بسم الله الرحمن الرحيم [email protected] رحبت حركة تحرير السودان على لسان رئيسها السيد منى اركو مناوى بالاتفاق الاطارى الذى تم توقيعه بين حكومة السودان وحركة العدل والمساواة فى العاصمة القطرية الدوحة قبل عدة ايام واعتبر ذلك خطوة ايجابية فى اتجاه تحقيق السلام فى دار فور، ورد ذلك فى المؤتمر الصحفى الذى عقده فى دار الحركة عصر يوم الجمعة الماضى. وقد عقد المؤتمر بمشاركة السيد ابوالقاسم امام والى غرب دارفور ورئيس حركة تحرير السودان "الام" وقد تطابقت وجهات النظر بين الزعيمين فيما يلى توقيع الاتفاق الاطارى المذكور باعتباره فرصةً جديدة لانهاء معاناة اهلنا فى دار فور الحلم الذى طال انتظاره. رغم ان السيد منى اركو قد تناول فى هذا المؤتمر العديد من القضايا المرتبطة باتفاق ابوجا وتأكيد اهمية ابوجا كإتفاقية ملزمة وخطورة تجاوزها تحت اى ظرف من الظروف وقد اسماها ب "ام الاتفاقات" للدلالة على اهميتها الا ان معظم وسائل الاعلام قد ركزت فى اليوم التالى للمؤتمر الصحفى على "عدم ممانعة السيد منى اركو عن التنازل عن صلاحياته اذا كان ذلك يخدم قضية دارفور" وقد لمح الى مثل هذا الاحتمال- وبخبث - كبير مفاوضى العدالة والمساواة الاخ احمد تقد لسان. رغم ان مثل هذا الحديث – وحتى لو قاله السيد منى – فإنه يعكس فقط حسن النية فى التعامل مع قضية معقدة أرقت المجتمع الدولى بتعقيداتها حتى الآن خاصة وان السيد منى اركو الان فى اوجه قوته العسكرية والتى تعلمها حركة العدل والمساواة اكثر من غيرها الا ان مثل هذا الحديث يعتبر سابق لاوانه لسبب اساسى وهو ان اتفاق ابوجا هو اتفاق قائم بالفعل بالتزام الطرفين الموقعين باستحقاقاتها المنصوصة والتى تم ترجمة جزء منها فى شكل هياكل سياسية وادارية وتم شغل معظم المناصب السياسية والادارية فى هذه الهياكل وهذا الاتفاق واجب التنفيذ رغم تلكؤ المؤتمر الوطنى حتى الآن. اما الاتفاق الاطارى بالدوحة فهو الان فى انتظار "شيطان التفاصيل" وبل عندما (يتواضع) الدكتور خليل ابراهيم ويجلس مع الوفد الحكومى - بدون شروط تعجيزية واحتقار واقصاء الاخرين - للتحاور والتفاوض بغرض الوصول الى اتفاق بخصوص القضايا المطروحة فى الورقة الاطارية الموقعة وهو امر لا احد يعلم حتى الآن عن مداه الزمنى شيئاً ولا يدرى ما سيكتنفه من مصاعب عندما تحين ساعة مناقشتها، وبالتالى فان الاتفاق الاطارى هو اتفاق "نئ" اذا صح التعبير "Premature" ولا يمكن مقارنته او مقاربته باتفاق ابوجا هذا من جانب، ومن الجانب الآخر فانه لا احد يدرى حتى الان عن حقيقة المكاسب (الاضافية) التى سوف ياتى بها الاتفاق الجديد لاهل دار فور، فقط عند التوقيع النهائى سوف يتمكن الناس من المقارنة بين الاتفاقين ومن ثم تقويم كل منهما لجهة وفائهما لتطلعات اهل دارفور ومن يدرى ربما يسأل اهل دار فور حينها الدكتور خليل عن دواعى عدم توقيعه لاتفاق ابوجا عام 2006 م وضياع كل هذا الوقت والانفس والموارد والاستعانة بالدول المجاورة المعادية للسودان لشن حرب باسم اهل دارفور وذلك اذا فشل اتفاق العدل والمساواة عن إضافة إستحقاقات ومطالب تفوق تلك المكاسب التى جاء بها اتفاق ابوجا فى محاوره وملفاته المختلفة، ذلك الاتفاق المرجعى والذى لا يمكن تجاوزه. هنالك سؤال آخر يتركز حول من قال ان حركة مناوى قد استفادت من جميع المناصب التى وفرتها اتفاقية ابوجا حتى يُطلب منها التنازل عن صلاحيات كبير مساعدى الرئيس او رئيس السلطة الانتقالية او التنازل عن الوظيفة ذاتها كما لمح اليه الاخ احمد تقد؟ هل نسى الناس عندما اصر المؤتمر الوطنى على عدم ملء كل الوظائف الدستورية من قبل افراد الحركة الموقعة (حركة مناوى) وبل قام بتعين شخصين فى الوظائف الدستورية فى السلطة الانتقالية لدارفور من خارج حركة مناوى ‘وهما الاخوان ابراهيم مادبو وابوالقاسم احمد ابوالقاسم وم ناحية أخرى ابقى على بعض الوظائف الدستورية شاغرةً على امل شغلها من قبل قادة الحركات المسلحة الذين رفضوا توقيع ابوجا وذلك عندما يتم التوصل معهم مستقبلا لاتفاق سلام جديد. القول الفصل فى هذا الموضوع هو ان حركة مناوى لا تتنازل قيد أُنملة عن مستحقاتها ومكتسباتها التى امنتها اتفاقية ابوجا حتى يتم تنفيذ كل بنود إتفاق أبوجا وتحقيق الأهداف التى من أجلها وُقع الإتفاق فالأمر ليس مجرد مناصب ووظائف إنما هو باقة برامج متكاملة تتعلق بإنتشال أهل دارفور من كوارث التخلف والتهميش وإقامة تنمية مقبولة تلبى أشواقهم ، وبل انها ترى ان حكومة المؤتمر الوطنى ولانها قد ضيعت عليها وظفيفتين دستوريتين من قبل فى السلطة الانتقالية لدار فور وذلك بمنحها لغير مستحقيها فانها تطالب الآن بان يُرفّع رئيس الحركة السيد منى اركو مناوى من منصب كبير مساعدى رئيس الجمهورية الى منصب نائب رئيس الجمهورية فى اطار الترتيبات القادمة مع القادمين الجدد. منطق الحركة فى ذلك هو ان قادة الحركات الذين تجمعوا الان فى الدوحة قد اثبتوا بما فيهم الدكتور خليل انهم فقط يبحثون عن الوظائف وفك أسر ذوى القربى من سجون المؤتمر الوطنى اكثر من اهتمامهم بقضية دارفور ومعاناة اهل دارفور. والا ما الذى يمنع مجموعتى طرابلس واديس ابابا من الاندماج تحت مظلة واحدة والتفاوض مع الحكومة فى سبيل الاسراع بانهاء معاناة اهل دارفور دون ضياع وقت ثمين؟ او ما الداعى للغطرسة التى يمارسها الاخ الدكتور خليل ابراهيم والذى طالب الوساطة بطرد الحركات الاخرى من المنبر او قبول هذه الحركات باندماج قسرى مع حركة العدل والمساواة او تقزيم واعتبار نفسها منظمات مجتمع مدنى حتى يقبل الاخ خليل بالتفاوض مع الحكومة! لكل هؤلاء نقول بان الاخ منى مناوى عندما قرر توقيع اتفاق ابوجا منفردا كان لسببين اساسين اولهما لانهاء معاناة مواطن دارفور وثانيهما انه قرأ الموقف العسكرى للحركات ببعد نظر وقد اثبت الزمن ذلك وهو انه فى حالة الاستمرار فى الحرب سيزيد حالة تشظى الحركات بالمزيد من الانشقاقات، بدل ما كانت فى أبوجا ثلاث حركات انظر الان فقط الى منبر قطر كم حركة هناك؟ اذن لما التنازل عن الصلاحيات ولمن؟! (نقلا عن جريدة اجراس الحرية اليومية بتاريخ 3/3/2010 )