ظل التلفزيون القومي يسجل تراجعاً أمام المهنية العالية التي تدار بها القنوات الخاصة في السودان و التي نجحت في جذب المبدعين الذين زينوا شاشاتها من خلال لمساتهم التي حجر عليها فكر ديناصوري يدير التلفزيون حتى و صل الأمر إلى حد الاستخفاف بعقلية المشاهد الذي أصبح يملك خيارات أفضل على غير ما كان في السابق. ليلة أمس رحل لاعب المريخ إيداهور أثناء مباراة فريقه ضد الأمل عطبرة بملعب المريخ بأمدرمان. و قد نقل تلفزيون السودان أحداث المباراة حتى لحظة سقوط إيداهور على أرض الملعب. بعدها انتقل البث لاستوديوهات التلفزيون الذي قام ببث مسلسل مصري دون أي إشارة لما حدث أو توضيح يعكس احترام التلفزيون للمشاهد المتابع للمباراة, حيث يتوقع المشاهد في مثل هذه الحالات أن يتم تغطية الحدث بشكل مهني احترافي هو سمة العمل الإعلامي المحترف في العصر الحالي. فقد ولى عصر الارتجال و إعلام الهواة الذي ما رفع لنا قدراً في مواجهة الهجمات الإعلامية المتكررة على السودان و التي لا يملك إعلامنا إلا موقف المتفرج الذي لا حيلة له أمام احترافية توظف الحق و الباطل لفرض وجهة نظرها, في الوقت الذي يبث فيه تلفزيوننا مسلسلاتٍ من صنعهم دون استحياء. لم يكلف القائمون على التلفزيون أنفسهم عناء إعلان وفاة اللاعب قبل الانتقال للاستوديوهات أمدرمان . . أليست نفس؟ . . ألسنا نستحق شيئاً من الاحترام من خلال شيء من المهنية؟ كيف لا يلصق البعض بنا تهمة الكسل و مثل هذا السلوك يكرس هذه الصورة الشائهه و يجعلنا عرضةً لانتقادات لا نعرف كيف نصدها و قد منحناهم دلائل كسلنا. تماماً كالكرة, الفارغة من الهواء, و التي استقرت يوماً على طاولة أحد مذيعي برنامج الرياضة حتى صارت عنوان كسلنا الذي منع هذا المذيع من (نفخ الكرة) قبل إحضارها للأستوديو صرنا محل تندر من يسوى و من لا يسوى. و بالأمس وصل الانحدار حد عدم الاكتراث بموتٍ معلن. غربت شمس الأخلاق و المهنية بتعاملنا الفج مع موت إيداهور. و لم أقصد بهذا تعظيم الحدث فقضاء الله نافذ فينا جميعاً, إنما هي إشارة لفقر مهني في التعامل مع الأحداث التي يمتد أثرها ليشمل قطاعات واسعة من الشعب السوداني. فمن لا يعرف كيفية التعامل مع حدث كهذا كيف سيتعامل مع الأحداث العظام. و المتابع لتغطية برنامج صدى الملاعب ليلة الواقعة يرى البون الشاسع بين الاحترافية و الهرجلة الإعلامية التي نمارسها.