الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي يستقبل رئيس وزراء السودان في الرياض    طلب للحزب الشيوعي على طاولة رئيس اللجنة الأمنية بأمدرمان    شاهد بالفيديو.. فنانة سودانية تنفجر غضباً من تحسس النساء لرأسها أثناء إحيائها حفل غنائي: (دي باروكة دا ما شعري)    الخلافات تشتعل بين مدرب الهلال ومساعده عقب خسارة "سيكافا".. الروماني يتهم خالد بخيت بتسريب ما يجري في المعسكر للإعلام ويصرح: (إما أنا أو بخيت)    تعاون مصري سوداني في مجال الكهرباء    شاهد بالصورة والفيديو.. بأزياء مثيرة.. تيكتوكر سودانية تخرج وترد على سخرية بعض الفتيات: (أنا ما بتاجر بأعضائي عشان أكل وأشرب وتستاهلن الشتات عبرة وعظة)    ترامب : بوتين خذلني.. وسننهي حرب غزة    شاهد بالصورة والفيديو.. حصلت على أموال طائلة من النقطة.. الفنانة فهيمة عبد الله تغني و"صراف آلي" من المال تحتها على الأرض وساخرون: (مغارز لطليقها)    شاهد بالفيديو.. شيخ الأمين: (في دعامي بدلعو؟ لهذا السبب استقبلت الدعامة.. أملك منزل في لندن ورغم ذلك فضلت البقاء في أصعب أوقات الحرب.. كنت تحت حراسة الاستخبارات وخرجت من السودان بطائرة عسكرية)    البرهان : " لايمكن أن نرهن سيادتنا لأي دولة مهما كانت علاقتنا معها "    يوفنتوس يجبر دورتموند على التعادل    نادي دبيرة جنوب يعزز صفوفه إستعداداً لدوري حلفا    أول دولة تهدد بالانسحاب من كأس العالم 2026 في حال مشاركة إسرائيل    900 دولار في الساعة... الوظيفة التي قلبت موازين الرواتب حول العالم!    "نهاية مأساوية" لطفل خسر أموال والده في لعبة على الإنترنت    "مرصد الجزيرة لحقوق الإنسان يكشف عن انتهاكات خطيرة طالت أكثر من 3 آلاف شخص"    د.ابراهيم الصديق على يكتب: معارك كردفان..    رئيس اتحاد بربر يشيد بلجنة التسجيلات ويتفقد الاستاد    عثمان ميرغني يكتب: المفردات «الملتبسة» في السودان    خطوط تركيا الجويّة تدشّن أولى رحلاتها إلى السودان    إحباط محاولة تهريب وقود ومواد تموينية إلى مناطق سيطرة الدعم السريع    محمد صلاح يكتب التاريخ ب"6 دقائق" ويسجل سابقة لفرق إنجلترا    شاهد بالصورة والفيديو.. خلال حفل خاص حضره جمهور غفير من الشباب.. فتاة سودانية تدخل في وصلة رقص مثيرة بمؤخرتها وتغمر الفنانة بأموال النقطة وساخرون: (شكلها مشت للدكتور المصري)    السعودية وباكستان توقعان اتفاقية دفاع مشترك    المالية تؤكد دعم توطين العلاج داخل البلاد    غادر المستشفى بعد أن تعافي رئيس الوزراء من وعكة صحية في الرياض    تحالف خطير.. كييف تُسَلِّح الدعم السريع وتسير نحو الاعتراف بتأسيس!    دوري الأبطال.. مبابي يقود ريال مدريد لفوز صعب على مارسيليا    شاهد بالفيديو.. نجم السوشيال ميديا ود القضارف يسخر من الشاب السوداني الذي زعم أنه المهدي المنتظر: (اسمك يدل على أنك بتاع مرور والمهدي ما نازح في مصر وما عامل "آي لاينر" زيك)    الجزيرة: ضبط أدوية مهربة وغير مسجلة بالمناقل    ماذا لو اندفع الغزيون نحو سيناء؟.. مصر تكشف سيناريوهات التعامل    ريال مدريد يواجه مرسيليا في بداية مشواره بدوري أبطال أوروبا    ماذا تريد حكومة الأمل من السعودية؟    الشرطة تضع حداً لعصابة النشل والخطف بصينية جسر الحلفايا    شاهد بالصور.. زواج فتاة "سودانية" من شاب "بنغالي" يشعل مواقع التواصل وإحدى المتابعات تكشف تفاصيل هامة عن العريس: (اخصائي مهن طبية ويملك جنسية إحدى الدول الأوروبية والعروس سليلة أعرق الأسر)    إنت ليه بتشرب سجاير؟! والله يا عمو بدخن مجاملة لأصحابي ديل!    وزير الداخلية يترأس إجتماع لجنة ضبط الأمن وفرض هيبة الدولة ولاية الخرطوم    في أزمنة الحرب.. "زولو" فنان يلتزم بالغناء للسلام والمحبة    إيد على إيد تجدع من النيل    حسين خوجلي يكتب: الأمة العربية بين وزن الفارس ووزن الفأر..!    ضياء الدين بلال يكتب: (معليش.. اكتشاف متأخر)!    في الجزيرة نزرع أسفنا    من هم قادة حماس الذين استهدفتهم إسرائيل في الدوحة؟    مباحث شرطة القضارف تسترد مصوغات ذهبية مسروقة تقدر قيمتها ب (69) مليون جنيه    في عملية نوعية.. مقتل قائد الأمن العسكري و 6 ضباط آخرين وعشرات الجنود    الخرطوم: سعر جنوني لجالون الوقود    السجن المؤبّد لمتهم تعاون مع الميليشيا في تجاريًا    وصية النبي عند خسوف القمر.. اتبع سنة سيدنا المصطفى    عثمان ميرغني يكتب: "اللعب مع الكبار"..    جنازة الخوف    حكاية من جامع الحارة    حسين خوجلي يكتب: حكاية من جامع الحارة    تخصيص مستشفى الأطفال أمدرمان كمركز عزل لعلاج حمى الضنك    مشكلة التساهل مع عمليات النهب المسلح في الخرطوم "نهب وليس 9 طويلة"    وسط حراسة مشددة.. التحقيق مع الإعلامية سارة خليفة بتهمة غسيل الأموال    نفسية وعصبية.. تعرف على أبرز أسباب صرير الأسنان عند النوم    بعد خطوة مثيرة لمركز طبي.."زلفو" يصدر بيانًا تحذيريًا لمرضى الكلى    الصحة: وفاة 3 أطفال بمستشفى البان جديد بعد تلقيهم جرعة تطعيم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



النَّكْبَةُ المَسَّخَتْ عَلِيْنَا العِيْدْ .. بقلم: د. فَيْصَلْ بَسَمَةْ
نشر في سودانيل يوم 11 - 06 - 2019

لَا شَكَ أَنَّ المَجَازِرَ الَتِّي إِرْتَكَبَتْهَا مَلِيْشِيَاتُ الجَنْجُويْدِ وَ العَصَابَاتُ الأَمْنِيَّةُ الأُخْرَىَٰ فِي حَقِّ الشَّبَابِ السُّودَانِيِّ العُزَلِ الثَّائِرِ مِنْ أَجْلِ الحُرِّيَّةِ وَ السَّلَامِ وَ العَدَالَةِ فِي سَاحَاتِ الإِعْتِصَامِ أَمَامَ القِيَادَةِ العَامَّةِ لِلجَيْشِ السُّودَانِيِّ وَ شَارِعِ النِيْلِ وَ أَمَاكِنَ أُخْرَىَٰ فِي العَاصِمَةِ السُّودَانِيِّةِ الخُرْطُومِ وَ السُّودَانِ فِي شَهْرِ رَمَضَانْ 1440 هِجْرِيَّةْ خُصُوصاً المَجْزَرَةُ الَتِّي حَدَثَتْ فِي يَومِ التَّاسِعِ وَ العَشْرِيْنَ مِنْ رَمَضَانْ كَانَتْ عَلَامَةً فَارِقَةً فِي تَارِيْخِ السُّودَانِ مِنْ حَيْثُ نَوعِيَّةِ الأَسْلِحَةِ المُسْتَخْدَمَةِ وَ دَرَجَاتِ الكُرْهِ وَ العُنْفِ الَّذِي مُورِسَ ضِدَ المُعْتَصِمِيْنَ العُزَلِ وَ فِي طُرِقِ التَّعْذِيْبِ وَ القَتْلِ وَ فِي الأَعْدَادِ المَهُولَةِ مِنْ القَتْلَىَٰ وَ مَا تَلَىَٰ ذَٰلِكَ مِنْ أَكَاذِيْبَ وَ مُحَاوَلَاتٍ لِطَمْسِ الحَقَائِقِ وَ التَّنَصُلِ مِنْ المَسْئُولِيَّةِ مِنْ جَانِبِ قِيَادَاتِ مَلِيْشِيَاتِ الجَنْجُويْدِ وَ أَعْضَاءِ المَجْلِسِ العَسْكَرِيِّ الإِنْقِلَابِيِّ.
فِي كُلِّ العُهُودِ العَسْكَرِيَّةِ السَّابِقَةِ مَارَسَتْ السُّلْطَاتُ المُخْتَلِفَةُ العُنْفَ ضِدَ المُتَظَاهَرِيْنَ وَ فِيْهَا إِطْلَاقُ الرُّصَاصِ وَ إِسْتِعْمَالُ الغَازِ المُسَيَّلِ لِلدُّمُوعِ وَ اسْتُخْدِمَتْ الهَرَوَاتُ ، وَ فِي تِلْكَ العُهُودِ سَقَطَ العَدِيْدُ مِنْ الشُّهْدَاءِ فِي التَّظَاهُرَاتِ كَمَا حَدَثَ فِي أُكْتُوبَرِ 1964 مِيْلَادِيَّةْ وَ خِلَالَ حُكْمِ الدِّكَتَاتُورِ جَعْفَرْ النِّمِيْرِيِّ وَ فِي أَبْرِيْلِ 1985 مِيْلَادِيَّةْ وَ فِي فَتَرَاتٍ مُتَعَدَدَةٍ مِنْ عَهْدِ جَمَاعَةِ الإِنْقَاذِ المُتَأَسْلِمَةِ لَكِنْ فِي كُلِّ هَذِهِ الأَحْوَالِ لَمْ تَكُنْ أَعْدَادُ الضَّحَايَا بِهَذِهِ الضَّخَامَةِ كَمَا لَمْ لَمْ تَكُنْ دَرَجَةُ العُنْفِ عَلَىَٰ هَذَا المُسْتَوَىَٰ مِنْ الفَظَاعَةِ وَ القَسْوَةِ فَمَا حَدَثَ فِي مَجَازِرِ رَمَضَانْ وَ خُصُوصاً فِي اليَومِ التَّاسِعِ و العِشْرِيْنَ يَرْقَىَٰ إِلَىَٰ مَرْتَبَةِ الإِبَادَةِ الجَمَاعِيَّةِ فَقَدْ ذَكَرَ بَعَضٌ مِنْ شُهُودِ العَيَانِ أَنْ أَعْدَادَ القَتْلَىَٰ يَبْلُغُ المِئَاتِ ، هَذَا اليَومُ فِي يَومِيَاتِ الكَثِيْرِيْنَ مِنْ الشَّعْبِ السُّودَانِيِّ يَومُ نَكْسَةٍ وَ نَكْبَةٍ بِكُلِّ المَقَايِيْسِ كَمَا أَنَّ تَأَثِيْرَ التَّجَاوَزَاتِ المُرْعِبَةِ الَتِّي إِرْتَكَبَتْهَا مَلِيْشِيَاتُ الجَنْجُويْدِ وَ العَصَابَاتُ الأَمْنِيَّةُ الأُخْرَىَٰ مِنْ الفَظَاعَةِ بِمَكَانٍ حَتَّىَٰ أَنَّهَا أَحْدَثَتْ حَالَةً مِنْ الغَضَبِ وَ الإِحْبَاطِ وَ الحُزْنِ أَنْسَتْ السُّودَانِيُونَ وَ آخَرُونَ حَوَلَ العَالَمِ فَرْحَةَ الإِحْتِفَالِ بِعِيْدِ الفِطْرِ فَحَرْقُ المُتَظَاهَرِيْنَ وَ القَتْلُ بِالإِغْرَاقِ فِي النِيْلِ وَ إِخْفَاءَ الجُثَثِ وَ القَذْفَ بِهَا فِي النِيْلِ مَعَ رَبْطِهَا بِالإِثْقَالِ حَتَّىَٰ لَا تَطْفُو فَتُعْرَفُ سَوَابِقٌ لَمْ تَعْرِفُهَا أَعْتَىَٰ الأَجْهِزَةِ القَمْعِيَّةِ الَتِّي مَرَتْ عَلَىَٰ الشَّعْبِ السُّودَانِيِّ.
فِي كُلِّ العُهُودِ القَمْعِيَّةِ كَانَ الجَيْشُ السُّودَانِيُّ بِمَنْأَىَٰ عَنْ التَْدَخُلِ المُبَاشِرِ فِي قَمْعِ الشَّعْبِ وَ كَانَتْ قُوَاتُ الشُّرْطَةِ وَ الأَمْنِ بِحُكْمِ المَهَامِ المُوكَلَةِ بِهَا هِيَ الَتِّي تَقُومُ بِالقَمْعِ وَ الإِعْتِقَالَاتِ وَ كَذَٰلِكَ الإِغْتِيَالَاتِ وَ رَغْمَ ذَٰلِكَ لَمْ تَبْلُغْ أَعْدَادُ القَتْلَىَٰ مُسْتَوَىَٰ مَا حَدَثَ فِي عَهْدَيِّ الإِنْقَاذِ وَ الإِنْقَلَابِ العَسْكَرِيِّ الحَالِيِّ ، فَفِي عَهْدِ حُكْمِ الفَرِيْقِ إِبْرَاهِيْمْ عَبُودْ كَانَ عَدَدُ الَّذِيْنَ سَقَطُوا عَلَىَٰ يَدِ قُواتِ الشُّرْطَةِ يُعَدُّ عَلَىَٰ أَصَابِعِ اليَدِ بَيْنَمَا نُشِرَ وَ أُسْتُخْدِمَ الجَيْشُ فِي تَأَمِيْنِ المُنْشَأَتِ وَ المُمْتَلَكَاتِ ، وَ شَهِدَ عَهْدُ الدِّكَتَاتُورِ جَعْفَرْ النِّمِيْرِي تَزَايُداً فِي أَعْدَادِ إِغْتِيَالَاتِ المُتَظَاهَرِيْنَ رَمْيّاً بِالرُّصَاصِ كَمَا شَهِدَ ذَٰلِكَ العْهَدُ أَيْضاً بِدَايَةَ إِسْتِخْدَامِ العُنْفِ وَ التَّعْذِيْبِ الجَسَدِيِّ وَ القَتْلِ ضِدَ المُتَظَاهَرِيْنَ العُزَلِ بِوَاسَطَةِ قُواتِ جِهَازِ الأَمْنِ الوَطَنِيِّ إِلَىَٰ جَانِبِ قُواتِ الشُّرْطَةِ النِّظَامِيَّةِ ، وَ رَغْمَ العُنْفِ المُفْرِطِ فِي تَفْرِيْقِ الإِحْتِجَاجَاتِ خِلَاَلَ هَاتَيْنِ الحِقْبَتَيْنِ (عَبُودْ/النِّمِيْرِي) مِنْ الحُكْمِ العَسْكَرِيِّ إِلَّا أَنَّ الظَّاهُرَ أَنَّهُ لَمْ تُسَجَّلْ إِعْتِدَاءَتٌ مِنْ قِبَلَ الجَيْشِ عَلَىَٰ المُتَظَاهِرِيْنَ العُزَلِ.
أَمَّا فِي عَهُدِ تَسَلُّطِ الجَمَاعَةِ المُتَأَسْلِمَةِ فِي حَقْبَتَيِّ الإِنْقَاذِ وَ الإِنْقَلَابِ العَسْكَرِيِّ الحَالِيِّ فَقَدْ جُوبِهَتْ المُظَاهَرَاتُ فِي المُدِنِ بِالعُنْفِ المُفْرَطِ وَ القَتْلِ الجَمَاعِيِّ بِالأَسْلِحَةِ الثَّقِيْلَةِ وَ بِإِسْتِخْدَامِ الأَعْدَادِ الغَفِيْرَةِ مِنْ القَوَاتِ المُسَلَّحَةِ النِّظَامِيَّةِ وَ غَيْرِ النِّظَامِيَّةِ كَانَ فِيْهَا الجَيْشَ وَ الشُّرْطَةَ وَ جِهَازَ الأَمْنِ الوَطَنِيِّ وَ مَلِيْشِيَاتِ الجَنْجُويْدِ وَ الدِّفَاعِ الشَّعْبِيِّ وَ قَوَاتٍ أُخْرَىَٰ لَا تُعْرَفُ لَهَا مُسَمَّيَاتٌ لَكِنَّ القَاسِمَ المُشْتَرَكِ بَيْنَ كُلِّ هَذِهِ القُوَاتِ هُوَ التَّطَرُفُ وَ العُنْفُ المُفْرَطُ.
كَانَ الجَيْشُ السُّودَانِيُّ وَ القُواتُ النِّظَامِيَّةِ الأُخْرَىَٰ فِي عَهُدِ الإِسْتِعْمَارِ البِرِيْطَانِيِّ وَ تَحْتَ الأَنْظِمَةِ الوَطَنِيَّةِ المُتَعَاقِبَةِ وَ حَتَّىَٰ إِلَىَٰ عَهْدِ الدِّكْتَاتُورِ جَعْفَرْ النِّمِيْرِي تَتَمَيَّزُ بِالقَومِيَّةِ وَ النَّزَاهَةِ (رَغْمَ المَآخِذِ عَلَيْهَا) فِي إِخْتِيَارِ الأَفْرَادِ مِنْ الظُّبَاطِ وَ الجُنُودِ حَتَّىَٰ تَعْكِسَ التَّنَوعُ العِرْقِيِّ السُّودَانِيِّ ، وَ كَانَتْ السِّمَاتُ الظَّاهِرَةُ فِي التَّعْيْنَاتِ هِيَ التَّقَيُدَ بِالقَوَانِيْنِ وَ اللَّوَائِحِ فِي المُعَايَنَاتِ وَ الإِخْتِيَارِ ، وَ كَانَتْ تِلْكَ المُؤَسَسَاتِ تَتَمَيَّزُ أَيْضاً بِالتَّدْرِيْبِ وَ التَّأَهِيْلِ الجَيْدِ لِلمُقَاتْلِيْنَ ، وَ كَانَتْ مَنَاهِجُ التَّدْرِيْبِ وَ التَّأَهِيْلِ فِي تِلْكَ المَدَارِسِ وَ المَعَاهِدِ العَسْكَرِيَّةٍ تَرْتَكِزُ عَلَىَٰ عَقِيْدَةٍ لِلقِتَالِ مُتَفَقٌ وَ مُجْمَعٌ عَلَيْهَا وَ مَشْهُودٌ لَهَا بِالجَودَةِ العَالِيَّةِ وَ النُّبْلِ فِي المَقَاصِدِ فَقَدْ كَانَتْ عَقِيْدَةٌ مُفْعَمَةً بِقِيَمِ الدِّيْنِ السَّمْحِ وَ كَرِيْمِ المُعْتَقَدَاتِ وَ العُرْفِ كَالشَّهَامَةِ وَ النَّخْوَةِ وَ المُرُوءَةِ وَ الأَمَانَةِ وَ البَذْلِ وَ التَّضْحِيَةِ:
نَحْنُ جُنْدُ اللَّهِ
جُنْدُ الوَطَنْ
إِنْ دَعَىَٰ دَاعِي الفِدَاءِ لَنْ نَخُنْ
فَالجَيْشُ:
أُسُودُ الغَابِ أَبْنَاءُ الحُرُوبِ
لَا نَهَابُ المَوتَ أَو نَخْشَىَٰ الخُطُوبِ
نَحْفَظُ السُّودَانَ فِي هَذِي القُلُوبِ
نَفْتَدِيْهِ مِنْ شِمَالٍ وَ جَنُوبِ
بِالكِفَاحِ المُرِّ وَ العَزْمِ المَتِيْنْ
وَ قُلُوبٌ مِنْ حَدِيْدٍ لَا تَلِيْنْ
وَ هُمْ أَمَامَ الشَّرِّ وَ الغَاصِبِيَنَ (كَنُسُورِ الجَوِّ) أَو (أُسْدِ العَرِيْنْ) يَدْفَعُونَ الرَّدَىَٰ وَ يَصُدُونَ العِدَىَٰ وَ الظَالِمَ وَ لَيْسَ المُتَظَاهَرِيْنَ السِّلْمِيِيْنَ العُزَلِ حَتَّىَٰ أَنَّ دُولَ الجُوَارِ لَمَّا رَأَتْ وَ شَاهَدَتْ تِلْكَ القِيَمَ تَتَنَزَّلُ سُلُوكاً وَ إِنْضِبَاطاً فِي أَفْرَادِ الجَيْشِ السُّودَانِيِّ جُنُوداً وَ ظُبَاطاً سَعَتْ وَ تَسَابَقَتْ وَ سَارَعَتْ بِإِرْسَالِ أَبْنَاءِهَا إِلَىَٰ كُلِّيَّاتِ السُّودَانِ العَسْكَرِيِّةِ كَيْمَا يَنَالُوا شَرَفَ التَّعَلُّمِ وَ التَّأَهِيْلِ وَ التَّخَرُجِ مِنْهَا رَغْمَ تَكَدُسِ المَنْطِقَةِ العَرَبِيَّةِ وَ الأَفْرِيْقِيَّةِ بِالمَعَاهِدِ وَ المَدَارِسِ العَسْكَرِيَّةِ وَ ذَٰلِكَ لِمَا عُرِفَ عَنْ الجَيْشِ السُّودَانِيِّ مِنْ المِهَنِيَّةِ وَ الشِّدَةِ وَ البَسَالَةِ وَ البَرَاعَةِ فِي فُنُونِ القِتَالِ وَ الإِلْتِزَامِ وَ الإِنْضِبَاطِ كَمَا شَهِدَتْ بِذَٰلِكَ مَعَارِكُ الحَرْبِ العَالَمِيَّةِ الثَّانِيَّةِ وَ مَهَامٌ أُخْرَىَٰ أُوكِلَتْ لِلجَيْشِ السُّودَانِيِّ فِي الكُوِيْتْ وَ لِبْنَانْ وَ مِصْرَ ، كُلُّ ذَٰلِكَ الإِرثِ النَّبِيْلِ ضَاعَ فِي عَهْدِ جَمَاعَةِ الإِنْقَاذِ المُتَأَسْلِمَةِ فَقَدْ تَمَّ التَّضْحِيَةُ بِكُلِّ القِيَمِ وَ الخِبْرَةِ المُتَرَاكِمَةِ مِنْ أَجْلِ التَّمْكِيْنِ وَ تَكْرِيْسِ سُلْطَةِ الجَمَاعَةِ وَ اسْتُبْدِلَتْ العَقِيْدَةُ القِتَالِيَّةُ النَبِيْلَةُ بِالهَوَسِ الدِّيْنِيِّ وَ التَّطَرُفِ وَ الإِرْهَابِ فَصَارَ الجُنْدِيُّ يُكْثِرُ فِي القَتْلِ وَ البَطْشِ وَ التَّنْكِيْلِ بِالخُصُومِ حَتَّىَٰ يَنَالَ "الشَّهَادَةَ" وَ الجَنَّةَ إِنْ مَاتَ أَو السَّبِيَّ وَ الأَنْفَالَ إِنْ عَاشَ.
فِي العُهُودِ السَّابِقَةِ كَانَ التَّعَامُلُ الإِعْلَامِيِّ مَعَ الأَحْدَاثِ وَ المَآسِي يَتِمُّ بِدَرَجَةٍ مِنْ "المَهَنِيَّةِ" فِي التَّبْرِيْرِ وَ فِي صِيَاغَةِ وَ صِنَاعَةِ الأَكَاذِيْبِ وَ فِي التَّعَامُلِ مَعَ أَجْهَزِةِ الإِعْلَامِ المَحَلِّيَّةِ وَ العَالَمِيَّةِ أَمَّا فِي حَقْبَتَيِّ الإِنْقَاذِ وَ الإِنْقَلَابِ العَسْكَرِيِّ الحَالِيِّ فَإِنَّ دَرَجَةَ الإِسْتِخْفَافِ بِالعُقُولِ وَ مُمَارَسَةِ الكَذِبِ كَانَتْ غَيْرَ مَسْبُوقَةٍ مِنْ حَيْثُ السَّذَاجَةِ وَ الإِخْرَاجِ الرَّدِئِ وَ يَرْجَعُ السَّبَبُ فِي ذَٰلِكَ إِلَىَٰ إِفْتِقَارِ المُسْئُولِيْنَ مِنْ نِظَامِيِيْنَ وَ مَلِيْشِيَاتٍ وَ مَوَظَفِيْنَ وَ سِيَاسِيِيْنَ وَ إِعْلَامِيِيْنَ إِلَىَٰ التَّدْرِيْبِ وَ التَّأَهِيْلِ وَ فَنِّ القِيَادَةِ وَ ذَٰلِكَ لَأَنَّ هَٰؤُلَاءِ لَمْ يَنَالُوا مَا نَالُوا مِنْ الإِمْتِيَازَاتِ وَ تَبَوؤا مَا تَبَوؤا مِنْ المَنَاصِبِ إِلَّا عَنْ طَرِيْقِ المَحْسُوبِيَّةِ وَ الوَلَاءِ لِلجَمَاعَةِ المُتَأَسْلِمَةِ وَ لَيْسَ عَنْ طَرِيْقِ المُؤَهَلَاتِ وَ الكَفَآءَةِ وَ الجَدَارَةِ.
مُفَارَقَةٌ:
شَهِدَتْ سَاحَاتُ الإِعْتِصَامِ تَلَاحُماً وَطَنِيّاً عَظِيْماً بَيْنَ الشَّبَابِ القَآئِمِ عَلَىَٰ أَمْرِ الثَّورَةِ وَ القَادِمِ مِنْ كِلِّ بِقَاعِ السُّودَانِ وَ كَانَ التَّمْثِيْلُ فِي سَاحَةِ الإِعْتِصَامِ مُكْتَمِلاً شَمِلَ كُلَّ أَطْيَافِ الأَجْنَاسِ المُكَوِنَةِ لِلقَومِيَّةِ السُّودَانِيِّةِ وَ كَانَ حُضُورُ المَرَأَةِ وَ مُشَارَكَتُهَا طَاغِيّاً وَ مُمَيَّزاً وَ مُبْهِراً وَ كَانَ أَنْ حَدَثَ تَلَاقُحٌ وَ ثُورَةٌ فِي المَفاهِيْمِ أَنْتَجَهَا الشَّبَابُ ، وَ تَمَّ إِنْصِهَارٌ وَ صَنَعَ الشَّبَابُ فِي تِلْكَ الشُّهُورِ الوَجِيْزَةِ فِكْراً سَمْحاً (حُرِّيَةْ ، سَلَامْ وَ عَدَالَةْ) وَ خَلَقُوا فَنّاً فِي شَتَىَٰ الصُّورِ جَمَّلَ سَاحَاتِ الإِعْتِصَامِ وَ مَا وَرَاءَهَا وَ سَافَرَ إِلَىَٰ العَالَمِ ، وَ فِي المُقَابِلِ أَتَتْ جَحَافِلُ شَبَابِ مَلِيْشِيَاتِ الجَنْجُويْدِ المُدَجَجَةِ بِالسِّلَاحِ الفَتَّاكِ وَ قَدْ تَمَّ غَسْلُ أَدْمْغَتِهِمْ بِالفِكْرِ الظَّلَامِيِّ الإِرْهَابِيِّ وَ العُنْصُرِيِّ البَغِيْضِ جَاءَتْ تَحْمِلُ الحِقْدَ وَ التَّشَفِي وَ تُمَارِسُ العُنْفَ وَ القَتْلَ وَ تُخَلِّفُ الحَرِيْقَ وَ الدَّمَارَ.
فِي سَاحَاتِ الإِعْتِصَامِ وَ عَلَىَٰ الرَّغْمِ مِنْ الإِنْتِظَارِ وَ الوِلَادَةِ المُتَعَسِرَةِ رُزِقَ السُّودَانُ بِمُولُودٍ إِسْمُهُ الشَّبَابُ يَمْلُكُ الأَمَلَ وَ التَّصْمِيْمَ وَ أَدَوَاتِ النَّمَاءِ وَ يُؤْمِنُ بِالمُسْتَقْبِلِ الزَّاهِرِ لِلأُمَّةِ السُّودَانِيِّةِ.
د. فَيْصَلْ بَسَمَةْ
عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
///////////////


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.