شاهد بالفيديو.. حسناوات سودانيات بقيادة الفنانة "مونيكا" يقدمن فواصل من الرقص المثير خلال حفل بالقاهرة والجمهور يتغزل: (العسل اتكشح في الصالة)    شاهد.. صور الفنانة ندى القلعة تزين شوارع أم درمان.. شباب سودانيون يعلقون لافتات عليها صور المطربة الشهيرة (يا بت بلدي أصلك سوداني) والأخيرة ترد: (عاجزة عن الشكر والتقدير)    شاهد بالصورة والفيديو.. طفل سوداني غاضب يوجه رسالة للمغترين ويثير ضحكات المتابعين: (تعالوا بلدكم عشان تنجضوا)    شاهد بالصورة والفيديو.. عريس سوداني يحتفل بزواجه وسط أصدقائه داخل صالة الفرح بالإنشاد الترند (براؤون يا رسول الله)    مخاطر جديدة لإدمان تيك توك    محمد وداعة يكتب: شيخ موسى .. و شيخ الامين    خالد التيجاني النور يكتب: فعاليات باريس: وصفة لإنهاء الحرب، أم لإدارة الأزمة؟    نقاشات السياسيين كلها على خلفية (إقتلوا يوسف أو اطرحوه أرضاً)    «الفضول» يُسقط «متعاطين» في فخ المخدرات عبر «رسائل مجهولة»    إيران : ليس هناك أي خطط للرد على هجوم أصفهان    قطر.. الداخلية توضح 5 شروط لاستقدام عائلات المقيمين للزيارة    قمة أبوجا لمكافحة الإرهاب.. البحث عن حلول أفريقية خارج الصندوق    هل رضيت؟    زيلينسكي: أوكرانيا والولايات المتحدة "بدأتا العمل على اتفاق أمني"    منى أبوزيد: هناك فرق.. من يجرؤ على الكلام..!    مصر ترفض اتهامات إسرائيلية "باطلة" بشأن الحدود وتؤكد موقفها    سعر الريال السعودي مقابل الجنيه السوداني من بنك الخرطوم ليوم الإثنين    سعر الدرهم الإماراتي مقابل الجنيه السوداني ليوم الإثنين    سعر الدولار مقابل الجنيه السوداني في بنك الخرطوم ليوم الإثنين    نصيب (البنات).!    ميسي يقود إنتر ميامي للفوز على ناشفيل    ضبط فتاة تروج للأعمال المنافية للآداب عبر أحد التطبيقات الإلكترونية    لجنة المنتخبات الوطنية تختار البرتغالي جواو موتا لتولي الإدارة الفنية للقطاعات السنية – صورة    بعد سرقته وتهريبه قبل أكثر من 3 عقود.. مصر تستعيد تمثال عمره 3400 عام للملك رمسيس الثاني    خلد للراحة الجمعة..منتخبنا يعود للتحضيرات بملعب مقر الشباب..استدعاء نجوم الهلال وبوغبا يعود بعد غياب    إجتماع ناجح للأمانة العامة لاتحاد كرة القدم مع لجنة المدربين والإدارة الفنية    المدهش هبة السماء لرياضة الوطن    نتنياهو: سنحارب من يفكر بمعاقبة جيشنا    كولر: أهدرنا الفوز في ملعب مازيمبي.. والحسم في القاهرة    إيران وإسرائيل.. من ربح ومن خسر؟    صلاح السعدني ابن الريف العفيف    الأهلي يوقف الهزائم المصرية في معقل مازيمبي    ملف السعودية لاستضافة «مونديال 2034» في «كونجرس الفيفا»    أفراد الدعم السريع يسرقون السيارات في مطار الخرطوم مع بداية الحرب في السودان    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    جبريل إبراهيم: لا توجد مجاعة في السودان    مبارك الفاضل يعلق على تعيين" عدوي" سفيرا في القاهرة    لمستخدمي فأرة الكمبيوتر لساعات طويلة.. انتبهوا لمتلازمة النفق الرسغي    عام الحرب في السودان: تهدمت المباني وتعززت الهوية الوطنية    مضي عام ياوطن الا يوجد صوت عقل!!!    مصدر بالصحة يكشف سبب وفاة شيرين سيف النصر: امتنعت عن الأكل في آخر أيامها    واشنطن: اطلعنا على تقارير دعم إيران للجيش السوداني    ماذا تعلمت من السنين التي مضت؟    إنهيارالقطاع المصرفي خسائر تقدر ب (150) مليار دولار    إصابة 6 في إنقلاب ملاكي على طريق أسوان الصحراوي الغربي    تسابيح!    مفاجآت ترامب لا تنتهي، رحب به نزلاء مطعم فكافأهم بهذه الطريقة – فيديو    راشد عبد الرحيم: دين الأشاوس    مدير شرطة ولاية شمال كردفان يقدم المعايدة لمنسوبي القسم الشمالي بالابيض ويقف علي الانجاز الجنائي الكبير    وصفة آمنة لمرحلة ما بعد الصيام    إيلون ماسك: نتوقع تفوق الذكاء الاصطناعي على أذكى إنسان العام المقبل    الطيب عبد الماجد يكتب: عيد سعيد ..    تداعيات كارثية.. حرب السودان تعيق صادرات نفط دولة الجنوب    بعد نجاحه.. هل يصبح مسلسل "الحشاشين" فيلمًا سينمائيًّا؟    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    «أطباء بلا حدود» تعلن نفاد اللقاحات من جنوب دارفور    دراسة: القهوة تقلل من عودة سرطان الأمعاء    الجيش السوداني يعلن ضبط شبكة خطيرة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



علاقة إسرائيل ببعض الزعماء السودانيين ...! .. بقلم: الطيب الزين
نشر في سودانيل يوم 08 - 02 - 2020

لأهمية الرسالة وما حوته من معلومات خطيرة ، توضح أبعاد المخططات والمؤامرات الإسرائيلية تجاه السودان . . ! أنشر هذه الرسالة التي وصلتني من الاصدقاء الكتاب، الذي ينتمي لإحدى الدول الشقيقة في محيطنا العربي الإفريقي. واليكم نصها :
الأستاذ الصحفى الطيب الزين.
جمعتكم مباركة
علاقة بعض الزعماء السودانيين بإسرائيل قصة طويلة، دعني أروي لك بعض تفاصيلها ، التي ظننا يومًا إنها أضحت ذكرى مريرة في العقل الجمعي العربي، لكن يبدو أنها لن تكون كذلك، بعد لقاء نتيناهو مع رئيس مجلس السيادة السوداني في أوغندا..
في القرن العشرين تسيد سوق تجارة السلاح رجل الأعمال السعودي عدنان خاشقجي.
الذي كان طالبا في فيكتوريا كوليدج الشهيرة في الإسكندرية ومنها إلي كاليفورنيا، حيث أمضي عامًا واحدًا في الدراسة قبل الإنتقال لعالم الأعمال، مستغلًا في ذلك شبكة علاقات استثنائية، أقامها مع عدد من رجال السياسة والإستخبارات الواعدين في العالم العربي، وبالأخص خريج آخر من فيكتوريا كوليدج وهو الشيخ كمال آدهم، مؤسس الإستخبارات السعودية، ستجد مثلًا إسم الإثنين مرتبطًا في قضية شهيرة خلال سبعينات القرن الماضي، وهي قضية ‘‘نادي السفاري‘‘، تجمع سري أنشأه مدير الإستخبارات الفرنسية الكونت ألكسندر دي مارينش، لمكافحة التمدد الشيوعي في إفريقيا، وعقد اجتماعه التأسيسي الأول في جدّة السعودية عام 1974، وحضره الكونت الفرنسي بالطبع إلي جوار أربعة من أقوي رؤساء الإستخبارات في الشرق الأوسط، كمال الأدهم من الإستخبارات السعودية، والجنرال أحمد الديلمي رئيس الإستخبارات المغربية، والجنرال نعمة الله ناصري مدير جهاز السافاك الإيراني، والدكتور أشرف مروان كممثل شخصي للرئيس السادات.
تقسّمت المهام علي النحو التالي، تتوليّ السعودية التمويل بالطبع، في حين توفّر المغرب مجموعات العمل الميداني، بينما تجمع إيران بين المهمتين، أما مصر فكانت حلقة الوصل الأكبر، بإحتوائها علي مركز العمليات الرئيسي في ضاحية مصر الجديدة، والذي يُحدّد المهام العاجلة ويخطط تنفيذها وإدارتها والإشراف عليها، وبالفعل نفّذ نادي السفاري مجموعة من عمليات الدعم سواء لمساعدة رئيس زائير موبتو في مواجهة موجات التمرد الشيوعية، أو الوقوف إلي جوار اليميني سافميبي في قتال الرئيس الإشتراكي دو سانتوس في الحرب الأهلية الأنجولية، أو تأييد الرئيس الصومالي سياد بري في معركته ضد الرئيس الشيوعي الإثيوبي منجستو هيلا ميريام، وستجد تفصيلًا واسعًا لنشاط ذلك النادي في ص:ص 105-125، من فصل ‘‘الفرانكوفونية وأخواتها‘‘ من كتاب ‘‘العربي التائه‘‘لمحمد حسنين هيكل..كمال أدهم مدير الإستخبارات السعودية كان بحاجة إلي ذراع قوي، يتولّي المهام الميدانية ونقل السلاح، ولم يكن ثمة اختيار أنسب لنادي السفاري من خاشقجي، ولم تكن هناك فاتحة لتجار السلاح وعالم الإستخبارات بالنسبة لخاشقجي أفضل من نادي السفاري..لكن المهام الأكبر لعدنان خاشقجي لم تأت بعد.
لطالما كان السودان علي درجة عالية من الأهمية الإستراتيجية بالنسبة لإسرائيل، والإعتبارات في ذلك كثيرة، النيل والثروة الزراعية، لكن الإعتبار الأهم في الخمسينات والستينات كان مصر..
القصة المؤلمة التالية يروي معظم أحداثها كتاب أكاديمي ممتاز، من إصدار المركز العربي للأبحاث ودراسات السياسات، تحت عنوان ‘‘ انفصال جنوب السودان: المخاطر والفرص‘‘، وتحديدًا الفصل السادس ‘‘ التدخل الإسرائيلي في السودان‘‘ ص.ص 203-225، للدكتور محمود محارب.
عام 1954 أرسل حزب الأمّة السوداني وفدًا إلي لندن للحصول علي الدعم البريطاني لإستقلال السودان عن مصر، وهناك طلبت الإستخبارات البريطانية من حزب الأمة التنسيق مع إسرائيل، وبالفعل جري الإجتماع الأول بين دبلوماسيين إسرائيليين في سفارة تل أبيب في لندن، ووفد حزب الأمة المكوّن من سيد صديق المهدي ونائب رئيس الحزب محمد أحمد عمر، واتفق الطرفان علي تنسيق التعاون ضد مصر علي جبهتين، الأولي تقديم إسرائيل قروض لحزب الأمة لتمكينه من مواجهة النفوذ المصري في السودان، والثانية مواجهة الاحزاب السودانية الداعية لعلاقات متطوّرة بين شطري وادي النيل.. كيف توفّر إسرائيل الدعم المالي لحزب الأمة دون إثارة الشبهات؟.
كان المهدي يمتلك مزارع واسعة لإنتاج ما قيمته مليون ونصف الميون استرليني من القطن سنويًا، فاقترح محمد أحمد عمر أن تقوم إسرائيل بشراء كامل إنتاج القطن مُقدمًا لمدة 3 سنوات..4,5 مليون سترليني مبلغ باهظ بمقاييس ذلك الزمان، فاستعان الموساد برجل أعمال صهيوني بريطاني مخلص لإسرائيل يعمل مديرًا في شركة ‘‘لويس أند بيت‘‘، وبدوره أرسل أحد كبار موظفيه ويُدعي ووردن إلي السودان لدراسة الأوضاع، والتقي المهدي وعددًا من كبار المسئولين السودانيين ومنهم وزير الدفاع عبد الله خليل، وأوصي بتقديم قرض بقيمة مليون ونصف سترليني للمهدي، مقابل نسبة من الأرباح، فتدخّل محافظ بنك إسرائيل ديفيد هوروفيتس، طالبًا من بعض البنوك السويسرية تمويل قرض الشرطة البريطانية لزعيم حزب الأمة السوداني، بيد أن ارتفاع مخاطر القرض قد عطّل التدفق المالي السويسري فطلب المهدي من الموساد 150 ألف $ نقدًا وبشكل عاجل لقرب موعد الإنتخابات التشريعية.
إستمرت العلاقات بين حزب الأمة السوداني في التطور، ومقابل الدعم المالي الإسرائيلي للحزب، زوّد الحزب الموساد الإسرائيلي بسيل من المعلومات، لعلّ من أبرزها، هو ما جري قبيل العدوان الثلاثي، حينما التقي المهدي زعيم حزب الأمة رفقة صديقه المقرّب ورئيس البرلمان السوداني محمد صالح الشنقيطي بجمال عبد الناصر في القاهرة، وبعد عشرة أيام من الإجتماع وتحديدًا في 27 سبتمبر 1956 سافر الشنقيطي إلي جنيف، أين مرّر معلومات اللقاء بالكامل لمسئول استخباراتي إسرائيلي، حتي أن الشنقيطي اقترح فرض حصار اقتصادي علي مصر لمدة 30 يومًا، مما سيؤدي إلي سقوط النظام لا محالة..لن يتوقّف التمدد الإسرائيلي في السودان عند تلك النقطة، بل سيبلغ حده الأقصي بلقاء رسمي سرّي عُقد في صيف 1957 في العاصمة الفرنسية، وجمع بين رئيس الوزراء السوداني عبد الله خليل ووزيرة الخارجية الإسرائيلية جولدا مائير، وبعد أقل من عام سيطيح غنقلاب عسكري بحكومة خليل، ويتسلّم إبراهيم عبود زمام السلطة في السودان، ويُعدّل الكفة صوب التقارب مع مصر، وقطع العلاقات السريّة مع إسرائيل.
لن تتوقّف المساعي الإسرائيلية لإختراق السودان، لكن تل أبيب بحثت تلك المرة عن ظهير عسكري داخلي، يستدرج الجيش السوداني إلي مواجهة داخلية مسلّحة، تستنزفه وتعوقه عن مساندة مصر عسكريًا، خصوصًا بعد النكسة.
كان لإسرائيل ما أرادت في حركة ‘‘أنيانيا‘‘ المتمردة في جنوب السودان..في مطلع عام 1969 التقي ‘‘جوزيف لاجو‘‘ زعيم الحركة بالسفير الإسرائيلي في أوغندا، وطلب منه تسليم رسالة خطيّة إلي رئيس الوزراء الإسرائيلي ليفي أشكول، بيد أن الأخير قضي نحبه قبل استلامها في فبراير/شباط 1969، وعندما خلفته جولدا مائير لم تتأخر كثيرًا في الإبراق إلى لاجو، الذي استجاب لدعوتها بزيارة القدس..وبعد جولة شملت العديد من المواقع العسكرية، توصّل الطرفان إلى صفقة تتولّى بموجبها تل أبيب أمرين، الأول هو تدريب كوادر المتمردين وإرسال مستشارين عسكريين لمراقبة سير العمليات، والثاني تزويد المتمردين بالمدفعية والصواريخ المضادة للدبابات والأسلحة الثقيلة والخفيفة، شريطة الحفاظ على سرية التدخل، بألا تكون الأسلحة إسرائيلية أو أوروبية المنشأ، أما الوسيط الذي سيتولى نقل السلاح فلم يكن سوي الجارة أوغندا ..لكن هناك عقبة متمثّلة في الرئيس الأوغندي ميلتون أوبوتي المتضامن مع مصر عقب النكسة، والرافض لإستخدام أراضيه كمعبر لتزويد حركة أنيانيا المتمردة بالسلاح.
ستجد تل أبيب ضالتها في قائد الجيش الأوغندي الذي تلقّي تأهيله العسكري في سلاح المظلات في إسرائيل..هيلين أبشتاين ستروي قصته في مجلة نيويوركر في تحقيق تحت عنوان ‘‘ Idi Amin's Israeli Connection‘‘..عيدي أمين الذي بدأ بنفسه تهريب السلاح لجنوب السودان، ثم تعاظم طموحه، فدبّر رفقة صديقه الملحق العسكري الإسرائيلي في أوغندا العقيد بارليف، انقلابًا ناجحًا علي الرئيس أوبوتي، وحينما وصل إلي السلطة استمر في خدمة المصالح الإسرائيلية بدعم المتمردين السودانيين في الجنوب، إلي أن وقع انقلاب خطير في علاقات الطرفين، بعد رفض إسرائيل تزويد أمين بطائرات هجومية لمهاجمة تنزانيا، ومن ثمّ اختطاف طائرة الخطوط الجوية الفرنسية واحتجاز ركابها اليهود في عنتيبي الأوغندية على يد الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، في عملية سُتكلف جوناثان نتنياهو، شقيق رئيس الوزراء الحالي حياته، أثناء تدخل قوة خاصة إسرائيلية لتحرير الرهائن..وعند تلك النقطة أدار أمين بوصلته صوب الغطاء العربي، وانتهي استخدام بلاده كممر لزعزعة استقرار السودان، فحاولت إسرائيل استبدال المعبر الأوغندي بآخر جوي يبدأ من إثيوبيا مرورًا بكينيا وانتهاءً في جنوب السودان، لكن مساعيها انهارت لإرتفاع كلفة المسار الجديد وخطورته..وعلي كل كانت الاجواء في الداخل السوداني قد هدأت نسبيًا بإتفاق هدنة بين حركة أنيانيا والحكومة السوانية، عُرف بإسم إتفاق أديس أبابا.
لكن الطموح الإسرائيلي في السودان لن يتوقّف..المرة القادمة لن تكون بإتصالات حزبية كما في العلاقات مع حزب الأمة، أو بدعم حركات متمردة في الجنوب، بل ستخترق تل أبيب قمة صناعة القرار..مؤسسة الرئاسة.
لو كان هناك رجل واحد في العالم يُمكن للإسرائيليين استخدامه في طرق أبواب العالم العربي، لكن ذلك الرجل هو إمبراطور السلاح السعودي ‘‘عدنان خاشقجي‘‘، بهذه الكيفية عبّر أحد كبار رجالات الموساد ‘‘يعقوب نمرودي‘‘ في مذكراته عن مكانة خاشقجي لدي بلاده..نمرودي شكّل حلقة الوصل بين خاشقجي ومدير مكتب الموساد في باريس ‘‘ديفيد كمحي‘‘، وكذلك بين خاشقجي والجنرال رحبعام زئيفي، المستشار الأمني السابق لشئون الإرهاب في حكومة إسحاق رابين، والعلاقة الأخيرة (خاشقجي-زئيفي) كانت من الأهمية بما كان، إذ عهد السعودي للإسرائيلي بمهام حماية مزرعته الشاسعة في كينيا، وتوظيف أربعين رجل أمن إسرائيلي لحراسة يخته الفاخر، وزرع أجهزة تنصت لتسجيل أدق حركات ضيوف خاشقجي المهمين من الساسة والجنرالات العرب، والتي كان زئيفي بدوره ينقلها لإسرائيل.
خاشقجي لم يكن صديقًا للإسرائيليين فحسب، بل للرئيس السوداني جعفر النميري أيضًا، والأخير كان دائم الشكوي لصديقه السعودي من الأوضاع الإقتصادية المتأزمة في الخرطوم بفعل تعثر خطط التنمية الكبري، وشح المساعدات الأميركية والسعودية لنظامه التي اقتصرت علي شحنة من طائرات F-5..نقل خاشقجي شكوي الرئيس السوداني ليعقوب نمرودي من أجل بحث سبل مساعدة إسرائيل للسودان، وتمكّن خاشقجي من تحقيق اختراق هام بترتيب لقاء عُقد في العاصمة السوادنية بين الرئيس النميري وخمسة من رجال الموساد وهم يعقوب نمرودي، ديفيد كمحي، آل شفايمر، رحافيه فاردي وهانك جرنسبان..لم يصدق نمرودي الأمر، فكتب في مذكراته..‘‘ كنا وكأننا في حلم، كان من الصعب أن نصدّق أننا في السودان، في قصر أحد الحكام العرب المعروفين، الذي كان يُكرر ترحيبه بنا، ويُقدّم لنا الطعام، ويحثنا علي القيام بمشاريع إقتصادية معه‘‘..استشعرت تل أبيب جدية الخرطوم، فنقلت التقارب خطوة إضافية للأمام، عبر عقد لقاء رسمي سري بين نائب رئيس الحكومة الإسرائيلية يجال يدين وجعفر النميري في نيويورك.
عام 1974 اعترف الحاخامان الأكبران لليهود الشرقيين والغربيين في إسرائيل بيهودية الفلاشا الإثيوبيين، وأقرّا بأن الفلاشا ينتمون إلي سبط دان المفقود، ومن هنا عقدت عزمها علي ترحيلهم إلي إسرائيل، فعقدت صفقة مع المجلس العسكري الشيوعي الحاكم في إثيوبيا بقيادة منجستو هيلا مريام، تقوم إسرائيل بمقتضاها بتزويد منجستو بالسلاح في حربه ضد الصوماليين مقابل سماح إثيوبيا بهجرة مواطنيها الفلاشا لإسرائيل، وبالفعل كان تل أبيب ترسل طائرات شحن مزودة بالأسلحة لأديس أبابا، وبعد أن تُفرغ شحنتها، تصطحب علي متنها 100 من الفلاشا، وكان يُمكن للصفقة السرية أن تستمر، لولا أن موشيه ديان اعترف في مؤتمر صحافي عام 1978 بإمدادات السلاح الإسرائيلية لإثيوبيا، فقطع منجستو التعاون مع إسرائيل وأوقف الصفقة بضغط سوفياتي..وهنا وجدت إسرائيل نفسها في مأزق..كيف سيهاجر يهود الفلاشا إليها؟..وأتي الحل من عدنان خاشقجي.
رتّب خاشقجي للقاء ثنائي جمع وزير الدفاع الإسرائيلي أرئيل شارون والرئيس السوداني جعفر النميري في مزرعته الخاصة في كينيا عام 1982 وهناك اتفق الطرفان علي سماح السودان بتهجير الفلاشا عبر السودان في طائرات شركة العال، مقابل مبالغ نقدية للرئيس السوداني، كما جري الإتفاق علي تخزين أسلحة إسرائيلية في السودان لتدريب حركات إيرانية مناهضة لحكم الخوميني، وتم الإتفاق علي تأسيس الموساد والإستخبارات الأميركية شركة سياحية علي أراض سودانية مُطلّة علي البحر الأحمر، والتي تحوّلت بدورها لقاعدة للكوماندوز البحري الإسرائيلي، استخدمها في نقل ألفين من الفلاشا، وعقب تزايد أعداد الفلاشا الإثيوبيين في السودان، وافق النميري علي الطلب الإسرائيلي بنقلهم في رحلات جوية مباشرة من الخرطون، وخلال الفترة بين 21 نوفمبر 1984 وحتي الأول من يناير 1985 أقلعت 35 طائرة تضم ألوف الفلاشا من السودان لبلجيكا، حيث تمكث ساعتين للتزود بالوقود قبل التوجه لإسرائيل..ما المقابل الذي تحصّل عليه الرئيس السوداني؟ 60 مليون $ وضعها الموساد في عدد من حساباته المصرفية في سويسرا، وكذلك حسابات بعض من أقرب معاونيه وعلي رأسهم رئيس الإستخبارات السودانية عُمر مُحمد الطيب، فضلًا عن وعد بدعم أميركي ب 200 مليون $ للسودان..لكن العملية التي عُرفت بالإسم الكودي ‘‘موشيه‘‘ انفضحت في وسائل الإعلام، وأقرّ بها شيمون بيريز أمام الصحافيين، فأوقف جعفر النميري العملية، في حين استكلمت إسرائيل نقل الفلاشا لاحقًا في أواخر أيام نظام منجستو الإثيوبي عام 1991، بعملية سليمان الشهيرة تحت إشراف رئيس الموساد أمنون شاحاك.
نتنياهو التقي رئيس مجلس السيادة السوداني، الجنرال البرهان في أوغندا، وهنا الصدمة ليست في المعلومات المنتشرة زورًا بأنه أول اختراق إسرائيلي للسودان، لا..السودان لديه ماضي في التعامل مع إسرائيل سواء علي المستوي الحزبي (حزب الأمة) أو المستوي الميلشياوي التمردي (حركة أنيانيا) أو المستوي الرئاسي (جعفر النميري)، الصدمة في أن سودان الثورة الذي ننتظر منه تضامنًا مع الحقوق العربية، يُصبح أول بلد يلتقي مسئولوه العسكريون بزعيم إسرائيلي بعد صفقة القرن، فيما يبدو أنه مسعي لتخفيف الضغوط المالية واستقطاب رضاء المؤسسات النقدية الدولية عبر البوابة الإسرائيلية، وفيما يُعتقد أيضًا أنه لقاء جري بهندسة إماراتية-مصرية رسمية..والعقل يعجز عن الإستيعاب..هل تناسي السودانيون ماضي وحاضر إسرائيل في دعم انفصال جنوب السودان بالسلاح والغطاء السياسي؟ وهل كفل الدعم الإسرائيلي لجعفر النميري، بوساطة سعودية، بقاءً أبديًا في السلطة؟ وهل أسهم الدعم الإسرائيلي للشطر الجنوبي بعد انفصاله، في تحقيق أي استقرار، حتي يحذو الشطر الشمالي حذوه؟ وهل تبيع الثورة السودانية نفسها عند أول منعطف اقتصادي حاد للمشروع الإماراتي-السعودي الرامي لإعادة تشكيل المنطقة تحت لواء إسرائيلي ينوب عن المهام الحمائية الأميركية التقليدية.. هل يُعقل أن تتحوّل الثورة السودانية من مشروع تحرري عربي إفريقي ، إلي رأس حربة في الإختراق الإسرائيلي للمنطقة ؟ هل يعقل ما نرى ونسمع ... ؟ وأقول لصديقي العزيز أن ما حدث لا يعبر عن ثورة ديسمبر المجيدة.
لذلك وصفت ما قام به البرهان ...
في المقال السابق بإنه مؤامرة ...
لا تشبه شعب السودان.
عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.