الرسالة رقم 11 فى خطاب قوى الحرية و التغيير عند توقيع الأتفاق مع المجلس العسكرى : إنتصار الشعب بالشباب وإعادة بناء الهوية .. بقلم: عبدالرحمن صالح احمد( ابو عفيف) ( نظرية الثورة و الثورة المضادة ) بعد توقيع الإتفاق النهائى ما بين المجلس العسكرى و قوى الحرية و التغيير , قدم الأخير خطاباً موجهاً توجيهاً راشداً مليئ بالاشارة المخصصة و يبدو عليه صدق المقصد و جمال السريرة , فالجمال لا يُصنع انما يُكتشف و هذا يحتاج الى مقدرة , استوقفتنى الرسالة رقم 11 و هى عبارة عن مشروع لمناقشة قضايا الأمة السودانية لعل الرسالة كانت معنية بمسألة الهوية اكثر من القضايا السياسية. انّ الهوية تعنى تماثل الانسان مع ذاته , فالإنسان ليس طبيعة تتحرك و تتحقق بشكل آلى مثل النبات و الحيوان بل هو تاريخ مُضاف إلى الطبيعة . و التاريخ هو عبارة عن سيرورة من الوعى و الأفكار مع ضرورات الطبيعة الإنسانية و الطبيعة المادية , خصوصية الإنسان الحقيقية هى خصوصية مجتمعية و تاريخية أكثر من كونها خصوصية طبيعة , بالتالى إنّ هوية الإنسان ليست جامدة إنّما متغيرة مجتمعياً و تاريخياً و تتطوّر مع المجتمع و الثقافة و البيئة المحيطة و تغيراتها , بالتالى تجميد الهوية الإنسانية فى تحققاتها إنّما هو طمسها موضوعياً و إنسانياً .ولكل مرحلة مجتمعية و تاريخية هويتها المعبرة عن مكتسباتها و إنجازاتها , أنّ التغير و التطور للهوية لا يلغيها إنّما يغنيها فيجعلها قيمة فاعلة لا قيمة جامدة بالتالى هوية الإنسان فى تجدده لا جموده فى تفاعله لا فى عزلته كما شرحها محمود أمين العالم. فيما يخص هويتنا السودانية ليس هناك تماسك موضوعى للهوية فى السودان, إذْ إنَّها لاتتبلور على النحو المذكور أعلاه و ذلك نتيجةً لعوامل تاريخية و إثنية و إيكولوجية أرتبطت بنوعية الهجرات و نوعية الأنشطة التى قامت بها المجموعات المخلتفة فى السودان سواء كانت وافدة أو مقيمة .من حيث الموروث التاريخى , نجد أنّ الظاهرة الفُصامية التى أعْتلَّت بها العلاقة ما بين العرب و الإثنيات الأخرى فى بلاد الرافدين حتى مصر نتيجة للمشكلات التى عانت منها الدولة الاموية صارت من الموروثات السودانية , حتى أصبحت ثقافة أختصّت بها المجموعات الأثنية التى ظهرت قُبَيل إمتداد السلطة العثمانية إلى السودان فى هذا التراكم التاريخى لمتغيرات الهوية فى السودان نجد ان العروبة تدخل كعامل مشترك اكبر فى قضية الهوية السودانية و يرجع ذلك للبنية المعرفية للعروبة و محركاتها اليومية التى تشكل علاقات المجتمع , أختلط الأمر لدى كثير من السودانين من حيث التفريق ما بين العروبة العرقية و الثقافية . العروبة العرقية ترتبط بصلات الدم و الحسب و النسب وآخر المحققين لها و المتصفين بالنقاء العرقى هو الحسن بن على ( احد احفاد على بن طالب ) كما ذكر محمد الحضرى بك, و آخر المدعين لها بعض السودانيين كما نعايش هذه الظاهرية حالياً. اما العروبة الثقافية ترتبط بتحدث اللغة و تبني و معايشة ثقافتها آنياً , فليس الزيمبابويون انجليزاً بسبب أن الانجليزية هى اللغة الام ,و لا تشاديين فرنسيين على نفس الشاكلة . اذن اضطراب الهوية هو اضطراب معرفة بالذات ثم تنجر هذه الظاهرة على الاخر , فان لم نعرف انفسنا كيف نعرف الاخر , فهذا الاضطراب ناتج عن المعرفة التصورية حينها لا يرى الشخص فى البقرة الحلوب الا لحماً طازج , أطرف ما ذُكر عن هذا الاضطراب المعرفى ما ذكره الدكتور الباقر العفيف عن بعض السودانيين فى لندن عندما طلبت منهم السلطات ملأ الإستمارات المحلية,عندئذ فقدوا المقدرة على تعريف انفسهم الا ان يقولوا هم " آخرون " يعنى لم يكونوا أفارقة , أو عرب أو حتى سودانيين لأن فيهم من يرى أن كلمة سودانى لا يعطى وصفاً دقيقاً لهم .ذكر جون قرنق انهم عندما أوفدوا الى الولاياتالمتحدةالامريكية بغرض الدراسة تخص العسكرية بعد اتفاقية اديس ابابا و معه بعض الشماليين و كانت البعثة قد ضمت دارسين من الدول العربية و الافريقية ,المحاضرة الاولى كانت للتعريف , طلب المحاضر من الافارقة ان يرفعوا ايديهم " فلم نرفع" قال جون قرنق , ثم طلب من الدارسين العرب ان يرفعوا ايديهم. "ايضا لم نرفع" , حينها : قال جون قرنق " نحن حقيقة فى ورطة كبيرة اذا لم نستطع ان نعرف انفسنا " . " هذه الارض لنا " كانت هى العبارة الافتتاحية للرسالة رقم 11 التى القاها محمد ناجى الاصم فى خطاب التوقيع على الاتفاق النهائى و قصد بها افريقيا, أكتظت بالمعانى الصادقة , و تألقت بالإيحاء المتعدى اللامحدود وكأنما أختزل افريقيا فى نشيد العلم السودانى , هذا يعبر عن صدق الثورة و الوعى المعيارى لدى الشباب و وحدة الوجدان و يمتد ذلك الى الهتاف الثورى " انا جدى ترهاقا و حبوبتى كنداكة" و من المخزل ان يرفض ذلك بعض الشيوخ بسبب أن الكنداكة كانت مسيحية هذا ليس مجرد راى انما رأى سفيه و بصر شحيح , أرى فى ترشيح قوى الحرية و التغيير اقباطاً لرئاسة المجلس السيادى قمة الوعى المعيارى , و يعلم هؤلاء ان الرسول صلى الله عليه و سلم تزوج منهم , ولعل التزاوج ضرورة وجودية لحفظ النوع ,وبينما السيادة لا تتعدى ان تكون وجاهة اجتماعية و سياسية اكثر من كونها قاعدة منهجية. " هذه الأرض لنا " عبارة تتضمن الوجود الساحلى ( دول الساحل و الصحراء) الاكثر عناء من بين الدول الافريقية من لعنة الموارد و توهان الهوية , بجانبيها الشرقى و الغربى , شرقاً مثلها احمد أبى و غربا مثلها محمد الحسن ولد لبات , و كان التوافق السياسي انتاج افريقى بعد ما فشلت مصر والسعودية و الامارات .الاسهامات العربية فى الثورة السودانية لم تكن موفقة حتى آخر لحظة من اتفاق النهائى و لعل زهير السراج عبر بما فيه الكفاية عن هذا الجانب حين قال" أن السيسي هو الخاسر وليس السودان إلى أن السيسي بهذا الغياب يواصل يرسيخ سياسة الاستعلاء التي مارستها الأنظمة المصرية ضد السودانيين طوال العقود الماضية، موضحا أن استمرار النظام المصري بالاستهتار والاستعلاء يفقده كل يوم عددا لا يستهان به من السودانيين الذين ظلوا يحملون راية الدفاع عن مصر في المحافل المختلفة" و يصدق هذا القول على السعودية و الامارات. عبدالرحمن صالح احمد( ابو عفيف) نظرية الثورة و الثورة المضادة رسائل الثورة (4) عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.