لم يترك الناس شيئاً في نقد وتفنيد الأداء "الأراجوزي" للمجلس العسكري الانتقالي و "مغرديه" أمسية الثلاثاء 7 مايو 2019 ، حيث عقد مؤتمره الصحفي للرد علي مقترح الإعلان الدستوري الذي تقدمت به قوي الحرية والتغيير ، وبدأ في تنفيذ الخطوة المطلوبة لترسيخ نفسه حاكماً علي البلاد ومرجعاً للثورة وممثليها يعلمهم معني الدستور والإعلان الدستوري ومهام السلطات الثلاث .. وهو المؤتمر الذي فضح فيه جهله بأمور كثيرة وأبدي تلهفه لتنفيذ الذي يطلبه منه مستشاروه من أركان النظام البائد .. فمن هو المجلس العسكري وما هي حقيقة الانحياز لثورة الشعب الجارية في بلادنا منذ ديسمبر 2019 ؟ : - أعضاء المجلس العسكري هم أعضاء لجنة نظام البشير الأمنية العليا من قيادات القوات النظامية بمن فيهم المفتش العام للقوات المسلحة عبد الفتاح البرهان ، بعضهم رفضهم الشعب فتم ابعادهم (وهم ، من بعد ، خلف الحجب مستشارون) .. - هم الجنرالات الذين كانوا محل ثقة الطاغية المعزول وحسن ظنه ، خبرهم معه منذ مطلع عهده البائس .. كانوا الأوفر حظاً في كل شئ ، في كل متطلبات الحياة ، عندما كان سواد الشعب يعاني المسغبة ويواجه الاستبداد ويدفع أبناءه ثمن ذلك سجناً وتعذيباً وتشريداً .. وعندما انفجر البركان وخرجت الجموع الشعبية بصدورها العارية ، ليس فقط بسبب المسغبة ، وإنما رفضاً للنظام بأكمله ، وجنوحاً للحرية والتغيير ، وللكرامة والتقدم ، كانت شجرة الثورة قد استوت وبدت ثمارها جنيةً ناضجة ؛ شهداء في ميعة الشباب وعنفوانه ، وأرواحاً تمنح أوصالها عشقاً للوطن وثمناً لحرية الشعب .. وأصبح جلياً أن الشعب منتصر منتصر وأن ثورته السلمية بالغة أهدافها ، فبدت معالم الانحياز ، فما هو الانحياز وكيف يكون ؟ الانحياز لحظة تاريخية ملتصقة بتجارب شعبنا العظيم ، هي اللحظة التي تجد فيها قواعد القوات المسلحة والنظامية الأخري نفسها ملتحمةً بالشعب/الأهل ، فالظروف الاقتصادية وأزمات المعاش هي هي ، والتوق للحرية والكرامة كذلك ، فترفض تلك القواعد من الجنود ، ومعها القيادات الدنيا والوسيطة ، أن تطلق النار علي أهلهم الثائرين وتبدا في الضغط علي القيادات العليا : اما الانحياز للشعب وقطع رأس النظام أو أننا سنفعل ذلك به وبكم ، فتضطر القيادة الي إعلان الانحياز وتنحية رأس النظام حفاظاً علي أنفسهم ، علي أقل تقدير ، ولكنهم ايضاً يحقنون دماءاً عزيزة ، ولكن ، هل يعطيهم ذلك حقاً في تنصيب أنفسهم رأساً للدولة ؟ وبمعنيً مباشر آخر ، هل لانحيازهم ذلك ثمن يجب أن يسدده الشعب والوطن في شكل سلطة عسكرية علي الرقاب مكان سلطة عسكرية مدحورة ؟ نقول للاخوة في "المجلس العسكري الانتقالي" أن شعب السودان قد انتفض وثار ضد نظام البشير العسكري (الاسلاموي) بهدف إسقاطه وإقامة بديل وطني ديمقراطي مدني يفتح أبواب النهضة أمام السودان في مواجهة الأزمة الوطنية الشاملة التي أقعدت البلاد ستين عاماً ودارت بها في دورات ممتدة من حكم العسكريين ، فهل بالفعل قصدتم الانحياز للشعب في خياره هذا أم استهدفتم الحكم إمتداداً للنظام البائد والأنظمة العسكرية السابقة له ؟ اذا كان انحيازكم لخيار الشعب سلموا السلطة لممثليه في قوي الحرية والتغيير .. الثورة نجحت بإرادة الشعب والمهر الذي وهبه للوطن من أرواح شبابه وسلامتهم ، لا ننكر دوركم في استكمال النصر ولكننا نفهمه بأنه دور فني وطني يساهم أيضاً في عودة القوات المسلحة إلي مهنتها الدستورية المقدسة وفي أن تغسل ثيابها من أدران الفشل والطغيان علي الشعب والوطن التي تلازم تجارب الحكم العسكري في السودان وفي كل مكان .. إذا كان الانحياز للشعب عليكم تسليم السلطة لممثليه المدنيين فهو لم يكلفكم بالحكم ، لم يقل لكم احكموا .. ورغم كل ذلك أيها الإخوة في الوطن ، أعضاء المجلس العسكري المحترمين ؛ هذا شعبكم مثخناً بجراح الأعوام الثلاثين بل الستين الماضية ، لا يستكثر مزيد عطاء لوطنه حتي من فلذات أكباده ، رأيتموه ، ليس تنيناً ولا فينيقاً ، ولكن عصياً أمام الجبروت ، أمام الموت ، في إرادته خوارق من الحقيقة ملموسة في طول تاريخه ، ولكن ، ألا يستحق أن تكونوا بررةً له وبه ؟ أن تتركوه لشأنه وتذهبوا لشأنكم فيتعانق الدوران ، دوركم ودوره ، في بناء وطن جميل مستقر وعملاق نفخر به جميعاً .. ——————— اشكر كل من سأل/ت عن غياب هذا الباب في الأسبوع الماضي عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.