(1) يوم طويل لم ينتهي بعد، أفرز بعد الظهيرة موجة جديدة من سباق القوى المتصارعة في مضمار صعب ومعقد وربما يكون مصمم لنوع سباقات المسافات الطويلة. رمت اللجنة الأمنية العليا بكرت انقلابها على الرئيس(السابق) عمر البشير وهو إنقلاب يبدو أنه قد جاء نتاج ولادة متعسرة لثلاثة إرادات عسكرية تسابقت نحو ميس الإذاعة السودانية لإعلان البيان الأول (ورد في أحاديث المدينة أسماء عدد من الجنرالات بينهم ياسر العطا وعماد عدوي ومصطفى عبيد وعبدالفتاح البرهان، ثم ابن عوف وصلاح قوش من جهة، وقيل المفتش العام للقوات المسلحة في جانب ثالث.. ولم تتضح بعد حقيقة ما حدث؟ وكيف نجح بن عوف في الوصول إلى نهاية الخط قبل الآخرين؟..) (2) من الجهة المقابلة ردّت قوى الحرية والتغيير بدعوة الجماهير الثائرة لمزيد من التصعيد والإحتشاد أمام قيادة الجيش.. والجيش هو الطرف الثالث في هذا النزاع والمستهدف بالإستقطاب لصالح أحد طرفي المعادلة الجديدة.. معادلة سودان ما بعد البشير وطرفاها هما: قوى إعلان الحرية والتغيير مقابل اللجنة الأمنية العليا(المجلس العسكري الإنتقالي). ما يمكن ملاحظته حول بيان قائد اللجنة الأمنية العليا_بخلاف الإستهجان والرفض الذي واجهه في ميدان الإعتصام_ لم يحصل حتى الآن على برقية تهنئة من حامية واحدة أو فرع واحد من افرع الأسلحة التي تنتشر في العاصمة والأقاليم وربما يكون هذا مؤشر على رفض داخل الجيش لقيادة الجنرال بن عوف للإنقلاب وهو حديث يدور على نطاق واسع ويتضمن حقائق أخرى من ضمنها رفض قوات الدعم السريع للشكل الذي خرج به الإنقلاب. وفي إنتظار البيان الثاني من الجنرال بن عوف .. بيان تشكيل المجلس العسكري الإنتقالي .. الذي ربما يكشف المزيد حول هذه القصة اللبيكة تنسل التكهنات مثل الأعاصير الصغيرة في الصحراء. إذن أمامنا ليلة ليلاء سيكون مسرحها الخرطوم شرق مقر الإعتصام الجماهيري وقيادة الجيش والقصر الجمهوري. حيث تسود أجواء يشوبها الحذر واليقظة من أي محاولات ومن أي جهة ربما تفكر في فض الإعتصام الذي يدخل يومه السادس بذات الزخم وربما أكثر. (3) على صعيد ردود الأفعال الاقليمية والدولية قال الاتحاد الأفريقي ان الانقلاب العسكري ليس الحل لمشاكل السودان وأوضح ان مجلس الأمن والسلم الإفريقي سيجتمع لبحث الموضوع ولمح لتعليق عضوية السودان. وصرحت الخارجية المصرية، والتي ربما تمثل بشكل ما موقف المحور السعودي تجاه التطورات في السودان، صرحت بموقف ايجابي تجاه الحراك بالقول أنها تدعم خيار الشعب السوداني. في الوقت نفسه، دعت الدول الأروبية والولايات المتحدة لعقد إجتماع لمجلس الأمن(الجمعة) لمناقشة الوضع في السودان. اما بريطانيا فقد رفض وزير خارجيتها بيان الجنرال بن عوف ودعا لتسليم السلطة لحكومة مدنية إنتقالية وهو ذات مطلب قوى الحرية والتغيير التي تضغط على الأرض. لدينا إلتقاء ارادات هنا.. داخلية وخارجية تصب في وجهة طويلة هي قيام حكم مدني إنتقالي يجسر الدرب المؤدي إلى إنتخابات عامة تكسر، مرة واحدة، حلقة الأزمة الوطنية الشاملة التي تعرقل مسيرة السودان نحو مستقبل مشرق. عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.