عقب إنتهاء اجازة الصيف في ذلك العام من أوائل التسعينات من القرن الماضي ، عاد صديقي وزميلي في الجامعة الباكستاني المنتمي للأقلية الهندوسية من قريته القابعة في أعمق أعماق إقليم السند الجميل جنوبي باكستان وقد جلب لنا معه أجود أنواع التمر. خرجنا نتجول في ضفة نهر السند ونستمتع بتذوق ذلك التمر الفاخر. وكعادتنا كنا نتحدث عن كل ما يستفذ العقل ، فما أن دار محور الحديث حول فلسفة الأديان والعقائد وأصولها حتي باغته بسؤال مباشر . هل تشرب اللبن؟! اجاب بتأكيد جازم:(أن نعم). ثم سألته عن اللحم فأجاب بإشمئزاز واستنكار كأنما السؤال قد خدش حياءه الديني ثم نفي هذا الفعل الشنيع بشدة. غير أنه ودون مناسبة وبلهجة لا تخلو من تطرف ديني اردف قائلا :(لكن الشيوعيون الهندوس يأكلونه). تحسبت بدوري لسؤال عن الخمر ، وقد أعددت العدة للحديث عن تداخل الثقافي بالعقائدي في الموروث الثقافي السوداني عند أغلب أهل السودان بحكم نسيجهم الاجتماعي الفريد كحالة خاصة وسط الدول التي تدين بالإسلام ، إلا أنه لم يسأل. وراح يتعوذ من الموبقات التي يأتي بها المارقون عن العقيدة بدعاوي أيديولوجية يبررون بها خروجهم عن التعاليم الهندوسية "السمحة".