ليل الظلم الكالح ، عهد القهر المهين ، عهد الجنجويد وبقايا كتائب الظلام ، تنشر الرعب والخوف والاستبداد في قلب الخرطوم ، وإمتداد ربوع السودان ، عهد أسوأ من عهد المغول والمالياك ، أبشع من أيام الخديوية وحملات الدفتردار الأنتقامية ، دموية أكثر من حملات الأنجليز لإنقاذ غردون الأسير ، عهد حميدتي والبرهان ، أذيال البشير والكيزان ، تستبيح حرائر السودان . الفجر الساطع آت وكلنا إيمان ، النصر الحاسم قادم ، الأعلام البيضاء ترفرف في سماء الخرطوم ، حتماً ستسود قيم الحرية والعدالة والمساواة ، حتماً سيعم السلام وتتحقق الديمقراطية ، والدولة المدنية ، يحكمنا القانون ويظلنا العدل ، ونتنفس عبير الحرية . *** في نهاية التسعينات زرت قرية "حليوة" في قلب الجزيرة الخضراء ، ومنذ نعومة أظافري شكلت طيفاً جميلاً جداً من الذكريات الجميلة العطرة ، تتجدد مع محمد طه القدال ، يأخذني معه في الطمبارة والغناي : نحن أهل الفرحه جينا لا المدامع وقفتنا ولا الحكايات الحزينه لما درب الرايحه جابنا في هذي المدينه يا ولدي الدروب شقاقه بحر التيه ويأخذنا القدال في دروبه ومسالكه: ليك درب و لا دربين مساك الدروب ضهاب ليك قلب و لا بالين سواي القلوب كضاب ليك ضهر و لا سرجين هدام السروج وقاع شق يا ولدي بحر التيه بتدردر و تتودر و لامن يوم علي تاياتنا ديك ترسى نعزك بالقبيل ذاخرنه ليك الشوق بحر يا ولدي بحر التيه وتأتي النصائح مِن مَن خبر الدروب والشدائد: قتليك العليك أدرابه لا تنغش و لا ترضابه في الزمن الزميم و الكي يسوقه خلاف عشان الني عليك الدور و تصريف الليالي بدور تشيل ما شلنا من الهم و لامن دمعه ترمي الدمعه فوق دربك روح يابا و أبقى قفاك لا تعاين و لا تعاين على موطاك و لا تندم على خطوا تملي مشيته ليقدام و ابقى العاتي زي سنطتنا زي صبرا نلوك فوق مره زي الزاد لا شيتا نزل في الجوف و لا برجع و لا بنزاف و اركز للبجيبها الريح تقيف أنت و يشيلها الريح *** سيذكر التاريخ أنه في أيام قلائل ، وقبل أن يطيح الشعب السوداني بالجنجويدي حميدتي ، والسفاح البرهان ، أن رجلاً من عامة الناس ، وقف شامخاً كالطود ، كجبل عوينات ، ملتهب الدواخل كصحراء العطمور ، متوشحاً جلبابه الابيض ، وفي وسط سوق البرقيق ، شمال مدينة دنقلا ، وشرق مسقط رأسي وموطن صباي " الحفير" ، يحمل علم السودان ، وينشد ويردد أجمل الحروف والأشعار والألحان ، ملهماً ومشعلاً ، لثورة جيل جديد في السودان و من قلب سوق البرقيق. الحفير والبرقيق وكرمة البلد وكل الأماكن في شمالي الحبيب ، أماكن في القلب ، لم تكن تخطر ببال أبنائها-وبكل أسف-في العهد البائد ، بكري وعبد الرحيم محمد حسين إلا في أيام الكوارث والفيضانات ، وكان كل مافي جعبتهم بعض جوالات الإغاثة البالية القديمة ، تبعث من علي البعد لأهلي المتعففين ، زراع الأرض وتارسي النيل . *** ومازلت في حضرة القدال وقد تجملت حروفه بأداء عقد الجلاد الغنائية : النعمه بتعرف عاطيها و الجمره بتحرق واطيها بالكيله عطانا و ما لقينا فوق جمر خطانا وما لقينا د.زهير عامر محمد المملكة المتحدة يونيو 2019 عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته. /////////////////