الثورة تعتبر مستحيلة ما لم يكن هناك حالة ثورية، وليست كل حالة ثورية تقود إلى ثورة ..." فلاديمير لينين " عندما خرج طلاب وطالبات مدينة الدمازين في جنوبي النيل الأزرق في منتصف ديسمبر من عام 2018م , كان نظام البشير وجنوده في شغل شاغل عن هم الطلاب وضرورياتهم , كانوا منهمكين في حماية النظام وردع كل من يعارض السلطة مع ذلك تعامل النظام بالازدراء والاستصغار مع احتجاجات مدن الهامش, ذلك أن التغيير الحقيقي الذي من المحتمل أن تأثر على النظام تأثيراً مباشراً حسب ظنهم يجب أن تنطلق من العاصمة..! اغلب الظن كان الرهان خاسر قد شربوا من نخب الرهن الخائب .! فات عليهم أن المعظم النار من مستصغر الشرر..! امتدت الاحتجاجات إلى مدن آخري.. بورتسودان , عطبرة , الخرطوم, الأبيض الخ.. واشتعلت كالنار في الهشيم..! بروتوتيبتها ( prototype), " تسقط بس " وشعارها العريض " حرية ,سلام وعدالة ...!. دأبت حكومة المؤتمر الوطني طوال السنين على الكذب وحبكة المسرحيات والخطط الاقتصادية , وطرح أحابيل وأبابيل من الوعود الخادعة ..! واعتادت على صناعة المؤتمرات ومحاوري السفسطة , وداومت على التهريج وتميزت في صناعة سيرك سياسي ببراعة و, لعبت على حبال السياسة واستبدلت خيوطها مع تقلب الظروف والفصول..!ونفدت كل ما في جعبتها.. , ولم يبقى في جعبتها شيء . كانت حكومة المؤتمر الوطني لا تتورع ولا تتردد من ارتكاب أي جرم أو استباحة أيما حرمة في سبيل التمسك والتشبث بالسلطة ..! استخدمت كل المعاول لهدم هياكل الدولة , نسفت وسفَهت العدالة والقانون , كان على رأس كل جهاز شرذمة هتيفة..! سلكوا كل السبل السلطة فجاءوا بعلماء السلطان أجازوا لهم فقه الاستباحة .., صالوا وجالوا خلال الديار وأتوا بكل متلاعب أثيم ..عبثوا بمقدرات الدولة استغلوا السلطة وأساءوا الإدارة وسرقوا وصرفوا ارث الدولة , اختزلوا الدولة في الحزب وخلطوا الحابل بالنابل إذا صح التعبير . تعامل النظام البشير مع الشعب السوداني بترفع وازدراء كما لو انه فوق القانون ..!, واعتبر شعار "تسقط بس.."معادلة صفرية ..! لا يمكن التعاطي معها , اعتبر الحوار هو المخرج الوحيد والخيار الأمثل للخروج من زنقة الثورة ...! وأي تفكير خارج إطار الحوار يعتبر درب من العصيان أو خروج عن إجماع الأمة أو تمرد على الدولة ..! فلذا يجب على الدولة اتخاذ إجراءات أمنية صارمة ضد الثوار للحافظ على أمن الدولة وسلامة أراضيها ..! حاول النظام الابتزاز لإجبار الثوار على الرشوة والمساومة ومن ثم إلى التسوية ..! ولكن جيل الشباب والكنداكات كانوا اكبر من ذلك بكثير..! واصلوا النضال بقوة بتنسيق مع تجمع المهنيين , داخل وخارج السودان , ماجت المواكب من هنا وهناك وغنى الثوار بمجد الثورة وصنعوا إيقونات وصل صدى الثورة أقصي مدي .. تأصلت فطرية ثورة ديسمبر في سلميتها وفردانيتها وحراكها في ريف السوداني حيث ميلاد التمرد قبل عقود ضد التوجه التشوه الثقافي المركزي ..! علاوة على تهميش وإنكار مكونات الدولة السودانية وبالتالي أهمل الهامش من المشاركة في بناء الدولة السودانية المرجوة بمعايير التنوع والتعدد والتباين في البنية الثقافية ..لا شك أن ما نعانيه اليوم بسبب إفراطنا بالأمس وبل إسرافنا في أمرنا ..!عانى شعبنا طويلا منذ الاستقلال كنا وما زلنا ضحايا كمائن وأفخاخ أيديولوجية مستوردة, الطائفية – الشيوعية – الاشتراكية – الإسلاموعروبية- البعث الخ.. من نخبة فاشلة اضمن الفشل..في النهاية عجزنا عن تدبير قوتنا اليومي , ونحن أغنى بلاد العالم من حيث الموارد..! وفي خضم الصراعات والنزعات أيديولوجية انزلقنا إلى حروب أهلية عبثية لا طائلة منها خسر فيها المنتصر ,تدهور اقتصادنا جاع شعبنا فتسولت حكوماتنا على موائد اللئام , هرب شبابنا من شظف العيش ومن جور حكام الوطن , شردنا في قاصي الدنيا أشتاتا شتتا وزمراً قددا..!. جاء الإنقاذ وزاد الطين بلة.. في بدء بشر الناس بآمال ومستقبل زاهر وأحلام جميلة..,ثلاثون عاماً ظلت أعناقنا مشرئبة إلى سراب بقيعة حسبناه ماءً ..يا للخسارة تجربة الأعوام الثلاثين لخصها شاعر الثورة في كلمات : سبحتو من حبل المشنقة المرفوعة جلابيتو من كفن الشهيد مقطوعة صحتو من مرض اليتامى وجوعه الفاتورة من لبن الرضيع مدفوعة هذا هو نموذج محسوب على مؤتمر الوطني البائد,جاء فجر الخلاص على جماجم شبابنا واصطلين الكنداكات بناره ..ودع شعبنا حقباً عجاف, وركل نظام البشير إلى مزبلة التاريخ. عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.