ضابط البوليس الذي عانقه المواطنين فبكي يعيد لشعبنا ذكريات وطنية راسخة في الذاكرة الوطنية، فالقوات النظامية ولاسيما الجيش والبوليس لديهم تراث وطني راسخ يرجع الي أيام الاستعمار البريطاني، فهناك في نوفمبر 1924م انحاز الملازم أول عبدالفضيل الماظ عيسى وقاد معركة النهر الثانية واستشهد وعمره 28 عام، وتزعم علي عبداللطيف حركة 1924 وهو ضابط مستبعد من قوة دفاع السودان لمواقفه الوطنية، مرورا باضراب البوليس في الخمسينيات وانحياز الضباط الاحرار في اكتوبر 1964م ومن ضمنهم فاروق حمدالله وجعفر نميري وبابكر النور وهاشم العطا واحمد الشريف الحبيب وعثمان حاج حسين أبوشيبة والهاموش وغيرهم، وفي ابريل 1985م وضمنهم الراحل الفريق فتحي احمد علي وعبدالعزيز خالد وعصام ميرغني وبلول وخالد الزين ومحمد عثمان حامد كرار وغيرهم. الان واحد من مصاعب هذه الانتفاضة قلة الوجود الوطني الديمقراطي المنظم في القوات النظامية ولاسيما في الجيش كما حدث في 1964 و1985، والحل الوحيد هو تعميق وتوسيع الانتفاضة ودخول ملايين السودانيين على خط المواجهة المنظمة حتى يتم تعويض النقص في الوجود الوطني المنظم في القوات المسلحة وغياب النقابات المنظمة كذلك ومصاعب وجود المليشيات. قوى الكفاح المسلح في الهامش لديها فرصة نادرة لدعم الانتفاضة والتنسيق العضوي مع قوى التغيير وتغيير الموازين لمصلحة الجماهير برؤية واضحة وصافية ووحدة صلدة بين أقسامها . الجماهير وحدها هي التي بامكانها اجبار الجيش عند تدخله الذي لا مناص منه للاستجابة للمطالب الديمقراطية لجماهير الانتفاضة وعلى رأسها الديمقراطية والسلام والطعام والمواطنة بلا تمييز والمحاسبة عن الجرائم التي ارتكبت في حق الشعب. عند لحظة حاسمة لابد ان ينحاز الجيش لاحداث التغيير والوجود الفاعل والكثيف للجماهير هو الذي يجعل من انحيازه يأتي لمصلحة الجماهير، وليس لاعادة انتاج النظام القديم، ان المعركة معقدة والنظام القديم مستوطن في اجهزة الدولة والعلاج الوحيد هو ان تاخذ الجماهير زمام الأمر في يدها بقيادة موحدة واجندة واضحة لتحقيق التغيير الجزري.