفقد كثيرا من مقدرتها علي المزايدة الدينية التي أدت لاضعاف أي توجه لفهم حداثي معاصر لتعاليم الأسلام الصالحة لكل زمان بما في ذلك زمن السلف الصالخ و زماننا هذا . __________________ مدونتي: http://hussein-abdelgalil.blogspot.com عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.