بسم الله الرحمن الرحيم ونحن نتحد ث عن( العلاقة بين الطفل والطفلة ) لابد من وقفة متأنية أمام أخطاء بل انتهاكات صارخة شائعة أو بالأحرى هي ظاهرة (Phenomenon) قديمة قدم الإنسان في الأرض يمارسها السواد الأعظم من الناس سواء أن كان ذلك بجهل منهم أو بغيره وذلك تحت مسميات كثيرة تارة باسم العفة والطهارة والنقاء وأحيان كثيرة باسم الدين والدين منها بريء براءة الذئب من دم يوسف. بل العكس تماما فكل الأديان السماوية جاءت تحت مبدأ كرامة الإنسان دون تمييز بسبب الجنس أو ما إلى ذلك والاسوا من جرم تلك الممارسات نجد أن الكثير من المتعلمين الذين تقع على عاتقهم مسؤولية التغيير ونبز مثل هذه المفاهيم نجدهم قد سلموا بالأمر واستسلموا بحجة أن المسالة أصبحت من العادات والتقاليد المتأصلة وان لأحول لهم في التغيير ولا قوة في النصح(Injudicious) أو إبداء الرأي ، إن هذه الانتهاكات و تلك الأخطاء موجودة في أكثر من مظهر من مظاهر الحياة العامة من اقرب الأمثلة وأكثرها جلاء على مستوى الأدب (عقدة شهريار) فالرجل في مجتمعنا يرى مثل شهريار أن المرأة قاصرة بالفطرة (Instinctively) وغير مكتملة الشخصية وأنها ( لو بقت فأس ما بتقطع رأس ) بالرغم من ما طرأ على عالمنا من تحول وتغييرات اجتماعية واقتصادية وثقافية في كافة نواح الحياة . تجيب على هذا التساؤل دراسة شيقة و ممتعة وبلغة مبسطة و سهلة جدا بحيث تعم الفائدة على المتخصص و القارئ العادي غير المتخصص كانت الدراسة بعنوان (مجلات الأطفال وتكوين المفاهيم) وتبين هذه الدراسة الميدانية التي قامت بتحليل عينات من مجلات وقصص الأطفال . أن تربيتنا للأطفال بمختلف صورها هي التي تضخم دور الرجل و تقلل من شان المرأة وان هذا التصور الذي تقدمه التربية ، إنما ينعكس سلبا على الأطفال من الجنسين ، فتستسلم الفتاة و تقف طموحاتها عند هذا الحد وتركن وتسلم بان هذه هي طبيعتها الحقيقية وهذا مصيرها ولا مفر منه . فالأمر إذن ليس وراثة أو طبيعة أو فطرة بل هو تصور (Preconception) يكتسبه الفرد في مرحلة الطفولة من خلال التربية الموجودة (مصبغا) في المجتمع . أظهرت هذه الدراسة حقيقة غريبة غائبة عن الكثيرين من العامة والأكثر من زوي الاختصاص أو من هم في موقع المسؤولية وتلك الحقيقة هي.(لا توجد مجلة أطفال عربية واحدة اسمها مؤنث) حتى عام (1983) بل كلها مذكر مثل(مريود ، الصبيان ، ميكي ، تاتان ،سمير،أسامة،حسن ، ماجد،سعد) وهي في نفس الوقت البطل الرئيسي لكل مواضيع ومواد المجلة وتبين الدراسة أن من بين كل عشر شخصيات رئيسية توجد فتاة واحدة وتبين أن نسبة الشخصيات النسائية إلى مجموع شخصيات القصص 10% ، في حين أن نسبة شخصيات الرجال كانت 90%، وظائف الرجل والمرأة في أدب الأطفال وبالنسبة للوظائف التي حددتها القصص لكل من الرجل و المرأة .تبين أن مهن الرجال تشمل اغلب أنواع النشاط الاجتماعي والاقتصادي والثقافي مثل (طبيب،عالم ، مخترع ضابط، كشاف، رئيس، عصابة، رياضي) في حين أن الأعمال المخصصة للمرأة قليلة جدا لا تتعدى الوظائف المساعدة أو الثانوية (سكرتيرة،تلميذة،خادمة،مضيفة،جاسوسة) الصفات والسلوك و بالنسبة للسلوك والصفات الشخصية في قصص الأطفال ، تبين أن الصفات الايجابية للرجل أكثر بكثير من الصفات الايجابية للمرأة .فان الصفات السلبية للرجل تنسب عادة لشخصية ثانوية أو هامشية بهدف إبراز الصفات الايجابية لبطل القصة ،أما الصفات السلبية للمرأة فهي لصيقة بها وغالبة بل يتم إظهارها كجزء من تركيبتها الطبيعية أما الصفات الايجابية فهي طارئة ونادرة وان حدثت فهي بمعاونة الرجل،ونحن نقرا دائما في قصص الأطفال أن (البطل)- وليس البطلة انه ذكي ،حيوي، قوي، نشيط ،مكافح، مخلص شجاع ،مغامر، مستقل ،حسن التصرف مع وجود( قليل من الشفتنة1) وهو صاحب الكلمة الأخيرة في القصة أو الموضوع ،أما المرأة فهي مؤدبة ومطيعة مضحية وضعيفة تستحق الرأفة وفي أحيان قليلة ،لديها بعض الذكاء وحب الرياضة والعمل التطوعي. هذا على مستوى الأدب ترى ماذا يمكن أن نجد إذا ما دخلنا إلى عالم العادات و التقاليد وما أصعبه سبر أغوار هذا العالم فمازالت هناك الجدة التي تطل علينا لا بحكتها المعهودة بل بكل ما من شانه أن يسئ إلى العلاقة بين الطفل و الطفلة وذلك من خلال الكثير من مظاهر الحياة اليومية مثل الأحاجي والأناشيد وحتى في مجمع العائلة في الصباح الباكر عند جلسة تناول الإفطار فالأولوية دائما للطفل ،تلقين الطفل قصصا ترسخ في ذاكرته أن الطفلة هي جزء من ممتلكاته ،أن الطفلة ضيف راحل وأنت السيد دوما بلا منازع بل وعندما تنشب شجارات بين الطفل والطفلة يتم تأكيد أن الأولوية في العفو من نصيب الطفل إن هذه المفاهيم تترك انطباعا عاما لدى الأطفال (الأولاد والبنات) بان الرجل هو العنصر الحيوي والأفضل ، وان المرأة هي العنصر الأقل شانا والسلبي في المجتمع فينمو الطفل وتنمو معه روح الاستعلاء والنظرة الدونية للطفلة وبالمقابل تنمو الطفلة وينمو معها الانكسار والخنوع والاستسلام و اللامبالاة مما يترتب على ذلك عواقب وخيمة لا يعلم مداها إلا الله ،فنجد أنفسنا إمامها عاجزين لا نملك إلا الأسف والندم بينما الصحيح والتمام الذي نصت عليه كل الايديان السماوية الأعراف الدولية والثقافات الإنسانية وما الفته طبيعة الله في مخلوقاته- من أرقاها الإنسان إلى أدناها الفقاريات- التي أودع فيها سر رحمته فألهمها الرأفة والرقة والحنو،علمها غريزة أن تحب الآخر،علمها الدفاع عن بعضها البعض بل جل في حكمته عندما خلق الكون من ذكر وأنثى فكيف لنا أن نعلم أبناءنا مالم تقره ملة ولا دين فلنصحح ما هو خطا قبل فوات الأوان وما علينا سو أن نبدأ الآن أن ننمي في أذهان أطفالنا حب واحترام الآخر ألا نبالغ في تصوير كل منهما على انه الأفضل بل أن نعمل على نبز روح الاستعلاء أن نضع بين يديهم حقيقة مفادها أن العالم لا يستقيم بدون ( الاثنين معا ) أن نهيئ لهم جو من الحميمية تنمو فيه علاقة ناضجة بلا تشوهات أن نؤسس أدب أطفال واعي ملتزم بقضاياهم، يخدم الطفل ويمسه في كل مناحي الحياة أدب مبني على مبدأ تصحيح وتنظيم ومراقبة العلاقة بين الطفل والطفلة ومدها بالخبرة التي يملكها الكبار و ما لديهم من تجارب ايجابية مقدمة من الاستاذ: نوفل موسى علي موسى الخرطوم