معتصم اقرع: لو لم يوجد كيزان لاخترعوهم    الصين تفرض حياة تقشف على الموظفين العموميين    (المريخاب تقتلهم الشللية والتنافر والتتطاحن!!؟؟    محمد وداعة: الجنجويدي التشادى .. الأمين الدودو خاطري    وكالة الفضاء الأوروبية تنشر صورا مذهلة ل "عناكب المريخ" – شاهد    شركة توزيع الكهرباء تعتذر عن القطوعات وتناشد بالترشيد    والي ولاية الخرطوم يقف على إنجاز الطوف المشترك لضبطه متعاونين مع المليشيا ومعتادي إجرام    دخول أول مركز لغسيل الكلي للخدمة بمحلية دلقو    والي ولاية الخرطوم يقف على إنجاز الطوف المشترك لضبطه متعاونين مع المليشيا ومعتادي إجرام    "منطقة حرة ورخصة ذهبية" في رأس الحكمة.. في صالح الإمارات أم مصر؟    بايدن يعين"ليز جراندي" مبعوثة للشؤون الإنسانية في الشرق الأوسط    مصادر: البرهان قد يزور مصر قريباً    شركة توزيع الكهرباء في السودان تصدر بيانا    تصريحات جديدة لمسؤول سوداني بشأن النفط    إقصاء الزعيم!    برشلونة: تشافي سيواصل تدريب الفريق بعد تراجعه عن قرار الرحيل    لطرد التابعة والعين.. جزائريون يُعلقون تمائم التفيفرة والحلتيت    إيفرتون يصعق ليفربول بثنائية    الجيش يقصف مواقع الدعم في جبرة واللاجئين تدعو إلى وضع حد فوري لأعمال العنف العبثية    الحلم الذي لم يكتمل مع الزعيم؟!    أحلام تدعو بالشفاء العاجل لخادم الحرمين الشريفين    دخول الجنّة: بالعمل أم برحمة الله؟    حدثت في فيلم كوميدي عام 2004، بايدن كتبوا له "وقفة" ليصمت فقرأها ضمن خطابه – فيديو    السودان..رصد 3″ طائرات درون" في مروي    في أول تقسيمة رئيسية للمريخ..الأصفر يكسب الأحمر برعاية وتألق لافت لنجوم الشباب    كواسي إبياه سيعيد لكرتنا السودانيةهيبتها المفقودة،،    خادم الحرمين الشريفين يدخل المستشفى    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    عملية عسكرية ومقتل 30 عنصرًا من"الشباب" في"غلمدغ"    شاهد بالصورة والفيديو.. شاب سوداني يترك عمله في عمان ويعود للسودان ليقاتل مع الجيش في معركة الكرامة.. وثق رحلته من مسقط حتى عطبرة ليصل أم درمان ويحمل السلاح ويطمئن المواطنين    شاهد بالصورة والفيديو.. إعلامية مصرية حسناء تشارك في حفل سوداني بالقاهرة وتردد مع الفنانة إيلاف عبد العزيز أغنيتها الترند "مقادير" بصوت عذب وجميل    شاهد بالصورة والفيديو.. "دعامي" يظهر في أحضان حسناء عربية ويطالبها بالدعاء بأن ينصر الله "الجاهزية" على "الجيش" وساخرون: (دي بتكمل قروشك يا مسكين)    العين إلى نهائي دوري أبطال آسيا على حساب الهلال السعودي    تطعيم مليون رأس من الماشية بالنيل الأبيض    إثر انقلاب مركب مهاجرين قبالة جيبوتي .. 21 قتيلاً و23 مفقوداً    عن ظاهرة الترامبية    مدير شرطة ولاية نهرالنيل يشيد بمجهودات العاملين بالهيئة السودانية للمواصفات والمقاييس    إيقاف حارس مرمى إيراني بسبب واقعة "الحضن"    سعر الريال السعودي مقابل الجنيه السوداني من بنك الخرطوم ليوم الإثنين    نصيب (البنات).!    صلاح السعدني ابن الريف العفيف    أفراد الدعم السريع يسرقون السيارات في مطار الخرطوم مع بداية الحرب في السودان    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    جبريل إبراهيم: لا توجد مجاعة في السودان    لمستخدمي فأرة الكمبيوتر لساعات طويلة.. انتبهوا لمتلازمة النفق الرسغي    عام الحرب في السودان: تهدمت المباني وتعززت الهوية الوطنية    مضي عام ياوطن الا يوجد صوت عقل!!!    مصدر بالصحة يكشف سبب وفاة شيرين سيف النصر: امتنعت عن الأكل في آخر أيامها    واشنطن: اطلعنا على تقارير دعم إيران للجيش السوداني    إصابة 6 في إنقلاب ملاكي على طريق أسوان الصحراوي الغربي    مفاجآت ترامب لا تنتهي، رحب به نزلاء مطعم فكافأهم بهذه الطريقة – فيديو    راشد عبد الرحيم: دين الأشاوس    مدير شرطة ولاية شمال كردفان يقدم المعايدة لمنسوبي القسم الشمالي بالابيض ويقف علي الانجاز الجنائي الكبير    الطيب عبد الماجد يكتب: عيد سعيد ..    بعد نجاحه.. هل يصبح مسلسل "الحشاشين" فيلمًا سينمائيًّا؟    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    «أطباء بلا حدود» تعلن نفاد اللقاحات من جنوب دارفور    دراسة: القهوة تقلل من عودة سرطان الأمعاء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



(أب دقناً تحت الكاب) وحملة (الدفتردار) الانتقامية .. بقلم: أمين محمد إبراهيم
نشر في سودانيل يوم 25 - 06 - 2019

كما انتحل سلفه المخلوع البشير صفة القوات المسلحة (كمؤسسة قومية محايدة) و استولى على الحكم لحساب شيخ تنظيمه وسلمه إدارة البلاد ومواردها ومقدراتها (صرة في خيط) كذلك ينتحل خلفه الآن مجلس (أب دقناً تحت الكاب) العسكري المتآمر الانقلابي صفة المؤسسة العسكرية القومية لحساب شريحة الطفيلية الاسلاموية و للمحافظة على مصالحها بالإبقاء على بقايا بنية دولتها الشمولية بأجهزتها وتشريعاتها الحارسة لامتيازاتها وامتيازات حلفائها في السوق و جهاز الدولة بشقيه المدني والعسكري (ومنهم قادة المؤسسة العسكرية ورتبها العليا) وهي كما نعلم مصالح وامتيازات بعضها متحصل عليه بالفساد والرشاء وشراء الذمم المخرومة بالوظائف والرتب العسكرية وبعضها منتزع بقوة السلاح و بعضها مكاسب حرام منهوبة من موارد البلاد و مال الشعب.
شكَل الفريق ابن عوف ببيانه الصادر في 11 إبريل 2019م مجلس (أب دقناً تحت الكاب) الذي ذهب من ذهب وبقى من بقى من عضويته التي تشكل أغلب تكوينه الحالي. و لم تنطل خدعة الانحياز لخيار الشعب وثورته المعلنة في البيان على أحد و ذلك لأن راعي الضأن في الخلاء يعلم أن الفريق ابن عوف قد أصدر أمر تشكيل المجلس بصفته نائب الطاغية و وزير دفاعه و بموجب سلطاته وصلاحياته كرئيس للجنة الأمنية للنظام و المكلفة بالدفاع عنه و حماية وجوده وتوطيد أركانه والزود عن بقائه واستدامته. كما علم القاصي والداني أن اللجنة الأمنية المنبثق عنها (المجلس الإنقلابي الحالي) هي التي كانت تدير المعركة الدموية الشرسة ضد الثوار منذ انفجار الثورة في 19 ديسمبر 2018م. ونضيف إلي كل ذلك، أن أول ما أعلنه الفريق ابن عوف ، في بيانه المؤسس لهذا المجلس الانقلابي، هو تعليق العمل بدستور 2005م الانتقالي و إعلان حالة الطوارئ وحظر التجول (لتجريم التعبير عن الرأي بالتظاهر و الاحتجاج، وتوفير المبرر القانوني لتصفية من يتمسك به). فهل هذا انحياز للشعب الثائر؟ أم انحياز ضده ولنسف ثورته؟. وهل يشق على أحد ملاحظة أنها نفس الاجراءات والتدابير التي سبق وأن لجأ إليها سلفه السفاح الملفوظ البشير، في أواخر أيامه عند اشتداد حصار الثوار وتضييقهم الخناق عليه ولكن كيده رد إلي نحره.
فمجلس (أب دقناً تحت الكاب) العسكري الانقلابي، هو في واقع الأمر، نظام الساقط المخلوع (وكالةً) فلا غرابة إذن في أن ينوب عنه في إنجاز برنامجه ومخططاته لإخضاع السودان وشعبه جبراً وقهراً ومغالبةً، لذات الشريحة الاجتماعية التي كان يمثلها نظام المخلوع الفاسد البائد. لذا نجد أن ما انتهى إليه (الخلف) الفريق ابن عوف في بيان التأسيسي للمجلس، وما واصل فيه هذا الأخير العسكري الانقلابي كان و لايزال هو صيغة منتهى اشتهاء (السلف) وهو السفاح المخلوع، ولا شك في أن البشير لو قيض له استقبال ما استدبر من أمره لما وجد أفضل مما أراده له (خلفه) و نائبه وعزم هو ومجلسه (ويشمل بعض أعضائه الحاليين) على تنفيذه و تطبيقه لغرض واحد يتيم، هو هزيمة الثوار وإطفاء نور ثورتهم المباركة، ولتم لهم ذلك لو لا وعي و يقظة الثوار الذين تمسكوا برفضه وصمموا على لفظه وخلعه مع رئيسه (رأس النظام السابق الذي قرر مجلسه اقتلاعه والتحفظ عليه باعتقاله في مكان آمن) بحسب عبارة بيانه.
و في حيثيات تبرير خلع البشير ذكر أعضاء المجلس الانقلابي أنه أصر على فض الاعتصام أمام القيادة العامة بالقوة المسلحة بالغا ما بلغت الخسائر في الأرواح، وقالوا: بل وأمهلهم مدة ثمانية وأربعين ساعة وقال (ما عايز أشوف زول بعدها في ميدان الاعتصام). ولكن المجلس عاد ( وحل محل البشير) وفض الاعتصام بالقوة الدموية القاتلة والمؤذية.
وفي تقديرنا إن ما فعله المجلس الانقلابي لم يكن لفض الاعتصام فحسب بل و لتصفية الثورة وكسر عزيمة واصرار الثوار كما سنفصل لاحقاً في موضعه.
وحملت قوى إعلان التغيير و الحرية في كل بياناتها ومخاطباتها المجلس العسكري مسئولية الهجوم على المعتصمين أمام القيادة العامة وفض اعتصامهم ليلة 3 يونيو 2019م بأقصى درجات الدموية والوحشية التي أسقطت قتلى (أكثر من مائة بحسب الثوار) (اعترف المجلس بعدد 61 من القتلى) و مئات الجرحى والمفقودين. وفي ذات السياق حمل مجلس الأمن والمنظمات الدولية والحقوقية الاقليمية والدولية وأمريكا ومعها دول الاتحاد الأوربي المجلس العسكري مسئولية المجزرة، كما طالب الامام الصادق المجلس العسكري بالاعتراف بأن فض الاعتصام كان مدبراً.
في تقديرنا المتواضع أن صيغة طلب الامام الصادق، تجعل من إجابة المجلس العسكري (حتى ولو جاءت بالإيجاب) إجابة ناقصة ومبتورة لا تشفي غليل الباحث عن الحقيقة لأنها لا تكشف كل الحقيقة، التي لن توضح وتبين إلا إذا عرف شعب السودان، من هو مدبر فض الاعتصام؟؟ و ما هي أغراضه وغاياته؟. و نحن نعلم أن المجلس (بفمه ماء كثير) يمنعه من الرد على طلب المطالبين له بكشف من المسئول عن إزهاق أرواح الشهداء وعن سفك دماء الجرحى؟ ولكن الاجابة يمكن أن تستخلص من مصادر كثيرة، من ضمنها الصور الحية للأحداث الدامية، فرغم مباغتة القوة التي نفذت الفض للمعتصمين السلميين فإن كاميرات مختلفة لا حصر لها قد سجلت وبدقة وشمول كامل مشاهد المعركة بين قوة مدججة بكل أسلحة الحرب ومحتجين عزل. والمشاهد لهذه المعركة ولحجم القوة المهاجمة فيها ولكم ونوع أسلحتها وعتادها و درجة وحشية وفظاظة الفتك بالمعتصمين السلميين بالرصاص الحي والأسلحة البيضاء والهراوات الثقيلة لا يصدق أبداً أن يكون غرض الهجوم هو فض اعتصامهم فحسب. فالمشاهد يرى بوضوح أن القوة كانت تسد بإحكام منافذ الخروج والهروب على الهاربين من القتل والجرح بالرصاص الحي وتطاردهم وهي تشبعهم ضرباً بالهراوات وشتماً بأقذع الشتائم وعبارات السباب الإساءات النابية.
و المنطق والعقل لا شك يقولان بأن من كانت غايته فض الاعتصام لا يحتاج ولاستخدام كل عدد القوة المهاجمة لميدان الاعتصام و لكل الأسلحة التي أعملتها تلك القوة وأخيرا لكل العنف الدموي المميت و المؤذي الموجه إلي مقاتل أجساد محتجين عزل وبغل و حقد عبرت عن القوة بأسلحتها و صيحات أفرادها وعبارات أفواههم. و عليه نستخلص نتيجة واحدة من كل تقدَم وهي أن غاية الهجوم على المعتصمين لم تقتصر على فضه بل أن الجهة المخططة للهجوم والمنفذة له تعدت فض الاعتصام إلي تصفية حسابها مع الثوار وقيادتهم المتمثلة في قوى إعلان التغيير والحرية من جانب آخر. لذا فإن التوصيف الصحيح والدقيق لعملية فض الاعتصام هي حملة (أب دقناً تحت الكاب) الانتقامية.
ضد ثوار و ثورة 19 ديسمبر 2018م وما اعتبرتها لمجلس المذكور فرصته المواتية للإجهاز على تلك الثورة و إجهاض و وأدها.
بعد خلع وعزل أسلافه (البشير و ابن عوف) وجد المجلس العسكري نفسه وجها لوجه أمام غريم ومنافس عالي الوعي ومنظم ودقيق في ترتيباته وقوى في تصميمه و عنيدة في عزمه للوصول لمبتغاه، ينازعه السلطة التي حاول الانفراد بها للسير قدما فيما سبقه إليه من خط ابن عوف. حاول المجلس تمرير مخططاته على المعارضة و لكنه أجبرته عنها (مثال الاطاحة بأغلبية عضوية المجلس الاسلاموية) بقوة سندها الجماهيري. ووقفت المعارضة حجرة عثرة أمام مخططات المجلس. فاضطر مرة أخرى للمهادنة وإعلان الاعتراف (على مضض) بقوى التغيير والحرية كقيادة شرعية وحيدة للتغيير الذي حدث وبدء المفاوضات معها حول الاتفاق على تشكيل أجهزة الحكم الانتقالي كانا فيها على الدوام متصادمين وخطين لا يلتقيان.
عبر مفاوضات مرثونية شائكة ومضنية شهدت صعودا وهبوطاً وانقطاعاً توصل المجلس وقوى التغيير إلي تسوية كل نقاط خلافهما واقتصر خلافهما على أمرين هما نسب التمثل في المجلس السيادي و رئاسته، ومن يحق له المشاركة في سلطة المرحلة الانتقالية. فالمجلس يستثني من المشاركة في المرحلة الانتقالية (حزب المؤتمر الوطني فقط) و يرى و يصر على ضرورة إشراك بقية التنظيمات الاسلاموية بما في ذلك تلك التي كانت متحالفة مع النظام المخلوع حتى لحظة سقوطه. بينما ترفض قوى التغيير والحرية إشراك قوى الاسلام السياسي التي لا تقتصر في نظرها على فلول حزب الخبث والخبائث المؤتمر الوطني بل يشمل كل التنظيمات السياسية المتناسلة كالقيح المنتن من جيفة المؤتمر الوطني المتفسخة وهي المؤتمر الشعبي والاصلاح الآن وتنسيقية الجبهة الوطنية للتغيير وجماعات عبد الحي يوسف ومحمد على الجزولي و (الدباب المجاهد) محمد الناجي، وكل تنظيمات وأفراد الاسلامويين الذين كانوا متحالفين مع نظام السفاح الساقط حتى لحظة سقوطه، و ظلوا يظاهرونه ويستميتون في الدفاع عنه بل كانوا يراهنون على قدرة مليشيات النظام وكتائب ظله، و فعالية آلية قمعها وقهرها في هزيمة الثوار وسحق ثورتهم بالقتل بالرصاص الحي والسحل ودهس من ينجو من الرصاص بالمركبات ذات الدفع الرباعي وحاملات الجنود و بالاعتقال والضرب بأعقاب البنادق والهراوات و تعريضهم لكل صنوف التنكيل. و تستثني قوى التغيير والحرية من الاسلامويين كل الشرفاء الذين لم يشاركوا النظام الملفوظ في جرائمه ضد الجماعات والأفراد ولم يفسدوا باستباحة المال العام و نهبه بل شاركوا بفعالية وتفاني في معارضته و أسهموا مع بقية القوى السياسية والاجتماعية المعارضة في الثورة عليه و أسهموا مع ثوار سبتمبر 2013م وديسمبر 2018م وما قبلهما من الانتفاضات لإسقاطه.
إذن فلا غرابة أن أوغر صدر المجلس العسكري الانقلابي على قوى التغيير والحرية اختلاف الأخيرة معه في الرؤية السياسية (التي يحاول المجلس انكارها) تفاصيل تصور الترتيبات السياسية للمرحلة الانتقالية ( والاختلاف أمر لم يعتده العسكر و لا يقبلونه أو يغفرون لمن لا يخضع لأوامرهم) وكان ذلك سببا في أن يشكل المجلس رأس الرمح في حملة الانتقام والتشفي من الثوار الذين ما اكتفوا بالإطاحة بالبشير و سلفه ابن عوف بل نازعوا مجلسهم نفس تصورات المرحلة الانتقالية وسلطته وصلاحياته خلالها. وإزاء ذلك لم ير المجلس أقل من تجريد منافسه المشاكسة العنيدة من سلاحه الوحيد في المعركة وهو الاعتصام بفضه بالقوة الدموية غيلةً وغدراً بتوهم أن ذلك سيسحق روح الثوار ويبدد إلي الأبد تصميهم على بلوغ أهدافهم وغاياتهم النبيلة التي مهرها شهداؤهم بالأرواح وجرحاهم بالدماء الزكية العزيزة.
ولا شك من أن فض المجلس العسكري الاعتصام بكل هذه الدموية و الوحشية كان استجابة لطلب ورغبات حلفائه من فلول النظام الملفوظ والقوى التي شاركته في الحكم حتى لحظة سقوط البشير في 11/4/2019م المذكور. و هي قوى الاسلام السياسي الشاملة فلول حزب الخبث والخبائث المؤتمر الوطني و كل التنظيمات السياسية المتناسلة كالقيح المنتن من جيفته المتفسخة وهي المؤتمر الشعبي والاصلاح الآن وتنسيقية الجبهة الوطنية للتغيير وجماعات عبد الحي يوسف ومحمد على الجزولي و (الدباب المجاهد) محمد الناجي، وكل تنظيمات وأفراد الاسلامويين الذين كانوا متحالفين مع نظام السفاح الساقط حتى لحظة سقوطه، و ظلوا يظاهرونه ويستميتون في الدفاع عنه بل كانوا يراهنون على قدرة مليشيات النظام وكتائب ظله، و فعالية آلية قمعها وقهرها في هزيمة الثوار وسحق ثورتهم بالقتل بالرصاص الحي والسحل ودهس من ينجو من الرصاص بالمركبات ذات الدفع الرباعي وحاملات الجنود و بالاعتقال والضرب بأعقاب البنادق والهراوات و تعريضهم لكل صنوف التنكيل.
و يستثني من فلول النظام كل شرفاء الاسلاميين الذين لم يشاركوا في جرائمه شاركوا ضد الجماعات والأفراد ولم يفسدوا باستباحة المال العام و نهبه بل شاركوا بفعالية وتفني في معارضة النظم البائد وفي الثورة عليه و أسهموا مع بقية القوى السياسية والاجتماعية وثوار سبتمبر 2013م وديسمبر 2018م وما قبلهما من انتفاضات لإسقاطه.
نستعرض أدناه قرائن أحوال وأقوال و تصريحات عديدة ومتكررة بعضها صادر من قيادات اسلاموية متحالفة مع المجلس العسكري وتظاهره علانية ودون مواربة بعضها يحمل المجلس العسكري مسئولية فض الاعتصام بالعنف الدموي و في بعضها إشارات واضحة إلي أن (تنظيف) منطقة كولمبيا اتخذت كذريعة للتسلل إلي اعتصام الثوار أما القيادة العامة ومباغتتهم وفضه بالعنف الدموي غيلةً وغدراً:
- في لقاء تلفزيوني بقناة العربية الحدث (الاثنين 17/6/2019م) قال القيادي في المؤتمر الشعبي أبوبكر عبد الرازق أن من أمر بفض اعتصام القيادة العامة بتلك الوحشية الدموية هو المجلس العسكري وبالتالي فهو المسئول عن ارواح ضحاياه (وهم عشرات من القتلى و مئات من الجرحى ومثل ذلك من المفقودين) و اكتفي الأستاذ أبوبكر بالقول بأن هذا غير مقبول لديهم في المؤتمر الشعبي. و ما يهمنا من تصريح الأستاذ أبوبكر القيادي في المؤتمر الشعبي هو دمغه للمجلس العسكري بفض الاعتصام بالعنف الدموي و مسئوليته عن جرائم قتل من قتل وجرح من جرح من الثوار المعتصمين السلميين. وعليه فإنه كقيادي في حزبه المتحالف مع المجلس الانقلابي المناوئ لقوى التغيير والحرية قد اتفق مع قوى التغيير والحرية على تحميل المجلس الانقلابي مسئولية فض التصام والمجزرة التي ترتبت عليه.
- وفي بيان صدر بتوقيع نادي أعضاء النيابة العامة تداولته وسائط التواصل الاجتماعي ذكر وكلاء النيابة الذين شاركوا بتكليف من المجلس الانقلاب في حملة تفتيش و تمشيط لمنطقة كولومبيا أن المجلس العسكري قد اتخذ من موضوع كولومبيا ذريعة لاقتحام ميدان القيادة العامة وفض الاعتصام بقوة السلاح، وأضاف أن وكلاء النيابة المكلفين بحضور تلك الاجراءات قد انسحبوا من الموقع لسببين أولهما: هو ما اتضح لهم من نية المجلس المضمرة باتخاذ موضوع منطقة كولومبيا ذريعة لاقتحام ميدان الاعتصام أما القيادة العامة وفضه بالقوة. وثانيهما هو ما اتضح لهم أيضا من نية القوة المنفذة للاقتحام والتفتيش والضبط (افتراضاً) من عدم الاستجابة لأوامر النيابة الصارمة و نزوعها لاستخدام الرصاص الحي ضد المدنيين العزل سواء كانوا في كولومبيا أو خلافها.
- ويتضح من كل ذلك أن المنطقة المسماة بكولمبيا تقع خارج خارطة ميدان الاعتصام القيادة وأن كونها بؤرة قديمة للمشبوهين معروف جيدا للأجهزة الأمنية. فما الجديد في شأنها؟؟ وكيف تسللت فكرة جعلها نافذة للتسلل من خلالها لميدان اعتصام الثوار أمام القيادة العامة واتخاذها ذريعة لضرب المحتجين وفض اعتصامهم بالعنف الدموي إلي عقل أعضاء المجلس الانقلابي؟؟!!
- بعد سقوط نظام ولي نعمتهم السفاح الفاسد الساقط تجمعت تنظيمات الاسلامويين المار ذكرها آنفاً في تنظيم اسموه نصرة الشريعة واسمه شارح لطبيعته. وسبق هذا التجمع المجلس العسكري في ذكره منطقة كولومبيا و الحديث عنها مع تلميح خبيث على أنهاً تشمل ميدان اعتصام القيادة العامة وذلك رغم بعده الجغرافي عن كولومبيا و مع تعمد وصف ميدان الاعتصام تصريحاً بأنه وكر الشيوعيين والعلمانيين وأعداء الشريعة. و قد قالت جماعة نصرة الشريعة ذلك في اجتماعاتها مع ممثلين لمجلس الانقلاب وهم يتداولون في مخططاتهم المعادية لقوى التغيير والحرية سرا وجهرا، و قالوا ذلك أيضاً في تجمعات و حشود قصد بها مخاطبة المجلس العسكري، كما سيروا مواكبهم أمام القصر وفي نواحي الخرطوم وعقدوا اجتماعاتهم. و ذهب خصوم وأعداء الثورة وقيادتها المتمثلة في قوى التغيير والحرية إلي أبعد من ذلك بحسب الأستاذ الصحفي عثمان ميرغني رئيس تحرير صحيفة التيار الذي ذكر أن لديه معلومات مؤكدة بانعقاد اجتماع قبيل المجزرة حضره ممثلون للمؤتمر الوطني والشعبي و عبد الحي و محمد الناجي و الطيب مصطفي واللواء أمن عبد الهادي عبد الباسط وغيرهم للإعداد والتخطيط لفض الاعتصام بالقوة و اتهمهم صراحة بالمشاركة في المذبحة.
- في اجتماع عام نقلته الفضائيات طلبت جماعة نصرة الشريعة المذكورة من المجلس الانقلابي علانية عدم تسليم السلطة لقوى التغيير والحرية. وفي نفس السياق صرح عبد الحي يوسف بأن المجلس قد وعدهم في اجتماعاته معهم بعدم تسليم السلطة لقوى التغيير والحرية قوى العلمانيين والملحدين و ذكر أنه خالف وعده لهما باتفاقه مع قوى التغيير والحرية وأضاف أن هذه: "ليست خيانة لنا فحسب بل خيانة لله"، كما صرح محمد الناجي أن المجلس قد وعدهم بعدم تسليم الحكم لليساريين اجتماعاته معهم.
وفي لقاء مع قناة طيبة الفضائية (18/6/2019م) (و قيل هي قنوات مملوكة لعبد الحي يوسف ويشاركه في ملكيتها أحد أشقاء الفاسد البشير و معهما الطيب مصطفى) قال الأخير أن تنسيقية القوى الوطنية قد اجتمعت بالمجلس العسكري بصفتها (تحالف الاسلامويين المذكورين في هذا المقال) كما فعلت ذلك أيضاً أحزابها وتنظيماتها منفردة أكثر من مرة للتداول حول موضوع الساعة وهو ترتيبات المرحلة الانتقالية وضرورة أن يعمل المجلس على اشراكها في هذه المرحلة مع الاصرار على انكار دور قوى التغيير والحرية و حض المجلس وتحريضه على جحد حقها في المشاركة وهو ما يجاهر به الطيب مصطفى دائما رغم علمه ببطلانه المفضوح.
- و هلل وكبر عبد الحي يوسف لفض المجلس العسكري اعتصام القيادة بالقوة الدموية الوحشية و لتراجع المجلس الانقلابي تراجعه المحسوب والمخطط له معه و سائر حلفائه من اتفاقه السابق مع قوى التغيير والحرية وقال: أن الله قد قيض لهم من ألغي باطل الاتفاق مما شرح صدور المؤمنين والمسلمين. و يعتقد هذا العبد الحي أن الناس قد نسوا أن السفاح الفاسد والساقط البشير كان حين اشتد كر الثوار عليه الغاضبين في أواخر أيامه قد دعا إلي قصره الرئاسي ليلاً بعض فقهاء السوء ( و يصفهم الثوار بالمسرفين في حب الباسطة و إشباع الشهوتين المعلومتين) فأولم لهم كما أظهرت الصور التي نشرت لهم وهم يتحلقون حول مائدة الفاسد الساقط و شملت الدعوى قيادات ما يسمى بهيئة علماء السودان وأحدهم هذا العبد الحي الذي يعتقد أن الناس قد نسوا أنه قد أضطر في اليوم الثاني أو الثالث من مأدبة القصر أن يذيع توضيحاً مسجلاً (صورة وصوت) قال فيه أنهم استدعوا إلي القصر لمقابلة صاحبه وأنهم كانوا يريدون أن يكون هذا الأمر سرا في طي الكتمان و لما كان صاحب القصر قد أفسد عليهم بهجة وليمتهم و فاجأهم بنشر صورهم في الصفحات الأولى من صحف اليوم التالي وهم يتحلقون حول مائدته الحرام بدلالة ثبوت فساده ونهبه المال العام فإن عبد الحي اضطر للتصريح بأنهم قد أوضحوا له حرمة الدماء. ولكن فات على عبد الحي ومعه (رجال حول مائدة اللص الفاسد) أن يوضحوا لنا ما إذا كانت فتواهم بحرمة الدماء ٌقبل مصرع شهداء سبتمبر 2013م و ديسمبر 2018م أم بعده؟؟ وما إذا كانت تلك الفتوى قبل الأكل والشرب من مائدته أم بعدهما؟؟.
بعد مجزرة فض الاعتصام لا يخف قادة الاسلامويين انتشاءهم و زهوهم وفرحهم الغامر بجرائم وفظاعات المجلس الانقلابي. ومن هؤلاء القيادي في المؤتمر الشعبي إبراهيم السنوسي (مساعد السفاح الساقط حتى لحظة سقوطه المدوي) وقد قال ما ملخصه أنه وكما رفض فض اجتماع ميدان رابعة في مصر كذلك يرفض فض اعتصام القيادة. ومما يدل على أن رفضه لفض اعتصام القيادة محض مضمضة فاه، هو أنه بدلاً من أن يدين مرتكب الفض المرفوض ويطالب بالتحقيق معه أضاف أنه يفعل ذلك وإن كان يفرق بين اعتصام رابعة الرباني واعتصام القيادة العامة المرتع لارتكاب كل الفواحش. و السنوسي هذا واحد من تحف الحياة السياسية في السودان و (أناتيكها) ظل طوال حياته يدين بولاء البيعة والطاعة المطلقة لشيخه الترابي يبقى أمامه كجسد الميت بين يدي غاسله (حتى قلده في كل شيء بما في ذلك الكلام ونبرات الصوت والحركات والايماءات) ثم أضاف إلي بيعة شيخه بيعته وولاءه المطلق (في المنشط والمكره) للسفاح نميري ألذي قبره ونظامه الشعب (في انتفاضة 1985م) ثم بذل بعد ذلك (محترف البيعات هذا) بيعته رخيصة للص الفاسد المخلوع البشير ويكفي نظام ولي نعته البشير فساداً وعاراً أن وصفه كل من الراحلين المؤسسين للتنظيم الشيخ صادق عبد الله عبد الماجد و الأستاذ يس عمر الإمام بأنه أفسد نظام مر على السودان وأنهما لم يريا أو يسمعا بما هو أفسد منه، و بالتالي يكفي السنوسي عاراً أنه كان مساعد هذا القابع في سجن كوبر بعد إذ لفظه و خلعه الشعب وكان أول سعيه بعد إيداعه السجن بين زنزانته ونيابة مكافحة الفساد. لو أن الأمور آلت إلي قوى الثورة التي أطاحت بولي نعمة السنوسي لكان السنوسي اليوم إلي جانبه بسجن كوبر فالفاسد اشترى ولاء السنوسي وتبعيته المطلقة وعلى سبيل المحاصصة المعروفة و بمنصب بلا مهام محددة وبلا فائدة تعود منه لدافع الضرائب مصدر مرتبات وامتيازات البشير ومن معه ممن يوصفون بالدستوريين (ويظلون في رأيي عواطل من أية مهنة بينما يتمتعون بمرتبات وامتيازات لا يستحقونها).
وفي تقديري أن البشير فعل مع السنوسي نفس ما فعله مع كثير من قادة الحركات المسلحة ثم ما فعله أيضاً مع نجلي الميرغني والصادق المهدي. وهو ضرب من ضروب ما يعرف بالإيلاف وشراء ذممهم المخرومة و كسب ولاءتهم الرخيصة والمبذولة في أسواق النخاسة السياسية. إن بعض السياسيين كالبامبرز (الحفاضات) حقاً بقرينة التلوث الدائم بالوسخ في كلٍ و من ثم الحاجة الدائمة إلي الغسل و التطهر بالماء وربما المطهر!! هل عرفتم لماذا يحقد السنوسي و أمثاله على قوى التغيير والحرية؟؟ أو بالأحرى لما يخافون من توليها السلطة الانتقالية؟؟
إضافةً إلي كل ذلك قال المتحدث باسم المجلس الانقلابي و في مؤتمر صحفي (بتاريخ 14/6/2019م) متلفز على شاشات نقلته قنوات فضائية محلية و عالمية كثيرة بالحرف الواحد: أن مجلسهم بكامل عضويته قد اجتمع ومعه كامل قيادات المؤسسة العسكرية للتخطيط لاتخاذ القرار بفض اعتصام القيادة العامة للجيش. و أضاف بعد التشاور و أخذ الرأي الفني المطلوب من رئيس القضاء والنائب العام اتخذوا القرار و اصدروا أوامرهم للقيادات العسكرية لوضع الخطط وتنفيذ فض الاعتصام. و بعد انتشار اعترافه (المسجل صورة وصوت) في وسائط الميديا المختلفة انتشار النار في الهشيم، عاد المتحدث باسم المجلس محاولاً الرجوع في اعترافه و زعم أن بعض أجهزة الاعلام قد حرفت حديثه. و انتهى إلي القول بأن ما قصده بفض الاعتصام هو (تنظيف) منطقة كولومبيا وليس فض الاعتصام أمام القيادة العامة.
و لسوء طالع المجلس الانقلابي فإن كل الشواهد والبينات المباشرة وقرائن الأحوال والأقوال تؤكد مسئولية المجلس الانقلابي عن مجزرة فض الاعتصام في يوم 3 يونيو 2019 م وتلوث أياديه بدماء الشهداء والجرحى المغدورين. و لأن المجلس الانقلابي ولا يستطيع أن ينكر مسئوليته عن هذه الجريمة البشعة، لا سيما و قد أسلفنا القول الإشارة إلي بيان أعضاء نادي النيابة العامة الذي بيَن فيه وكلاء النيابة الذين شاركوا بتوجيه من المجلس الانقلاب في حملة تفتيش و تمشيط لمنطقة كولومبيا أن تنظيفهم تلك المنطقة قبل يومين من تاريخ فض المجلس العسكري اعتصام ميدان القيادة العامة بالقوة الدموية وسقوط الضحايا من شهداء وجرحى. نضيف إلي ذلك أن النائب العام المكلف والمقال سعادة/ وليد سيد أحمد قد نفي مشاركته بتقديم النصح القانوني للمجلس بفض الاعتصام بالقوة. وأضاف سعادة/ النائب العام أن وكلاء النيابة المكلفين بحضور اجراءات التمشيط والضبط بمنطقة كولومبيا قد انسحبوا من الموقع لسببين أولهما: هو ما اتضح لهم من نية المجلس المضمرة باتخاذ موضوع منطقة كولومبيا ذريعة لاقتحام ميدان الاعتصام أما القيادة العامة وفضه بالقوة. وثانيهما هو ما اتضح لهم أيضا من نية القوة المنفذة للاقتحام والتفتيش والضبط (افتراضاً) من عدم الاستجابة لأوامر النيابة الصارمة و نزوعها لاستخدام الرصاص الحي ضد المدنيين العزل سواء كانوا في كولومبيا أو خلافها.
وتجدر الإشارة إلي أن الناطق باسم المجلس الانقلابي كان قد نفى سؤال أحد الصحفيين مبني على إجابة تلقاها من عساكر في منطقة كولومبيا ذكروا له أن المنطقة كانت قد تعرضت قبل يومين من فض اعتصام القيادة العامة لاقتحام وتفتيش وتمشيط (يصفه المجلس بالتنظيف) أجرته السلطات المختصة !! و لم يكتف عضو المجلس والناطق باسمه بمحض النفي، بل عنَف السائل لكونه بدلاً من سؤال المجلس العسكري قد سأل غيره من غير المختصين. فترتب عليه تلقيه إجابة غير صحيحة من منتسبين للقوات النظامية وصفهم ربما يكونوا من ال (متفلتين والمتسيبين أي المنضبطين)، اعترف عضو المجلس بعملهم في المجلس بأنهم من رواد تلك المنطقة المشبوهة!! أوليس غريباً أن تجاهر المؤسسة العسكرية بعلمها بأن منتسبي الجيش والشرطة والأمن من رواد منطقة مشبوهة يرتادها المتفلتين ومعتادي الإجرام دون أن توضح لنا كيف تدعي هذه المؤسسة حقها في الحكم بحجة أنها (حامي حمى أمن الوطن) رغم عجزها من ضبط سلوك جنودها و كبح تفلتهم و منعهم من ارتياد الأماكن المشبوهة؟؟؟
و من وجهة النظر القانونية البحتة لا يغني الحديث الهلامي (عما جرى ويجري هناك) و الاتهامات الجزافية الفضفاضة التي نسبت لرواد منطقة كولومبيا (كوصفهم بالمتفلتين ومعتادي الإجرام والأفعال السالبة) عن السؤال: و ماذا كان يجري في تلك المنطقة؟؟ وهل كان ما يجري فيها يستدعي كل هذا الحشد لاجتماع سلطة (الأمر الواقع) مع كل قيادات المؤسسة العسكرية المختلفة ورئيس القضاء والنائب العام؟؟
وهل كان ما يجري في منطقة كولومبيا يستدعي حشد كل هذه القوة وتسليحها بكل هذه الأسلحة و تشوينها بكل هذه الآليات؟؟
من خاضوا في حديث منطقة كولومبيا (في المجلس الانقلابي وخارجه) كالوا كلهم الاتهامات العريضة دون أدنى اكتراث لتعريف و تفصيل وتحديد الاتهامات التي نسبوها لرواد كولمبيا بل أن كل ما صرح به المجلس الانقلابي واعلام فلول النظام الساقط المأجور هو أن منطقة كولومبيا كان بها متفلتين ومرتادي إجرام ويمارسون أفعالاً مخالفة للقانون!!
و بافتراض أن كل ما ذكر صحيحاً، فإن التكييف القانوني الصحيح للمتهمين بمثل هذه الأفعال هو أنهم مشتبه بهم ويخشى من ارتكابهم أفعالاً مخالفة للقانون تخل بالسلام والطمأنينة العامة. و كل تلك الأفعال بافتراض إتيانها بالمخالفة للقانون لا تقارن بأفعال كتائب الظل ارتكبتها في شوارع الخرطوم ومدن السودان الأخرى أمام ناظري أعضاء المجلس الإنقلابي وبعلمهم (بحكم عضويتهم كلهم أو معظمهم في اللجنة الأمنية للمخلوع الساقط و وبحكم أنه في قمة هرم المؤسسة العسكرية).
شملت القتل العمدي للمحتجين السلميين بإطلاق الرصاص علي المقاتل في أجسادهم لهدف واحد هو إزهاق الأرواح.
المجلس الانقلابي هو سلطة الأمر الواقع الذي تولت إدارة البلاد السيادية والتشريعية والتنفيذية. و بصرف النظر عن طبيعة وحجم التجاوزات ومخالفات القانون التي نسبها المجلس المذكور لرواد كولومبيا و بافتراض أن الزعم قائم على وقائع ومبررات صحيحة، فهل المجلس هو الجهة المختصة قانوناً بالتصدي لمرتكبي هذه المخالفات؟؟!!
وهل من سلطاته التصدي المباشر لاتخاذ التدابير والقرارات المطلوبة لمكافحة الجريمة ومنع وقوعها و إصدار الأوامر بفض تجمعات المشبوهين ومعتادي الإجرام والمتفلتين والقبض عليهم؟؟
إن الاجابة القطعية لكل هذا التساؤلات هي النفي القطعي. والصحيح أن هذه صميم مهام النيابة العامة و ضباط الشرطة ومن يأتمرون في أداء واجباتهم التنفيذية البحتة من رجال الشرطة في الأقسام المختلفة من مباحث وشرطة مكافحة المخدرات .....إلخ.
إن من رأى أحداث فض اعتصام القيادة المسجلة في أشرطة الفيديو (المسجلة والمحفوظة صورة وصوت) بوابل من الرصاص الحي على الأجساد والتنكيل بكل من نجى من الموت والجراح من النساء والرجال والشيوخ والأطفال بالضرب المؤذي بالهروات الثقيلة تحت وابل من الشتائم القذعة بالألفاظ البذيئة لا يشق عليه أن يتوصل إلي أن الأوامر الصادرة للأوباش المنفذين ليست فض الاعتصام فحسب بل مع تعمد قتل وجرح أكبر عدد من المعتصمين وايقاع ضحايا كثر بينهم.
ولا يستطيع المجلس الانقلابي أن ينكر مسئوليته عن هذه الجريمة (المجزرة البشعة التي أرتكبت، لغرض واحد هو تصفية ثورة التغيير و الثأر من الثوار المعتصمين السلميين والتشفي منهم). وهي المجزرة البشعة التي وضعت المجلس في مرتبة واحدة مع السفاح الساقط المخلوع البشير وستجعل أفراده مطلوبون عاجلاً أم عاجلا للمثول أمام لعدالة الجنائية الدولية ومعهم كتائب الظل وغيرها من منفذي المجزرة البشعة، لتصفية ثورة التغيير و الثأر من الثوار والتشفي منهم لاقتلاعهم ولي نعمتهم الساقط البشير و لهزيمتهم لنظامه والقائهم به في مكب نفايات التاريخ.
عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.