شاهد بالصور.. الفنانة مروة الدولية تكتسح "الترند" بلقطات رومانسية مع زوجها الضابط الشاب وساخرون: (دي اسمها لمن القطر يفوتك وتشتري القطر بقروشك)    شاهد بالصورة.. زواج الفنانة الشهيرة مروة الدولية من ضابط شاب يقيم بالقاهرة يشعل مواقع التواصل السودانية    شاهد بالصور.. الفنانة مروة الدولية تكتسح "الترند" بلقطات رومانسية مع زوجها الضابط الشاب وساخرون: (دي اسمها لمن القطر يفوتك وتشتري القطر بقروشك)    القوة المشتركة لحركات الكفاح المسلح: بدأت قواتكم المشتركة الباسلة لحركات الكفاح المسلح بجانب القوات المسلحة معركة حاسمة لتحرير مصفاة الجيلي    مصطفى بكري يكشف مفاجآت التعديل الوزاري الجديد 2024.. هؤلاء مرشحون للرحيل!    شاهد مجندات بالحركات المسلحة الداعمة للجيش في الخطوط الأمامية للدفاع عن مدينة الفاشر    وزير الصحة: فرق التحصين استطاعت ايصال ادوية لدارفور تكفى لشهرين    إجتماع مهم للإتحاد السوداني مع الكاف بخصوص إيقاف الرخص الإفريقية للمدربين السودانيين    وكيل الحكم الاتحادى يشيد بتجربةمحلية بحرى في خدمة المواطنين    أفراد الدعم السريع يسرقون السيارات في مطار الخرطوم مع بداية الحرب في السودان    ضربة موجعة لمليشيا التمرد داخل معسكر كشلنقو جنوب مدينة نيالا    مدير مستشفي الشرطة دنقلا يلتقي وزير الصحة المكلف بالولاية الشمالية    شاهد بالفيديو.. شاعرة سودانية ترد على فتيات الدعم السريع وتقود "تاتشر" للجيش: (سودانا جاري في الوريد وجيشنا صامد جيش حديد دبل ليهو في يوم العيد قول ليهو نقطة سطر جديد)        ضياء الدين بلال يكتب: نحن نزرع الشوك    غوتيريش: الشرق الأوسط على شفير الانزلاق إلى نزاع إقليمي شامل    أنشيلوتي: ريال مدريد لا يموت أبدا.. وهذا ما قاله لي جوارديولا    غوارديولا يعلّق بعد الإقصاء أمام ريال مدريد    محاصرة مليوني هاتف في السوق السوداء وخلق 5 آلاف منصب عمل    امين حكومة غرب كردفان يتفقد سير العمل بديوان الزكاة    نوير يبصم على إنجاز أوروبي غير مسبوق    تسلا تطالب المساهمين بالموافقة على صرف 56 مليار دولار لرئيسها التنفيذي    محافظ بنك إنجلترا : المملكة المتحدة تواجه خطر تضخم أقل من الولايات المتحدة    منتخبنا يواصل تدريباته بنجاح..أسامة والشاعر الى الإمارات ..الأولمبي يبدأ تحضيراته بقوة..باشري يتجاوز الأحزان ويعود للتدريبات    بايرن ميونخ يطيح بآرسنال من الأبطال    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    العين يهزم الهلال في قمة ركلات الجزاء بدوري أبطال آسيا    مباحث المستهلك تضبط 110 الف كرتونة شاي مخالفة للمواصفات    قرار عاجل من النيابة بشأن حريق مول تجاري بأسوان    الرئيس الإيراني: القوات المسلحة جاهزة ومستعدة لأي خطوة للدفاع عن حماية أمن البلاد    بعد سحق برشلونة..مبابي يغرق في السعادة    جبريل إبراهيم: لا توجد مجاعة في السودان    خلال ساعات.. الشرطة المغربية توقع بسارقي مجوهرات    مبارك الفاضل يعلق على تعيين" عدوي" سفيرا في القاهرة    وزير الخارجية السعودي: المنطقة لا تحتمل مزيداً من الصراعات    لمستخدمي فأرة الكمبيوتر لساعات طويلة.. انتبهوا لمتلازمة النفق الرسغي    عام الحرب في السودان: تهدمت المباني وتعززت الهوية الوطنية    مضي عام ياوطن الا يوجد صوت عقل!!!    مصدر بالصحة يكشف سبب وفاة شيرين سيف النصر: امتنعت عن الأكل في آخر أيامها    واشنطن: اطلعنا على تقارير دعم إيران للجيش السوداني    ماذا تعلمت من السنين التي مضت؟    إنهيارالقطاع المصرفي خسائر تقدر ب (150) مليار دولار    أحمد داش: ««محمد رمضان تلقائي وكلامه في المشاهد واقعي»    إصابة 6 في إنقلاب ملاكي على طريق أسوان الصحراوي الغربي    تسابيح!    مفاجآت ترامب لا تنتهي، رحب به نزلاء مطعم فكافأهم بهذه الطريقة – فيديو    راشد عبد الرحيم: دين الأشاوس    مدير شرطة ولاية شمال كردفان يقدم المعايدة لمنسوبي القسم الشمالي بالابيض ويقف علي الانجاز الجنائي الكبير    وصفة آمنة لمرحلة ما بعد الصيام    إيلون ماسك: نتوقع تفوق الذكاء الاصطناعي على أذكى إنسان العام المقبل    الطيب عبد الماجد يكتب: عيد سعيد ..    ما بين أهلا ووداعا رمضان    تداعيات كارثية.. حرب السودان تعيق صادرات نفط دولة الجنوب    بعد نجاحه.. هل يصبح مسلسل "الحشاشين" فيلمًا سينمائيًّا؟    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    «أطباء بلا حدود» تعلن نفاد اللقاحات من جنوب دارفور    دراسة: القهوة تقلل من عودة سرطان الأمعاء    الجيش السوداني يعلن ضبط شبكة خطيرة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



دي إن إيه .. بتاع إيه؟! ... بقلم: عبد القادر الكتيابي
نشر في سودانيل يوم 02 - 03 - 2009


الإثنين
يقول المصريون: "العيار اللي ما يصيبش يدوش"! ولقد تكاثرت (أعيرة) أحزاننا بما يكاد يسدُّ النفس عن فعل الكتابة! ثم ها نحن رزئنا، مؤخراً، برحيل (تربال كرمكول)! لكنني، ولمكانة صديقي الأستاذ كمال الجزولي عندي، لم أشأ أن أعتذر حين دعاني لهذه الاستضافة، فقلت أبدأ بكلمتين وفاءً لهذا الطيب الصالح، أقولهما على كيفي، دون أن تقاطعني مذيعة (الجزيرة)، ليطير نحل الفكرة، فتشكرني، ثم تستضيف غيري، لتقاطعه وتشكره، وهكذا!
الأمر عندي أكبر من مجرد اختزاله في صفة (روائي) أو (أديب) أو (كاتب)، فتلك غفلة فوتت على الوطن فرصة الإفادة من طاقاته الأخرى، وعلاقاته شديدة الاتساع. ولعلنا بهذا كنا وراء إطالة غيابه الجسدي وترحاله الدائم، وقديماً قال حبيبه المتنبي: "إذا ترحَّلتَ عن قوم وقد قدِروا ألا تفارقهم فالراحلون هُمو"! هكذا (هُمو) رحلوا برحيله .. فالعلم لا يُقبض انتزاعاً، وإنما يُقبض أهله وهو في الصدور!
شكل آخر للمزايدة عليه ذلك الحديث الركيك عن فضل (هجرته) على ما حقق من نجاح، بدلاً من تحليل ظاهرة عبقريته ببصمة البيئة، والعقيدة، والموروث الثقافي، والنشأة الأولى، والتهيئة النفسية، ودرجة الإرهاف، والاستعداد الفطري، وملابسات الحياة الشخصية. الغرض المفضوح لهذا الاختزال تسخيف نجاحات (الضد) المفترض وتبخيسها، كما في بعض كتابات صورت أدبه محض (سودنة) للحياة (الغربية)، وجردته حتى من (الانتماء)، لا لشئ إلا لأنه ليس (مع)!
الطيب استضاف العالم أجمع تحت عمامتنا، طوف به في مناخاتنا، أوقفه على تميزنا، متعه بجزالة لغتنا، وأطلعه على ثراء موروثنا، ولذا سيبقى، أراد المغرضون أم أبوا، عَلما لا تتبدل ألوانه، ومعلما لا ينبهم الطريق إليه!
الثلاثاء
مهلاً بُني، لا تتعجل فهم قولي بأن الدنيا تغيرت! فأنا لا أعترض، كأمثالي من العجائز، على تداول الحياة بين الأجيال، فتلك سنة الله في خلقه. كل ما قصدته أن وجه عمك حاج الأمين أصبح مستطيلاً، بعد استدارة لخمسين سنة خلت! وملامح عمتك مَسَرَّة لم تعد ثابتة على شبه واحد، فأصبحت، أحياناً، كجدتك، عليها الرحمة، وأحيانا كعمتك المرحومة حاجة سكينة! أما شنب جارنا (أب شنب) فقد تعذرت عليَّ رؤيته حتى ساورني الشك في أنه ربما أقدم على حلاقته في زمن العولمة هذا، مع أنه، لم يكن ليتردد في طلاق زوجته لو طلبت منه حلاقته! فضلا عن أن صوت الحاج سليمان، وكان فاتحاً جهيراً، أصبح يتناهى إليَّ، اليوم، كأصداء متقطعة من راديو البقال المفتوح ليل نهار عند ناصية الشارع! وتلك محض أمثلة لمرئيات ومسموعات يمكن أن تقيس عليها المسافات والمذاقات والروائح، واسكت عن المسكوت عنه!
نعم .. تغيرت الدنيا. لا أعني أنها تغيرت فجأة، فربما لم أتتبع فعل التغيير، لكنها تغيرت، على كلٍّ، فتغيرت حماستي لها، وانقطع أملي في عودتها سيرتها الأولى! المشكلة ليست في أدوات إدراكي، رغم أن طبيب العيون لن يستطيع إصلاح استطالة وجه عمك حاج الأمين، أو تثبيت ملامح عمتك مَسَرَّة! كما لن تستطيع سماعة الأذن أن تعيد ضبط موجة الحاج سليمان، ولا راديو البقال عند الناصية! لكن المشكلة أيضاً ليست في علوم الجراحة، أو صناعة السماعات والنظارات! الأمر، يا بني، أكبر من ذلك، ولن تستطيع، مهما بلغ بك الإرهاف، أن تتصور كيف أصبح (لون اللون) عندي، أو (شكل الشكل) أو (طعم الطعم)!
هذا هو (سِرُّ) سخطهم، أعني عامة العجائز. فالدنيا، في الحقيقة، لم تتغير؛ أعترف لك، وأنا منهم، حتى لا تنخدع وتحسن الظن بجيلهم وزمانهم وتبتئس من جيلك وزمانك! الذي تغير، في الحقيقة، هو الذائقة الخفية في أعماق كل منهم. وإذن فهم ليسوا بكاذبين، مهما بالغوا في اجترار حكاياتهم الآسرة، لكنهم ليسوا بالصادقين تماماً! خذ عني يا بني، ولا تأخذ عنهم، زمانكم جميل، جميل جداً. المصابيح مضاءة، والنساء حسناوات، والماء بارد، والسيارات مريحة، والسفر بين بلاد الله كأساطير بساط الريح، والاختراعات متلاحقة باتجاه تحقيق الجنة البديلة بظلالها وأنهارها!
صدقني أن اختراعاً واحداً كهذا (الموبايل) يساوي كل جهد زماننا في تيسير وسائل الراحة! لا تحسبن، يا بني، أن بساطة زماننا كانت بلا متاعب، فحسبنا من العناء أننا لم نحصل على بعض راحتكم، وإلا فهل تستطيع، وأنت ابن المدينة، أن تتخلى عن (موبايلك) هذا ليوم واحد؟! أن تسير على قدميك مشاويرك كلها؟! أن تصبر على نار الفحم والحطب تطهو بها؟! أو على الإناء تستحم به في عِزِّ الشتاء؟! أو على الصوم، عِزَّ الحَرِّ، دون مروحة أو مكيف هواء؟!
العجائز الذين يفتقدون زمانهم، يا بني، ليسوا سوى بشر تعرضوا للإصابة في ذائقتهم، فتغيرت الدنيا في نظرهم. لا تتهمهم بالكذب، ولا تحمل عليهم، فغداً ستكون مثلهم في نظر أجيال قادمة!
الأربعاء
بدت له خارطة المدينة، والطائرة تقلع، مصغرة من زجاج النافذة. النيل والطرقات والميادين ونمل السيارات المتسابق بين المبانى المبعثرة المطرزة بالمآذن والكنائس والعمارات والدوارات.
عدل جلسته فانزلقت ساقاه تحت مقعد جاره الاًمامى الذي كان يثني ساقيه هناك أيضاً. إلتوى جاره الجُنب ملصقا رأسه بكتفه، فتبادلا اعتذاراَ هامسا بالانجليزية: sorry. ضغط على الزر ليرجع مقعده إلى الوراء فنبهه جاره الخلفي. جعل يتبرم من طول ساقيه وضيق المساحات. إشرأب بعنقه، فاًسرعت إليه المضيفة بوجه شمعى، وابتسامة بلاستيكية، وانجليزية تفضح لكنتها أنها ليست لغتها الأم:
"هل أستطيع مساعدتك"؟!
قال مبتسما :
"أشك في ذلك"!
بدأ الصدق يسرى فى ابتسامتها الزائفة وهى تسأله مندهشة:
"لماذا"؟!
"لأنك يا عزيزتي لن تستطيعي إنقاص طولي أو تعديل مقعدكم هذا"!
ضحكت بقدرما تتيح لوائح العمل، وانصرفت تتصيد إيماءة أخرى، وكاًنها تتسمع الرغبات قبل الإفصاح عنها!
نام مؤرقاً، ثم استيقظ على المايكرفون يبشر بقرب الهبوط.
إستقل سيارة اًجرة إلى السوق. الطيور ملونة، والأقفاص كذلك. إستوقفه طائر أسمر، أغبش، شامخ الراًس، ظاهر القلق. سأله البائع:
"تعارفتما"؟!
صَمَتَ، فأردف البائع:
"بينكما شبه كبير .. أخوك"؟!
"نعم، كم ثمنه"؟!
"خذه بقفصه وانصرف قبل أن تراك الكلاب الضالة"!
سأله مندهشا:
"لِمَ"؟!
ضحك بائع الطيور وقال:
تتصيد الغرباء، تنتف ريشهم، تجردهم من المال، ثم تلقي بالواحد منهم على ناصية أحلام غربته مثل هذا"!
وأشار بيده إلى كائن ملقى على جانب الطريق، نصف إنسان ونصف بهيمة، أشعث، رث الثياب، متسخ الجسد، منطفئ النظرة!
أحس بقشعريرة. إرتعد. سقط القفص الصغير من يده، وانفتح بابه، فأفلت الطائر الجميل، وعبثا حاول القفز للإمساك به، ولكن .. هيهات!
***
هذه الخاطرة ظلت مهملة بين أوراقي لعشرين سنة. تذكرتها في رحلتي الأخيرة إلى بلد عربي دعاني إخوة أعزاء فيه ليحتفوا بي في جلسة أدبية بشقة وسط المدينة. لدى باب العمارة أدركتني صلاة المغرب. عدت إلى الشارع لأسأل عن مسجد قريب، لكن سيارة أنيقة توقفت، فجأة، أمامي. أنزل الراكب في المقعد الخلفي زجاح نافذته، وسألني من وراء نظارته السوداء:
"هل معك جواز؟! إركب .."!
وأخرج بطاقة رسمية عليها صورته. ركبت. تحركت السيارة. واصل الرجل مخاشنته:
"نحن نبحث عن مجرمين من بني جنسيتك.. أخرج ما في جيوبك"!
أخليت جيوبي في يديه. فصل الأوراق النقدية ولفها في مظروف رسمي ربطه بشريط لاصق ومدَّه إليَّ. توقفت السيارة. نزل السائق مسرعاً إلى خلفيتها ثم عاد إلى مقعده. نزلت، فانطلق بسرعة جعلتني أشك في الأمر.
حاولت التقاط رقم السيارة، فإذا به قد تمت تغطيته بقطعة لامعة كانت في يد السائق عند نزوله! أزحت اللاصق عن المظروف فإذا بداخل صفحة من جريدة قديمة! عندئذٍ، فقط، قفز إلى ذاكرتي خيال ذلك الكائن على جانب الطريق!
إقشعر جسدي. إرتعدت. سقط القفص الصغير، وانفتح بابه، فأفلت طائر الأحلام الجميلة. لم أقفز. لم أحاول إمساكه. فقط عدت، بعد الصلاة، إلى المنتدى، وتحدثت كأن شيئا لم يكن!
الخميس
(بيت) مسكون بجنية اسمها (النفس) هذا ال (ابن آدم)! بضعة كيلوجرامات من العظم واللحم، ولفائف العصب، وشئ من الشَّعر، وكثير من الماء، وقليل من الهواء، لكنه (كون) تختلج فيه اللامرئيات العظيمة، المشاعر بألوانها وطعومها المختلفة، الآمال والمخاوف والأفراح والأحزان والاشتهاءات والغضب والتداعيات والفكر! إنه (الماكينة) الوحيدة على الأرض لإنتاج أشد قوى السحر فعالية!
"ود ابن آدم اب كريعات ده مااااااااهيِّن"!
هكذا كانت تقول جدتي كلما أربكتها بدعة صناعات أو فعايل!
مذ أهبط إلى هذه البسيطة ظل يتلفت كطائر هندي أهبط فجأة في قلب العتمور! كان عليه أن يختبر كل شئ، وهو النازح مطروداً من جنة قطوفها دانية، وأرضها ذهب، وأنهارها لبن وعسل؛ المُهجَّر، قسريا، من معية الحور المقصورات في الخيام، إذا أطلت اليوم واحدة منهن على هذه الدنيا بمقدار فاصل إعلاني تلفزيوني لخجل ابن أبي ربيعة والمنخل اليشكري وابن زيدون من تردي أذواقهم، ولندم وسفَّ التراب من هام بليلى قيس وليلى علوي، ولما قتل الذين قتلوا استدرارا لإعجاب عبلة، ولسَلِم مصنع الشفاء بالخرطوم بحري من قصف مونيكا في أدنى الأرض صرفاً لنظر الدهماء عن عشق النبلاء!
هكذا بعُدَت الشقة بينه وموطنه الأصلي. أصبح لا يتحرج من قرض الشعر عن جزيرة توتي، وشِعْبِ بوَّان، ومصايف السويد، وشواطئ فينيسيا، وحدائق بابل المعلقة؛ ولم يعُد يخجل من توجُّده بعيون يعلم تماماً أنها عرضة للماء الأبيض، والعدسات اللاصقة، والنظارات السميكة، بعد ما لا يزيد عن عقدين من يفاعتها!
(ود ابن آدم اب كريعات) هذا انشغل، مذ أهبط، بمحاولاته اليائسة لاستعادة بعض خصائصه القديمة، ولصُنع وطن شبيه بذلك الذي لم يبق منه في ذاكرته إلا رغبته في النعيم! لذا صار يسمي ارتداد الذبذبات لذاكرته الفطرية ب (الأمنيات والأحلام)، ويحاول عبثاً أن يصنع هنا نسخة من كل شئ هناك، وأن يتحايل حتى على الخلود. وما يزال، وهو يلهث خلف إشارات الذاكرة الفطرية، ينتج الأشياء والأسماء والكلام .. أشد قوى السحر فعالية!
خابت محاولاته كثيراً، لكنه فخور بما أصاب! وما زال يختلف مع نفسه، على طريقة النمو بالانقسام، حول تحديد مواضع خطئه وصوابه!
(ود ابن آدم اب كريعات) هذا معبأ بالطاقة التركيزية، ذهنياً وعصبياً، لكن في حدود جرمه المادي وحواسه الخمس. لا يسمع بوضوح إلا من مسافات معينة، ولا يرى ولا يشم ولا يذوق ولا يلمس ولا يستشعر حرارة أو برودة إلا بقدر أدوات إدراكه المحدودة! فإذا حاول، مثلاً، أن يشاهد إعصار (كاترينا) من (زقلونا)، فهو مضطر لاستخدام تقنية الصورة! ثم إنه لا يستطيع التواجد في ذات اللحظة إلا في مكان واحد. لكنه، ولتوقه إلى ذلك، فتح (الموبايل)، فإذا بالمباغتات على رأس كل دقيقة: زوجته تجده بسهولة عبر القارات، وكذلك مراجعو العمل، والأهل، والأصدقاء، فضلاً عن علاقات (أخرى)، ومصالح حكومية، وما لا حصر له من (المسكولات) والاتصالات الخاطئة!
إنه أسير الله في الأرض، حمار مربوط من رقبته بحبل طويل يجعله لا يشعر بالقيد، حتى إذا شطح قال الحبل: أنا هنا! حدود الإدراكات والطاقات هي ذلك (الحبل)، لكنه ينسى أو يتناسى أو يجهل! وفي كتابه (دراسة الكتب المقدسة في ضوء المعارف الحديثة والعلم) أورد موريس بوكاي أن عالِماً حاصلاً على نوبل في الطب حاول إثبات "أن المادة الحية استطاعت أن تخلق نفسها بنفسها، وأنه، ابتداء من هذه المادة الأولية، تشكلت كائنات حية منظمة لتنتهي إلى ذلك النظام المعجز .. الإنسان"! لكن بوكاي تساءل: "ألا يجب على معجزات المعرفة العلمية المعاصرة .. أن تقود مَن يتأمل إلى نتيجة عكسية تماماً"؟!
بوكاي التزم، في تساؤله هذا، دبلوماسية (ضبط النفس) كثيفة البرودة، تماماً كحاكم عربي يستنكر توغل عدو في أراضيه! لم يقل ل (ود ابن آدم اب كريعات) مثلا: هب أن مادتك هذه خلقت نفسها، وأن الغلاف الهوائي للأرض والأجرام السماوية المشعة بذواتها كالنجوم والسُدُم والمجرات، وغير المشعَّة بذواتها كالأقمار والكواكب والنيازك والمذنبات والغبار الكوني، قد تحالفت، وبررت وجودها ذاتياً، وقررت البقاء على أنساقها وحركتها رغم سطوة الجاذبية؛ فكيف تبرر أن العناصر الغازية قررت أن تحمي أهل الأرض من خطر الإشعاعات الكونية وقذائف الشهب المنطلقة في الفضاء، فتتصدى لها بمضادات غازية تبددها قبل أن تسقط على أم رأسك؟! هل تم التنسيق بين الخالقين لأنفسهم هؤلاء في (مؤتمر قمة الجو والفضاء والبيئة) لتوقيع معاهدة لتسيير الكون؟!
(ود ابن آدم اب كريعات) هذا، الحائز على نوبل، لا بد قد حُمِل، وحبله الطويل على رقبته، من مختبره مباشرة لاستلام جائزته على متن طائرة شحن بلا نوافذ، فلم يتمكن من النظر إلى الفضاء السديمي المشحون بقيومية تتناغم مع حركتها الكائنات!
الجمعة
خرج والدي عبد الله إلى الدنيا يتيماً استشهد أبوه في القرية على أيدي الإنجليز وهو في بطن أمه، فدلته أمه عركية بت بشير على طريق الخلوة ليحفظ القرآن، ثم اصطحبه خاله الشيخ يوسف إلى أم درمان، ودله على سوقها، فأفلح، فزوجه بنته أم الحسن، فولدتنا منه، فلزمنا طرف جلبابه حيثما ذهب، نستيقظ على صوته الندي مرتلاً قرآن الفجر، وننام على أصداء صلواته بالليل، وما بينهما نتأمل صفات النبل التي تشع منه مهابة ولطفاً وكرماً وتقوى رحل بها جميعاً، فلم نر مثلها، بعده، حتى يومنا هذا.
بعد ثلاثين عاماً لحقته أمي، عليها الرحمة. طلبت وضوءاً، وصلت ركعتي الوداع، فلففناها كحمامة في أكفان بيضاء معطرة، وحملناها خفيفة على الأكتاف إلى طرف مقابر البكري جهة البيوت.
أمدرمان كانت، في طفولتنا، قرية كبيرة، أو مدينة صغيرة، يعتمل فى أزقتها الشتاء والصيف، والمدنية والقروية، وتتحرك فى أحشائها علقة الوعي القومي، وشرارة الثورة الوطنية. لم يكن حديث مجالسها ليخرج عن تعليم المرأة والكهرباء والغناء وظاهرة الأفندية ومصير الخلاوى التي نصبت أمامها مدارس البنات!
كنت قد لزمت جدى، رحمه الله، حيث اصطحبني إلى شيخنا المرحوم العوض ليبدأ في تحفيظي القرآن الكريم، وتعليمي الكتابة والقراءة، في خلوتنا الطينية يفصلها عن بيتنا جدار رقيق ما زال يذكرني بمواضع الخطأ في قراءتي، وبما كان يشغلني من الحصى الناتئ فيه! كان شيخنا يضحك لمنظري وأنا أختلس النظر إلى عينيه الرماديتين في خوف وحذر، غير أنه سرعان ما شهد لي بالنباهة، فجعلني عريفاً.
كان خالي محمد علي، رحمه الله، منحازاً إلى موجة المدنية السارية في أمدرمان وقتها. ولهذا انتزعني من الخلوة وألحقني بالمدرسة فرضخت، بشرط أن ألبس عمامة طويلة حتى لا يظن الناس أني صغير! كان ناظرنا مبارك أبو حراز، رحمه الله، شيخاً ذاكراً، فاتح الصوت، قوي الشخصية. وكان مدرسونا متفرنجين يلبسون البنطلونات، ويحلقون اللحى، فإذا ما أووا إلى مكاتبهم خرج من أفواههم وأنوفهم دخان أبيض له رائحة نفاذة! وكنت أزهو بأنني كنت أجمل خطاً من بعضهم وأصح نحواً! وكان شيخي يفتح عينيه الرماديتين حين أحدثه بذلك، بعد عودتي من المدرسة، ويحوقل، ثم يصرفني بكتاب (العزية للجماعة الأزهرية) أقرأ منه، فيصوبني، ويشرح، على قراءتي، للحاضرين بعد صلاة العصر كل يوم، أحكام الطهارة، وأنواع المياه، وفرائض العبادات، وسننها، تتخلل ذلك أسئلة، وتعليقات، وقفشات، وأحياناً تمور أو بليلة، ونادراً رشفات من ماء زمزم يطوف بها علينا عائد من حج أو عمرة، وأحياناً أخرى مديدة تمْر تدل على نفساء في الحي، أو طبق أرز باللبن احتفالاً بأربعينها؛ فإذا جئ بأكوام لحم نيئ دلت على سماية، أما الشواء مع الفطائر والسكسكانية والشعيرية فصباحية عريس، وما دون ذلك ذكرى رحيل، أو كرامة وسلامة، وتكاد هذه النفحات لا تنقطع عن خلوتنا. فالأزواج منهمكون في زوجيتهم، والطريق إلى مكة مفتوحة، والوفاء للموتى في كل بيت، والناس في حيِّنا يمرضون ويصحُّون، وثمة دائماً مَن يفلت مِن دهسة بص ود البصير، ومَن ينجو مِن لدغة عقرب أو ثعبان!
لم تكن المدرسة عندي سوى رهبتي لخالي وخوفي من نهرة الناظر، فظللت منحازاً لشيخي وجدي وأبي وزملاء (درس العزية) الذين تجاوز أصغرهم الستين، وتأكد أنه من أسرى الله في الأرض!
خلال تلك السنوات عرفت أنه كان لي خال عبقري الشاعرية، وأننى أشبهه كثيراً فى الخلقة، و أنه مات فى ريعانه.
وذات صباح كان قِدْر البليلة، في ركن الخلوة، يتنفس جاهداً، يزاحم فوح طينها، ونكهة (عمارها)، وما تنفح الأشجار المتقافزة فوق الجدران. تلك الروائح المتمازجة كانت تصوغ عطراً محفوظ التناسبات والسمت يضمخ ألواحنا، وبروشنا، وجلابيبنا، وطواقينا، وأباريقنا، وصلواتنا، وأقلام بوصنا، وحصيرة شيخنا، وعيوننا الصغيرة، وأنوفنا المتحفزة. العطر ذاته، لم يتغير، لم يخفت ولم يشتد، منتظماً كان كأنفاس نائم تحت شجرة مانجو! تتحد حوله أوتار حواصلنا مرددين ما يقرأ علينا شيخنا وعيناه تجولان في مجالات أصواتنا ليتبين مَن يطيل المدود، ومَن يضيع الغنن، فما تلبث أن تتركز نظرته على النشاز! وبينما نحن هكذا تناهت إلينا أصوات تقترب من باب الخلوة. رفع الشيخ يده فسكتنا. دخل علينا ثلاثة رجال تهادروا بالسلام و(المطايبة) مع الشيخ، وتحسسوا ما وقعت عليه أيديهم من رؤوسنا الصلعاء وطواقينا الغبشاء، ثم انشغلوا بمحادثة شيخنا. إثنان منهم غريبان. أما الثالث فخالي المرحوم محمد علي. قال لصاحبيه إنني وابن خالتي صِدِّيق مجتبى ولدا أختيه. كنت قصيراً، لكن ليس إلى الحد الذي استشعرته بينهم وأصابعهم تعبث بطاقية جدي الكبيرة تدور على رأسي الصغيرة! تحدثوا عن شبهي بخالي الشاعر الراحل، ففهمت أن الموضوع هو المعتاد في بيتنا من زيارات الأفندية يتقصون سيرة التيجاني. وكالمعتاد يأذن جدي، فيفتح خالي غرفة الراحل يفرجهم على مخطوطته، ويتبادلون حديثا لا نفهمه، ثم يُستدعى لهم خالنا المرحوم إدريس الكنزي وجارنا شمَّام وغيرهم ممن عاصروا التيجاني. ليس في الأمر، إذن، شكوى للشيخ من مشاجراتنا؛ والشيخ نفسه، والحمد لله، لم يقل في حقنا إلا خيراً؛ وذلك كل ما أهمنا في الأمر!
كان ذلك بُعيد أواسط الستينيات تقريباً. وكانت المرة الأولى التي أسمع فيها بعلي المك والمجذوب. ثم اعتدنا على رؤيتهما في الأمسيات مع خالنا في حوش الديوان صيفاً، وداخل الديوان شتاءً، تتعالى ضحكاتهم، ويتعاقب عليهم كثيرون في كل مرة، وبعضهم ممن كنا نسمعهم عبر الراديو العتيق: عثمان حسين وسيد خليفة والتاج مصطفى، رحمهم الله، وكان يحضر أحياناً خالنا الشاعر العالِم الراحل صِدِّيق عمر جولة، صنو التيجاني وأبو الطفل المعني بالمرثية في (إشراقة).
تميزت تلك الجلسات بصوت علي المك، بعينيه الوثابتين، بشدة طربه، بإحسانه مواددة الآخرين، بحسه المتحفز للفكاهة والتلطف، وبغزارة حفظه للشعر والقصص والأمثال والطرائف. ولم يعُد خالي بحاجة لأن ينادي كعادته: "يااااا .. ولد"، فنحن قرب الباب دائماً نتسقط أحاديث عليٍّ، حتى لقد اكتسب صِدِّيق مهارة فائقة في تقليده!
أما كيف تحولت علاقتنا، مع الأيام، إلى صداقة كسرت حواجز الأجيال، فهذا ما لا يعلمه إلا الله الذي وهب الراحل كل تلك الملكات!
السبت
لما كان إرثنا الشعبي، بألسنته العربية والأفريقية المختلفة، مولداً نشطاً لهجين وجداني متفرد، فقد تفردت ذائقتنا، وصارت لنا مقاييس جمالياتنا الخاصة، ولروحنا الجمعية طريقتها الخاصة في الرقص والركض والإقعاء والتربع والاستلقاء والانتشاء والحزن، واستوفينا شروط أن تكون ثقافتنا قائمة بذاتها، نسيج وحدها، موازية لثقافات الغير، وليست تابعة لأي منها. إنها (الثقافة السودانية) فحسب.
لكن بعض مثقفينا عملوا على فصل مركبات هذا المزيج الفطري بإذكاء فكرة (العربي) و(الأفريقي) فينا، استنادا إلى لغويات ليست هي جوهر (الثقافة)، وإنما فقط أداة تعبير عن بعضها، سواء موحدة أو مختلفة، والأمثلة كثيرة على (اختلاف الثقافات) مع (وحدة اللغة) كما في الثقافتين الأمريكية والإنجليزية.
أولئك المثقفون انغلقوا في دوائر ضيقة بلا تصور شامل للوطن الكبير، فأضاعوا علينا فرصة رؤية وجهنا في المرآة لنتعرف إلى (ذاتنا). لذلك أصبحنا في ذيل ثقافة العرب، وفي خانة الاشتباه من الثقافات الافريقية، بينما لم نكن، أصلاً، (فرعاً) يحتاج للبحث عن (جذر)!
الأحد
أن تكون أنت (عمرو)، ثم أخضعت لأبحاث (معمَّقة) أثبتت أنك (زيد)، فلا بد لك، عندئذٍ، من (التزيُّد)، فالمثل يقول "كان إتنين قالوا ليك راسك مافى .. أهبشو"!
كن (زيداً)، إذن، ولا تبالى! وحذاري أن تغالط من قرروا (زيديتك)! لا تتطاول على الألقاب العلمية، ولا (تناطح) الشرطة والمجلس البلدى وسجلات الإحصاء! ولا تقل إن المرآة خير شاهد، فشهادتها محض ظِلٍّ فى مائها لا يمكنك وضعه فى مظروف لتدعم به دفوعاتك! أما يقينك الداخلى بأنك أنت أنت فمجرد حجة أثيرية من نفاثة الروح تعجز أن تستحلب عينة منها فى قارورة التحليل المعملي! ولا تقل لى (دي إن إيه) .. دي إن إيه بتاع إيه؟!
لقد وفرت لك أبحاثهم كل خصائص (الزيدية)، فكن رومانسياً، وهوِّم في زيت الرهق، ودع العيون تسبح فى محاجرها، واسحب ذاكرتك من أنفها إلى لحظة يسابق فيها منديلك دموعك المنهمرة شوقاً إلى المحبوبة المشغولة عنك بخصلتها الشاردة، واشرد معها!
إنس قراءاتك فى اختلافات النحاة، وعلماء اللاهوت، ومذاهب الفقه، واتجاهات النقد، ولا تتعب نفسك بالكسور والبواقى من معادلات الصراعات الفكرية، ولعبة الأمم، وتحليل الأخبار، وتفاتحات العلوم على بعضها! لا تحمل همَّ التغريب والتشريق، وقضايا الثقافة، وتخطيط المدن، والزحف الصحراوي، وحرب المياه القادمة! ولا يكبرن فى نفسك الإحساس بأخطار الأدوية الكيميائية، وزحف المحاصيل النقدية على مزارع الأعشاب فى مناطق الجعليين والرباطاب!
إن شغلت بشبح الانفصال، وصراعات السلطة والثروة، فلن تكتب شعراً يتغنى به المغنون، ويهز له أهل الرؤوس رؤوسهم، وتموِّج له ذوات الخصور خصورههن، وستكون هذه خسارة كبيرة! وسيتضح لك ذلك، حتماً، إذا استمر إصرارك على أنك (عمرو) ولست (زيداً)! فكن، كما أكد المختصون، الشاعر المشغول، يوم الحرب، برائحة المطر، وانحناءة زهرة حط على قلبها فراش شديد التركيز على المراكز، ذلك خير لك!
أنت (زيد)، إذن، فانس (عمراً)! وطالما أن (زيداً) صوفي، فتكلم بما لا تفهمه لا أنت، ولا هُم، ولا حتى الملائكة الذين يكتبون خطرفاتك، ويتبادلون النظر وتقليب الشفاه تعجباً مما تقول .. فعليك أن تقول، وعليهم الكتابة!
ولأن (زيداً) بسيط لا يحسن السياسة والصحافة والطب وقراءة الأفكار، فلا تأبه كثيراً إذا أقصوك وتجاوزوا رؤيتك! حتى لغة شعرك (طلع) لها أهل معتمدون بأوراق مختومة؛ فقولك لا يُعتد به ولا يُعتمد!
كن زيداً، فحسب، وتسكع عند شطآن الجمال وبوابات الفرح. أنت مسجون فى هذه الخصائص .. فلا تغادرها. هذا كلام الخبراء، وعلى العامة أن يأخذوا به بلا جدال، فقد أخذ به الأقربون وهمسوه فى آذان الغرباء بثقة المرجعية القاطعة: "لا تهتموا برأيه، فهو مجرد شاعر .. ليس مفكراً، ليس معتمداً لدى دوائر السياسة والفكر والعلوم والتنظير! قولوا له يقرأ شعراً فحسب"!
إنها صنعة (زيد) الأصل، وأنت، فى النهاية، (زيد) عندهم، وإن تكُ (عمراً) .. عند الله!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.