حسناً فعل وزير التجارة مدني عباس مدني بإرجاع مبلغ مكافأة حضور إجتماعات تقع ضمن أعباء وظيفته كوزير يترأس مجلس إدارة شركة سكر كنانة، وهو مبلغ كبير يكفي لشراء سيارة في بلد يبحث فيه المواطن بشق الأنفس لتدبير ثمن دواء الأنسولين، وقد رفع مدني بذلك رؤوسنا بالمنهج الذي يسير عليه وزراء الثورة في مقابل ما كان يفعله وزراء الإنقاذ. قيمة تصرف الوزير مدني، ليس في كونه قد أعاد المبلغ، وهو فعل يشبه مدني ويشبه الثورة التي جاءت به، ولكنه يفتح الباب لتقوم الدولة بمراجعة مكافآت مجالس إدارة المؤسسات العامة التي يتقاضاها موظفون عموميون لقاء أداء واجباتهم الرسمية التي يتقاضون لقائها مخصصات الوظيفة. كما أن قيمة تصرف مدني أنه يكشف عن المفارقة في أجور الدولة وعطاياها لمستخدميها، ذلك أن مبلغ المكافأة (18.350 دولار) التي رصدت للوزير مدني لمجرد حضوره إجتماع أو أكثر توازي في قيمتها أكثر مما يتقاضاه 10.000 أو يزيد من أرباب المعاشات في الشهر وهم الذين أفنوا عمرهم في خدمة الدولة ويبلغ راتب التقاعد في المتوسط حوالي 300 جنيه. وبطبيعة الحال، أن إدارة شركة كنانة لم تحرر شيك واحد هو الذي أعاده الوزير مدني، ولا بد أن تكون هناك مبالغ سخية أخرى قد صدرت بموجبها شيكات لأعضاء مجلس الإدارة الآخرين، وقد تسلموها برضاء وممنونية من إدارة الشركة. شكراً مدني، إبن الدولة المدنية.