طاهر آدم علمي عمل كقائد عام للقوات المسلحة برتبة لواء، ومثل كأعلى قيادة عسكرية فعلية خلال فترة سابقة على مستوى الصومال. بشير محمد جامع عمل كقائد لقوات التهذيب والإصلاح برتبة فريق ولم يوازيه في الصومال سوى الفريق سعيد حرسي المشهور بالطويل، والذي عمل كقائم على الميليشيات العسكرية لكانتون جاروي، وقد منحت له الرتبة من قبل الرئيس السابق شريف شيخ أحمد، حيث عينه في منصب القائد العام للقوات المسلحة. والجدير بالإشارة أن الضابط المذكور كان قد ترك الجيش والتحق بالمعارضة في عام 1978، وكان حينها يحمل رتبة رائد، وتمت ترقيته مجددا إلى رتبة فريق العالية بعد إنقطاع طويل عن الخدمة في الجيش، بينما أن اللواء طاهر آدم علمي مثل ضابط أركان ذو مؤهلات أكاديمية مقارنة مع الفريق سعيد حرسي، ورغم ذلك لم يتم ترقيته إلى الرتبة ذاتها. القوات المسلحة عمادها الرئيسي هو الجيش، وتشمل قوات الشرطة المسلحة والتهذيب والإصلاح الذين مهتهم رعاية وحماية السجون وتم إنشائها في 22 فبراير 1970. وفي ظل مرحلة جمهورية الصومال الديمقراطية كانت هذه القوات المشرفة على حماية السجون تندرج تحث إشراف وزارة الداخلية في البدايات، ومن ثم أصبحت مستقلة إداريا، وأصبحت قوات مستقلة عن مؤسسة الشرطة وتتلقى توجيهاتها مباشرتا من قبل القائد الأعلى للقوات المسلحة الرئيس محمد سياد بري. بينما حينما تقلد قائدهم الفريق بشير محمد جامع المنصب، قام بارتداء زي الجيش بالإضافة إلى لباس قوات التهذيب والإصلاح، وتندرج تلك القوات إداريا في إطار وزارة العدل، وفي الحين ذاته تشكل واحدة من الأفرع الأربعة للقوات المسلحة الصومالية وذلك بالتوازي مع الجيش،الشرطة والأمن الوطني(مخابرات) واللذان يندرجان تحث إدارة وزارة الأمن الداخلي،وقوات التهذيب والإصلاح. وهم يمثلون قوات تمثلك أسلحة متوسطة وتشارك متى ما اقتضى الأمر في مهام عسكرية بفعل قدراتها التدريبية المتعددة، وبتالي فإن طبيعة عملها أحيانا تتجاوز الصعيد الأمني. وقد تقلد قائد قوات التهذيب والإصلاح رتبة أعلى من مثيلتها لدى القائد العام للقوات المسلحة، وفي ظل واقع التنظيم والترتابية العسكرية يندرج تحث إطار قيادته. ترى من يأتمر من الآخر؟ ولماذا لم يمنح القائد العام للقوات المسلحة فيما مضى رتبة توازي مثيلتها لدى قائد قوات التهذيب والإصلاح؟ يبدو أن الحكومة الفيدرالية كانت ترغب في محاكاة مثيلتها في جمهورية الصومال الديمقراطية، والقائمين عليها لم يكونوا قادرين على إحكام التنظيم العسكري، علما بأن ترقية الفريق بشير محمد جامع جاءت في ظل الرئيس محمد عبدالله محمد، والذي كان عليه منح رتبة فريق لقائد الجيش تحديدا لاسيما وأن اللواء بشير محمد جامع حينها كان قادما من جهاز الشرطة إلى قوات الإصلاح والتهذيب وليس الجيش. يريدون إعادة تجربة الرئيس محمد سياد بري القائد الأعلى للقوات المسلحة الصومالية والذي تقلد رتبة لواء، بينما بلغ وزير دفاع حكومته محمد علي سامتر رتبة الفريق. ولكن الإشكالية أنهم غير قادرين على استيعاب أن سياد بري كان في منصب القائد الأعلى للقوات المسلحة الصومالية بحكم كونه رئيسا للجمهورية، وأن هذا المنصب الدستوري يتقلده حاليا الرئيس محمد عبدالله محمد الشهير بفرماجو والذي لم يوفق في منح رتبة الفريق للواء طاهر آدم علمي. وبالمحصلة فإن كل من فرماجو وطاهر علمي ظلوا كقادة لبشير محمد جامع الشهير بجوبي، بحكم مناصبهم الرسمية في ظل قيادة القوات المسلحة، والمفارقة أن القوات التي ترأسها بشير الفريق محدودة العدد، وكان بالإمكان مكافأته بصورة أخرى بدلا من ترقيته عسكريا، حتى في حال استحقاقه لرتبة حفاظا على تناسق الترتابية وتناسق هيكيلية هيكلية تنظيم القوات المسلحة. بينما تقلد محمد علي سامتر رتبة فريق وهو وزير دفاع خاضع لرئيس سياد بري خاصة وأن الرئيس كان القائد الأعلى للقوات المسلحة والمخول بالدرجة الأولى لاتخاذ القرار. وقد أصدر قرار ترقية اللواء محمد علي سامتر إلى رتبة فريق، في مؤتمر تأسيس الحزب الإشتراكي الثوري الصومالي عام 1976. بطبيعة الحال فإن من أحد أهم عوامل انتصارات حركة الشباب على الحكومات الصومالية هي روح الانضباط والتنظيم العسكري لديها، ويقابل ذلك واقع الفوضى الإدارية وضبابية التنظيم العسكري لدى خصومهم. كما أن تجربة إدارة مدني لوزارة الدفاع في ظل مرحلة حرب أهلية وعدم استقرار سياسي وأمني، ليست عملية. غير منطقي أن يتم تعيين وزراء ونواب وزراء مدنيين لدفاع،الداخلية،الأمن الداخلي في ظل الظروف المشار لها، وهو ما يشكل بيئة بيروقراطية معيقة للعمل العسكري والأمني في ظل الحاجة إلى سرعة القرار وموضوعيته وضرورة الإحتراف. وعدم إلمامهم بالشأن العسكري والأمني يستدعي أن يتم ايعادهم إلى مواقع سياسية ومدنية وحتى لا ينتهون إلى واقع استشارتهم للعسكريين في كل صغيرة وكبيرة، ومراعاة المرحلة السياسية التي يعيشها الصومال وحاجته إلى سرعة مواكبة الأحداث والضرورات. والنتيجة فإن هناك وزير فعلي وأخر رسمي في كل من وزارات الدفاع،الداخلية،الأمن الداخلي، يشاركون بعضهم الصلاحيات والقرار العسكري والأمني، إضافة إلى نواب الوزراء المدنيين. إن محاكاة مرحلة الحكم المدني في الستينيات غير عملية في الراهن، وذلك بفعل تباين واقع المرحلتين سياسيا وأمنيا بغض النظر أن طبيعة النظام برلمانية، وقد أخفقت تجارب الإدارة المماثلة لدول عينت سياسيين في تلك الوزارات في ظل واقع عدم استقرار فيها، وهو ما أدى إلى حالات تخبط واخفاق مكلف. والمفارقة أن جنرالات الصومال أصبحوا كمشلولين أمام قادة حركة الشباب الذين لايمتلكون قدرات عسكرية بقدر ما أنهم يجيدون التنظيم وتفعيل حرب العصابات، والدقة وسرعة مواكبتهم للأحداث، بالإضافة إلى قدرتهم على إتخاذ المبادرة. في حين إنتهت القوات المسلحة الصومالية كمنظومة جل قدراتها محصورة في ردود أفعال على عمليات حركة الشباب، بدلا من إتخاذ زمام المبادرة، وتفويت الفرص على الحركة، واستنزافها من خلال الضربات المباشرة والمباغة. أما تغليب السياسي على العسكري فذلك إشكالية أخرى ارتكبت في حق القوات المسلحة الصومالية، حيث كان تعيين سعيد حرسي والذي تمرد على الجيش عام 1978 وأصبح كمعارض سياسي، ومن ثم بلغ رتبة عميد في إطار ميليشيا كانتون جاروي، شكل خطأ سياسي ارتكبه الرئيس السابق شريف شيخ أحمد في ظل وجود ضباط محترفين عملوا في الجيش الصومالي قبل إنهيار الدولة، وبدلوا جهدا في السنوات الماضية لإعادة تأسيس الجيش ومنهم العميد محمد علي شيري،العميد عبدالله أحمد جامع وغيرهم، وهو ما كان يستدعي إعادة هؤلاء إلى الخدمة نظرا لقدراتهم القيادية العسكرية. إلا أن ما تم هو تغليب الكسب السياسي لكانتون جاروي من خلال تعيين الضابط السابق سعيد حرسي، والذي لم يكن يمثلك كفاءة عسكرية تمكنه من قيادة القوات المسلحة. عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.